
قال محللون انه بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الامريكي في
الانتخابات التي جرت يوم الأربعاء وتعزيز موقفهم في مجلس الشيوخ فانهم
قد يعجلون باشعار الرئيس الامريكي الجمهوري جورج بوش بانه أصبح الان
بطة عرجاء ويجبرونه على تغيير سياسته في العراق.
ويقولون ان من مصلحة بوش الذي سيواجه معارضة قوية في الكونجرس لاول
مرة منذ توليه الرئاسة عام 2001 ان يمد يده للديمقراطيين ليحقق بعض
الانجازات التشريعية مثلما فعل حين كان حاكما لتكساس في الفترة بين عام
1995 وعام 2000 .
وقال بروس بوكانان استاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس الذي عاصر
تعاون بوش مع الديمقراطيين في تكساس "هذا يسمح له بان يكون أكثر من
مجرد بطة عرجاء. لكن اذا تشدد في اللعب فلن يحصل على شيء."
وأعلن البيت الابيض ان بوش سيدعو الى تعاون الحزبين الجمهوري
والديمقراطي خلال مؤتمر صحفي يعقده يوم الاربعاء. ومن المقرر ان يترك
بوش الرئاسة في يناير كانون الثاني عام 2009 .
وقال دان بارتليت مستشار البيت الابيض "الرئيس عرك تجربة العمل مع
احزاب لها الاغلبية في المجلس التشريعي. هذا ليس بجديد عليه. سيذهب الى
المدى المناسب ليوضح للرأي العام وللحزب الديمقراطي انه متلهف بشكل عام
للعمل معهم ويأمل ان يلتقيا في منتصف الطريق."
وتوقع الخبراء بعد فوز الديمقراطيين في مجلس النواب وتعزيز موقفهم
في مجلس الشيوخ ان يجد بوش نفسه في مأزق التحقيقات التي يجريها
الكونجرس وهو نفس الموقف الذي طارد الرئيس الامريكي الديمقراطي السابق
بيل كلينتون في الفترة الثانية من رئاسته مما يضع قرارات بوش في العراق
تحت مجهر التدقيق والمراقبة.
وسيتولى الديمقراطيون نتيجة لفوزهم في انتخابات يوم الثلاثاء رئاسة
لجان قوية في الكونجرس يمكن ان تستدعي مسؤولين للمثول امامها وتجبر
مسؤولين في ادارة بوش على الادلاء بشهاداتهم.
وقد يواجه دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي الذي قال بوش انه
يريده أن يبقى في منصبه حتى تنتهي فترة الرئاسة عام 2009 أوقاتا صعبة
وطويلة متنقلا بين جلسات الاستماع والاستجواب في الكونجرس.
وقال توماس مان المتابع لاعمال الكونجرس "اتوقع ان يستغل
الديمقراطيون سلطتهم في تحديد جداول الاعمال لاخضاع خطة بوش الراهنة
(في العراق) لتدقيق أشد وطرح بدائل."
وأمضى بوش أسابيع وهو يشن حملة دفاعا عن حرب العراق ويتمسك بضرورة
البقاء في العراق لحماية الولايات المتحدة.
وكان ذلك بمثابة مقامرة سياسية ركزت الاضواء على نقاط ضعفه الكبرى
وفي الوقت نفسه فشلت في تغيير رأي الامريكيين الذين يريدون ان يشهدوا
تغيرا في الاستراتيجية بدلا من التقارير اليومية عن عمليات اراقة
الدماء وارتفاع الخسائر في الارواح بين القوات الامريكية.
ومن غير المتوقع ان تؤدي نتيجة الانتخابات لان يجري بوش تغييرا
فوريا في العراق. وكما قال ديك تشيني نائبه الاسبوع الماضي لشبكة
(ايه.بي.سي) نيوز ان الامور "ستسير بأقصى سرعة" في العراق بغض النظر عن
الفائز في الانتخابات "لاننا لا نخوض سباقا على المنصب لكن نفعل ما
نراه صوابا."
ويشك نورمان اورنستاين الخبير السياسي بمعهد امريكان انتربرايز في
ان يحاول الديمقراطيون خفض التمويل للعراق رغم تهديدهم بذلك لان عددا
كبيرا من الامريكيين يعارض هذه الخطوة لانها قد تعرض القوات الامريكية
هناك للخطر في وقت يبدأ فيه الحزب في البحث عن مرشحين لانتخابات
الرئاسة التي تجري عام 2008 .
وأضاف أورنستاين قائلا "بمعنى انهم سيعقدون جلسات استماع في كل مكان
ويجعلون حياته (بوش) صعبة لكن ليس بوسعهم ان يفعلوا أكثر من ذلك. ليس
بوسعهم تطبيق سياسة تجعله يغير ما يفعل."
لكنه صرح بان عمليات التدقيق التي سيقوم بها الديمقراطيون ستزيد
الضغط على بوش مما قد يدفعه هو الى التفكير بنفسه في تغيير المسار.
وعلى الرغم من اصرار بوش على القيام "بقفزة قوية في نهاية السباق"
الا ان غالبية الرؤساء الامريكيين عانوا من تراجع سلطتهم في العامين
الاخيرين لهم في البيت الابيض حين يتحول اهتمام الامريكيين الى المرشح
الرئاسي الجديد.
ويتطلب التعاون والتفاوض مع الديمقراطيين عقلية مختلفة عن عقلية بوش
الذي ظل يستمع اليهم طوال سنوات لكنه لم يعتمد سوى على حلفائه
الجمهوريين لتمرير أولوياته في الكونجرس.
