حذر وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر من توقع أن تتوصل لجنة
خاصة بشان العراق يشارك في رئاستها الى "حل سحري" للمشاكل المستفحلة في
ذلك البلد.
وقال بيكر ان مجموعة دراسة العراق التي تضم اعضاء من الحزبين
الجمهوري والديمقراطي والتي عينها الكونجرس الامريكي لدراسة بدائل
للسياسة الحالية في العراق لم تقرر بعد توصياتها لكنه اشار الى انه لا
يوجد مخرج سهل من الصراع العنيف.
وقال بيكر في كلمة امام مجلس هيوستون للشؤون العالمية "استطيع ان
اقول شيئاء اخر.. لا يوجد حل سحري للوضع في العراق. انه أمر صعب جدا
جدا."
واضاف قائلا "لهذا فان كل من يعتقد أننا سنتوصل على نحو ما الي شيء
سيحل المشكلة تماما هو من قبيل التمنيات."
واشار بيكر الاسبوع الماضي في مقابلات مع وسائل اعلام الي ان اصرار
ادارة الرئيس جورج بوش على "مواصلة المسار" في العراق ليس البديل
الوحيد للسياسة.
وقال تقرير لصحيفة لوس انجليس تايمز ان مجموعة دراسة العراق ربما
توصي بانسحاب تدريجي للقوات الامريكية من العراق او اجراء مناقشات مع
سوريا وايران للمساعدة في وقت العنف في العراق.
وقال بيكر ان المجموعة لم تتخذ أي قرارات.
واضاف ان المجموعة التي يشاركه في رئاستها النائب الديمقراطي السابق
لي هاميلتون وتضم جمهوريين وديمقراطيين بارزين ستصدر تقريرها بعد
انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي ستجرى في السابع من نوفمبر
تشرين الثاني.
واضاف قائلا "سنصدر التقرير بعد الانتخابات من اجل محاولة إبعاد
تقريرنا عن الساحة السياسية المحلية."
وفي مرحلة الاعداد غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة في مارس
اذار 2003 حذر بيكر بوش من مهاجمة البلاد دون مساندة من ائتلاف دولي
كبير مثل ذلك الذي ساعد بيكر في حشده لحرب الخليج في عام 1991 .
لكنه قال لمحدثه في مقابلة مع شبكة تلفزيون (ايه.بي.سي) ان انسحابا
فوريا من العراق سيؤدي الي "أكبر حرب أهلية رأيتها على الاطلاق."
وذكرت صحيفة "لوس انجليس تايمز" الاثنين ان اللجنة التي يرئسها بيكر
تعتزم التقدم باقتراح مطلع العام المقبل لاجراء تغييرات كبيرة على
استراتيجية الولايات المتحدة في العراق.
ونقلت الصحيفة عن اعضاء في اللجنة لم تكشف هوياتهم انه يجري حاليا
التفكير في خيارين سيمثلان تراجعا في السياسة الاميركية المتبعة في
البلد المضطرب وهما سحب القوات الاميركية على مراحل واشراك ايران
وسوريا في جهود مشتركة لوقف الاقتتال في العراق.
لكن البي بي سي اضافت اقتراحا ثالثا تجري دراسته ويقضي بالتركيز على
ضمان الاستقرار في العراق والتخلي عن هدف احلال الديموقراطية.
وذكرت "لوس انجليس تايمز" ان اللجنة المؤلفة من عشرة اعضاء يرأسهم
وزير الخارجية السابق جيمس بيكر اتفقت على وجوب اجراء تلك التغييرات.
وعندما تم تشكيل اللجنة في اذار/مارس الماضي كان بعض المسؤولين في
الادارة يأملون في ان يصدر عنها تاييدا من كلا الحزبين للسياسة
الاميركية الحالية في العراق طبقا للصحيفة.
الا انه مع ازدياد عمليات الاقتتال الطائفي في العراق أصبح عدد اكبر
من الجمهوريين في الكونغرس اضافة الى عدد من مسؤولي الادارة اكبر قبولا
لاجراء تغييرات.
وقالت مصادر مطلعة ان مجموعة خبراء مساعدة كانت قد أعدت ورقتين
للجنة، تنادي احداهما بانسحاب ممرحل للقوات الاميركية من العراق، فيما
تنادي الاخرى بتركيز اكثر على الأمن في العاصمة العراقية وبالعمل على
الاستيعاب السياسي للمتمردين وليس على الديمقراطية. وكانت تفاصيل
الورقتين قد ظهرت لأول مرة يوم الخميس الماضي في صحيفة «نيويورك صن».
وقال مصدر ان الوثائق المشار اليها تطرح وجهتي النظر الاساسيتين أمام
اللجنة، فيما أشار مصدر آخر الى وجود عدة أوراق عمل اخرى اعدت للجنة،
وحذر من احتمال نشوب خلافات بين أعضاء اللجنة في المداولات مستقبلا.
