المهزلة العربية الكبرى: تهافت الشعوب العربية

مهند السماوي

 (1)

ليست فقط مصيبة العراق الكبرى،عندما تقف غالبية طائفة رئيسية مهمة من مكونات الشعب العراقي،وهي الطائفة العربية السنية والتي لا يزيد تعدادها بأحسن الاحوال عن 20%بجانب الدكتاتور السابق صدام التكريتي،ضد حكم المحكمة الجنائية العراقية العليا الصادرضده، نظرا لارتكابه جرائم بشعة لاتخفى على احد،بحق الشعب العراقي وشعوب المنطقة،المصيبة الكبرى ان تشترك في العيش في بلد واحد مع أناس يقفون مع مجرمين عتاة لمجرد كونهم ينتسبون الى نفس الطائفة،أو كانوا منتفعين من حكمهم الجائر،في تنكر واضح لابسط المبادئ والقيم الانسانية،ناهيك عن الوطنية والدينية.

بل مصيبة العالم العربي الكبرى،عندما تشاهد أو تسمع أو تقرأ لأناس تحتار في وصفهم بالكلمات السيئة بعد التنكر الواضح لكل المبادئ والقيم الدينية والوطنية والقومية والانسانية،لم يبقى لهم رابط انساني بعد ان تحولوا الى عالم الحيوانات وشريعة الغاب!في فقدان واضح لذلك العقل الذي انعم الله سبحانه على البشرية،في ما نرى بقية شعوب العالم الاخرى تتعاطف وتتعاون في مابينها في أيام المحن والازمات،ولا تترحم على الطواغيت مهما كان الخلاف الديني والمذهبي والعقائدي مع المضطهدين الابرياء،بل تلعنهم حتى لو قدموا الخدمات الجليلة لدولهم،وهذا ما شاهدناه في التاريخ الحديث،والامثلة كثيرة جدا في ذلك،لاتعد ولا تحصى،منها بعد الحرب العالمية الثانية،حينما شاهدنا التعاون في كل المجالات بين الشعوب المنتصرة والشعوب المهزومة في الحرب،في تطور حضاري لافت للنظر يدل على التقدم الحضاري والانساني لتلك الشعوب،فكانت نتيجة ذلك كله التطور في كل المجالات لتلك الشعوب جميعا،فيما يجلس المتخلفون في كل المجالات،ينظرون ويتفلسفون في حتمية سقوط تلك الشعوب وحضارتهم مستندين لادلة تافهة موجودة عند المتخلفين قبل المتحضرين،متناسين المستنقع القذر حينما يتكلمون،ويرمون الحجارة على بيوت الاخرين،وبيوتهم من زجاج مكشوف ومتصدع لم ينصلح منذ زمن بعيد،هذا مع العلم أن الخلافات في الدين والمذهب واللغة والثقافة والتقاليد والفكر والجغرافيا والتاريخ الدموي الذي يجمع بين شعوبهم،هائلة قياسا بالعالم العربي والاسلامي،لكن كل ذلك ذاب من أجل الجميع ومن أجل المستقبل المشرق الزاهر،بل من أجل البشرية جمعاء.

يا سادة يا كرام،المشكلة في الشعوب أيضا:

يتحدث الجميع ويضع مشكلة التخلف بجميع أشكاله وصوره ومنها تهافت العقل العربي،على الحكام والانظمة التي حكمت دول العالم العربي في القرون الاخيرة،في تجاهل واضح للمنبع الدائم الذي لاينضب لهؤلاء الحكام وعبيدهم،وهم الشعوب العربية المقيدة عقولها بسلاسل حديدية من التخلف والهمجية بجميع صورها،الناتجة من ثقافة وتقاليد منحرفة بعيدة كل البعد عن المبادئ الدينية والانسانية،بل مستندة على تأريخ دموي لاحدود له لازال يمجد من قبل الكثيرين،واذا حاول أحدهم مجرد البحث الحقيقي فيه،وبالتأكيد سوف يوصله الى نتائج الى تتلائم مع تصورات الدولة والمجتمع،فسوف يكون له العذاب الدنيوي الذي لاحدود له،بل العذاب الاخروي في تصور هؤلاء أيضا،لأن الاخرة مثل الدنيا ملكهم!والنتيجة بقاء الجميع في دوامة التخلف والهمجية التي أصبحت تؤثر سلبيا في الشعوب الاخرى.

