لجنة بيكر توصي بمحادثات مع سوريا وايران وترفض التقسيم والانسحاب

  

قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاثنين ان مسودة تقرير أعدت للجنة تدرس الخيارات الامريكية في العراق دعت لاجراء محادثات مع سوريا وايران لكنها لا تضع جدولا زمنيا لسحب القوات الامريكية من هناك.

وذكرت الصحيفة ان اللجنة التي تعرف باسم مجموعة دراسة العراق والتي تضم جمهوريين وديمقراطيين ستقبل على الارجح التوصية الدبلوماسية باجراء حوار دبلوماسي بين الولايات المتحدة وجارتي العراق سوريا وايران. واستندت الصحيفة الى تصريحات مسؤولين أمريكيين لم تكشف عن هويتهم.

وقالت الصحيفة ان المجموعة قد تنقسم على مسألة وضع جدول زمني لسحب القوات الامريكية من العراق.

وأضافت الصحيفة ان هذه المسودة ستكون أساس مناقشات اللجنة التي تضم عشرة أعضاء ويرأسها كل من وزير الخارجية الامريكية الاسبق جيمس بيكر وهو جمهوري ولي هاملتون عضو الكونجرس الديمقراطي السابق لدى اجتماعها في واشنطن يوم الاثنين.

وقالت الصحيفة ان الاجتماع قد يمتد لما بعد اليومين المقررين له أصلا.

وينتظر كثيرون تقرير اللجنة بفارغ صبر والاعداد لها بدأ قبل الانتصارات التي حققها الديمقراطيون في انتخابات الكونجرس التي جرت في السابع من نوفمبر تشرين الثاني الجاري ومن المتوقع ان يقدم التقرير للرئيس الامريكي جورج بوش الشهر القادم.

ويبدأ الرئيس الامريكي يوم الاثنين رحلة يلتقي خلالها مع نوري المالكي رئيس وزراء العراق في الاردن. وبوش غير ملزم بقبول توصيات اللجنة. وتجري هيئة الرئاسة المشتركة للقوات المسلحة الامريكية ومجلس الامن القومي دراسات مماثلة.

لكن من المتوقع ان يكون للجنة نفوذا ملموسا نظرا لانها تضم ممثلين عن الحزبين ويشارك في رئاستها بيكر الجمهوري وهو من المقربين لجورج بوش الاب وخدم في ادارته.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان بعض أعضاء اللجنة يدرسون اقتراحات لسحب عدد ملموس من القوات الامريكية في العراق سريعا خلال عام من الآن حتى اذا لم يكن الجيش العراقي مستعدا للدفاع عن البلاد.

وبموجب أحد الاقتراحات سيخفض حجم القوات الامريكية في العراق وقوامها حاليا 150 الف جندي بمقدار النصف خلال عام. ونقلت الصحيفة عن عضو في اللجنة قوله ان اللجنة قد تتمكن من التوصل الى توافق في الاراء بشأن سحب القوات.

وعلى الرغم من ان اللجنة وهي جماعة استشارية مستقلة تشكلت بناء على اقتراح عدد من أعضاء الكونجرس قد اجتمعت من قبل مرارا للاستماع الى مسؤولين الا ان اجتماع يوم الاثنين يعد أول فرصة للاعضاء لمناقشة التوصيات. 

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مقربين من اللجنة المسماة «مجموعة دراسة العراق» ان أعضاءها (5 جمهوريين و5 ديمقراطيين) ما زالوا منقسمين حول الاستراتيجيات المطلوبة خاصة حول مقترح ديمقراطي بانسحاب «ممرحل» من العراق.

