الشارع العراقي متخوف من خسارة الجمهوريين وتضعضع سلطات بوش

تباينت ردود فعل الشارع العراقي الاربعاء حيال نتائج انتخابات منتصف الولاية التشريعية الاميركية بحيث ابدى البعض قلقه من ان يسفر فوز الديمقراطيين عن انسحاب اميركي بينما اعتبر اخرون ان السياسية الاميركية لا تتغير. بينما يرى اخرون ان إقرار بوش بفشل إدارته في العراق وسيطرة الديمقراطيين على مقاعد الكونجرس بمجلسيه سيؤثر على دعم حكومة المالكي.

فقد توقع محللون وسياسييون عراقيون أن يؤثر هذا الإعتراف المتأخر على الدعم الأمريكي للحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي .

عضو مجلس النواب عن ( التحالف الكرستاني) محمود عثمان اعتبر أن "هذا الإقرار من شأنه التأثير على السياسة الأمريكية في العراق" ,لافتا إلى أنه "ستكون هناك ضغوط على المالكي.. مع الإستمرار في دعمه من أجل الإسراع في عمليات تدريب القوات العراقية وحل الميليشيات وتنفيذ المصالحة الوطنية."

وأوضح عثمان لوكالة أنباء ( أصوات العراق) يوم الخميس أن الإسراع بتهيئة القوات العراقية "سيكون من أجل التهيئة للإنسحاب التدريجي" للقوات الأمريكية من العراق.

وإعترف الرئيس الأمريكي بوش ،خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض أمس عقب إعلان فوز الديمقراطيين ، بأن العراق كان له " تأثير كبير في نتائج الإنتخابات" ،وأقر بأن الشعب الأمريكي "صوت للتعبير عن عدم رضاه بالتطور الذي لم يتحقق في العراق."

وضمن الديمقراطيون السيطرة على الكونجرس بمجلسيه ، بعد أن حصدوا ما لايقل عن (229) مقعدا في مجلس النواب.. مقابل ( 204) مقاعد للجمهوريين ،كما فازوا بـ ( 51) مقعدا في مجلس الشيوخ من إجمالي ( 100) عضو.. وينافسون على مقعد آخر .

وأعرب محمد عثمان عن إعتقاده بأن المصالحة الوطنية في العراق "قد تعني بالنسبة للأمريكيين إشراك أكبر عدد ممكن من البعثيين الذين لم يرتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي ،وكذلك قادة المعارضة في الخارج."

وتابع " أمريكا لا سياسة لها ضد البعثيين ,كذلك هناك إتصالات تجريها مع ممثلين عن جماعات المعارضة ( العراقية) في الخارج."

وكانت أنباء صحفية ذكرت أن الإدارة الأمريكية أوفدت ممثلين عنها إلى إحدى العواصم العربية (عمان) لإجراء لقاءات مع ممثلين عن جماعات عراقية مسلحة والتعرف على مطالبهم من أجل وقف عملياتهم العسكرية والإنخراط في العملية السياسية في البلاد . ومضى السياسي الكردي ،العضو في ثاني أكبر كتلة برلمانية ( 55 مقعدا في مجلس النواب) ،قائلا "وقد يكون الضغط في إتجاه مطالب السنة ( العراقيين) المطالبين بدور أكبر" في العملية السياسية ,مشيرا إلى ما كان قد صرح به ملك الأردن قبل أيام في بريطانيا عندما قال إنه لابد من تفهم معاناة الشيعة والأكراد سابقا.. ومعاناة السنة حاليا .

وعلق عثمان على كلام عاهل الأردن قائلا "الملك لا يتحدث بمعزل عن بريطانيا وأمريكا."

وحول إقالة بوش لوزير دفاعه دونالد رامسفيلد عقب إعلان نتائج الإنتخابات ،أشار النائب الكردي إلى أن تلك الإقالة "جاءت متأخرة جدا.. وفرضت فرضا على الرئيس بوش بسبب الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها ( رامسفيلد) في الملف العراقي خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية."

وكان الرئيس الأمريكي أعلن ( الأربعاء) ،عن قبول إستقالة وزير دفاعه دونالد رامسفيلد ورشح روبرت ( بوب) جيتس ليحل محله ،في أول نتيجة لتصويت الأمريكيين ضد سياسات الإدارة الجمهورية الحالية في العراق .

وقال عثمان " كان يجب تغييره ( رامسفيلد) منذ فترة طويلة وليس الآن ،وأنا كبرلماني طالبت منذ أكثر من سنتين بإقالته عقب (فضيحة) سجن أبو غريب.. لأنه كان مسؤولا عنها،

وكان بإمكان الإدارة الأمريكية حفظ ماء وجهها بإقالته في حينها.. وإعادة النظر في مجمل سياستها في العراق."

