انتخابات الكونجرس بين تأثيرات الحكم على صدام بالاعدام وفوز الديمقراطيين

ينظر العراقيون الى انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي المقرر اجراؤها غدا الثلاثاء بترقب شديد ، بعد أن اظهرت اخر استطلاعات الرأي تقدما للديمقراطيين المطالبين بانسحاب القوات الامريكية من العراق على حساب الجمهوريين، كما اوضحت ان هناك اهتماما كبيرا من الناخب الامريكي بالقضية العراقية.

فقد ربط العديد من المراقبين والمحللين السياسيين العراقيين والأجانب خاصة الأمريكيين بين توقيت حكم الإعدام الذي صدر (الأحد) على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في قضية الدجيل ،وبين الإنتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي التي تجرى الثلاثاء .

ويقول المحللون إن الجمهوريين ربما يأملون في أن يكون الحكم بمثابة (حصان طروادة) الذي

يعزز فرصهم في تلك الإنتخابات .

وحسب الإسطورة الإغريقية فإن (حصان طروادة) هو حصان خشبي ضخم أجوف قبله الطرواديون كهدية من الإغريق الذين كانوا يحاصرون مدينتهم على أنه (عرض سلام) ،إلا أنه كان عبارة عن خدعة.. حيث كان مليئا بالمحاربين الذين نجحوا عن طريقه في إختراق (حصن طروادة) بعد حصار دام عشر سنوات .

أحد المحللين السياسيين العراقيين قال لوكالة أنباء ( أصوات العراق) "البعض يعتقد أن مسألة النطق بالحكم سيكون لها آثار إيجابية على الجمهوريين الذين تشير إستطلاعات الرأي إلى إنخفاض شعبيتهم ،لكن أنا أعتقد أن الأمر ليس بهذه الصورة."

ويضيف المحلل ،الذي رفض الإفصاح عن اسمه ،قائلا " تعقيدات القضية العراقية أكبر من قضية محاكمة أو قضية شخص ,فالولايات المتحدة تتعامل مع واقع في العراق.. وهو واقع صعب ومرير على الصعيد الميداني" بالنسبة للقوات الأمريكية .

ويتابع "ولذلك فمن الصعوبة بمكان إقناع الناخب الأمريكي بموضوع المحاكمة ,لكون الموضوع العراقي ككل له تأثيرات داخلية (في الولايات المتحدة) أكبر من ذلك."

ولفت المحلل السياسي العراقي إلى أن الناخب الأمريكي "وصل إلى قناعة بأن وجود صدام من عدمه لن يشكل خطرا.. بل هناك من يرأى أن الوضع لم يصبح أفضل عقب الإطاحة بصدام ونظامه."

وزاد " أيضا فإن الصورة القاتمة للأداء العسكري لأميركا في العراق ستغطي على هذا الأمر ( أي حكم الإعدام ) ،وهو ما سنلمسه ونشاهده في الإنتخابات" التي ستجري يوم غد .

السياسيون العراقيون بدوا أكثر تحفظا عند الحديث حول هذه القضية ،ويرون أنها شأن داخلي أمريكي.. ويصعب التكهن بمدى تأثيره على توجهات الناخبين .

القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق رضا جواد تقي من بين الذين يرون أن الموضوع "شأن أميركي داخلي بحت" ,ويقول " أنا لم أفكر في هذا الأمر ,وبصراحة لا أعرف (مدى تأثيره) لكونه شأنا أمريكيا.. ونحن لسنا خبراء فيه."

ويضيف تقي ،العضو في (الإئتلاف العراقي الموحد) أكبر كتلة برلمانية "المشكلة هي في الصراع الإنتخابي الدائر بين الديمقراطيين والجمهوريين ,وهل سيستغل الجمهوريون ذلك الحكم.. أم سيستغله الديمقراطيون.. ؟ لست أدري ،ولست خبيرا في هذا الشأن."

وتتفق عضو مجلس النواب عن (القائمة العراقية الوطنية) صفية السهيل في الأمر نفسه ،

وتقول "لا أعرف إن كان (حكم الإعدام ) سيؤثر أم لا ,فهناك لوبي كبير في أمريكا يستغل هذه القضية (في الإنتخابات).. ويقول إنها قضية مهمة."

وإستطردت السهيل ،العضو في رابع أكبر كتلة برلمانية " أنا لا أستطيع أن أقدر الموقف مثل

شخص في واشنطن ويعمل من خلال المؤسسات الأميركية ,فأنا لست جزءً من تلك المؤسسات.. وقضية الدعاية التي تعمل خلال الإنتخابات ،ووجود فريقين يعملان على ذلك."