وشدد لي هاملتون، الرئيس المشارك للجنة وعضو الكونغرس السابق عن الحزب
الديمقراطي، ورئيس اللجنة جيمس بيكر، وزير الخارجية الاميركية الأسبق،
انهما لن يتقدما بأية توصيات إلا بعد انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية
في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل حرصا على عدم تسييس المسألة. وقال
بيكر انه لا يستبعد شيئا، وأضاف هاملتون ان أي تقارير صحفية تحدثت عن
اتفاقهما على أي توصيات خاطئة تماما. هاملتون من جانبه قال انه يشعر
بمخاوف من إزاء قدرة الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي على
توفير الأمن والخدمات الاساسية. وأضاف قائلا: «لا تزال هناك تساؤلات في
ذهني تجاه سعة وإرادة الحكومة العراقية على التحرك الى الأمام. هناك
بعض المؤشرات المشجعة. الكلام بصورة عامة جديد جدا، إلا ان عملية
المتابعة لا تزال أقل من توقعاتنا». تجدر الاشارة الى ان وجود بيكر في
رئاسة هذه اللجنة التي انشأها الكونغرس قد جذبت اهتماما واسعا في دوائر
السياسة الخارجية بسبب قربه من اسرة بوش. وينظر البعض الى توصيات
اللجنة كوسيلة محتملة لإعادة النظر بعد انتخابات الكونغرس النصفية
المرتقبة في سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق.
الادارة الاميركية تبدي تعاونا مع اللجنة، وقال الرئيس بوش هذا
الاسبوع انه يتوقع ان تصدر اللجنة توصياتها، وأضاف قائلا انه امر
ايجابي ان يشارك بعض قدامى رجال الدولة الاميركيين في مثل هذه
المجهودات. وكما تشير الورقتان، فإن اللجنة لا تزال تنظر الى ما بعد
استراتيجية بوش الحالية، التي تتضمن وجود قوات قوامها 140 ألف جندي
وضابط في العراق بغرض حفظ الأمن الى حين تمكن القوات العراقية من
الاضطلاع بمسؤوليات حفظ الأمن والسلام. وقالت صحيفة «نيويورك صن» ان
الولايات المتحدة يجب ان تهدف اساسا الى بسط الاستقرار خصوصا في
العاصمة بغداد والاستيعاب بدلا من السعي لتحقيق انتصار عسكري، ويدعو
الخيار الثاني، الذي يحمل عنوان «إعادة النشر والاحتواء»، الى انسحاب
ممرحل للقوات الاميركية من العراق، إلا انه لم يتضح بعد وقت سحب هذه
القوات ووجهتها.
هذا وكانت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، قد ذكرت سابقا أن اللجنة
تتجه نحو اقتراح تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم ذات استقلالية عالية،
يتولى كل إقليم فيها مسؤولية حفظ الأمن داخل نطاقه، على أن يناط
بالحكومة المركزية في بغداد مسؤولية السياسة الخارجية وحراسة الحدود
وتوزيع الثروة النفطية.
وذكر المصدر ذاته، أن لجنة بيكر استحسنت فكرة تجزئة العراق إلى
إقليم شيعي في الجنوب وإقليم سني في الوسط وكردي في الشمال، كبديل وحيد
لخيارين صعبين آخرين، هما الانسحاب من العراق أو بقاء الأوضاع كما هي
عليه. وردا على سؤال عن مدى تفضيل بعض أعضاء اللجنة توفير استقلالية
أكبر للأقاليم العراقية، قال بيكر «نعم هناك توجه يفضل وجهة النظر هذه
على الانسحاب، لكن هناك من الخبراء في الشأن العراقي من حذر بأن مثل
هذا التوجه في حد ذاته قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية واسعة، لأن المدن
العراقية الكبرى متعددة عرقيا وطائفيا». وأوضح بيكر قائلا: «إنه لا
توجد حدود بين السنة والشيعة والكرد في مدن مثل بغداد والبصرة والموصل
وكركوك، كما لا توجد حدود بين المناطق السنية والشيعية في العراق». لكن
بيكر أكد أن الفكرة لم ترفض بعد هذا المقترح.
ووفقا لصحيفة «التايمز»، فإن لجنة بيكر ابتكرت أسلوبا جديدا لطرح
أفكارها، وهو عدم استخدام عبارة تقسيم البلاد، والاستعاضة عن ذلك
بعبارة نقل السلطة والأمن إلى الأقاليم والإبقاء على حكومة قومية
هيكلية في بغداد تكون مسؤولة عن الشؤون الخارجية وحماية الحدود وتوزيع
الثروة النفطية.
ومن المتوقع أن يتم تشجيع الحكومة العراقية على عقد مؤتمر دستوري
لتمهيد الطريق أمام نقل أكبر للسلطات إلى الأقاليم، كما سيتم حث سورية
والعراق على دعم تسوية إقليمية، ربما يتم التفاوض عليها في مؤتمر دولي.
|