هل نحن امام سياسات بديلة (مفاجئة ) لامريكا في العراق؟

كتب: علي النواب

نسمع بين الحين والاخر أن واشنطن تراجع سياستها وتعترف بأخطائها وأنها بدأت تتحدث عن العراق الموحد وأنها توصي بأنها عادت عن سياسة العزل وبالذات للسنة وأنها تريد تنسيق سياساتها في العراق مع سوريا وإيران وهذا الطرح بحد ذاته يثير الشبهة، فمعروف أن واشنطن شنت حملة على سوريا واتهمتها بأنها لا تفعل ما بوسعها لإغلاق حدودها، أمام المسلحين القادمين من دول اخرى.

وإيران أيضا تتعرض لحملة أمريكية وصهيونية حول نشاطها الذري ولم نسمع أن إسرائيل مستعدة للتسليم بالمشروع النووي الإيراني بل ذهبت بعيدا في التهديد العسكري لإيران والضغط على روسيا لتقليص تعاونها النووي مع إيران، وإيران غير مستعدة لتخفيف الضغط عن الاحتلال الأمريكي في العراق بدون ثمن.

من الواضح أن الحرب في العراق قد تحولت إلى استنزاف مادي وعسكري وسياسي للإدارة الأمريكية وأن إيران تحتل العراق أو أجزاء كثيرة منه من الباطن وتحقق مكاسب، بينما الولايات تحتل العراق في الظاهر عسكريا وتدفع الثمن باهظا.

ولن يحل هذا المأزق إلا بإعلان أمريكي صريح بالتراجع عن سياسة الانفراد في العراق وعن جدول زمني للانسحاب العسكري من العراق والتعاون مع الأمم المتحدة لترتيب وفاق موسع بين جميع العراقيين على أسس عادلة ومقبولة وأن تساهم دول الجوار العربية وإيران وتركيا أيضا في ضمان ودعم وتسهيل الوفاق العراقي وترتيب القضايا الأمنية والعلاقات بين العراق ودول الجوار.

الوضع الحالي سائر بالتأكيد إلى هزيمة كاملة للأهداف الأمريكية في العراق وقد تأتي إدارة أمريكية تهرول بعيدا عن العراق وتتركه بدون وفاق أو سلم داخلي وعندها تفتح الأبواب مصراعيها على المجهول في العراق.

هذا الاستفراد بشؤون العراق ووضعه بعهدة كتل و احزاب سياسية وكذلك عزل دول الجوار والأمم المتحدة عن الشأن العراقي وتحويل العراق إلى ساحة مطاردة عسكرية وصفة مضمونة للفشل السياسي الذي يدخل قوات الاحتلال في مأزق يتعمق كل يوم ويذكر بتجربة الولايات المتحدة في فيتنام.

الأدوات والسياسات التي لعبت بها واشنطن في الساحة العراقية فشلت وعليها أن تبحث عن سياسات بديلة وأن لا تتوهم أنها قادرة على فرض إرادتها بالقوة في المنطقة ويمكن أن تبدأ بمؤتمر لدول الجوار ينتهي بحوار بين جميع الأطراف العراقية بدون استثناء وبرعاية الأمم المتحدة ومشاركة الجامعة العربية أو لتتخلى عن الصيغ والشعارات القديمة التي ورطتها ودمرت العراق، فالعراق سائر إلى مصيبة أكبر إذا قسم وإذا لم تصح الولايات المتحدة من أحلامها الإمبراطورية وكوابيسها الإسرائيلية.

ومن طبع القوى الكبرى أن تكابر إلى آخر لحظة وتستنزف نفسها بالاندفاع إلى الأمام وتستنزف غيرها حتى تأتي لحظة الحقيقة ... العبرة من فهم ما يجري في العراق وأن الوقت محدود لإعادة تقييم المواقف الامر يضعنا امام مفاجات في سياسية امريكا في العراق  حفظا لماء الوجه.                                                                                         

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 4/تشرين الثاني  /2006 -12 /شوال /1427