وأعرب عن ثقته بأن الإستراتيجية الأمريكية في العراق "ستتغير.. ويجب أن تكون بنظرة مشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين ،وستأخذ بنظر الإعتبار توصيات ( لجنة بيكر ) بخصوص الإصلاحات المطلوبة في الواقع العراقي."

لكن عضو مجلس النواب عن الإئتلاف العراقي الموحد (شيعة) الدكتور نديم الجابري أعرب عن اعتقاده بأن دعم الأمريكيين لحكومة المالكي "سينكمش خلال الأيام القادمة."

وقال الجابري " أتصور أنهم (الأمريكيين) لن يستطيعوا الإستمرار في دعم الحكومة إلى ما لانهاية.. وأتصور أن الأيام القادمة ستشهد إنكماشا في الدعم ،وربما يكون لهم موقف سلبي.. لكونهم دعموا سابقا الحكومة العراقية لكنها لم تحققق شيئا ، مما قد يدفع لإعادة النظر في دعمها."

وأشار إلى أن " كل الاحتمالات واردة في تعامل الإدارة الأمريكية مع الحكومة العراقية ، بما في ذلك التبديل" ،دون أن يوضح ما إذا كان يقصد ( تبديل) الحكومة أم تبديل السياسة الأمريكية تجاهها .

وتوقع عضو أكبر كتلة برلمانية ( 130 من 275 مقعدا في مجلس النواب) ،أن تشهد الفترة المقبلة " تحولات مهمة على مستوى الإستراتيجية العسكرية والإستراتيجية السياسية , وربما يعيدون ( الأمريكيون) النظر في الآليات التي بنيت عليها التجربة في العراق.. وإعادة النظر ( بالتالي) في تحالفاتهم مع القوى العراقية."

ولفت الجابري ،وهو استاذ للعلوم السياسية في جامعة بغداد ،إلى أن الإخفاق في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في العراق للسيطرة عن الوضع الأمني سببه

"الإستراتيجية العسكرية نفسها.. والقيادة والإستراتيجية السياسية."

وأضاف "ومساهمة النخب السياسية العراقية في هذا الفشل لعدم إمتلاكها الثقافة الديمقراطية... وبالمحصلة حدث الفشل في بناء تجربة سياسية في العراق ،والتي نقلته من الديكتاتورية المقيتة إلى الفوضى المقيتة."

لكن عضو مجلس النواب عن (جبهة التوافق - سنية) الدكتور إياد السامرائي له وجهة نظر أخرى ،فهو يرى أن ماصرح به بوش أمس عقب إعلن نتيجة افنتخابات " كان محاولة منه للتنسيق بينه وبين الديمقراطيين ،للحيلولة دون الإضطراب في الإدارة.. والذي سينعكس سلبا على السياسة الأمريكية الخارجية."

وقال عضو ثالث أكبر كتلة برلمانية ( 44 مقعدا في مجلي النواب) إن الجمهوريين والديمقراطيين " كانوا يتحدثون عن عدم وجود خطة واضحة في العراق ،وربما يتجهون إلى بلورة واضحة لخطة ما ,وهم ليسوا مع المالكي أو ضده.. بل مع حكومة عراقية مستقرة."

وتابع "وإذا إستطاعت الحكومة ( العراقية الحالية) تجاوز أزمتها.. فستحصل على الاستمرار في الدعم."

وحول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستقوم بممارسة ضغوط على حكومة المالكي ،قال السامرائي "هل نتحدث عن ضغوط.. أو تعاون ونصيحة ؟."

وأضاف " أحيانا النصيحة تعني الضغط.. وأحيانا الضغط يبرر من قبل الآخرين بالنصيحة ,ونأمل أن يتحقق التعاون بين الحكومتين العراقية والأمريكية.. لأننا لانريد التفكير فيما سيحصل لو لم يستمر هذا التعاون."

ومضى النائب البرلماني يقول "ينبغي تحقيق التعاون وتفهم موقف الطرف الآخر.. وحكومة

المالكي حكومة ديمقراطية ،ولاعيب من التغيير.. لكن ينبغي أن يكون ضمن الإطار الديمقراطي."

من جانبه ، يرى أحد أساتذة العلوم السياسية العراقيين أن التغيير في السياسة "سيتجه إلى إعطاء صلاحيات أوسع لحكومة المالكي في الملف الأمني."

وقال الأستاذ ،الذي طلب عدم ذكر اسمه "القضية الأكبر هي الوجود الأمريكي في العراق ،وهو ليس هدف الجمهوريين فقط.. بل الديمقراطيين أيضا ،وهو ( الوجود في العراق) يدخل ضمن المصالح الأمريكية العليا."

