فيلق الحج من اقرباء الحكومة والبرلمان !!

 محمد الوادي

نكرر دائمآ ونقول.. عندما ندافع عن العملية السياسية في عراق اليوم ونحارب وندين الارهاب، فذلك ليس معناه صك على بياض الى الحكومة والبرلمان ولامعناه ايضآ اننا ندافع عن اشخاص معينين على وجه الخصوص. بل اننا بموقفنا هذا ( الذي ندفع ثمنه كبيرآ ) أنما ندافع عن اهلنا العراقيين الكرام والشرفاء وعن المظلومين والمذبوحين وعن حقهم الانساني الطبيعي بالعيش بسلام ورفاه واستقرار والاستفادة القصوى من ثرواتهم التي حرموا منها طويلآ وممارسة حقهم الديمقراطي والدستوري. ومما يضمن لنا استقلال موقفنا هذا هو عدم ارتباطنا باي حزب او جهة سياسية وعدم التبعية لاي جهة اخرى. سوى تبعية شرف الانتماء الى قائمة الناس البسطاء والمظلومية التاريخية العراقية.

نقل الاعلام خلال اليومين الاخيرين خبر غاية في الغرابة والشذوذ الانساني  وبعيد حتى عن الدين الحق. يقول هذا الخبر ( أن من حق كل عضو في الحكومة وعضو في البرلمان أن يرسل أثنين من اقربائه الى موسم الحج دون مراعاة شروط العمر او شرط الدخول الى القرعة والشروط الاخرى. طبعآ ويضاف اليهم عضو الحكومة والبرلمان نفسه  ليصبحوا ثلاثة !!! ) وفي طريقة حساب بسيطة نجد ان الرقم المعلن فقط " رسميآ " يتجاوز الالف شخص من اهل الواسطة القانونية الحكومية.

 هذه السنة السيئة تأسست اثناء فترة حكومة علاوي والمجلس الوطني واستمرت مع حكومة الجعفري والان تسير على نفس النهج الحكومة والبرلمان الحالي. والسيء والمعيب في الموضوع ان كل المسوؤلين في كل هذه الحكومات والبرلمان كانوا ومازالوا يعيبون على نظام الصنم الساقط طريقة تعامله مع الامور المحلية بشكل خاص من خلال تعين الاقارب في المناصب ( وهذا موضوع اخر له وقته المناسب وبالوثائق ) وايضآ كانوا يعيبون عليه ان اقربائه كانوا فوق القانون في كل شيء.

 لكن اليوم نفس هولاء يرتكبون نفس ذلك الأثم وبطريقة تحمل من النفاق الكثير حيث وصلت الامور الى حد اهم شعائر الدين والاسلام حيث الحج الى بيت الله العتيق. مع مفارقة بسيطة انهم يمارسون هذه " العنصرية  في حج الله " ويشرعون لها القوانين ضد الفقراء والمظلومين وعوائل المذبوحين الذين جازفوا بحياتهم لكي ينتخبونهم !! اي مكأفاة بائسة هذه وأي رد جميل بقبيح واي نكران للذات من النوع الكارتوني الذي يتم ممارسته في عراق اليوم من قبل البعض.