وتابعت القول "النتيجة سنشاهدها من خلال استطلاعات الرأي التي ستجرى عقب صدور الحكم ،والتي ستوضح ما إذا كانت القضية (حكم الإعدام ) سيؤثر على الناخبين أم لا."

لكن السهيل شددت ،في تصريحها ،على أنه " لايمكن أن تكون توقيتات تحقيق العدالة والحق في بلدنا متزامنة مع توقيتات الأحداث السياسية في الدول الأخرى (في إشارة إلى الإنتخابات الأمريكية) ،حتى وأن كانت تلك الدول صديقة لنا."

ويتفق الناطق باسم ( التحالف الكردستاني) فرياد راوندوزي مع عمر عبد الستار عضو (جبهة التوافق) على أن حكم الإعدام لن يكون ذو تأثير كبير على الناخب الأمريكي .

وقال راوندوزي " أعتقد أن الناخب الأمريكي يفكر في جيبه قبل أن يفكر في جيوب الآخرين ،وهو تشغله بالأساس القضايا الداخلية.. كمستوى المعيشة والدخل والوضع الإقتصادي بشكل عام."

لكنه إستدرك قائلا "وإن كانت مسألة التمويل والنفقات العسكرية الكبيرة والضحايا ( الذين يسقطون في العراق) لا تغيب عن بال الناخب الأمريكي ,لكن هذا الناخب إذا أعطى صوته للديمقراطيين فسوف يعطيه إنطلاقا من رؤيته للقضايا الداخلية أولا.. ثم الخارجية."

واعتبر الناطق باسم ثاني أكبر كتلة في البرلمان العراقي أنه من الصعوبة التكهن بمزاج الناخب الأمريكي ,وقال "لا أعتقد أن الحكم بالإعدام شنقا (على صدام حسين) سيؤثر كثيرا ,فهو قد يؤثر قليلا على مزاج وإحساس الناخب.. وإن كان الملف العراقي يأتي في أولويات السجال والمنافسة الإنتخابية."

في حين رأى عضو مجلس النواب عن جبهة التوافق( ثالث أكبر كتلة برلمانية) عمر عبد الستار أنه رغم أن حكم الإعدام لن يكون ذو تأثير ملموس على الناخب الأمريكي ،فإنه يعتبر أن " توقيت إصدار الحكم يصب في إتجاه رفع شعبية الجمهوريين ،لأنه ليست هناك مبررات قوية لإصدار الحكم في هذا التوقيت."

وقال عبد الستار " أعتقد أن الحكم لن يغير ولن ينفع ( الجمهوريين) كثيرا ,فالناخب الأمريكي ينظر إلى سياسة بلاده والتي أدت إلى زيادة التوتر والقلق ، وأعتقد أن هذا لن ينقذ من أراد أن يصدر الحكم في هذا التوقيت."

ويرى القيادي في الحزب الإسلامي العراقي أنه على الرغم من أن الجمهوريين "يعتمدون على سياسة ( الحرب على الإرهاب).. لكن تلك السياسة من وجهة نظر الناخب الأمريكي أدت الى زيادة القلق وليس الإطمئنان."

من جهة اخرى وأمام توقعات بفوز الديمقراطيين برز سؤال مهم يتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه العراق وبقاء قواتها ببلاد الرافدين وهو هل تتغير تلك السياسة جذريا ام انها ستطرأ عليها تغييرات تتناسب مع الاستراتيجية الامريكية في المنطقة؟.

الباحث والمحلل الاستراتيجي الدكتور هادي عليوي قال إن "الاستراتيجية الامريكية بالنسبة للأمن القومي لا تتغير بتغير الجمهوريين أو الديمقراطيين وان الذي يتغير هو التكتيك فقط."

وأضاف عليوي الذي يشغل منصب مسؤول ملحق افاق استراتيجية في جريدة (الصباح) الرسمية "السياسة الامريكية تجاه العراق لن تتغير والخطط نفسها لن تتغير (بفوز الديمقراطيين) لحين توفر المناخ المناسب."

وبشأن مطالبة الرأي العام الامريكي بسحب القوات الأمريكية من العراق، قال المحلل عليوي "سحب القوات الامريكية لن يتم إلى حين تتوفر الفرص المناسبة لذلك سواء فاز الديمقراطيون أو بقى الجمهوريون."

وعن تأثير فوز الديمقراطيين بالانتخابات على حكومة نوري المالكي التي تتكون من عدة تيارات، قال "الحكومة العراقية موقفها جماهيريا ضعيف ولا يوجد تأييد شعبي لها."

وأضاف "المواطن العراقي يريد ثلاثة أشياء وهي توفير الأمن ، القضاء على البطالة وإنهاء الأزمات والحكومة لم توفرها فأي شعبية لها؟."