وبلفت إلى أن إعتراض الديمقراطيين على سياسة الرئيس بوش في العراق "ليس على الهدف.. بل على الآليات والوسائل ،وهم ( الديمقراطيون) بحاجة إلى وسائل تقلل من خطر تعرض الجندي الأمريكي للخطر.. وهذا يتحقق بدعم الحكومة العراقية وتوسيع صلاحياتها فيما يخص الملف الأمني."

وأوضح الأستاذ الجامعي إلى إتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين "في مواضيع كثيرة في العراق.. كحل الميليشيات وإشراك الأطراف السنية ،لكن مع تغيير الأدوات والوسائل."

من جهته قال قيس ابو احمد (45 عاما) من العرب السنة انه يفضل بقاء الجمهوريين في السلطة بسبب ضعف القوات العسكرية العراقية وعدم تمكنها من حفظ الامن والنظام.

واوضح "اذا حصل انسحاب للجيش الاميركي من العراق في حال فوز الديمقراطيين الذين يطالبون بذلك فان هذا سيؤدي الى نكبة كبيرة في العراق نتيجتها مجازر في اليوم التالي وحرب اهلية طاحنة على اقل تقدير". وتابع ان "بقاء الراية الاميركية في العراق ولو بصورة رمزية سيشكل حماية لامن العراق من دول الجوار في هذه الفترة التي لاتزال فيها قوات الامن العراقية ضعيفة".

وقد سارع الديموقراطيون فور فوزهم في انتخابات منتصف الولاية التشريعية الاميركية الى مطالبة ادارة الرئيس جورج بوش بتغيير سياستها في العراق. واستند العديد من الديمقراطيين في حملتهم الانتخابية على معارضتهم للوجود الاميركي في العراق وطالبوا بالانسحاب.

من جانبه قال عدي محمد (35 عاما) وهو ضابط في الشرطة العراقية برتبة نقيب ان الشعب "يريد الامان ويريد الوجود الاميركي في هذه المرحلة". واضاف الضابط السني "في حال سيطر الديمقراطيون على السياسة الاميركية فانهم سيعملون على سحب الجيش من العراق وهذا ليس في صالح العراقيين كافة والسنة منهم خصوصا".

الى ذلك راى بعض العراقيين وخاصة من الشيعة ان نتائج الانتخابات الاميركية قد تمنح املا بالانسحاب المبكر من العراق.

وقال اسماعيل خليل وهو موظف شيعي يعمل في وزارة الصحة "نريد انسحابا للجيش الاميركي لكي نستطيع ان نجلس ونحل مشاكلنا فيما بيننا للسيطرة على الامن". ورأى ان "الديمقراطيين استخدموا ورقة الانسحاب من العراق للفوز بهذه الانتخابات لذا هذا يعني ان الغالبية تدعم مطلب الانسحاب وهذا ايضا مهم بالنسبة لنا (...) فالعراقيين يريدون ان يدبروا شؤونهم بانفسهم".

وقال ياسر غازي (27 عاما) وهو موظف في شركة خاصة "نعتبر الجمهوريين فاشلين فهم لم يستطيعوا انجاز خطط ناجحة وتطوير البلد كما ارتكبوا اخطاء كثيرة ادت الى مشاكل ونزاعات ومخاطر جمة". واضاف غازي وهو من اب شيعي وام سنية "نتمنى فوز الديمقراطيين لاننا لا نستطيع ان نعطي فرصة مرة اخرى ليضيعوها فهم لم يحققوا شيئا في البلد لا من الجانب الامني او الخدماتي".

الى ذلك اكد السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد الاربعاء ان الرئيس جورج بوش سيواصل مهمته في العراق على الرغم من خسارة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس.

وقال خليل زاد في كلمة نقلها التلفزيون الحكومي العراقي ان "الرئيس الاميركي هو المهندس الاول للسياسة الخارجية كما انه القائد الاعلى لقواتنا المسلحة ومدرك للاهمية الكبيرة لما يحدث في العراق". واضاف ان بوش "يعتبر النجاح ضرورة قصوى للمصلحة الوطنية (...) فهو ملتزم العمل مع الكونغرس بمجلسيه للحصول على الدعم المطلوب من اجل انجاح المهمة في هذا البلد".

لكن بعض العراقيين اعتبروا ان فوز الديمقراطيين او الجمهوريين لا يغير شيئا في السياسية الاميركية تجاه العراق.

وقال انوار عامر وهو يعمل في تصليح الساعات ان "اميركا وضعت مصالحها الخاصة فوق كل شيء وقبل اي احد". واضاف "بالنهاية مصالح بلدهم فوق كل شي وهي الاولى (...) ولا اعتقد ان مصالح العراق مهمة بالنسبة لهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- 10 الجمعه /تشرين الثاني  /2006 -18 /شوال /1427