أن التنكر الغبي والفظيع للظلم الفادح الذي تعرض له الشعب العراقي الجريح على يد عصابة حزب البعث الارهابية الاجرامية،هو نتيجة منطقية لتلك الانظمة الدكتاتورية والشعوب المتخلفة،التي تضحك من جهلها الشعوب الاخرى.

الاستطلاعات المرعبة:

ان أستطلاعات الرأي العام،أحد أهم المقاييس في معرفة رأي الناس حول أي مسألة في مختلف المجالات،في ظل صعوبة عمل أحصاء أو أستفتاء في كل مسالة صغيرة أو كبيرة،وبعكس الدول المتخلفة،فأن نتائج الاستطلاعات يؤخذ بها في الحسبان نظرا لوجود الانتخابات كل فترة زمنية مما يؤثر على نتائج الانتخابات،بالاضافة الى منظمات المجتمع المدني والصحافة في التأثير والتأثير المتبادل في المجتمع،بعكس الدول الاستبدادية ومنها دول العالم العربي التي أصبحت تمثل الغالبية العظمى من العالم الاستبدادي والمتخلف،والتي لاتقيم اي وزن للاستطلاعات ونتائجها حتى لو كانت في صالح تلك النظم المستبدة! لانها ببساطة لاتجري فيها اي أنتخابات حقيقية!،كذلك مسألة مهمة أخرى هي قلة الاستطلاعات أساسا أذا لم تكن معدومة أصلا!وعلى قلتها يتم التلاعب في نتائجها أذا لم تكن بصالح القوى المؤثرة!.

ومن هنا تنبع أهمية الاستطلاعات في الانترنت في مواقع وسائل الاعلام المختلفة فيه،نظرا لما وفره للجميع من حرية لاحدود لها،وتكون الفائدة في أقصى صورها لدى المجتمعات المحكومة من قبل نظم مستبدة،حيث ينعدم التعبير الصادق للرأي وخاصة المخالف.

ورغم التلاعب بالاستفتاء ونتائجه أو عدد المصوتين ومكانهم،وهي حقيقة واضحة وصريحة تجدها أحيانا في استطلاع أخر مشابه له ولكن يختلف في النتائج!وعندها يجب معرفة مكان الاستطلاع والجهة الراعية له.

ومهما كان التلاعب الذي قد يصل الى مستويات مخيفة،أو الجهة الراعية له،يبقى في تقديري من أهم الوسائل المهمة لمعرفة رأي الشعوب في مختلف القضايا،بل لمعرفة مستوى التطور الحضاري في مختلف المجالات لتلك الشعوب ومكان الخلل فيها أيضا،مما يستوجب العمل الدائم والدؤوب لعلاجها.

أن نتائج الاستطلاعات التي أطلع عليها الجميع وبالتأكيد أن نسبة المثقفين والمتعلمين فيها عالية جدا(على اعتبار أن المصوتين هم من الفئة المتعلمة بينما غالبية الشعوب العربية تعيش في أمية ابجدية وثقافية، فكيف رأي الشارع الامي!؟)،في رأي الشعوب العربية في حكم المحكمة العراقية على الدكتاتور السابق،وهو نفس احكام الاعدام الصادرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في محكمة الحلفاء في مدينة نورمبرغ الالمانية على قادة الحكم النازي في المانيا!(حتى لا يقول أحد أن العالم الغربي لم يعاقب النازيين بالاعدام)التي تدل على مقدار التخلف العربي ومقدار الهمجية وعدم مراعاة شعور الشعب العراقي الجريح وما عاناه  من تلك العصابة اللاانسانية،والاستخفاف في دعوة الاديان والمذاهب والعقائد والمبادئ والمثل الانسانية،التي تدعو صراحة وبوضوح لا لبس فيه على دعم ومساندة المظلوم أيا كان وبأي وسيلة كانت،والوقوف بوجه الظالم أيا كان،وصور الظلم والطغيان والجرائم البشعة المخيفة لم تردع تلك الشعوب المتخلفة ومثقفيها الرعاع،من التصويت للمجرمين واتباعهم وهم المبتلون اصلا بأمثال هؤلاء المجرمين،أن شر البلية مايضحك!،ولم تردعهم الايآت الكريمة والاحاديث النبوية التي تحذروبشدة من أعانة الظالم وبأي وسيلة كانت ،والحث على دعم المظلوم.