هذا وكان أزاح الديمقراطيون الجمهوريين عن السيطرة على مجلس النواب
الامريكي وباتوا على أعتاب النصر في مجلس الشيوخ حيث يتقدمون في سباقين
على مقعدين يحتدم فيهما التنافس وتشتد الحاجة اليهما عند الديمقراطيين
كي تؤول لهم السيطرة على مجلس الشيوخ.
وحقق الديمقراطيون الفوز بنحو 30 مقعدا في مجلس النواب وفقا لتوقعات
شبكة اخبارية بشأن الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء في ضوء موجة من
السخط بسبب حرب العراق والفساد وقيادة الرئيس جورج بوش.
وانتزع الديمقراطيون أربعة مقاعد من أصل ستة يحتاجون اليها من
الجمهوريين في مجلس الشيوخ كي يحصلوا على الاغلبية. واذا ما تحقق لهم
الفوز في المنافسات الشديدة الدائرة في مونتانا وفرجينيا فسيسيطرون على
المجلس.
ولكن في فرجينيا فمن الممكن أن تؤدي اعادة الفرز المتوقعة والطعون
القانونية المحتملة الى تأخير اعلان الفائز مما يثير ذكريات اعادة
الفرز في انتخابات الرئاسة لعام 2000 التي استمرت خمسة أسابيع.
وفي فرجينيا يتقدم الديمقراطي جيمس ويب على الجمهوري السناتور جورج
الن بفارق 7600 صوت من أكثر من مليوني صوت. ومن المحتمل أن تجرى اعادة
فرز للاصوات قد تمتد حتى ديسمبر كانون الاول مما يجعل مصير السيطرة على
مجلس الشيوخ غير مؤكدة.
ومن المؤكد ان يؤدي تشتت السيطرة على الكونجرس والسيطرة بأغلبية
ضئيلة على مجلس الشيوخ الى اثارة مزيد من الصدامات الحزبية والحرب
السياسية خلال العامين الاخيرين في ولاية بوش.
وهناك ترجيحات بأن تؤدي سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الى جعل
الليبرالية نانسي بيلوسي التي ستكون أول امرأة ترأس المجلس تعترض كل
جدول أولويات بوش وتزيد الضغط من أجل تغيير المسار في العراق.
وقالت بيلوسي أمام حشد للمؤيدين الديمقراطيين أمام مبنى الكونجرس "اليوم
انتصار عظيم للشعب الامريكي.. اليوم صوت الشعب الامريكي من أجل التغيير
وصوتوا للديمقراطيين كي يأخذوا بلادنا في اتجاه جديد."
ويجري التنافس على 33 مقعدا في مجلس الشيوخ وعلى جميع مقاعد مجلس
النواب البالغة 435 مقعدا وعلى منصب الحاكم في 36 ولاية.
وفي بنسلفانيا تمكن الديمقراطي بوب كيسي من هزيمة السناتور ريك
سانتوروم ثالث أرفع جمهوري في الكونجرس وأحد أكبر من يستهدفهم
الديمقراطيون هذا العام.
وفي كونيتيكت تمكن السناتور جوزيف ليبرمان الذي دخل الانتخابات
مستقلا من هزيمة الديمقراطي المعارض للحرب نيد لامونت الذي كان قد هزمه
في انتخابات الحزب الديمقراطي.
وفازت الديمقراطية هيلاري رودهام كلينتون بسهولة في ولاية نيويورك
مما جعلها مهيأة لاحتمال خوض انتخابات الرئاسة لعام 2008.
وقال السناتور الجمهوري جون مكين "هذا جرس إنذار للحزب الجمهوري."
وحقق الديمقراطيون انتصارات كبيرة في منافسات منصب الحاكم فانتزعوا
ست ولايات من الجمهوريين وفازوا بالسيطرة على أغلبية الولايات التي
ستساعدهم في انتخابات الرئاسة لعام 2008.
ودك التقدم الذي يحرزه الحزب الديمقراطي ثلاثة من معاقل الجمهوريين
مثل إنديانا حيث خسر ثلاثة مخضرمين. الحال مماثل أيضا في كنساس حيث خسر
الجمهوري المخضرم جيم ريون.
وقال زعيم الحزب الديمقراطي هاوارد دين الذي عمل على مدى عام لبناء
الحزب في الخمسين ولاية "أخيرا تمكنا من أن نصير حزبا وطنيا بعد 12
عاما."
وفوز الديمقراطيين بأي من المجلسين سيمكنهم من السيطرة على اللجان
التشريعية التي يمكنها التحقيق في أكثر قرارات الإدارة الأمريكية إثارة
للجدل فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والجيش والطاقة.
وكان الديمقراطيون قد وعدوا الناخبين ببحث كثير من المواد المدرجة
في برامجهم في أول 100 ساعة من عمل مجلس النواب بما في ذلك بحث وضع
قواعد أخلاقية جديدة ورفع الحد الأدنى للأجور وتقليل الدعم على صناعة
النفط وتحسين أمن الحدود والموانئ.
وأظهرت استطلاعات مبكرة لآراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم ان
الناخبين لا يؤيدون الحرب في العراق ولكنهم قالوا ان الفساد والأخلاق
كانا أكثر أهمية من تصويتهم على قضايا أخرى بما في ذلك الحرب.
وانتقد الديمقراطيون الجمهوريين بسبب تصاعد "ثقافة الفساد" في
واشنطن حيث استقال أربعة من أعضاء مجلس النواب هذا العام في قضايا
أخلاقية.
وقال السناتور جون مكين لمحطة (سي.إن.إن) "ليس هناك الكثير مما
يمكننا فعله في واقع الأمر من أجل إجبار الرئيس على مغادرة العراق..
ولكن في نهاية الأمر يمكن أن يكون لدينا بعض التأثير وأعتقد أنكم سترون
بالتأكيد محاولة من جانب الديمقراطيين من أجل تغيير المسار." |