
تجمع في إحدى الأمسيات في الشهر الماضي خليط من الخيرين ومسؤولي
المؤسسات الخيرية والمدافعين عن البيئة في منزل بيتر يارو من مجموعة
بيتر بول آند ماري بنيويورك.
ولم يكن الموضوع المثار في تلك الأمسية موسيقى الستينات ولا مشكلة
الجوع في العالم وإنما الطاقة الشمسية.
وفي تجمعات مماثلة في انحاء الولايات المتحدة يجلس مصرفيون ومديرو
صناديق استثمار كتفا بكتف مع الخيرين وفنيين متخصصين في تركيب ألواح
الطاقة الشمسية. وينظم "منتديات الطاقة الشمسية" هذه ترافيس برادفورد
وهو مدير سابق لصندوق استثمار ومتخصص في الاستحواذ على الشركات في
محاولة للتعجيل بما يسميه الصعود الحتمي للطاقة الشمسية.
وقال برادفورد في مقابلة مع رويترز "أظن أن الولايات المتحدة ستشهد
واحدا من أسرع معدلات النمو خلال السنوات الخمس القادمة. وأحد الأمور
المثيرة فيما يتعلق بالولايات المتحدة عند مقارنتها ببلدان صناعية أخرى
هو أن نصيب الفرد من الطاقة الشمسية أكبر."
وبرادفورد مؤسس معهد برومثيوس للتنمية المستدامة وهي مجموعة مقرها
في كمبردج بولاية ماساشوستس تشجع استخدام التقنيات المستدامة.
وفي كتابه "الثورة الشمسية" يرى برادفورد أن أسعار النفط المرتفعة
والتقدم في تكنولوجيا الطاقة الشمسية وخفض تكلفة السيليكون المستخدم في
تصنيع الألواح ستعمل معا على ان تصبح الشمس أرخص مصدر للطاقة خلال
العشرين عاما القادمة.
ويقول معارضون إن عدم توفر إمدادات السيليكون ستحد من الألواح
الشمسية المنتجة. لكن برادفورد يقول ان الاولواح الشمسية تستخدم كميات
اقل من السليكون كل عام والمصانع التي بدأت تعمل ستزيد من المعروض
بحلول عام 8002.
وطبقا للكتاب الذي نشرته مطابع معهد ماساشوستس للتكنولوجيا هذا
الخريف فإن التحول من مصادر الوقود الإحفوري إلى الطاقة الشمسية لن
يحدث نتيجة لاعتبارات بيئية وإنما نتيجة لقرارات اقتصادية تقوم على
المصلحة الذاتية يتخذها المستخدمون كأفراد.
وتشكل الطاقة الشمسية نسبة لا تذكر تقريبا من إجمالي مصادر الطاقة
حيث تنتج 0.1 بالمئة فقط من الكهرباء في الولايات المتحدة أكبر مستهلك
للطاقة في العالم. لكنها تزداد بنسبة تتراوح بين 03 بالمئة و04 بالمئة
سنويا بينما تتراجع تكلفة انتاج ألواح الطاقة الشمسية بنسبة سبعة في
المئة سنويا.
ومن المرجح أن تثير الطاقة الشمسية قدرا متزايدا من الاهتمام فيما
تبحث الحكومات عن سبل لتقليص إنبعاثات الغازات التي تسبب ارتفاع درجة
حرارة الأرض. وسيشارك وزراء من حوالي 091 دولة في نيروبي في الفترة من
السادس إلى 31 نوفمبر تشرين الثاني في المحادثات السنوية الذي تجريها
الأمم المتحدة حول سبل مكافحة ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ويرى المدافعون عن البيئة وكثير من المحللين الماليين أن انخفاض
أسعار الكهرباء المولدة من ألواح الطاقة الشمسية والتي تبلغ في الوقت
الحالي 53 سنتا لكل كيلووات/ ساعة إلى النصف لتصبح مساوية لمتوسط سعر
الكهرباء المولدة من الوقود الإحفوري سيحدث في مدى زمني غير بعيد.
