مجزرة مدينة الصدر سامراء جديدة تهدف الى اشعال فتنة لاتنطفأ..

قال توبي دودج وهو خبير في شؤون العراق بمعهد كوين ماري بجامعة لندن في تعليقه على مجزرة مدينة الصدر التي وقعت الخميس مساء "انه هجوم متقن الهدف منه تفجير عمليات ثأرية" وشبهه بتفجير مزار شيعي في سامراء في فبراير شباط والذي فجر موجة من عمليات اراقة الدماء المتبادلة.

وقد شيع أهالي مدينة الصدر يوم الجمعة العشرات من ضحايا التفجيرات التي استهدفت المدينة أمس ،في مواكب جنائزية مهيبة إنطلقت إلى حيث يدفنوا في مدينة النجف . وسارت المواكب الجنائزية في سيارات متعددة من مكتب ( الشهيد الصدر ) قرب ساحة الصدريين في المدينة الواقعة شمال شرقي بغداد ،وتوجهت صباح اليوم إلى مقبرة (وادي السلام ) في مدينة النجف حيث يوارى الضحايا الثرى .

وحضر مراسيم تشييع الضحايا اليوم عدد من أعضاء مجلس النواب من الكتلة الصدرية ،

فضلا عن عدد كبير من رجال الدين وشيوخ ووجهاء مدينة الصدر .

ولم تشهد الجنازات أي أعمال عنف ،ورافقتها حراسات مشددة من قوات الأمن العراقية ومسلحين من (جيش المهدي) التابع للتيار الصدري .

وكان الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر دعا في ساعة متأخرة من ليل أمس الخميس كافة العراقيين إلى "ضبط النفس والتزام الهدوء ،وعدم الإنجرار وراء المخططات الرامية إلى إشعال الفتنة الطائفية."

وطالب الصدر أنصاره بالهدوء وعدم القيام بأي أعمال "إلا بعد مراجعة الحوزة العلمية."

هذا وكانت الشرطة العراقية قد اعلنت يوم الجمعة ان عدد قتلى التفجيرات التي وقعت في حي مدينة الصدر الشيعي في بغداد يوم الخميس ارتفع الى 202 فيما قتل 22 في هجوم مزدوج في مدينة تلعفر بشمال العراق مما زاد المخاوف من انزلاق العراق الى حرب أهلية شاملة.

وفي بغداد أصيب يوم الخميس 250 اخرين على الاقل في الهجمات بست سيارات ملغومة وقذائف مورتر بحي مدينة الصدر في أشد الهجمات دموية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003.

وسارع الزعماء السياسيون الشيعة والسنة الى الدعوة للهدوء في أعقاب تلك الهجمات.

وفي الوقت الذي تشهد فيه بغداد حظرا للتجول الى أجل غير مسمى يأمل السياسيون أن يكرر الخطباء تلك الدعوة للهدوء في خطبهم بصلاة الجمعة حين يقصد العراقيون المساجد للصلاة.

وفيما يتعلق بتلعفر قال ضابط شرطة في العاصمة الاقليمية الموصل ان مهاجمين انتحاريين احدهما استخدم سيارة ملغومة والاخر ارتدي سترة ناسفة قتلا 22 شخصا على الاقل وجرحا 26 في أحد الاسواق.

وتقع تلعفر قرب الحدود السورية وتسكنها أغلبية تتحدث التركية وكانت في أحد الاوقات معقلا لمسلحين سنة على صلة بتنظيم القاعدة في العراق غير أن الجيش الامريكي اعتبرها على مدى العام الماضي نموذجا للعمليات الناجحة في مواجهة المسلحين.

وكانت تحركات قوات الامن هي الحركة الوحيدة التي شهدتها شوارع بغداد بجانب الاف المشيعين الذين تدفقوا سيرا على الاقدام خلف سيارات تحمل نعوش ضحايا تفجيرات الخميس متجهين جنوبا الى مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة.

وفي النجف تكدست الجثث في المكان المخصص لغسل الموتى قرب المقبرة القديمة بالمدينة.

وناشد الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر والذي يتزعم ميليشيا جيش المهدي التي تسيطر على مدينة الصدر العراقيين ان يتحدوا في السلام كما أعرب الكثيرون في الحي الذي يسكنه أكثر من مليوني شخص عن أملهم في أن يسيطر الجميع على غضبهم.

وقال أحد السكان ويدعى حسن لدى مرور المشيعين "في نهاية المطاف كلنا خاسرون."

وأضاف "هذا وطننا..بلدنا. يجب أن يتحد السنة والشيعة لاعادة بناء بلدنا حتى نتمكن من التنفس."

كما حمل ضوء النهار مشاهد جديدة للدمار الذي خلفه انفجار السيارات الملغومة الست وقذائف المورتر والتي حولت الشوارع وأحد الاسواق الى حمام من الدم.

وتخضع بغداد بالفعل منذ تفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في فبراير شباط لحظر تجول لعدة ساعات خلال صلاة الجمعة.

غير أن حظر التجول الذي فرض يوم الخميس شامل ولاجل غير مسمى كما أغلق مطار بغداد أيضا كما أغلق الميناء الرئيسي في البصرة والذي تسيطر عليه أحزاب شيعية تضامنا مع الضحايا.

ووجهت حكومة الوحدة الوطنية التي تدعمها الولايات المتحدة نداءات عاجلة من أجل السلام في بيانات تلفزيونية هامة أذيعت يوم الخميس.

