الطالباني والمالكي لقاءات ايرانية امريكية والبحث عن حلول جديدة

من المنتظر أن يجري الرئيس العراقي جلال الطالباني محادثات في ايران يوم الاثنين في ظل تزايد الدعوات لواشنطن لاشراك طهران في حوار يرمي الى تفادي انزلاق العراق نحو حرب أهلية.

وأرجئت زيارة الطالباني يومين بسبب حظر للتجول فرض على بغداد في أعقاب تفجيرات وقعت يوم الخميس وقتل فيها نحو 200 شيعي. ويخشى البعض أن يفجر هذا الهجوم عمليات قتل ثأرية من شأنها أن تدفع البلاد نحو حرب أهلية.

ويقول محللون ان ايران قد تحاول استغلال المحادثات التي ستجرى يوم الاثنين لتستعرض نفوذها أمام واشنطن ولتعزيز موقفها قبل أي حوار مع عدوتها اللدود.

ويرون أن الطالباني الذي يتحدث الفارسية بطلاقة قد يحاول أن يضغط على ايران لتكف عن اعتبار العراق ساحة للقتال في خلافها المستمر منذ ثلاثة عقود مع الولايات المتحدة.

وعندما سئل الاسبوع الماضي عن برنامج المحادثات في طهران قال الطالباني للتلفزيون الايراني الرسمي "تعزيز العلاقات وأمن العراق."

وأضاف أن وزراء النفط والصناعة والتكنولوجيا وربما وزير الخارجية هوشيار زيباري سيرافقونه في رحلته.

والزيارة هي الاحدث في سلسلة من الاتصالات. وزار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي طهران في سبتمبر أيلول وحصل على تعهد من طهران بدعم حكومته.

وقال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يوم الاحد ان ايران مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق ولكن في حالة ما اذا تعهدت الدولتان بتغيير موقفيهما وسحب قواتهما.

وقال أحمدي نجاد في كلمة خلال عرض لميليشيا الباسيج الدينية نقلها التلفزيون "الامة الايرانية مستعدة لانتشالكم من ذلك المستنقع (في العراق) بشرط واحد.. عليكم ان تتعهدوا بتصحيح نهجكم."

ودعت ايران الرئيس السوري بشار الاسد للانضمام للمحادثات لكن سوريا لم ترد على العرض.

واتفق العراق وسوريا الاسبوع الماضي على اعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة في معاهدة تقبلت سوريا فيها بقاء القوات الامريكية في العراق ما دامت الحكومة بحاجة اليهم.

واتهمت دمشق بالسماح لمقاتلين أجانب بعبور حدودها الى العراق. أما طهران فاتهمت بدعم الميليشيات الشيعية وتصدير الاسلحة. وينفي البلدان هذه الاتهامات.

وقال محلل سياسي ايراني ان اجتماع أحمدي نجاد مع الطالباني الذي يتمتع بعلاقات طبية مع ايران يهدف في جانب منه "لاظهار أن ايران تتمتع بالنفوذ والقوة لاتخاذ المبادرة قبل بدء محادثات (مع الولايات المتحدة)."

ويرى محللون أن ايران لها أصدقاء ذوي نفوذ في العراق لكن نفوذها له حدوده. وقال المحلل السياسي الايراني ماشاء الله شمس الواعظين "أعتقد أن هناك بعض المبالغة بشأن قدرات دمشق وطهران."

بدوره قال موفق الربيعي مستشار الامن القومي العراقي الاحد ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سيلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش رغم تهديدات الزعيم الشيعي العراقي الشاب مقتدى الصدر بالانسحاب من الحكومة.

وكان تيار مقتدى الصدر هدد الجمعة بالانسحاب من الحكومة ومن البرلمان العراقيين في حال اصر المالكي على مقابلة الرئيس الاميركي كما هو مقرر يومي 29 و30 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي في الاردن.

وقال الربيعي لشبكة "سي ان ان" الاميركية "لا يساورني شك في ان رئيس الوزراء المالكي سيلتقي الرئيس بوش في عمان في الايام القادمة وسيبحثان قضايا مهمة جدا بشأن العراق ونقل المسؤوليات في مجال الامن".