مما يدل على انعدام صفات المسلم الحقيقي على هؤلاء،والابتعاد عن الاسلام والاديان السماوية الاخرى،ناهيك عن الابتعاد عن روح الاخوة الانسانية وما تتطلبه من دعم ومساندة مادية ومعنوية حقيقية تعبيرا عن تلك الاخوة(هذا ما لاحظناه من ألغاء الديون المترتبة على العراق والتي تسبب بها النظام البائد وهي جريمة من جرائمه البشعة بحق الشعب،من قبل دول العالم المختلفة،بينما لم تلغى من قبل (الاخوة العرب!) بل يجاهرون علنا في المطالبة بها.

في قراءتي للتعليقات التي يكتبها القراء العرب على مواضيع قناة العربية الاخبارية السعودية وهي بالطبع تخضع للرقيب،فيمكن تصور مقدار السقوط الاخلاقي المنتشر للكتاب المعلقين عندما نشاهد وجود عدد كبير من تلك التعليقات المتصفة بالانحلال الاخلاقي والنزعة الطائفية والقطرية والتعالي على الشعوب الاقل مستوى من الناحية المادية والجهل الثقافي المنتشر عندما نشاهد كثرة التعليقات على المواضيع التافهة،وقلتها على المواضيع المفيدة والقيمة.

فعند أخذ نموذج وهو التعليقات على خبر صدور حكم الاعدام على الطاغية صدام،عملت أحصائية بسيطة على نماذج المعلقين فوجدت الاجابات تتصف كالتالي:

56% اجابات سيئة معادية للشعب العراقي وضحايا الدول المجاورة.

33% أجابات جيدة مؤيدة للشعب العراقي وضحايا الدول المجاورة.(غالبيتهم عراقيين أو كويتيين).

11% أجابات محايدة (من المفروض أن لا يكون في هذه المسألة أي حياد،فالساكت عن الحق شيطان أخرس).

في استفتاء أخر،السؤال: هل يستحق الطاغية صدام،عقوبة الاعدام؟ الاجابة كانت كالتالي:

39%يستحق الاعدام.

20%لايستحق الاعدام!.

41% لم يحظ الطاغية بمحاكمة عادلة، وكأنه كان يحكم ملايين الضحايا بمحاكمات عادلة!.

وفي استفتاء آخر لقناة تلفزيونية آخرى منافسة للعربية ومختلفة التوجهات عنها،وهي الجزيرة القطرية،ففي أستفتاء شبيه بأستفتاء العربية السابق،هل الحكم على صدام بالاعدام،قرارعادل كانت الاجابة المرعبة التالية:

21% حكم المحكمة عادل.

79% حكم المحكمة غير عادل!

من هنا يمكن الكشف عن مقدار التلاعب في الاستفتاء وعن مقدار الهمجية والتخلف العربي!

فإذا كانت النتيجة صحيحة،فتلك مصيبة كبرى، بل نكبة عربية عقلانية عظمى،نحتاج الى عقود من الزمن لالغائها وتصحيحها الى العكس،ولكن على من تتكل في التغيير،على الطبقة المثقفة التي صوتت في الاستفتاء،أم على الحكومات العربية الفاسدة!التي تشجع على الفساد وتخدير العقول بمخدرات الاستبداد!.

وفي الصحف العربية والمواقع الاعلامية الاخرى،نجد أستفتاءات آخرى مشابهة لها في الاسئلة والنتائج،بل في الكارثة وعمق المأساة العربية!.فماذا لوتخيلنا عدم وجود الشعوب العربية الان في الخارطة السكانية العالمية!هل يؤثر وجودها من عدمه على البشرية وتقدمها الحضاري ورقيها الاقتصادي؟

السوأل مطروح على المصوتين في الاستفتاءات السابقة!والجواب معروف سلفا بأذن الله تعالى!.

(2)

المقارنة المضحكة والمبكية:

الشعب الروماني والعالم الغربي المتخلفان!