ولم يحدث، في كل تاريخ سياسة الولايات المتحدة الخارجية، أمر كهذا من قبل: لجنة من خارج الحكومة تحاول أن تخرج الولايات المتحدة من حرب كارثية مطوَّلة؛ فاللجنة نمت حتى أصبحت مؤسسة تضع السياسات خلال الأشهر الستة الأخيرة، كذلك فإن الطريقة التي تعمل وفقها لم يسبق لها مثيل في الولايات المتحدة. وهي ذات طبيعة سرية أكثر حتى من إدارة بوش نفسها.

وتم استطلاع آراء 40 خبيرا في شؤون الشرق الأوسط والقضايا الحربية وإعادة الإعمار والحركات الإسلامية الناشطة، لكنهم لم يمتلكوا أي فكرة عن طبيعة الاقتراحات التي ستخرج من بين يد اللجنة. وقدمت المقابلات مع عشرات المشاركين فهما معمقا للعملية نفسها ونتائج اقتراحات اللجنة الثنائية المحتملة. وقال فردريك بارتون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «أنا معجب كثيرا بالطريقة التي سمح أعضاء اللجنة وفقها لتطور النقاش بين الخبراء. أنا لست أكثر من مستمع لجلسات الكونغرس لكنهم قالوا لي دعنا نعرف آراءك».

وخلال لقاء جمع اللجنة بالخبراء، قال المشاركون إنهم فوجئوا بسؤال طرحته ساندرا داي أوكونور رئيسة المحكمة العليا السابقة، لما كان يحمله من عمق وعاطفة انسانية. وقالت جوديث يافي من جامعة الدفاع القومي: «في بداية الجلسة كان مؤثرا جدا حينما سألت عما يمكن فعله من أجل مساعدة العراقيين في حياتهم،في وقت كل شيء حولهم يندفع صوب القتل والتفكك».

وكان كل ما أراده الخبراء هو التوثق من أن بيكر، الذي ما زال مرتبطا بقوة بأسرة بوش، موجود في الغرفة حينما يتكلمون. والعديد منهم لاحظ التعابير على وجهه، حيث كان التجاهل على تعليق يظهر من خلال رفع حاجبيه فقط على سبيل المثال.

وقال خبير، طلب عدم الكشف عن اسمه، معلقا: «كنا نقرأ تقاطيع وجهه. فإذا أراد شخص ما أن يطيل الشرح على نقطة ما تصبح نظرة بيكر متباعدة. كان يظهر بوضوح عدم رغبته في الذهاب على ذلك الطريق. إنه لم يكن يتسامح مع السذَّج». وعلى الرغم من تفاقم وضع العراق منذ بدء اللجنة بأعمالها في أبريل (نيسان) الماضي، فإنها تحركت وعلى عمد ببطء من وجهة نظر بعض المشاركين؛ فهي قد قضت أشهرا تحلل سياسة الولايات المتحدة والوضع في العراق. وتم تقسيم الخبراء إلى أربع مجاميع مصغرة، وكل مجموعة تلتقي للإجابة عن قائمة من الأسئلة هيأها أعضاء اللجنة المتكونون من عشرة أشخاص.

واستاء بعض الخبراء لأن أفكارهم لم يؤخذ بها من قبل مجموعات العمل ومنهم مايكل أوهانلون من معهد بروكينغز المؤيد لـ«تقسيم العراق» بطريقة ناعمة، إلى ثلاث كيانات شيعي وسني وكردي مع إجراء تبادل في الأراضي وتقديم مساعدات في مجال الإسكان والوظائف، بحيث يتمكن الناس من أن يسكنوا في الأماكن التي يشعرون فيها أنهم أقل تهديدا. وقال إنه تمنى لو تمكن من تقديم شهادته أمام اللجنة كي لا يرمى اقتراحه جانبا. وقال: «بعض الأفكار الجيدة قتلت في المهد». إضافة إلى الخبراء، استمعت اللجنة أيضا إلى آخرين بمن فيهم الرئيس بوش والرئيس السابق بيل كلينتون ووزير الخارجية السوري وليد المعلم والسفير الإيراني في الامم المتحدة جواد ظريف.

