العراقيون والسوق في العيد بين الركود وارتفاع في الاسعار

 

 

لم تشهد اسواق بغداد كعادتها في ايام الاعياد قبل اعوام ازدحاما شديدا وكرنفالا من الفرح والبهجة  فبعض الاسواق تعاني من الركود والخمول واخرى تشهد ارتفاعا ملحوظا في الاسعار .

هكذا يصف العراقيون حال السوق قبل يوم واحد على حلول عيد الفطر المبارك .

يقول الحاج احمد العامري صاحب محل ازياء لوكالة أنباء(أصوات العراق) المستقلة "ان الطلب على الازياء الرجالية ليس بمستوى طلب العيد ولا حتى قريبا منه حيث ان الشراء ضعيف جدا والبضاعة الموجودة تقتصر على استيرادات قديمة وليست موديلات حديثة."

وقال تقي البلداوي صاحب محل ملابس اخر ان اوقات العمل بالنسبة لنا صارت محدودة بسبب الحالة الامنية وهي لا تتجاوز (5) ساعات في افضل الاحوال في الوقت الذي كانت تتجاوز (15) ساعة في الاعوام الماضية."

بينما قال السيد اديب الصفار تاجر جملة "ان تكاليف النقل اصبحت مرتفعة بسبب المخاطر الكبيرة التي يواجهها سائقو المركبات اضافة الى عدم وجود تأمين على البضائع القادمة مما يجعل استيراد البضائع ضرب من المخاطرة الغير محسوبة اضافة الى الكساد الذي يعاني منه السوق المحلي وضعف الطلب من قبل باعة المفرد لذا فان المستورد من الالبسة سيكون محدودا ولا يقارن بالاستيرادات للأعوام السابقة."

علي الباوي صاحب محل بيع ملابس اطفال قال لأصوات العراق "جميع ما في محلي هو من بقايا بضاعة العام الماضي الذي لم يحالفه الحظ في البيع" وأضاف" ساعمل على تصفيته قبل تغير الموسم دون ان اشتري المزيد في الوقت الحاضر."

وكانت محلات الاحذية ليست بافضل حالا من محلات الملابس حيث اوضح مشتاق كاظم صاحب محل احذية "ان متوسط البيع لايتجاوز (25) طقما من الاحذية يوميا في الوقت الذي كانت تزيد كمية المباع على (300) طقم يوميا لذا فإننا لم نتسوق ببضاعة جديدة وإنما نعمل على تصريف البضاعة المتراكمة في محلاتنا."

وقال حسنين كريم انه لم يشتر ملابس جديدة لنفسه بمناسبة العيد لكنه اشترى لاطفاله كي لايحرمهم فرحة العيد على الرغم من انه لن يخرج من بيته في العيد كما اخبرنا .

ويرى اخرون ان السوق تشهد ارتفاعا ملحوظا خصوصا في المواد المنزلية التي بات ارتفاع اسعارها يشكل عبئا على العائلة العراقية .

يقول الحاج ابو علي " لعل التدهور الامني الحاصل في بعض مناطق العراق وخصوصا العاصمة بغداد التي تعتبر مركز التسوق الرئيسي هو السبب المباشر وراء غلاء الاسعار بسبب عزوف التجار من الذهاب الى هذه المناطق وتزويد السوق المحلية بمختلف المواد الامر الذي اسهم في ارتفاع الاسعار .

وقال السيد احمد مهدي العكيلي ( صاحب متجر في سوق الشورجة ) "التدهور الامني الحاصل في العراق ومخاطر الطريق البري المؤدي الى عمان ودمشق هي التي دفعت بالتاجر العراقي الى عدم الذهاب الى الدول المجاورة لجلب البضائع."

واضاف العكيلي "هناك اسباب لايمكن اغفالها وهي ماتؤدي بالتاكيد الى ارتفاع اجور نقل المواد الاستهلاكية الى اضعاف مضاعفة وهي ارتفاع اسعار المحروقات بشكل كبير الامر الذي يضطر التاجر العراقي الى التزود بالوقود من الاسواق التجارية التي اصبحت عامرة بفعل ازمة الوقود المستديمة."

وشكلت منحة العيد التي منحتها الحكومة العراقية للمواطنين والتي امرت بتوزيعها عن طريق وكلاء المواد العذائية سببا اضافيا لارتفاع الاسعار يضاف الى ذلك غياب دور الاجهزة الرقابية بالكامل عن السوق المحلية .

وكانت الحكومة العراقية قد منحت لكل فرد مبلغ (10) الاف دينار وحسب البطاقة التموينية كمنحة بمناسبة العيد .

واشارت السيدة زينب اللامي (ربة بيت)" ان مايرهق ميزانية بعض العوائل هو ارتفاع الاسعار الفاحش وخصوصا على ملابس الاطفال بسبب الاقبال العالي على شرائها."

