
أبلغ رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الولايات المتحدة يوم
الثلاثاء ان التقدم في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو السبيل
لاقناع الدول الاسلامية المعتدلة بدعم اي خطة جديدة للعراق.
وقال بلير الذي أدلى بافادة من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة على مدى
قرابة ساعة لمجموعة دراسة ملف العراق الامريكية ان ازالة نقطة الصراع
الرئيسية في الشرق الاوسط بدعم اقليمي موسع سيؤدي الى ضغوط على سوريا
وبوجه خاص على ايران لوقف دعم الارهاب ومساندة جهود السلام.
ووصف بلير ايران بانها "التهديد الاستراتيجي للمنطقة".
وقال المتحدث باسمه للصحفيين "قال (بلير) ان أكبر عامل منفرد في
اقناع الدول الاسلامية المعتدلة بدعم عراق جديد هو ان يكون هناك تقدم
بشأن اسرائيل وفلسطين في اطار استراتيجية للشرق الاوسط ككل وهي نقطة
أوضحها رئيس الوزراء مرارا للمجموعة."
وترصد مجموعة دراسة العراق الاراء للرئيس الامريكي جورج بوش بشأن
سبل تغيير المسار في العراق.
ولخص بلير وهو اوثق حليف لبوش خطة للعراق تقوم على حشد الدعم لرشاد
الحكم وبوجه خاص الطريقة التي توزع بها الحكومة العراقية الاموال
ومساعدة تلك الحكومة في القضاء على الطائفية في قوات الامن وتسليح جيش
العراق.
وقال المتحدث باسم بلير "قال انه يعتقد ان الحكومة العراقية تريد
على نحو متزايد السيطرة على شؤونها وان تفعل ذلك بصورة تجمع البلاد
سويا ككل واحد."
وابلغ بلير المجموعة ان حكومة العراق تعرف ان ما يحدث خارج حدودها
له اهمية حاسمة مثل التطورات الداخلية.
وشدد على ان وجود جبهة متحدة من الدول الاسلامية المعتدلة بشأن
المشكلة الاسرائيلية الفلسطينية والعراق سيجعل سوريا وايران "تفكران
مرتين" بشأن اذكاء نار العنف الطائفي.
وأفاد المتحدث باسم بلير بأنه "قال ان طريقة التعامل مع ايران ليست
هي التراجع عن مطالبنا وانما تجريدها من القدرة على استغلال الرأي
الاسلامي ومواجهتها هي وسوريا بالخيار الاستراتيجي اما ان تصبحا جزءا
من الحل واما تواجها العزلة."
ويقول خبراء في السياسة الخارجية ان مبادرة بلير من المرجح ان تحقق
نجاحا بالنسبة الى سوريا أكبر مما يمكن ان تحقق بالنسبة الى ايران التي
من المرجح ان تجعل الموافقة على برنامجها النووي شرطا مسبقا لاي دور في
العراق.
وقال مصدر حكومي "سوريا لديها نفوذ هائل في المنطقة.. سواء في
العراق أو لبنان أو الوضع الفلسطيني الاسرائيلي. نحن نتحدث دائما مع
سوريا والرسالة التي ننقلها اليهم هي ان عليهم ان يختاروا."
وسوريا حريصة على استعادة نفوذها في السياسة اللبنانية وتجنب اللوم
في تحقيق الامم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق
الحريري في عام 2005.
وهي تريد اجراء حوار مع الغرب بشأن علاقتها بحزب الله في لبنان
ومطالبتها باستعادة هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وقال كريس براون استاذ العلاقات الدولية بكلية لندن للاقتصاد "كان
السوريون واضحين خلال السنوات القليلة الماضية في أنهم ينتظرون من
الامريكيين ان يأتوا ويتحدثوا اليهم."