وتحركت اللجنة عن عمد صوب الموقف الوسطي بالنسبة للعراق، حسبما قال بعض المشاركين. وتجنب المنظمون التعامل مع خبراء ذوي آراء متطرفة على الجانبين بما يخص الحوار حول العراق.

وقال المحافظون الجدد الذين دعموا ووضعوا الاستراتيجية الأصلية لغزو العراق، إن اللجنة اصطفت ضدهم. وقال مايكل روبين، الذي عمل مستشارا سياسيا لـ«إدارة الائتلاف المؤقتة» خلال الفترة الأولى لاحتلال العراق، إنه استقال لأنه وجد نفسه أشبه بعملة رمزية لا قيمة لها. وكتب روبين في مجلة ويكلي ستاندارد إن «الكثير من الخبراء تم اختيارهم بسبب عدائهم لحرب الرئيس بوش على الإرهاب وتشديده على الديمقراطية». وأضاف روبين أن بيكر وهاميلتون «جلبوا» الخبراء كي «يصادقوا على التوصيات المقررة مسبقا، وبدلا من شحن النقاش سعيا لتجميده».

ولم يكن من بين الأربعين خبيرا سوى اثنين من المحافظين الجدد، هما كليفورد ماي من مؤسسة الدفاع عن الأنظمة الديمقراطية ورويل مارك غيريشت المحلل السابق في سي آي ايه. وقال ماي: «كان شعوري بالضيق ناجما عن أن الحاضرين في غرفة الخبراء يعطون الانطباع بأنهم يفكرون بضرورة استشارة الرئيس بوش لهم قبل فترة مبكرة، لكنه لم يقم بذلك. وهذا ما يجعلهم جميعا يقولون: لقد أخبرناك هكذا. أنا قلت: إذا كنتم تريدون القول إن هذه المهمة لا تستطيع النجاح وإنها ستواجه الفشل، فدعونا لا نفشل في التخيل». وفي مقابلة مع غيريشت قال إن الهدف من الإجماع ما بين الأعضاء العشرة المنتمين إلى الحزبين الحاكمين يعني أنه لن تكون هناك توصيات درامية. وقال في مقالة نشرت في وول ستريت جورنال إن «من المحتمل أن تقدم توصياتها بأقل ما يمكن من مساعدة في تاريخ كل اللجان التي تشكلت منذ الحرب العالمية الثانية، لأنها لا تستطيع أن تتهرب من الحقيقة التي لا يمكن تجنبها: علينا أما أن نعلن الهزيمة والانسحاب الكامل من العراق مباشرة أو أن ندفع بعدد أكبر من وحداتنا إلى بغداد وخوض القتال».

وعلى الرغم من ان الخبراء أنهوا اجتماعاتهم، فإن النقاش ما زال جاريا. وكتب راي كلوس أحد المحللين السابقين في (سي آي أيه): «من المؤسف أن مداولاتنا تحولت في الأخير إلى نوع من الجدل حول قضايا تكتيكية، وأنا أظهرت نفاد صبري قليلا هنا. وظل أولئك المحافظون الجدد شديدو العناد يحاولون بكل قوة أن يصوغوا استراتيجية تهدف في الأخير إلى البقاء في العراق حتى الانتصار. إنهم حسبما أظن ظلوا حريصين على إضاعة وقتنا».

وجاء التنويه الوحيد عما يسفر عنه عمل لجنة دراسة العراق خلال تصويت جرى يوم 18 سبتمبر(أيلول) حينما طرح الخبراء خيارين على اللجنة: «الاستقرار أولا»، ولتحقيق استقرار بغداد وبذل جهود مصالحة مكثفة وواسعة مع المتمردين، و«إعادة الانتشار والاحتواء» إلى سحب تدريجي للوحدات، بينما يتم احتواء التهديدات الإرهابية. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  27  /تشرين الثاني  /2006 - 5 /ذي القعدة /1427