واعتبر الربيعي ان تهديدات الصدر ليست جدية. وقال "ان الحكومة مستقرة وتحظى بدعم المجموعات الثلاث الرئيسية والكتل البرلمانية الرئيسية الثلاث". واضاف ان الحكومة العراقية قادرة على تجاوز استقالة الوزراء المقربين من الصدر مؤكدا "لا اعتقد ان استقالة بعض الوزراء ستؤدي الى الاطاحة بهذه الحكومة".

ويشغل التيار الصدري 30 مقعدا في البرلمان العراقي وله عدد من الوزراء في الحكومة بينهم وزير الصحة ووزير الاتصالات.

وطلب بعد ذلك من الربيعي التعليق على تقرير حكومي اميركي سري كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الاحد اشار الى ان المتمردين العراقيين يملكون القدرة على تمويل انفسهم عبر انشطة غير شرعية مثل تهريب النفط وعمليات الخطف.

وباتجاه رحلة المالكي نحو الغرب رشق شيعة غاضبون موكب رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي بالحجارة في حي شيعي ببغداد يوم الاحد أثناء زيارة للحي للمشاركة في مراسم تأبين نحو 200 شخص قتلوا هناك الاسبوع الماضي في أكثر الهجمات دموية منذ الغزو الامريكي.

وماج حي الصدر وهو معقل ميليشيا جيش المهدي الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالغضب في اليوم الثالث من حظر التجول الذي فرضته حكومة المالكي في العاصمة في اطار مسعاها لاحتواء المشاعر المحتدمة التي تهدد بانزلاق البلاد الى حرب أهلية شاملة بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية.

وصرخ أحد الرجال "انه خطؤك" بينما انهالت العبارات الغاضبة على المالكي فيما شق الموكب طريقه عبر الحشود.

وتسببت الهجمات الانتقامية التي أعقبت الهجوم الدموي والتي استهدفت مساجد سنية ومنازل واطلاق قذائف المورتر بشكل عشوائي بين أحياء بغداد في ابقاء سكان بغداد وعددهم سبعة ملايين في بيوتهم خوفا مما قد يحدث عندما يرفع الحظر المروري يوم الاثنين.

وقالت أم هاني وهي ربة منزل في بغداد بعد أن ظلت في منزلها ثلاثة أيام "كل مرة يكون هناك حظر أشعر أن الحرب الاهلية ستندلع قريبا. أشعر أن الوضع يتجه نحو الفوضى."

وأصدر سياسيون من جميع الطوائف والاعراق بيانا مشتركا دعوا فيه الى التزام الهدوء. لكن المالكي الذي سيجتمع مع الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء اتهم شركاءه في الحكومة بتأجيج العنف.

وقال العاهل الاردني الملك عبد الله الذي سيستضيف قمة في عمان ان القمة يجب أن تتمخض عن أمور مهمة لان الوضع في العراق "بدأ يخرج عن نطاق السيطرة."

ودعا الى نهج شامل في الشرق الاوسط لمنع نشوب حرب أهلية في العراق ولبنان وفي الاراضي الفلسطينية.

وفي بيان مشترك دعا زعماء شيعة وسنة وأكراد الشعب العراقي الى عدم السماح لمن يريدون حرمانهم من الامن بفصم عرى وحدتهم.

لكن المالكي الذي يعمل على تعديل حكومته قال "لو أردنا ارجاع الامور الى حقيقتها فان الازمة سياسية وان ايقاف التدهور الامني ونزيف الدم العراقي مرهون باتفاق السياسيين".

لكنه أضاف ان هذا لن يحدث "الا اذا اقتنعت الاطراف بأنه لا يوجد غالب ولا مغلوب في هذه المعركة."

وقال في تصريحات بثها التلفزيون "الوضع الامني انعكاس لعدم التوافق السياسي."

ويشعر العراقيون وواشنطن بالاحباط من عجز المالكي عن تحسين الوضع الامني أو الاقتصادي منذ تعيينه في أبريل نيسان كحل توفيقي بعد أشهر من الخلاف على تشكيل الحكومة بين الكتلة الشيعية المهيمنة على البرلمان.

ويقول مساعدون للمالكي انه بدوره مستاء بسبب تصلب المواقف ودعم الجماعات المسلحة من قبل الزعماء السنة وحلفائه الشيعة مثل الصدر الذي يعتمد عليه للحفاظ على منصبه.

