أطفال العراق يشاهدون الأسلحة في الواقع.. ويقلدونها في اللعب

 

 

ينتظر الأطفال في كل مكان قدوم المناسبات السعيدة من أجل الحصول على بعض الأموال

لتلبية احتياجاتهم.. سواء من الحلوى أو الألعاب. ولم يختلف أطفال العراق في هذا الأمر ، بل أنهم ساعدوا على رواج نوع من التجارة في بلد يئن من الكساد نتيجة تردي الأوضاع الأمنية.

فقد إنتهز أطفال العراق حصولهم على مبالغ نقدية في صورة (عيديات) بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ،وراحوا يبحثون عن كل ما يسعدهم ويمكنهم شراؤه.. فكان الإقبال على شراء الأسلحة بمختلف نوعياتها ،خاصة تلك التي تشبه الأسلحة الحقيقية .

ولإدراك التجار لمدى أهمية مثل هذه الألعاب بالنسبة لأطفال العراق ،راحوا يبتكرون في أشكالها وألوانها لتماثل تماما الأسلحة الحقيقية.. فيما زودوا بعضها بالقدرة على إطلاق كرات بلاستيكية بدلا من العيارات النارية لمزيد من الجذب بالنسبة للاطفال.

بائع اللعب مشتاق عادل قال لوكالة أنباء ( أصوات العراق)  "لدي أنواع عديدة من اللعب.. إلا أن الإقبال كان خلال أيام العيد وبعدها على تلك التي تمثل الاسلحة ،خاصة التي لها قابلية إطلاق حقيقية."

وأضاف "هذه الألعاب رخيصة.. ولايتجاوز سعرها 2000 دينار ،وهو سعر بسيط.. وبإمكان أي طفل إقتناء مثل هذه الألعاب."

وأوضح عادل أن "المتوفر في سوق الجملة معظمه من نوعيات الأسلحة التي تتمتع بشعبية وعليها طلب واسع من الأطفال ،لذا فإننا نتسوق منها باستمرار.. وهو ما يشجع تجار الجملة على الإكثار منها."

وأعرب عن اعتقاده بأن مثل هذه الالعاب "ليس لها أي آثار سلبية" على الأطفال ،وقال "إنها مجرد لعب.. لا تضخموا الامور ،قضينا حياتنا نلعب بألعاب مماثلة ولم تنعكس على سلوكنا."

من جهته ،قال سليم عبد الرسول (والد أربعة أولاد) " أنا لا أحب أن أحرم أطفالي حقهم في اللعب ،فهذا هو كل ما تبقى لهم وسط هذه الظروف التي تدمر أقوى النفسيات."

وأضاف " أنا أرى أن طفلي عندما يكون مع طفل غيره لعبة وأمنعه أنا من إقتناء مثلها.. فإن هذا سيشعره بنوع من النقص عن أقرانه وبنوع من الحرمان ،وهو ما سيسبب له مشكلة نفسية وليس العكس ،لذا أفضل أن أشتري مثل هذه الألعاب لأولادي.. مثلهم في ذلك مثل أقرانهم."

واستبعد عبد الرسول أن يكون لتلك الألعاب تأثير على نفسية الطفل عندما يكبر.

أما الباحث الاجتماعي والإخصائي النفسي الدكتور حافظ الخزرجي فقال إن " تكوين الطفل النفسي يميل إلى التقليد وحب لفت الانظار من خلال لعب دور كبار السن."

وأضاف "هذا هو ما دفع كثير من الاطفال إلى تقليد الواقع المعيشي والبيئة الاجتماعية المحيطة بهم ،فالبعض يدخن لأنه يعتقد أنه يظهره بمظهر النضج.. أو أنه يقلد أباه أو أحد أفراد عائلته أو فنان يحبه."

وأشار الخزرجي إلى أنه في مرحلة العنف التي يمر بها العراق حاليا " تنعكس الصورة على الاطفال من الشارع الذين يعيشون فيه ،حيث يحمل المسلحون وأفراد الشرطة السلاح بشكل علني.. وقد يقومون بإطلاق النار أمام الاطفال ،إضافة لما تنقله شاشات التليفزيون من هذه المشاهد التي تغري الطفل بتقليد الكبار من خلال شراء تلك اللعب."

وأوضح أن تلك الألعاب " تعكس حب الطفل لإظهار البطولة والرجولة واستكشاف مثل هذه الاسلحة ،ولو على نطاق طفولي بحت."

ويذهب الخزرجي إلى أن الموضوع "ليس يالخطورة التي يتصورها البعض من أنها قد تؤدي إلى إنحراف سلوكي لدى الطفل ،وإنما تعتمد على رصانة تربية الاهل.. وعمق وتأثير النصائح الأبوية ،ونمط التربية ونوع البيئة والأصدقاء.. وغيرها من السلوكيات التي تكون عوامل مساعدة على رسم شخصية الطفل ،وليس نوع اللعبة التي يلعب بها والتي سرعان ما سوف ينبذها الطفل ويتكبر عليها."

لكن الموضوع أخذ بعدا آخر ربما يشكل خطورة على حياة الأطفال بالفعل .

فقد أصدرت القوات المتعددة الجنسيات بيانات ومنشورات عديدة تحذر فيها الآباء والأمهات من إقتناء أبنائهم لهذه الالعاب وتوجيهها صوب قوات التحالف.

وقالت البيانات إن هذا السلوك "سيفهم خطأ على أنه عمل عدائي بسبب كثرة التشابه بين هذه اللعب وبين الأسلحة الحقيقية ،داعية الآباء إلى "إختيار ألعاب مفيدة بصورة أكبر للأبناء."

شبكة النبأ المعلوماتية--الاحد 29/تشرين الاول  /2006 -6/شوال /1427