والشعب العراقي والعالم العربي المتقدمان! 

 لنقوم بعمل مقارنة بسيطة بين عالمنا العربي،من جهة بما يحمله من تراث هائل موجود في شخصيته الممسوخة بفعل الاستبداد والطغيان،والعالم الغربي بمايحمله من تراث هائل من الحرية والديمقراطيةوالتحرر من كل اشكال القيود،حتى اصبحت الشخصية متحررة أكثر من الطبيعي،كذلك نختار نموذجين من كل منهما وردة الفعل الجماعية على العمل نفسه،ولنختار الشعبين، العراقي من الاول،والروماني من الثاني،ولعدة أسباب،أولهما التقارب الزمني في الابتلاء بالاستبداد والتخلص منه،وثانيا ردة الفعل الاقليمية والعالمية على الحدث في البلدين،وثالثا طبيعة الاستبداد والمستبدين في البلدين المتشابهة،ورابعا الحجم السكاني المتقارب بين البلدين والتاريخ العريق لكليهما.

لقد ابتليت رومانيا،مثل العراق بحزب ديكتاتوري تحول الى عصابة مافية أجرامية،أستغلت وجودها في الحكم،لاشباع غرائزها الحيوانية ونوازعها الشريرة،مستخدمة أقسى أنواع القسوة ضد شعبيهما مع أستخدام التعتيم الاعلامي بأشد صوره على جرائمهم البشعة،وبنفس الوقت مستغلة الاعلام لابراز صورة مزيفة مستخدمة كل وسائل الاغراء والارهاب وخاصة لدى العالم الخارجي،ونجاحهما في غسل عقول ملايين البشر!.

وكان على رأس النظامين طاغيتين مريضتين بداء العظمة،مارسا الطغيان ببشاعة مع أسرتيهما وأعوانهما المتخلفين،الفرق الوحيد بينهما،أن النظام البعثي في العراق حاول تصدير تجربته الاجرامية الى خارج الحدود بفضل التشجيع الاقليمي والدولي ولكن فشل فشلا ذريعا في ذلك،بينما لم يحاول النظام الشيوعي في رومانيا عبور الحدود بفضل وجود المانع الاقليمي وعلى رأسه الاخ الاكبر(الاتحاد السوفييتي السابق) والدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة.كان العامل الخارجي دورا رئيسيا في اسقاط النظامين وتحرر الشعبين،ففي حالة رومانيا كان التغيير قد بدأ في الاتحاد السوفييتي ثم تبع ذلك سقوط الانظمة الموالية له مما رفع حالة الدعم الخارجي عن النظام الروماني وشجع الشعب على القيام بثورة حظيت بدعم خارجي،تسببت بسقوط النظام ولكن مع ضحايا كبيرة من جانب الشعب الروماني،وسقوط النظام البعثي في العراق كان بفعل العامل الخارجي أيضا مع سقوط ضحايا كبيرة من جانب الشعب العراقي المنكوب.المفارقة هنا هو القبض على رأسي النظامين في البلدين،حيث جرت محاكمة الطاغيتين(شاوشيسكو وصدام) وكانت محاكمة الاول مباشرة بعد سقوط النظام نهاية1989 وجرت محاكمة سريعة له ولزوجته ليا المتورطة معه في الجرائم بحق الشعب الروماني،واستمرت المحاكمة لعدة ساعات،وبعد ذلك اتخذ القرار العادل بحقهما وهو الاعدام الذي جرى فورا بعد أنتهاء المحاكمة عام 1989.

