يقول نشطاء بارزون من مسلمي أوروبا ان الجدل الساخن في بريطانيا
بشأن النقاب الاسلامي يعكس خيبة أمل متصاعدة من جانب المسلمين في
اوروبا تهدد بزيادة عزلة تلك الاقليات بدلا من دمجها.
وأضاف هؤلاء النشطاء لرويترز أن النهج الجديد في بريطانيا التي
اعتبرها المسلمون في القارة منذ فترة طويلة نموذجا للتسامح حيث كان
انتقاد الاقليات غير ملائم سياسيا تمثل حدا فاصلا في الطريقة التي
يتحدث بها الاوروبيون بشأن الاسلام.
ويجمعون على أنه يتعين مناقشة التشدد الاسلامي والتفرقة العرقية
وتعارض القيم بشكل صريح غير أن الجدل الذي يشهد استقطابا بشكل متزايد
يطرد المعتدلين على الجانبين.
وأشعل وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو الجدل في بلاده هذا
الشهر بقوله ان النقاب الكامل الذي ترتديه بعض المسلمات يعرقل الاندماج.
ووصف بعض زعماء المسلمين تصريحاته بالمهينة واتهموه باثارة ظاهرة الخوف
من الاسلام.
ورأى دليل أبو بكر رئيس مجلس مسلمي فرنسا المزاج الجديد على أنه رد
على المخاوف الامنية وشيوع التطرف لدى قلة قليلة من المسلمين لا يقبلون
بالقيم الاوروبية وقال "التعصب يتنامي في أوروبا."
وقال ديلوار حسين رئيس قسم البحوث السياسية بالمؤسسة الاسلامية في
بريطانيا "هناك شعور بأننا نعيش في زمن اخر."
وأضاف "مع كل المخاوف الامنية.. يشعر الناس أن بامكانهم أن يكونوا
أكثر صراحة." وتابع يقول "رد فعل المسلمين سينحسر أكثر وأكثر ويتحول
الى شعور بأنهم تعرضوا للخداع."
وقال النشطاء ان السياسيين ووسائل الاعلام أنحوا باللائمة على الدين
في المشكلات التي هي في الحقيقة اقتصادية واجتماعية مثل البطالة
والتمييز.
وقالت فاميل أرسلان عضو منظمة الاسلام والمواطنة وهي منظمة هولندية
"قبل ذلك.. كنا مجرد مهاجرين من تركيا أو المغرب أو من أماكن أخرى..
لكنهم بعد ذلك وجدوا شيئا ما يجمعنا."
واضافت "جميع مشكلات المهاجرين تم ربطها بالاسلام. كل المسلمين
عوملوا كمجرمين."
وتراوحت السياسات الاوروبية تجاه الاقليات المسلمة بين النهج
المتسامح "المتعدد الثقافات" في بريطانيا وهولندا والحظر الفرنسي
الصارم على ارتداء المسلمات أغطية للرأس في المدارس العامة.
غير أن مقتل المخرج الهولندي تيو فان جوخ وتفجيرات مدريد ولندن عمقت
المخاوف بشأن ما اذا كان مسلمو أوروبا البالغ عددهم نحو 15 مليون نسمة
يقبلون جميعا القيم الاوروبية.
وقال أبو بكر "شعر الاوروبيون بالصدمة عندما رأوا أنه حتى أشخاصا
كانوا مندمجين تماما فعلوا تلك الاشياء."
وقال علي كيزيلكايا رئيس مجلس مسلمي ألمانيا ان المسلمين ينظر اليهم
في الوقت الحالي "كنوع من المشكلة الامنية."
واتهم يزيد سابق أبرز رجال الأعمال المسلمين الذين حققوا نجاحا في
فرنسا وسائل الإعلام بتشويه الإسلام بفرشاة الإرهاب.
وشكا قائلا "تحويل الإسلام إلى شيطان بخلطه بشكل خاطيء بالنزعة
الإسلامية هو أفيون الشعوب الجديد."
وقال النشطاء إن رد الفعل الموحد من جانب السياسيين ووسائل الإعلام
والقائم على مطالبة زعماء المسلمين بنبذ العنف في أي وقت يشن فيه
المتطرفون الإسلاميون هجوما هو رد أسيء توجيهه لأنه يعتبر الأغلبية
المسالمة مشاركة في جرائم لا تؤيدها.
وأوضحت أرسلان "يشعر المسلمون في أوروبا بأن عليهم أن يعتذروا عن
أعمال لم يشاركوا فيها."
واجمع النشطاء على أن الفوضى بين الطوائف المسلمة التي دائما ما
تكون منقسمة بسبب العرق أو المذهب أو التوجه السياسي قد أحبطت مساعي
للرد بشكل بناء وترك الأصوات المتطرفة لتكون الأكثر ترددا على الأسماع
في العلن.
وقالت ارسلان "المسلمون ليسوا جماعة متجانسة في تكوينها... لا توجد
طائفة مسلمة. ربما تكون تلك مشكلتنا الأكبر."
واتفق حسين مع ذلك وقال "لا يوجد ما يشبه جماعة متلاحمة من الأشخاص
يمكنك ابلاغها بما ينبغي ومالا ينبغي فعله."
وفي الوقت الذي قال فيه أغلب النشطاء إن الصدامات العلنية قد تتحول
إلى حملات مناهضة للمهاجرين قالت إحدى زعماء مسلمي الدنمرك إن الضجة
بشأن الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة من النبي محمد التي نشرت هناك أواخر
العام الماضي ساهمت في تهدئة التوتر بتعزيزها اقامة حوار.
وقالت يلديز أكدوجان المتحدثة باسم منظمة المسلمين الديمقراطيين
"أزمة الرسوم الساخرة عملت كدعوة للتنبيه لكل من السياسيين الدنمركيين
والزعماء المسلمين."
واضافت أنه عندما ظهر المزيد من مثل تلك الرسوم هذا الشهر أدانتها
الحكومة على الفور كما تجنب الزعماء المسلمون استغلال القضية. وقالت
"النتيجة النهائية طيبة." |