الازمة السياسية اللبنانية تتجه نحو صراع طائفي مفتوح

 ربما تتحول الازمة السياسية في لبنان الى أعمال عنف بين السنة والشيعة اذ يقف زعماء كل من الطائفتين على طرف النقيض من الجانب الاخر في حال مشابه للانقسام الطائفي في العراق.

والانقسام بين الزعماء سببه قضايا سياسية ولكن الطائفية تسللت الى الجدل والى الشوارع حيث تصاعدت حدة التوتر الاسبوع الماضي عقب اغتيال وزير مسيحي.

ويتوقع أكثر المراقبين تفاؤلا حربا أهلية جديدة في البلاد التي مازالت تعيد بناء ما دمرته آخر حرب أهلية. ويتوقع كثيرون من سكان بيروت مناوشات في الشوارع على أقل تقدير.

ويهيمن على الطرف الاول سعد الحريري الذي تدعمه الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقد ورث عباءة والده الراحل كاقوى زعيم سني في لبنان ويسيطر حلفاؤه على الحكومة.

وعلى الجانب الاخر المعارضة ويقودها حزب الله وحركة امل وتساندهما سوريا وايران الشيعية. ويدين لهما بالولاء الاغلبية الساحقة من الشيعة في البلاد.

والخلاف بين الجانبين على عدة قضايا من بينها نصيب المعارضة في الحكومة.

وصرح الكاتب ساطع نور الدين لرويترز "اقتربنا كثيرا من سيناريو العراق. يستطيع السنة والشيعة ايجاد وسيلة لاثارة منازعات ومحاربة بعضهما البعض. لا اعرف كيف او متى ولكني أشعر بقدوم الخطر."

وحذر نور الدين من مصادمات وشيكة بين السنة والشيعة منذ عدة اسابيع في مقالات في صحيفة السفير وهي من أكثر الصحف اليومية انتشارا في لبنان.

وتابع "للاسف هناك حالة انكار ومحاولة لتفادي المناقشات ولكنه للاسف قائم ويمثل تهديدا حقيقيا للاستقرار."

ونزل الشيعة الى الشوارع يوم الخميس ووجهوا عبارات خارجة للسنة ردا على ما وصفوه بتوجيه اهانات للسيد حسن نصر الله زعيم حزب الله في جنازة بيار الجميل الوزير المسيحي الذي قتل يوم الثلاثاء.

وبدأت الحرب الاهلية في لبنان التي استمرت بين عام 1975 الى عام 1990 بنزاع بين المسيحيين والمسلمين. وهذه المرة ينقسم الزعماء المسيحيون لمعسكرين والصورة غير واضحة.

والانقسام بين السنة والشيعة أكثر وضوحا. واشار مسح في الاونة الاخيرة الى ان الطائفتين يمثلان أكثر من 60 في المئة من السكان. ويتجاوز عدد الشيعة السنة.

ومثار القلق الرئيسي في الوقت الحالى هو ان تشعل المظاهرات السلمية التي تعهد حزب الله بتنظيمها للمطالبة بتغيير الحكومة شرارة مصادمات. وانسحب حزب الله وحركة أمل من الحكومة عقب انهيار المحادثات الرامية لزيادة نفوذ المعارضة.

وصرح المحلل رفيق نصر الله لرويترز "هناك مخاوف على ارض الواقع من ان يفرض الشارع على السياسيين التحرك نحو مصادمات."

واتهم زعيم حزب الله معارضيه بالسعي لتحويل الانقسام السياسي الى انقسام طائفي باثارة المخاوف من ان الشيعة يخططون لتحدى سلطة السنة في لبنان.

وقال في الاسبوع الماضي ان هناك محاولة لتصوير النزاع او الصراع السياسي او الازمة على انها خلاف بين السنة والشيعة وهو امر غير حقيقي.

وفي الاسبوع الماضي قال الحريري انه يشعر بكل تأكيد بالتوتر بين السنة والشيعة في الشارع.

ويرجع التوتر جزئيا لرغبة حزب الله وحركة أمل في تعطيل تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم في اغتيال رفيق الحريري والد سعد.

ويعتقدون ان حلفاء سوريا في لبنان يريدون حماية دمشق التي يتهمونها بتدبير اغتيال الحريري وتنفي سوريا تورطها في الحادث.