لم يقل أحد أن الشعب الروماني متخلف أو همجي يمارس العنف والقتل دون محاكمة عادلة ولم يقل أحد أن المحكمة غير عادلة أو غير قانونية أو أن الحكم بحق شاوشيسكو غير قانوني أو عادل،بل رحب العالم أجمع بالحكم الصادر بحقه وعلى رأسه العالم الغربي المتمسك باصول وقواعد المحاكمات الجزائية الطويلة الامد.كذلك لم تتدخل الانظمة والشعوب المجاورة ولم تدافع عن الطاغية ونظامه،ولم تتهم الشعب الروماني بالتهم الباطلة أوتجرح شعوره،بل باركت المحكمة والمحاكمة والحكم الصادر منهما،وانتهت القضية الى هذا الحد ولم يحاول أحد مساعدة عوائل الطاغية وأعوانه أومنحهم اللجوء السياسي أو أجبار الحكم الروماني الجديد على أرجاع أتباع النظام السابق الى أعمالهم أو أملاكهم السابقة،بل تركوه وشأنه وساعدوه على الخروج من محنته وممارسة دوره الطبيعي في المجتمع الدولي،وكان ما كان صحيحا،والان نرى رومانيا بلدا طبيعيا يحيا كبقية الشعوب الحية ويعمل ويتطور بجد لاجل مستقبل أبناءه ويساعد الشعوب الاخرى حسب استطاعته وخاصة للتحرر من نير الظلم والطغيان والفساد،فهنيئا له ولجيرانه ولشعوب العالم الغربي،ولنرى حالة البلد الاخر:العراق.

لم يعتقل الديكتاتور صدام من قبل افراد الشعب العراقي،حتى تجري له محاكمة عادلة مثل محاكمة الديكتاتور الروماني،بل تم اعتقاله على يد القوات الامريكية،وفي منطقة موالية له على حساب وطنهم،وبعد ذلك جرت له محاكمة عادلة ونزيهة،ومطولة ،كبقية المحاكمات في دول العالم الاخرى، وتبث عبر شاشات التلفزة العالمية،فكانت منتهى الشفافية والعدالة التي حرم منها ضحايا النظام البائد،والذين يقدرون بالملايين وكانت دليلا ناصعا على تطور العراق الحر الجديد،وتطبيق حكم القانون على المجرمين أيا كان،ومهما كان حجم جرائمهم،فكان ذلك خطأ فظيعا! ليس في عمل المحكمة وحكمها،وأنما في المحيط العربي المتخلف،الغارق في بحر الطائفية والعنصرية(حتى تفوق على نظام جنوب أفريقيا السابق) والجهل والهمجية، والذي لايعرف القانون والعدالة،بحق الطواغيت وجرائمهم البشعة،بقدر ما يعرف المحاكمات الصورية السريعة،التي لم و لن تبث أبدا عبر شاشات التلفزة،لكي يشاهدها الضحايا وأتباع الطواغيت معا!.فماذاكانت ردة الفعل على تلك المحاكمة في حق مجرمين يستحقون وبجدارة حكم الاعدام الفوري كما استحقه شاوشيسكو وموسوليني في أيطاليا وغيرهم كثيرون؟.

الجواب من قبل غالبية الناس في دول العالم العربي،هي أن المحكمة والمحاكمة والحكم غير عادل!فما قيمة الملايين من الضحايا أذا كانوا في معظمهم من غير دينك أو مذهبك أوقوميتك!فليذهبوا جميعا الى الجحيم،أذا لم يكونوا في مستوى قذارتي وهمجيتي التي يشهد العالم عليها،وأفتخر بها!.

كان الرأي الشاذ في العالم الغربي،هو السائد لدينا في العالم العربي،والسائد لديهم،هو الشاذ لدينا،فأثبتنا لجميع الامم والشعوب!وللتاريخ أيضا،حجم الشذوذ لدينا بالاضافة الى حجم التخلف والهمجية،وأصبح لدينا لقب جديد،نفتخر به على الامم الاخرىيضاف الى ألقاب الامة العربية المجيدة!هو(الامة الشاذة).

أذا كان المعارضون للمحكمة والحكم في الغرب،في حكم الشواذ،نظرا لتأييد الغالبية هناك،لقرارالشعب العراقي الجريح،والذي كان من المفروض أن يتم بعد سقوط الديكتاتورية مباشرة،فأن الغالبية من الشعوب العربية هو معارض وبشدة له!ولتبرير المعارضة أسباب شتى منها مايدل على تفاهة وأنحدار العقل العربي،والتي ضحكت من سذاجتها وتفاهتها الامم!ومن أبرزها أن المحكمة تحت الاحتلال ،بل أنها امريكية،رغم اننا لم نشاهد سوى العراقيين في تلك المحكمة،لا بل شاهدنا فريق الدفاع يضم امريكي بالاضافة الى حثالة المحامين العرب،الممثلين الحقيقيين للحثالة العربية الجديدة،وهل أن محاكمة عصابة أجرامية،يحتاج الى القول ان هناك أحتلال،فأذا كانت البلاد العربية كلها الان محتلة،لعدم وجود أي نظام عربي حر وشرعي ودستوري،يستمد حكمه من الارادة الشعبية والوطنية،ولتابعيتها الى الدول الكبرى الى درجة تشمئز النفوس الحرة الكريمة منها،فعلام التبجح الوقح،بأن هناك أحتلال.