وفي الكوت عادة ما تشهد أسواقها في محافظة واسط حركة نشيطة تسبق مناسبات الاعياد حيث تقدم العوائل على التبضع وشراء احتياجاتها الضرورية خاصة الملابس والكماليات ويكون للأطفال النصيب الأوفر من ذلك كله.

وتشهد الأسواق في المدينة هذه الأيام إقبالا شديدا للمتبضعين للعيد رغم أن الأسعار ارتفعت كثيرا عما كانت عليه قبل هذه المدة، وهو أمر يلجا إليه عادة أصحاب المحال التجارية بفرض زيادات متفاوتة في السلع والبضائع والحاجيات التي يتعاملون بها ، غير أن ذلك كله لم ينمع العائلات من ارتياد السوق والتبضع للعيد .

وقالت السيدة أم محمد وهي معلمة وأم لثلاثة أطفال لوكالة أنباء (أصوات العراق) "نحن نرتاد السوق قبل العيد عادة لشراء المستلزمات الضرورية التي نحتاجها سواء كانت لأفراد الأسرة أم للمنزل".

وأضافت لكن أهم شيء نشتريه في مثل هذه المناسبات هو ملابس الأطفال كي يشعروا بالفرح وطعم العيد، وبسبب الوضع المادي الصعب وارتفاع الأسعار صرنا لا نفكر بأنفسنا في عملية الشراء إلا ما ندر.

وأضافت أن السوق هذه الأيام تشهد زحاما شديدا وحركة نشيطة للمتبضعين رغم الارتفاع الواضح في الأسعار بخاصة أسعار الملابس عموما وملابس الأطفال بشكل خاص.

وأشارت أم محمد الى أن سعر بنطلون الأولاد حاليا يتراوح ما بين 10 الى 17 ألف دينار بغض النظر عن المنشأ بعد أن كان سعره ما بين 7 الى 10 آلاف دينار قبل نحو شهر.

وأضافت أن سعر القميص الولادي أو التي شيرت يتراوح مابين 8 الى 12 الف دينار بعد أن كان يباع بسعر معقول يتراوح بين 5 الى 5ر7 الف دينار وكذلك الأمر بالنسبة للأحذية.

وقال إن كسوة الطفل الواحد لا تقل عن 50 ألف دينار في كل الأحوال اذا ما علمنا ان الطفل يريد أن يشتري كل شيء حتى وان كان متوفرا لديه مثل الجورب والحزام والساعة اليدوية وحتى النظارات فهي موضة صارت لدى الأطفال.

وأشارت الى أن البيت العراقي يحتاج الى مستلزمات أخرى خاصة بمواسم الأعياد والأفراح كالحلوى، العصائر ، المطيبات، المواد التي تدخل في صناعة الكليجة (كعك الأعياد) وهي ما لا يمكن الاستغناء عنها عند غالبية البيوت.

واعتبرت تلك الأشياء لاتقل ضرورة لربات البيت عن ما يحتاجه الأطفال، مشيرة الى أن هذه المواد كان لها نصيب واضح وكبير في زيادات الأسعار لان معظمها يرتبط بموسم العيد.

و تقول سميرة أم حسنين وهي ربة بيت أن غالبية ما موجود في السوق الآن هو البضاعة الأجنبية بينما لم نجد بضاعة محلية عدا الأمور البسيطة وهي دون المستوى المطلوب.

وأضافت ان الأسعار مرتفعة جدا خاصة بالنسبة لأصحاب الدخول المحدودة لكن ما ذا نفعل ازاء ذلك ، فأصحاب المحال يدعون أنها بضاعة أجنبية وتفرض عليها الرسوم والضرائب وأجور الشحن وكذلك الإيجارات وسواها من التبريرات التي نسمعها باستمرار.

وقالت "قبل شهر من الآن كان سعر بدلة البناتي يتراوح مابين 18 الى 25 الف دينار لكن سعرها اليوم وصل الى 40 ألف دينار وهو ما يثقل كاهل الأسرة العراقية".

الدولار يساوى 1473 دينارا عراقيا.

وأضافت أن أسعار الحقائب النسائية والأحذية ومواد التجميل وما تحتاجه المرأة لزينتها صار يضرب به المثل من حيث السعر في حين ان النوعيات لم تتغير.

وأضافت أن تكلفة مشتريات الأسرة للعيد تبلغ محو 320 ألف دينار وهو مبلغ كبير ، مشيرة الى أن نفس المواد لو تم شراؤها قبل شهر من الآن فلن يتجاوز سعرها 250 ألفا أو بالحد الأعلى 270 ألف دينار.

واستدركت قائلة "رغم القفزة الواضحة في الأسعار لكن هناك إقبال متزايد على الشراء خاصة ملابس الأطفال التي سجلت أعلى تصاعد في الأسعار مقارنة بالملابس الاخرى".