ويريد الصدر انسحابا أمريكيا فوريا من العراق وهدد بالانسحاب من الحكومة اذا اجتمع المالكي مع بوش. لكن الحكومتين الامريكية والعراقية لمحتا الى أن المحادثات ستمضي قدما وستركز على تعزيز قوات الامن العراقية رغم المخاوف من أن أفراد الشرطة والجنود يدينون بالولاء لفصائل طائفية.

ويبدو بوش متشككا من اشراك سوريا وايران في هذه المساعي لكن يقول انه مستعد لسماع أفكار عن توجهات جديدة بعد خسارة حزبه الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

وقال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يوم الاحد انه على استعداد لتقديم المساعدة اذا انسحب الامريكيون الان.

وقال "الشعب الايراني على استعداد لمساعدتكم للخروج من هذا المستنقع بشرط واحد.. عليكم أن تتعهدوا بتصحيح موقفكم."

وأضاف "عودوا وخذوا جنودكم لما وراء حدودكم."

من جهته قال رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي فلاح شنشل إن التظاهرة التي واجهت رئيس الوزراء نوري المالكي أثناء زيارته التفقدية اليوم الأحد لمدينة الصدر في بغداد كانت "عفوية" ،واصفا إياها بـ" الظاهرة الصحية.. وتعبير عن الديمقراطية" الحالية في البلاد.

وحسب شهود عيان ،فإن المالكي إضطر إلى قطع الزيارة التي قام بها اليوم إلى مدينة الصدر (شرق بغداد) لتفقد آثار التفجيرات التي شهدتها المدينة قبل يومين وحضور مراسم تأبين ضحاياها ،وذلك بعد أن تظاهر عدة مئات من أبناء المدينة الغاضبين وهتفوا لدى مرور موكب رئيس الوزراء بعبارات إحتجاجية على سياسة الحكومة وسوء الأمن والخدمات .

وذكر أحد شهود العيان لوكالة أنباء ( أصوات العراق) المستقلة أن المالكي " كان يتجول في منطقة (الجوادر ) غربي مدينة الصدر ،حينما واجهته التظاهرات" ،موضحا أن المتظاهرين طالبوا رئيس الوزراء بالعمل على إنهاء الإحتلال الأجنبي وتوفير الأمن لأبناء المدينة."

وحسب المصادر الرسمية فإن نحو (200) قتيل و(250) جريحا سقطوا ضحايا تفجير ست سيارات مفخخة في مدينة الصدر الخميس الماضي .

واعتبر فلاح شنشل ،في إتصال مع ( أصوات العراق) ،أن تظاهرة اليوم " كانت عفوية.. وغير منظمة ،حيث أن زيارة السيد رئيس الوزراء كانت مفاجئة."

ورافق المالكي في زيارته عصر اليوم لمدينة الصدر وزير الداخلية جواد البولاني وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة .

وأضاف شنشل "في الوقت الذي نشكر فيه السيد رئيس الوزراء على هذه الزيارة التي تدل على حرصه على أبناء المدينة ورعايته لعوائل الضحايا ،إلا أننا نعتقد أن المتظاهرين عبروا عن مشاعرهم بسبب حالات الإهمال للمدينة وعدم توفير الأمن وتردي الخدمات فيها وفي باقي المدن العراقية الأخرى."

ووصف شنشل التظاهرة بأنها "ظاهرة صحية.. وتعبير عن الديمقراطية التي تعيشها البلاد حاليا ،على عكس الديكتاتورية التي تميز بها النظام السابق" في إشارة إلى نظام حكم الرئيس المخلوع صدام حسين الذي سقط عقب دخول قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة إلى بغداد في نيسان إبريل 2003 .

وكان التيار الصدري هدد ( الجمعة) بالإنسحاب من العملية السياسية وتعليق عضوية نوابه في البرلمان إذا أتم نوري المالكي لقائه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش ،والمقرر له يوم

(30) تشرين ثان نوفمبر الجاري في العاصمة الأردنية عمان .

واعتبر رئيس الكتلة البرلمانية الصدرية في وقت سابق أن الرئيس الأمريكي "هو رأس الشر" ،متهما القوات الأمريكية بأنها "هي الحاضنة الرئيسية للإرهاب بالتعاون مع الصداميين والتكفيريين ،والمجزرة التي حدثت في مدينة الصدر تدل على ذلك." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  27  /تشرين الثاني  /2006 - 5 /ذي القعدة /1427