وكانت تكهنات سرت في عطلة نهاية الاسبوع الماضي حول امكانية ان يطلب
بلير في كلمته من هذين البلدين التزاما اكبر في احلال الاستقرار في
العراق والشرق الاوسط. وقال المتحدث باسم بلير ان "في وسع ايران وسوريا
ان تلعبا دورا بناء اكثر" في الشرق الاوسط.
غير ان رئيس الوزراء تحدث عن "سوء فهم جوهري" لنواياه. وقال "اولا
هذان البلدان لا تجمع بينهما مصالح متشابهة. وفي الحالتين لا ينبغي ان
نبدأ من هذه النقطة".
واضاف "على العكس علينا ان نبدأ باسرائيل وفلسطين هذا هو لب
المشكلة. وعلينا بعد ذلك ان نحقق تقدما في لبنان". واشار الى الغموض
الذي تتعمد ايران الابقاء عليه في ما يتعلق ببرنامجها النووي ودعمها
لحزب الله الشيعي اللبناني وللارهاب في العراق ولحركة المقاومة
الاسلامية (حماس) في الاراضي الفلسطينية موجها تحذيرا الى طهران.
واكد ان قيام "شراكة جديدة ما زال ممكنا" اذا قامت ايران "بخيار
استراتيجي واضح وهو مساعدة عملية السلام في الشرق الاوسط والتوقف عن
دعم الارهاب في لبنان والعراق واحترام واجباتها الدولية" والا "ستواجه
العواقب" وهي "عزلها".
واكد رئيس الوزراء البريطاني مجددا على التطابق في وجهات النظر بينه
وبين البيت البيض الذي استبعد الاثنين اجراء محادثات مباشرة مع ايران
بما في ذلك بشأن العراق طالما انها لم تعلق نشاطاتها النووية الحساسة.
وفيما كان بلير يلقي كلمته كان بوش يؤكد خلال لقاء مع رئيس الوزراء
الاسرائيلي ايهود اولمرت ان الموقف الاميركي من ايران "لم يتغير". وقال
بوش "اعتقد انه من المهم جدا ان يقول العالم بصوت واحد للايرانيين: اذا
اخترتم الاستمرار فستجدون انفسكم معزولين".
اما بالنسبة لسوريا فقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو "لدينا
علاقات دبلوماسية مع سوريا وسنواصل العلاقات الدبلوماسية معها". ولم
يذهب بلير ابعد من هذا الموقف بشأن الدور الذي يمكن بنظره ان يلعبه هذا
البلد.
وفي العراق اوصى بلير ب"تفويض مزيد من السلطات الى القادة
العراقيين" على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري من خلال "تعزيز
التدريب والتجهيز والقيادة والسيطرة لدى الجيش العراقي".
ودافع رئيس الوزراء بعد ذلك عن دبلوماسيته المطابقة للخط الدبلوماسي
الاميركي معتبرا ان "التحديات الشاملة" تتطلب "تحالفات شاملة". وقال
"لا يمكن بحث اي من مخاوف بريطانيا الاساسية ولا حلها بدون اميركا".
واضاف "اننا بحاجة الى اميركا هذا واقع" مجددا في الوقت نفسه قناعته
بان بريطانيا "يجب ان تكون في قلب اوروبا ولديها كل الاسباب لتكون في
هذا الموقع. اوروبا تمنحنا وزنا وقوة".
وقال مساعد لرئيس الوزراء ان بلير أدلى على مدى قرابة ساعة بافادة
الى مجموعة امريكية ترصد الاراء للرئيس الامريكي جورج بوش بشأن سبل
تغيير المسار في العراق.
ولم يكشف مكتب بلير على الفور عما قاله رئيس الوزراء لمجموعة دراسة
ملف العراق لكن كان من المتوقع ان يدعو لوجهة نظره ان الحوار مع سوريا
وايران ضروري ايضا للنهوض بعملية السلام في الشرق الاوسط.