وأيد صلاح مكي (كاسب) ذلك بقوله إن أسعار ملابس الكبار خاصة الرجال لم يطرأ عليها ارتفاع في الأسعار كثيرا ويبدو أنها الوحيدة التي حافظت على أسعارها القديمة أو أنها سجلت اقل الارتفاعات.

وأضاف أن سعر البنطلون كان يتراوح مابين 13 الى 25 الف دينار حسب النوعية قبل شهر وهذا السعر لم يتغير الان.

وأشار الى أن قسما من أصحاب المحال الخاصة بالملابس الرجالية علق يافطات تدل على وجود خصم في الأسعار بنسبة 20 الى 40 % بمناسبة العيد أو ما يعرف بالتنزيلات .. وأن هذه المحال وحدها رفعت الأسعار السابقة قليلا بمقدار نسبة الخصم التي وضعتها.

وقال إن ذلك أسلوبا متبعا لكسب الزبون يلجأ إليه غالبا من سماهم (أصحاب الشطارة) من أصحاب المحال التجارية.

وأشا الى أن الفرد العراقي عموما يتأثر بمثل هذه المظاهر لكنها مجرد دعاية إعلامية وأسلوب متفنن في العمل.

وأبدى كريم الزاملي وهو صاحب محل لبيع الملابس الرجالي في سوق رؤؤوف المختص بملابس الرجال في الكوت رأيا مخالفا في موضوع التنزيلات أو ما يسمى بالخصم بقوله ان تلك حقيقة نعتمدها دائما.

وقال "نلجأ الى أسلوب التنزيلات في نهاية كل موسم لتصريف البضاعة القديمة وشراء أخرى غيرها تواكب الموسم".. والمقصود هنا الموسم الصيفي أو الشتوي.

وأشار الى أن ملاحظة مهمة هي ان التنزيلات التي يطرحها أصحاب المحال حاليا تكون للملابس الصيفية فقط لتصريفها بسبب قدوم موسم الشتاء.

وأضاف أنا اعتمدت هذا الأسلوب لكن بصراحة بعض المواطنين لا يشعر بذلك مضيفا أن الملابس الشتوية الموجودة الآن تباع بسعر أكثر بكثير من الصيفية.

وذكر أن الارتفاع في الأسعار أمر لا يعدو خافيا خلال مواسم الأعياد أو قبيل بدء العام الدراسي مثلا.

واستبعد أن يكون الأمر لكسب الثراء على حساب المواطن البسيط "إنما الزيادة أصلا تنطلق من تجار الجملة في الشورجة ونحن نسير على وفق هذا النمط من التعامل وليس كما يتصور البعض".

وأشار الى أن هناك إقبالا واضحا في التسوق والشراء خاصة هناك من يعتمد أسلوب البيع بالتقسيط لأجل تصريف بضاعته لانه بعد العيد يكون هناك ركود كبير في السوق وطوال فترة الركود يكون هو قد حصل على باقي الأقساط.

وبين أن هذا الأسلوب تحصل فيه زيادة على السعر الأصلي أو ما يعرف (تحميل السعر).

وذكر أبو بسام وهو سائق سيارة أجرة فضل عدم ذكر اسمه أن هناك من يشتري بمناسبة أو بغير مناسبة سواء يحتاجه فعلا أم لا يحتاجه، وأنا على العكس من هذه الفئة بسبب دخلي المحدود.

وأضاف "وفق دخلي اليومي الذي لا يكاد يسد مصروف العائلة عملت (سلفة) مع زملاء آخرين لي كما أن زوجتي هي الاخرى اشتركت في سلفة مع صديقات ومعارف لها.

وأوضح ان هذا الأسلوب كان الأنسب بالنسبة له، مشيرا الى أن السلفة الأولى كانت لشراء قسم من مستلزمات العام الدراسي لأولاده وبناته الخمس في حين كانت السلفة الثانية لإتمام بقية المستلزمات خلال العيد.

وقال لم اشتر للجميع إنما الصغار كانوا في المقدمة وتبعهم الكبار.

وانتقد أصحاب المحال التجارية ممن يستغلون الفرص والمناسبات لزيادة الأسعار على حساب الآخرين.

وذكر انه كان قد اشترى تنورة لاحدى بناته قبل شهر من الآن بسعر 12 ألف دينار لكنها اليوم وفي نفس المحل تباع بسعر 17ألفا.

وأشار الى أن الازدحام الشديد وكثرة المتبضعين للعيد تعد مناسبة لان يضع التاجر أو صاحب المحل السعر الذي يريده خاصة وان البضاعة غالبيتها على وشك النفاد والوقت المتبقي على العيد أصبح قصيرا جدا. 

شبكة النبأ المعلوماتية--الاثنين 23/تشرين الاول  /2006 -29/رمضان /1427