وقال جيسي بيتشل محلل صناعة الطاقة الشمسية لدى بنك بايبر جافراي
الاستثماري في نيويورك "أظن أن الكل يرون ذلك سواء كان في عام 0102 أو
2102 أو 5102." واضاف إنه عندما تصبح الأسعار متساوية "سيكون الطلب على
الطاقة الشمسية بلا حدود."
وكتب ديفيد سميث وهو محلل لدى سيتي جروب في نيويورك في تقرير بحثي
في أكتوبر تشرين الأول الماضي إن الطاقة الشمسية "اجتازت مرحلة الترجيح
وباتت على مشارف مرحلة توسع كبير اعتبارا من الآن وحتى عام 0102."
ويقول آلن نوجي مدير برنامج الطاقة النظيفة في اتحاد العلماء
المهتمين "لم يكن لدى الجمهور مثل هذا الاهتمام بالطاقة الشمسية
والطاقة المتجددة منذ أيام جيمي كارتر." وكان كارتر قد وضع في أواخر
السبعينات حين كان رئيسا للولايات المتحدة وكان هناك تعطشا للطاقة خطة
للحفاظ على الطاقة باعتبارها "معادلا أخلاقيا للحرب".
وقال نوجي إنه فيما يتعلق بمجتمع المال "فإنه لم يكن يوجد في اي وقت
مثل هذا الاهتمام الكبير."
ومن بين العوامل الرئيسية خطر البنية الأساسية المتقادمة لشبكات
الكهرباء والتي بلغت الضغوط عليها مداها الأقصى نتيجة للطلب على أجهزة
تكييف الهواء .
ولا تزال ماثلة في الأذهان ذكريات المحولات التي تنفجر وإنقطاع
الكهرباء وضعف الكهرباء خلال فصول الصيف في السنوات القليلة الماضية.
والالواح الشمسية قد تحافظ على استقرار الشبكات وتقلل الحاجة الى
محطات جديدة للطاقة في المستقبل حيث يزداد الطلب على الكهرباء بنسب
تتراوح بين اثنين وثلاثة بالمئة سنويا.
وقال بيتشل "اذا وضعت لوحا شمسيا على سطح منزلك فانك تتحوط لاي
ارتفاعات في أسعار الكهرباء لعشرين عاما قادمة."
ورغم قرار الرئيس جورج بوش بانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة
كيوتو في عام 2001 أخذت الولايات الامريكية على عاتقها مهمة القتال
لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في محطات توليد
الكهرباء. وأقرت أكثر من 20 ولاية قوانين تشترط الاعتماد على مصادر
متجددة للطاقة لتوليد بعض الكهرباء.
وفي أحد "منتديات الطاقة الشمسية" في نيويورك مؤخرا تحدث جيجار شاه
مؤسس شركة صن أديسون وهي واحدة من كبريات الشركات الامريكية العاملة في
مجال تركيب ألواح الطاقة الشمسية مع مصرفي من بنك ليهمان برازرز حول
السبل التي يمكن من خلالها لبنوك الاستثمار أن تمول التكاليف الاولية
لانتاج الطاقة الشمسية.
وقال شاه "الطاقة الشمسية موضوع معقد والتحدث الى الناس التي يمكن
أن تكون بناءة في هذا المجال أمر مفيد فائدة عظيمة."
وفي الوقت الحالي يتعين على شركة برومثيوس دعوة أناس لحضور
المنتديات لان التكاليف المبدئية لتركيب محطة كهرباء بالطاقة الشمسية
يمكن أن تحتاج الى سبع سنوات أو أكثر كي تعطي مردودا. لكن بيتشل توقع
أنه عندما تنخفض تكاليف التركيب فان أصحاب المنازل سينظمون اجتماعاتهم
الخاصة.
وقال مورات امبراستر الذي يساعد في ادارة المنتديات ويدير مع
برادفورد صندوقا صغيرا لمخاطر الاستثمار في مجال الطاقة البديلة
"الاهتمام فاق بالفعل قدرة غرف المعيشة على الاستيعاب."
ويبدي المضيفون حماسا أيضا. وقال يارو "عدد المهتمين بالطاقة
الشمسية في غرفة معيشتي أكبر من أعداد الذين بداوا حركة الحقوق
المدنية." |