شتائي وشتاء ابنتي

علياء الانصاري*

لفصل الشتاء نكهة خاصة، عطر خاص، يفوح شذاه مع اول انشاء تطالبنا به معلمة اللغة العربية، في صوتها الحاني وهي تقول: (ماذا يعني فصل الشتاء لكم)؟!

مازال انشاء اللغة العربية يراودني كلما حل علينا هذا الفصل الجميل القساوة!!

قساوته الجميلة تكمن في تحليق اسرتنا حول المدفأة، تلك التحليقة التي تبعث في النفس دفئا قبل ان تمدد الحرارة في اطرافنا!!

كانت الامهات فيما مضى، عندما يستعدن لفصل الشتاء، باخراج الملابس الشتوية وفرش السجاد على الارض، يخرجن شيئا الى الجار المحتاج او القريب المسكين او الفقير العابر من هنا وهناك، وعندما يشتري احدهم مدفأة جديدة لتصبح لدى الاسرة اثنان او ثلاثة، يتذكر صاحبه او قريبه، فيرسل اليه بواحدة!!

ربما قساوة البرد كانت تذيب شيئا من قساوة القلوب في ذلك الزمن الذي ولى!!

وفي الزمن الذي بين ايدينا، اشتدت قساوة البرد!! مع تطور المدافئ وحداثتها، وتطور الحضارة البترولية في كل مكان، وازدياد رؤوس الاموال وتعاظم الصناعات!!

عندما كنت اكتب في انشائي الطفولي، كنت اتحدث عن المطر والثلج الابيض واستعداد امي لاستقبال الشتاء، واليوم عندما تطلب معلمة اللغة العربية من ابنتي ان تكتب عن فصل الشتاء، تحدثها عن العوائل التي هجرت بيوتها لتسكن مدارس محطمة وخيم وجدران أكلها التصدع، تكتب عن الاطفال اليتامى عندما يشتد البرد بقساوته اللاجميلة ليقرص ابدانهم الصغيرة ويجمد احلامهم البريئة في بلد البترول والنخيل والخير والحضارة!

لم اعد ارى الشتاء الا من خلال تلك العبارات الانشائية في دفتر صغيرتي.

يا ترى، اين تكمن نقطة التباين ما بين انشائي وانشاء ابنتي؟

في مادة الانشاء العربي؟

في قساوة البرد؟

في تطور الحضارة وتقدم التكنولوجيا؟

 ام في القلوب التي شوهت جمال الشتاء بمخالب قساوتها !!

*مديرة منظمة بنت الرافدين / بابل

alyaa@brob.org 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 21  /تشرين الثاني  /2006 -29 /شوال /1427