فى الآونة الأخيرة، تكثر الأحاديث بين الناس وفى وسائل الإعلام عن
الشيعة ربما بسبب النزاع الطائفي بين الشيعة والسنة في العراق، ربما
لفشل إسرائيل في القضاء على حزب الله أثناء الحرب الإسرائيلية على
لبنان أو ربما للجدل الدائر دائماً حول إيران ودورها في المنطقة كما
ينقل ذلك موقع البي بي سي على الانترنت.
وهذا يعنى أن تلك الأحاديث في أغلب الأحيان تكون متعلقة بالسياسة
والحكم، ولكن ماذا عن الجانب الروحي الديني! هل يختلف الشيعة كثيراً عن
السنة؟
يقول الدكتور أحمد راسم النفيس الأستاذ بكلية الطب جامعة المنصورة
والمتحدث باسم الشيعة في مصر إن الاختلافات بين السنة والشيعة فرعية
وليست جوهرية موضحاً أن العقيدة واحدة والفروع متعددة والاختلاف يوجد
بين المدارس الفقهية المختلفة.
وعن سبب تأحر الشيعة في وقت الإفطار في رمضان عن السنة يستشهد
الدكتور أحمد راسم بقول الله تعالى في سورة الإسراء " أقم الصلاة لدلوك
الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر" والآية الثانية في سورة البقرة "ثم
أتموا الصيام إلى الليل" مما يدل على أن الصيام لا يكتمل إلا ببدء دخول
الليل وليس باكتمال دخول الليل.
فالرسول علية الصلاة والسلام سئل متى يفطر الصائم فأجاب: ما إذا
أدبر النهار من ها هنا وأشار بيده إلى المغرب وأقبل الليل من هاهنا
وأشار بيده إلى المشرق، ونستخلص من ذلك أن بدء دخول الليل يتحقق بزوال
مايعرف بحمرة الشمس المشرقية، والكلام للدكتور أحمد راسم.
ومن المعتاد أن تكتظ الجوامع في مصر بعد صلاة العشاء بالسنة لأداء
ما يعرف بصلاة التراويح، لكن الشيعة لا يصلون معهم. ويبرر راسم هذا
المبدأ قائلاً إن أتباع مذهب آل البيت يأخذون بالنظرية الأصلية وهى أن
صلاة النوافل أصلاً تكون فرادى وفى البيوت لأنه تطوع وينبغي أن تكون
بعيدة عن مظاهر الشهرة والرياء والتنافس كما أن المتفق علية أنه تكاد
تكون لا توجد أدلة على أن الرسول جمع المسلمين لصلاة الجماعة في ليالي
رمضان وأن من جاء بعد الرسول هم من سنوا هذه السنة.
وفى مجلس شيعي عقد بأحد المنازل وحضره ما يقرب من مئتى شخص جلسوا في
غرفتين واحدة للرجال وأخرى للنساء، بدأ الجمع الإفطار بعد آذان المغرب
بحوالي اثنتي عشرة دقيقة، ثم الصلاة وتلاوة القرآن ليلقى بعضهم كلمات
عن خلق المسلم مستشهدين بالرسول عليه الصلاة والسلام، ثم أخذ شيخ كفيف
في ترديد الأناشيد الدينية والجمع من بعده.
ويقول مراسل البي بي سي: حاولت الحديث مع الموجودين لكنهم رفضوا
بشدة إما احتراماً لكبيرهم الذي لا يستطيعون التحدث وهو حي يرزق ليس
خوفاً منه ولكن إجلالاً لقدره على حد قولهم- وللأسف هذا الكبير كان
مسافراً وقتها - وإما لأسباب أمنية كما قال البعض.
والحال كذلك مع النساء اللاتي بدت بعضهن أكثر استغراقاً في سياق
الجلسة حتى أنهن رفضن تركها ولو لدقيقتين للحديث معي.
وفى النهاية عثرت على سيدة تسمى هبة ولكنها ليست مصرية بل لبنانية
تعيش في مصر.
تقول هبة إن المجلس الشيعي هو كل شيء بالنسبة لهم، إذ تعقد فيه
الندوات الدينية والتربوية وهدفه الأساسي هو الإرشاد ولكن هناك مجالس
تنعقد للاحتفال بمناسبات خاصة مثل يوم الخامس عشر من رمضان وهو يوم
مولد الإمام الحسن عليه السلام وليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان وهى
ليلة وفاة الإمام على ويطلق عليها "ليلة الدربة" ويتم إحياء هذه
المناسبات سنوياً ويتحدث الشيعة خلالها عن حياة الأئمة وكيف يكون
الإقتداء بهم وبسلوكهم والسير على رسالتهم.
ثم تحدثت هبة عن الشعائر الدينية الخاصة بشهر رمضان وقالت "لدينا
صلاة نوافل بين المغرب والعشاء بالإضافة إلى ركعتين يومياً، وعند جمع
صلوات النوافل تكون قد أتممت ألف ركعة بنهاية الشهر الكريم كما أن هناك
صلوات خاصة بنهار كل يوم موجودة جميعها في الكتب التي نقرأ بها دعاء
اليوم ؛فهناك مثلاً دعاء الافتتاح قبل الإفطار وهناك دعاء خاص بكل يوم
مثل دعاء كميل ليلة الخميس وأدعية أخرى مثل دعاء التوسل."
وفى النهاية أود الإشارة إلى أن كلمة "شيعة" تعنى الأحباب والأنصار
والأتباع، وشيعة على وبنية هم الذين يؤمنون بأن على رضي الله عنه كان
الأولى بالخلافة من أبى بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً وأن
الحكم بعد الرسول مباشرة هو لعلى ولذريته من بعده إلى يوم القيامة.
ونحن - أهل السنة في مصر - نجل آل البيت جميعاً إجلالاً خاصاً
لقربهم من رسول الله. ومقاماتهم ومساجدهم في مصر تأخذ وضعاً متميزأً من
العناية كمسجد الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرهم.
ولكننا نفرق بين هذا الحب الديني العاطفي وبين موضوع الحكم
والسياسة. فهذا شيء وذاك شيء آخر. |