وتزامنت تفجيرات الخميس مع محاصرة مسلحين لوزارة الصحة التي يقودها الشيعة واطلاق النار عليها في واحد من أشد الهجمات جرأة للمسلحين في بغداد. كما سقطت قذائف مورتر في وقت لاحق على جيب سني قريب في هجوم انتقامي فيما يبدو.

وقال توبي دودج وهو خبير في شؤون العراق بمعهد كوين ماري بجامعة لندن "انه هجوم متقن الهدف منه تفجير عمليات ثأرية" وشبهه بتفجير مزار شيعي في سامراء في فبراير شباط والذي فجر موجة من عمليات اراقة الدماء المتبادلة.

واتهم قادة العراق والولايات المتحدة القاعدة وانصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالسعي الى تفجير حملة انتقامية من جانب الشيعة للاستفادة من الفوضى التي ستسود البلاد.

وجاءت الهجمات بعد اسابيع من التوتر داخل حكومة الوحدة العراقية التي تدعمها واشنطن. وبعد هزيمة حزبه الجمهوري في انتخابات الكونجرس الشهر الجاري حث الرئيس الامريكي جورج بوش زعماء الاغلبية الشيعية في العراق والاقلية السنية على كبح جماح الميليشيات وتفادي انزلاق البلاد الى حرب أهلية.

ووجه زعماء يمثلون جميع الطوائف الرئيسية نداء عبر التلفزيون من اجل التحلي بضبط النفس في خطوة لم تتخذ منذ فبراير شباط عندما أدى تفجير ضريح شيعي كبير في سامراء أنحي فيه باللوم على تنظيم القاعدة الى اطلاق موجة من اعمال العنف التي تزايدت حدتها خلال الاشهر التسعة الماضية.

وقال البيان المشترك ان الزعماء العراقيين يدعون أهل العراق الى التصرف بمسؤولية والوقوف سويا من أجل تهدئة الوضع.

وكانت مدينة الصدر التي تنتشر بها بكثافة وتحرسها ميليشيا جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي الشاب الصدر بعيدة نسبيا حتى هذا العام عن هجمات تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات السنية المسلحة.

واعتبرت سلسلة من التفجيرات ضد المدنيين بالحي في الاشهر القليلة الماضية اعلانا للحرب على الميليشيا التي يلقي عليها السنة بالمسؤولية عن الكثير من أعمال العنف التي ارتكبتها فرق الاعدام خلال هذا العام.

وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في خطاب تلفزيوني منفصل ان سفك دماء الابرياء على ايادي التامر السوداء يتطلب التحلي بالحكمة والامتناع عن الانفعال والاندفاع العاطفي. وتمسك بقتال وملاحقة الارهابيين.

وفي بيان قرأه متحدث ألقى الصدر بالمسؤولية في التفجيرات على جماعات مرتبطة بالقاعدة وعلى الموالين للرئيس السابق صدام حسين وقال انهم يستهدفون الذكرى السنوية لمقتل والده الذي كان واحدا من أكثر رجال الدين نفوذا في العراق. وحث الصدر في بيانه العراقيين على البقاء متحدين.

وقالت الامم المتحدة يوم الاربعاء ان أعمال العنف سجلت مقتل أكثر من 3700 مدني في أكتوبر تشرين الاول. واشارت الى تصاعد الهجمات منذ هجوم سامراء وقالت ان نحو 420 ألفا فروا من ديارهم ونزحوا الى اماكن أخرى في العراق منذ ذلك الهجوم.

وقال دودج "ما تراه هو فوضى عارمة حرب يخوضها الكل ضد الكل وما من يد لها الغلبة لتنتصر." وأضاف ان رد الفعل على التفجيرات ستكون بمثابة اختبار لقدرة الصدر على السيطرة على جيش المهدي.

وتصاعدت التوترات الطائفية هذا الشهر وخاصة فيما يتعلق بهجمات وحوادث خطف يقوم بها مسلحون يرتدون ملابس عسكرية. وخطف عشرات الموظفين الاسبوع الماضي من مبنى تابع لوزارة التعليم العالي التي يديرها السنة على يد رجال ميليشيا شيعية يشتبه في أنهم يقيمون بمدينة الصدر.

كما شعر السنة بالغضب الاسبوع الماضي بعد صدور مذكرة اعتقال بحق الشيخ حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق أكبر هيئة سنية في البلاد. وخطف رجال يرتدون ملابس عسكرية هذا الاسبوع نائبا لوزير الصحة من منزله ونجا نائب وزير اخر من الموت بعد اطلاق النار عليه.

وتقول واشنطن التي نشرت الالاف من الجنود في بغداد منذ اغسطس اب لوقف اراقة الدماء ان الكثير من وحدات الشرطة والجيش يشتبه بولائها لجماعات شيعية وان بعض الوحدات خاصة في الجيش يعتقد أن لها صلات بزعماء سنة.

وكان المالكي قد دعا الى انتقال سريع للمسؤولية الامنية من القوات الامريكية الى القوات العراقية.

وأعلن بوش انه لن يترك 140 الف جندي أمريكي وسط اطلاق النار في حرب اهلية عراقية لكنه وعد ايضا بألا يسحب قواته قبل اعادة الاستقرار والامن الى العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة  24  /تشرين الثاني  /2006 - 2 /ذي القعدة /1427