وقال الحريري ان حدة التوترات ستخف اذا اقتنع الجميع بالحاجة لتشكيل المحكمة.

وفي الوقت نفسه صعد نصر الله انتقاداته لتعامل الحكومة مع الحرب التي دارت رحاها هذا العام بين حزب الله واسرائيل وهي قضية حساسة.

واتهم الاغلبية الحاكمة بالمراهنة على ان تدمر الحرب الاسرائيلية التي استهدفت المناطق الشيعية سلاح حزب الله.

وحزب الله هو الجماعة الوحيدة التي سمح لها بالاحتفاط باسلحة عقب انتهاء الحرب الاهلية وذلك لمحاربة القوات الاسرائيلية التي تحتل جنوب لبنان. وانسحبت اسرائيل في عام 2000.

وصرح المؤرخ اللبناني كمال صليبي لرويترز بان الهيمنة العسكرية لحزب الله على الجماعات اللبنانية الاخرى يجعل نشوب حرب اهلية امر مستحيل. وقال "لا ارى كيف سيخوضون حربا ضد بعضهم البعض."

وقال " قد تقود الازمة الى مناقشات ومناقشات وربما توجيه ضربات بشكل او اخر. لا انوي المغادرة ولكن الوضع غير مريح."

وقال مصدر سياسي رفيع مقرب من المعارضة "نتجه نحو المواجهة. المجال لحل سياسي اصبح ضيقا جدا."

واضاف "ليس هناك من مجال سوى النزول الى الشارع."

ووجه السيد حسن نصر الله مناشدة لانصاره في وقت لاحق من مساء الخميس بإنهاء الاحتجاجات فورا.

واستقال ستة وزراء من المعارضة منهم خمسة من الشيعة ووزير مسيحي من حكومة السنيورة هذا الشهر بعد رفض تحالف الاغلبية اعطاء المعارضة ثلث مقاعد الحكومة المؤلفة من 24 وزيرا وهو ما يكفي لعرقلة اي قرارات.

وكان من المتوقع ان يبدأ حزب الله وحلفاؤه الاحتجاجات هذا الاسبوع لكن يوم الثلاثاء شهد اغتيال وزير الصناعة بيار الجميل مما اضطر المعارضة الى ارجاء خططها في الوقت الحاضر.

لكن الزعماء المناهضين لسوريا الذين تحدثوا للحشود في جنازة الجميل كثفوا هجماتهم على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وحليفه المسيحي ميشال عون ودعوا المعارضة الى العودة الى صفوف الحكومة لكنهم شددوا على رفضهم الخضوع لمطالبهم.

واتهموا حزب الله باثارة الازمات السياسية لتقويض جهود انشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المشتبه بهم في مقتل الحريري وسياسيين وصحفيين اخرين خلال العامين الماضيين.

وألقى عديد من اللبنانيين باللائمة على سوريا بشأن الوقوف وراء الهجمات لكن دمشق نفت اي تورط لها. وخلص تقرير أولي للامم المتحدة الى ضلوع مسؤولي أمن سوريين ولبنانيين في اغتيال الحريري. وتنفي سوريا ضلوعها في الحادث.

ودعا السنيورة مجلس وزرائه الى الاجتماع يوم السبت لاقرار الخطط النهائية من أجل تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في خطوة قالت مصادر سياسية انها اثارت غضب المعارضة التي تعتبر جلسات مجلس الوزراء في غياب الوزراء الشيعة غير دستورية.

وقال مصدر سياسي اخر ان دعوة السنيورة لاقرار خطط الامم المتحدة لانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي "اغلقت الباب امام تسوية."

واوضح المصدر ان احتجاجات المعارضة قد تأخذ اشكالا عدة في لبنان وليس في بيروت فقط.

اضاف ان المعارضة كانت تدرس ما اذا كان يمكنها زيادة الخيارات في حملتها المرتقبة بما فيها الاعتصامات وعدم ذهاب الموظفين الحكوميين الى اعمالهم واستقالة نواب المعارضة من مجلس النواب.

وهناك 57 نائبا معارضا في مجلس النواب المؤلف من 128 عضوا لكن انتخاب بديل عنهم يتم بانتخابات فرعية وليس في انتخابات برلمانية عامة. 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  25  /تشرين الثاني  /2006 - 3 /ذي القعدة /1427