وقال المتحدث باسم بلير "سيشدد على ضرورة اتباع استراتيجية أوسع في
الشرق الاوسط تبدأ بالحاجة الى التصدي للمشكلة الاسرائيلية الفلسطينية
ولبنان."
واضاف المتحدث ان بلير يعتقد ان للتوقيت اهمية حاسمة في ضوء "اعادة
معايرة" وجهة النظر الامريكية التي تجري بلورتها.
واضطر الجمهوريون الى اعادة النظر في سياستهم في العراق بعد تعرضهم
لانتكاسة قاسية في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي الاسبوع
الماضي. وسيطر الديمقراطيون على مجلسي النواب والشيوخ بسبب غضب
الناخبين بشأن الحرب.
ويأمل بلير وهو أقوى حلفاء بوش أن تؤدي التغييرات السياسية التي
شهدتها الولايات المتحدة الى مزيد من الاصغاء لوجهة نظره.
وقال مصدر حكومي "سوريا لديها نفوذ هائل في المنطقة.. سواء في
العراق أو لبنان أو الوضع الفلسطيني الاسرائيلي. نحن نتحدث دائما مع
سوريا والرسالة التي ننقلها اليهم هي ان عليهم ان يختاروا."
واضاف "التوجه المحلي والدولي للسياسة الامريكية تغير... وسيكون
لذلك نتائجه."
ويقول خبراء ان التغييرات في الاونة الاخيرة في مستشاري بوش ستجعل
من الاسهل بالنسبة لبلير توصيل رسالته الى الامريكيين.
ويقول خبراء ان سوريا لديها ايضا برنامج واضح يمكن على الاقل
مناقشته حتى لو كان بعضه غير مستساغ لدى الغرب خلافا لتمسك ايران
ببرنامجها النووي.
وسوريا حريصة على استعادة نفوذها في السياسة اللبنانية وتجنب اللوم
في تحقيق الامم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق
الحريري في عام 2005.
وهي تريد اجراء حوار مع الغرب بشأن علاقتها بحزب الله في لبنان
ومطالبتها باستعادة هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وقد رصد بلير وهو يضع نصب عينيه ميراثه وهو يقترب من نهاية ولايته
كرئيس للوزراء فرصة للاستفادة من الضرورة السياسية لدى الجانبين.
وقالت روزماري هوليس خبيرة شؤون الشرق الاوسط في مركز تشاتام هاوس
البريطاني للدراسات "توني بلير يقحم نفسه في عملية اعادة النظر في
السياسة المتبعة التي باتت مسألة حتمية في واشنطن. وهو يستخدم مثلما
فعل في الماضي اللغة التي قد تساعد واشنطن في صياغة ما تريد القيام
به."
بدوره استبعد الرئيس الاميركي جورج بوش اجراء محادثات مع ايران
وسوريا بشأن العراق ووضع برنامج زمني ملزم لسحب القوات الاميركية من
هذا البلد على الرغم من الضغوط المتزايدة عليه من اجل تغيير سياسي.
وكان بوش نفسه اكد انه منفتح على "كل الافكار" بشأن العراق بعد
هزيمة حزبه الجمهوري في الانتخابات التي جرت في السابع من تشرين
الثاني/نوفمبر.
وقد استقبل الاثنين مجموعة من الشخصيات التي يمكنها ان تعد مقترحات
في هذا الشأن قبل نهاية السنة الجارية ثم التقى رئيس الوزراء
الاسرائيلي ايهود اولمرت.
الا انه رفض مسبقا واحدة من التوصيات المحتملة لمجموعة الدراسات حول
العراق وهي فتح مفاوضات مباشرة مع ايران وسوريا لتستخدما نفوذهما
وتساهما في احلال الاستقرار في العراق. وبشأن ايران وسوريا قال بوش ان
"موقفي لم يتغير".
وكتبت صحيفة "تشرين" الحكومية السورية الثلاثاء ان "سوريا جاهزة
للحوار" مع الولايات المتحدة وفق "ما يحقق امن واستقرار" الشرق الاوسط.