ورأى برلمانيون عراقيون ان الإستراتيجية الأمريكية الخارجية لن تتأثر كثيرا بالحزب الفائز بالانتخابات، وقال الدكتور نديم الجابري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد "أتصور أن يؤدي وصول الديمقراطيين الى السلطة بشكل أو بأخر إلى تغير نمط السياسة الأمريكية في العراق لكن ليس بشكل جوهري."

وأضاف "ربما يحدث تغير في آليات العمل في العراق وفي الخطة الأمنية وربما في المشروع السياسي والعمل على احداث توازن غير التوازن الحالي سواء السياسي أو الاجتماعي."

وأشار الى أن الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين التي تبدو واضحة عادة ما تكون حول الوسائل وليس الأهداف "الجمهوريون والديمقراطيون متفقون على المصلحة الوطنية الأمريكية العليا ، لكنهم يختلفون في وسائل تحقيقها."

وقال الجابري الذي ينتمي إلى الائتلاف العراقي الموحد الحاكم "من رسم السياسة في العراق واتخذ قرار الحرب والاحتلال وادارة العملية السياسية هم الجمهوريون ..

والديمقراطيون لديهم تحفظات على الطريقة التي تمت بها ادارة الأمور في العراق وربما تحفظات على قرار الحرب ويعتقدون انه لم تكن هناك ضرورة لها."

وتابع "الديمقراطيون بدأو يلاحظون ومن خلال التجربة اخفاقات التجربة السياسة الأمريكية في العراق وانها تسير في طريق مسدود وتكلف الأمريكيين خسائر في الأموال والأرواح وهذه أمور تقلق وربما واحدة من أسباب صعود نجم الديمقراطيين."

وحول سحب القوات الأمريكية من العراق قال الجابري "المطالب بدأت تتصاعد وهي بسبب الاخفاقات.. وجود تلك القوات لم يحفظ الأمن والاستقرار في القوات ولم يؤد الى نجاح التجربة السياسية."

وأشار الى أن انسحاب القوات الامريكية المفاجئ سيكون كارثة على العراق "هم الان يملأون الفراغ الأمني، قوات الأمن العراقية غير قادرة بعد على حفظ الأمن في العراق، حتى النخب السياسية لم تتهيأ بعد لحكم العراق."

واستطرد الجابري قائلا "إذا انسحبوا بشكل مفاجئ سيحدث صراع مسلح وعنيف للسيطرة على السلطة في العراق وستضرب التجربة الديمقراطية ويبدأ صراع سياسي من جديد ليفرض نظام دكتاتوري جديد على العراق."

وعن تأثير فوز الديمقراطيين على الحكومة العراقية قال الجابري "الحكومة العراقية لا تدري ماذا تفعل، ولاتدري كيف تتعامل مع العالم، أو مع شعبها، ولاتدري كيف تدير العملية السياسية وبالتالي لا تعرف (الحكومة) ان كان هذا سيؤثر عليها هذا أم لا."

ومن جانبه أوضح فرياد راوندوزي الناطق الرسمي باسم التحالف الكردستاني (ثاني كتلة برلمانية) أن "للسياسة الخارجية لأمريكا ثوابت مشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين، واعتقد انه لايمكن التكهن بحدوث تغييرات كبيرة في السياسة الأميريكية في العراق في حالة فوز الديمقراطيين."

وأشار راوندوزي الى ان فوز الديمقراطيين بالانتخابات وحصولهم على الأغلبية بالكونجرس سيساعدهم في عرقلة الكثير من برامج الرئيس الامريكي جورج بوش."

في حين قال عمر عبد الستار عضو جبهة التوافق العراقية "السياسة الأمريكية لن تتغير تغيرا جوهريا ، فالاستراتيجية الأمريكية في العالم واحدة .. يمكن أن يختلف الجمهوريون والديمقراطيون في الأمور الداخلية فيما يخص الضرائب والخدمات لكن السياسة الخارجية لن تتغير كثيرا وانما الوسائل والأساليب والتكتيكات وتبقى السياسة الأمركية باتجاه واحد."

وكان اخر استطلاع للرأي اجراه معاهد (جالوب) أظهر أن الملف العراقي يحتل المركز الاول في اهتمامات الناخب الامريكي وبنسبة 64 % قبل موضوع الخدمات والقضاي الداخلية.

وفي كل الأحوال لايبقى أمام الشعب العراقي وحكومته إلا الانتظار لرؤية نتائج الانتخابات النصفية وتحديد من الفائز ثم انتظار ان كانت السياسة الأميركية في العراق ستتغير أم لا .

شبكة النبأ المعلوماتية- 7 الثلاثا /تشرين الثاني  /2006 -15 /شوال /1427