لعبت وسائل الاعلام العربية،أقذر الادوار، خاصة في ظل تابعيتها الى انظمة مستبدة متخلفة،وبدلا أن تأخذ رأي الضحايا في قرار الحكم،تأخذ وبوقاحة منقطعة النظير،رأي الشارع المنحرف،واعوان المجرمين!،فكانت خير ممثل للانحراف العربي.

وصف الشعب العراقي ومحكمته العادلة،بأفظع الكلمات وأقذرها،ووصف الشعب الروماني ومحكمته السريعة الفاقدة لمواصفات المحاكمات الدولية،بأروع الكلمات وأجملها!،ولم يتم أبدا مراعاة شعور العراقيين وبقية ضحايا الدول المجاورة.

المهازل العربية لا تنتهي:

التاريخ المعاصر مليء بالمهازل العربية التي لا تعد ولاتحصى،ووصلت الى حد الكوارث الوطنية،من أبرزها تصوير النكبات والهزائم العربية المتتالية،انتصارات كبرى!والتخلف العربي،على أنه تقدم،والديكتاتورية على أنها حكم الشعب،والاستبداد على أنه حرية وديمقراطية،وغيرها من الخزعبلات التافهة.

لنأخذ أكبر دولة عربية،وهي مصر،حكمها الديكتاتور عبد الناصر،فترة طويلة،ومازال الكثيرون يحبونه ويمجدونه،ويدافعون عن فكره التافه وطغيانه وجرائمه البشعة وهزائمه العسكرية المنكرة،رغم مرور عشرات السنين على موته،في داخل مصر وخارجها،ويكفي المهزلة الكبرى خروج أكثر من ثلاثة ملايين لتشييعه الى مثواه الاخير،وهو المسؤول الرئيسي عن ثلاث نكبات عسكرية كبيرة لبلده وأمته،وهي هزائم 1956،1967،وحرب اليمن،بالاضافة الى جرائم الحكم بحق الشعب،وجريمته الكبرى،الوصول الى الحكم والبقاء فيه  بصوره غير شرعية،وغيرها من الجرائم الكثيرة،فهل هناك من عاقل،يشيعه الى القبر ويبكي عليه،ويدافع عنه وعن نظامه المجرم الفاسد!.

لنأخذ بلد آخر،وهو اليمن الذي أعاد أنتخاب(رغم التحفظ على الانتخابات وماجرى فيها) طاغيته الصغير،الذي يحكم البلد منذ1978 بصورة غير شرعية،واليمن مازال على تخلفه،ومازال سعيدا بذلك التخلف!مع العلم أن الانفتاح في الصين بدأ أيضا في عام 1978 وفيها التطور الاقتصادي الاعلى في العالم منذ ذلك الحين،رغم أن الفرص المتوفرة لليمن أكثر منها لدى الصين!،ناهيك عن المساعدات السنوية التي تتلقاها ووجود العمالة في دول الخليج وتوفر الثروات الطبيعة وكبر المساحة والموقع الجغرافي الممتاز،أما الان فلا مجال للمقارنة!.

بلد آخر يتصف بالحرية النسبية،وهو لبنان،رغم ذلك متمسك بالطائفية،ويعيد أنتخاب أبناء العوائل الاقطاعية السياسية،لكل الطوائف!ومن بينهم أمراء الحرب،الذين تسببوا بالكوارث للبلد أيام الحرب الاهلية،وأذا قتل أو توفي سياسي،يتسارعون لاختيار خليفته من أسرته وكأن البلد خالي من الكفاءآت والشخصيات الوطنية المخلصة من غير تلك العوائل الاقطاعية،بل يتسارعون لتأييده ومن ضمنهم أصحاب العقول الكبيرة،ياللتفاهة!أهكذا العقل العربي!أتلك خيرالامم كما يدعي القوميون العنصريون العرب؟بل أنها أتفه الامم، وأكثرها سذاجة وحمقا!.