وجاء في افتتاحيتها ان "سوريا التي جددت موقفها البناء بالامس على لسان
الوزير (الخارجية وليد) المعلم في القاهرة عندما قال: سوريا جاهزة
للحوار مع الولايات المتحدة وفق ما يحقق امن واستقرار المنطقة وتسعى
لسلام عادل وشامل فإنها تمد يدها مخلصة كعهدها في كل موقف اتخذته".
لكن الصحيفة تساءلت "هل ثمة تحول ايجابي في الموقف الاميركي يصلح
الاخطاء التي تراكمت".
وتتعرض سوريا منذ اكثر من سنتين لضغوطات دولية لا سيما من جانب
الولايات المتحدة التي تطالب دمشق بتغيير سياستها الاقليمية لا سيما في
لبنان والعراق والنزاع الاسرائيلي-الفلسطيني.
وكان بوش يتحدث بعد لقاء مع رئيس حكومة اسرائيل التي تشعر بالقلق من
استئناف الاتصالات بين الولايات المتحدة وهاتين الدولتين المعاديتين
لاسرائيل. وايران وسوريا دولتان تسعى الولايات المتحدة الى عزلهما في
المنطقة. وفي حال استأنفت الاتصالات معهما تكون واشنطن قد قامت بتحول
كبير في سياستها.
وكان احد رئيسي مجموعة الدراسات حول العراق وزير الخارجية الاسبق
جيمس بيكر صرح علنا ان الولايات المتحدة يجب ان تتحدث الى اعدائها.
لكن بوش اشترط مجددا تخلي ايران عن نشاطاتها النووية لاستئناف
الحوار معها. وقال "اذا امتلكت ايران سلاحا نوويا فان هذا سيكون عاملا
لزعزعة الاستقرار وبالتأكيد تهديدا لحليفتنا الوفية اسرائيل".
وكانت الانتخابات الاميركية اثارت آمالا كبيرة في تغيير في العراق
الذي جعله الديموقراطيون محور حملتهم الانتخابية.
حتى ان وزارة الخارجية الاميركية ذكرت ان الامكانية التي كانت متاحة
للولايات المتحدة العام الماضي باجراءات مفاوضات محددة بين سفير ها في
العراق زلماي خليل زاد والايرانيين بشأن العراق دفنت.
وحول سوريا قال بوش ان عليها الكف عن التدخل في شؤون لبنان وعن
"ايواء متطرفين".
وتتعرض سوريا منذ اكثر من سنتين لضغوطات دولية لا سيما من جانب
الولايات المتحدة التي تطالب دمشق بتغيير سياستها الاقليمية لا سيما في
لبنان والعراق والنزاع الاسرائيلي-الفلسطيني.
كما اكد بوش معارضته لاي برنامج زمني لسحب حوالى 150 الف جندي
اميركي منتشرين في العراق مع ان غالبية الاميركيين والغالبية
الديموقراطية الجديدة تطالب بانسحاب ولو تدريجي.
وقال بوش انه لا يعرف ما ستقترحه مجموعة الدراسات حول العراق وينتظر
مقترحاتها. وقال "من المهم جدا للذين يعدون المقترحات ان يدركوا ان
افضل الخيارات العسكرية مرتبطة بالشروط على الارض".
وكان الرئيس الاميركي يرد على سؤال لصحافيين عما اذا كان سيقبل
بنتائج عمل المجموعة. وذكر بان هذه المجموعة ليست الجهة الوحيدة التي
تدرس وسائل جديدة لاخراج الاميركيين والعراقيين من الوضع العراقي مشيرا
الى ان الادارة الاميركية تبحث ايضا في هذه المسألة.
من جهته قلل المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو من اهمية الاجتماع
بين بوش والمجموعة الاثنين. وقال انه "لقاء تبادل خلاله الجانبان وجهات
نظر وآراء". |