والعجيب الغريب لانسمع صوت حق معترض من داخل البرلمان على هذه الخطوة المعيبة حقآ.. لامن نائب سني ولانائب شيعي.. وكأن الاثنين الذين احيانآ يتبادلون حتى الشتائم بينهم داخل قبة البرلمان على قوانين او امور اخرى. اصبحوا في هذا " حج الواسطة " أحبة وديعين متفقين دون أدنى نقاش او اختلاف. والسؤال المنطقي يقول اين مؤيدين عمر بن الخطاب في البرلمان.. اليس هو الذي تقولون يفرق بين الحق والباطل لذلك اطلق عليه الفاروق.. فاين الحق في حجكم هذا واقربائكم ؟ واين اتباع أمير المؤمنين وأمام المتقين ابو الحسن "ع" أليس هو القائل ( القريب من قربته أخلاقه ) اي ان القرابة ليست مشاركة النسب والرحم فقط. فالناس كلهم من ابناء أدم.وأدم من تراب. ان القرابة بمعناه الصحيح هي التضحية والوفاء والحب والاخلاص والرأفة والصدق. واذآ افتراضآ انكم تجيبون بمبدأ ( الاقربون اولى بالمعروف ) فهذا لايطابق هذه المسالة لانها ليس ملك لكم ولاورث ورثتموه. ولكان علي بن ابي طالب "ع" أحق بها منكم. لكنه لم يجزها حتى الى اقرب الناس اليه نسبآ أخيه عقيل بن ابي طالب في القصة التاريخية المشهورة. ثم انكم بتشريعكم الباطل هذا تضعون أنفسكم في موقع البعيد وليس القريب لا الى الناس ولا الى الحق.

من كل قلبي أتمنى ان يرتفع صوت رسمي شريف يعترض على هذا الباطل ويعيده الى نصابه الانساني الحقيقي. فالقسم الذي اديتموه امام الله والعراقيين له استحقاقه في الحياة والسماء على حد سواء. ومساكين العراقيين وفقرائه الذين ذاقوا الويل والذل من سياسات نظام الصنم الساقط بحقهم وحق كراماتهم الاجدر بكم التساوي معهم وخدمتهم وليس التعالي عليهم وفرز مكانة وقوانين خاصة بكم واقربائكم فهذه عنصرية واضحة وتجاوز كبير على مشاعرهم. وهو تسابق منكم مع الارهابين بقصد او بدون قصد لزيادة جراح العراقيين اليومية مع الموت والدمار. قانون الحج الخاص ب "اقرباء المسؤولين " يشابه الى حد بعيد قانون صدام الذي اسمه " اصدقاء السيد الرئيس " حيث كان اولادهم مستثنين من معدل القبول الدراسي في الجامعة وكذلك اقربائهم مستثنين من شروط الحج الى بيت الله !!  تشابه غريب ومريب فهل انتم على الدرب سائرين !! ( ذكر عسى تنفع الذكرى ).

ومن جانب اخر انا شخصيآ اعرف اشخاص من المجلس الوطني السابق والان هم في البرلمان الحالي كانوا يبيعون هذا الحق القانوني الباطل بالاف الدولارات الى المتلهفين للذهاب الى الحج. فهل هكذا تكافئون العراقيين الذين ذاقوا الويل واكلوا سعف النخيل ونوى التمر المخلوط مع الطحين وصبروا وجاهدوا لاسقاط الصنم. وهل بهكذا قوانين واعراف تقر أعين الثكالى والارامل وعوائل الشهداء و نساء العراق الشريفات الذين افترشن الساحة الهاشمية في عمان ورصيف السيدة زينب في دمشق بحثآ عن الرزق الحلال. ألم تقسموا بالقران الكريم " أن تصونون وحدة وشرف العراق والعراقيين " فاين الوحدة ؟ واين الشرف في ذلك ؟ وانتم تأسسون افواج للحج من الواسطة وترفسون باقدامكم كل قسمكم وتضحيات العراقيين.

 البلدان العصرية المتحضرة والمتقدمة لاتبنى بهذه الطريقة من القوانين الاستثنائية بل هذه تقود الى الخراب والدمار والتخلف والعنصرية. نعم لقد أكل العراقيين مع الصنم سعف النخيل اليابس ونوى التمر فلا تتعاملوا معهم بهذا الافراز من التعالي وهذه السطحية لانكم بذلك تصنعون بأيديكم بركان نار ينفجر في اي لحظة عليكم. ثقوا من ذلك.وتذكروا اين جزاء الاحسان بالاحسان  و... ( تلك أذن قسمة ضيزى ).

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   18  /تشرين الثاني  /2006 -26 /شوال /1427