أما الاردن،أو مملكة شرق نهر الاردن،وهي التي شعبها يضم أكثر المؤيدين لنظام صدام المجرم،والحجة أنه أكثر شخص أستفاد من حكمه، الاردن،وكأن الفوائد الاقتصادية من جيب صدام وعصابته الاجرامية،وليست من العراق،شعبا وأرضا!يكفي القول عن تلك الدولة،انها دولة مسخ،غريبة في كل شيء!.

أما شعب فلسطين،والذي مازال يناضل،لتكوين دولته،فبدلا من أن يسعى للحصول على تأييد جميع دول وشعوب الارض،في صراعه الطويل،وهو مايفرضه عليه العقل والمنطق،فأنه كبقية الشعوب العربية،والتي لايختلف عنها في شيء! يخلق له أعداءا،من دول وشعوب مختلفة وهي السياسة التي درجت عليها مختلف المنظمات الفلسطينية،مهما كان الخلاف فيما بينها!وهي سياسة ثابتة لديهم  عكس الجزائريون أثناء صراعهم مع الاستعمار الفرنسي،الذين حرصوا على عدم الخوض في الصراعات الدولية والاقليمية،وشكروا الجميع على دعمهم لهم،وقد أدت تلك السياسة الناجحة الى تحرير بلدهم والابقاء على التأييد العالمي لهم،وبدلا من أن يستفاد الفلسطينيون من تلك التجربة الخلاقة لتحرير بلدهم،مارسوا سياسة جوفاء عادوا بسببها دول وشعوب كثيرة،ومنها الشعب العراقي،وبدلا من الوقوف الى جانبه،فالمظلوم دائما يقف مع المظلومين أمثاله،لكن العبقرية الفلسطينية،آثرت الوقوف مع الطاغية الارعن،والذي تسبب بالكوارث للقضية الفلسطينية منذ مجيئه،فما كان من وقوفهم الى جانبه أيام الحرب مع أيران وهي التي صادقة تدعمهم،ومازالت،لكن الغباء مع الحقد المذهبي والعنصري،حول التأييد لصدام!وكذلك الصراع مع الاردن وسوريا ولبنان ودول الخليج أثناء غزو الكويت،أدى الى فقدانهم التأييد والدعم الضروريان في صراعهم،وعلى العكس من ذلك كان عدوهم أذكى منهم كثيرا،ولهم سياسة ثابتة في التعاون مع الدول والشعوب الاخرى،وسوف يبقى الفلسطينيين في صراعهم ما دامت كل تياراتهم متمسكة بالغباء الاستيراتيجي المستند على قاعدة العداء العنصري والديني والمذهبي.

لا أريد الدخول في تفاصيل كل الدول العربية فهي واضحة للعيان،ولاتحتاج الى ذكاء في التحليل للوصول النتيجة المعروفة في تفاهة وأنحطاط العقل العربي،وليس هنالك من سبيل للخروج من متاهةالمجهول في تهافت الشعوب العربية نحو الانحطاط والجهل والهمجية والعنصرية والطائفية والمذهبية والاستبداد الذي يحول الشعوب الى مجموعة من القطيع الحيواني،سوى الى ثورة عظمى في التغيير الذاتي للخلاص من كل مايجعلنا أبعد عن الانسانية اللطيفة وأقرب الى الوحشية الهمجية، ويكون رأس حربة التغيير كل المثقفين والكتاب والمفكرين والعلماء والمخلصين الشرفاء،وتكون البداية في الشعوب المغلوبة على أمرها ذاتيا وخارجيا،وتكون كلمة الحق فوق كل الميول والاهواء والنحل فلنكن أحرارا كالاخرين على الاقل، حتى لا تنطبق علينا رواية جورج أرويل الشهيرة(1984)قبل التغيير،أو روايته الشهيرة الاخرى بعد التغيير(مزرعة الحيوان) والتي لم ولن يقرأها ألا .....

MOHANED68@HOTMAIL.COM

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء   14  /تشرين الثاني  /2006 -22 /شوال /1427