تصادف اليوم ذكرى عزيزة على كل عراقي شريف ينتمي حقا الى تراث
التضحية والشهادة والمقابر الجماعية، ينتمي الى العراق المكافح ضد
الظلم والطغيان الذي اختزل بنظام العفالقة والصداميين الذين اتخذوا من
الطاغية صدام صنما لهم لا يرون في عبادته بدّا سواء كان حاكما او
محكوما تحت رحمة القصاص العادل الذي لابد له ان يقول كلمته الفصل
بالقضايا التي اوقفته ذليلا حقيرا في قفص الاتهام.
هذه الذكرى هي الفصل الثاني من الثورة البنفسجية وفجرها الأرجواني
الذي اطل على أبناء المظلومية الأزلية يقولوا فيه قولتهم الخالدة نعم
للدستور بعد ان تآمر عليهم أيتام الطاغية وورثة ثقافته البالية التي
غرسها في أذهانهم فأعمى بصائرهم عن الحق والحقيقة وعن نافذة الانعتاق
من الجهل المطبق والجاهلية العمياء والحقد الطائفي البغيض،وقد انفرجت
في هذا اليوم جبهتان لا ثالث لهما، جبهة الشعب المظلوم الذي لامناص له
سوى ان يقول كلمته في النظام السياسي الذي ينبغي ان يختاره بإرادته
وقدرته عبر مسلك حضاري سلمي، وجبهة لا تريد التحرر من الأنماط
الاستبدادية والحكومات الشمولية والإذعان لحاكمية الطغاة والمستبدين
وعدم مغادرة المعادلة الظالمة التي خلاصتها عودة النظام الصدامي ولا
شيء سواه،فشرعت لذلك سيوف الإرهاب ومفخخاته وعصابات الخطف والتهجير،
وأسست لخطاب سياسي يشرعن كل الأساليب البشعة من اجل إيقاف العملية
السياسية وإجهاض حركة تحرر الشعب العراقي التي خطت مبادئها ومناهجها
بالدماء الخالدة وبعرق الجهاد والنضال وبدموع الثكالى وحسرات الأيتام،
فانتصرت إرادة الأغلبية وتحقق معيار ثلثي الشعب مقابل أقلية منها من
غلب على أمره بسبب أسره من قوى الإرهاب الصدامي والتكفيري، وأخرى خدعت
تحت خطاب الطائفية والجهل والسذاجة، بعد ان تمكن منها الإعلام المأجور
والمدعوم من مؤسسات عربية ليس من مصلحتها نجاح المشروع الوطني العراقي.
وبالرغم من انتصار الدستور الدائم وإقرار الجميع له اثر المشاركة
الواسعة في الانتخابات العامة وهو اعتراف ضمني بالمرجعية الدستورية،
الا ان المشكلة هي الدخول الغير منطقي للقوى المعادية في دهاليز
الحكومة وقبة البرلمان ساعية الى تقويض التجربة الجديدة من الداخل عبر
تشكيكها واعلان عدم ثقتها بكل ما يجري من عمل دءوب من اجل إقرار الأمن
والنظام وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية لبناء العراق وإنهاء الظروف
الاستثنائية ومن أهمها خروج القوات الأجنبية التي تصر على بقائها كلما
تعقد الملف الأمني وتجذر، وبذلك فان القوى المعارضة والمعادية للعملية
السياسية الدستورية تقدم خدمات جليلة لتلك القوات، وكأنها قاصدة ومريدة
لذلك من باب الاحتماء بتلك القوات حيث تؤكد الوقائع اليومية ان كافة
المناطق التي ليست تحت حماية قوات الأمن العراقية هي مراكز توتر ومواطن
احتراب طائفي وتهجير قسري، فيما وجد سياسيو الإرهاب لبكائهم وخبثهم
آذانا صاغية وحصانة يستطيعون خلالها قلب الحق باطلا وتحويل الضحية
قاتلا، في الوقت الذي تغلق الملفات عن فضائح من الدعم العلني
للإرهابيين والدفاع عنهم والتحريض لهم.تجد بعضهم وقد وجدت ضمن حمايته
فرق للتفخيخ تتلمس طريقها الى المنطقة الخضراء، وآخر يطعن بالمحكمة
التي تنظر في قضية الانفال، وتحولت جلسة سحب التقة من النائب مشعان الى
فرصة للدفاع عن الفساد الاداري ونهب ثروات الشعب المهدورة وقد تجاوز
بعضهم الحدود كثيرا بالبكاء على مجرمي ديالى الذين أعلنوا أكثر من
إمارة فيها أساسها تهجير وقتل أتباع أهل البيت وفعل الأفاعيل التي يندى
لها جبين الإنسانية من قتل وذبح وتخريب للجوامع والحسينيات والمراقد
والمقامات الشيعية، محاولين بذلك اقتطاع محافظة بكاملها عن السيادة
الوطنية مثلها مثل محافظة الانبار و تكريت، وقبل ذلك جعلوا من قضية
العلم العراقي في كردستان مشكلة اعتبروها شكلا من أشكال الانفصال وهم
يعلمون يقينا ان كردستان لو كانت ترغب بالانفصال لقامت به في زمن
طاغيتهم وعلمه الموشى بالدم العراقي النازف.
هذا الامر يجرنا الى المزايدات البائسة للقوى الداعمة للإرهاب في
قبة البرلمان وموقفها من اقرار قانون الإجراءات التنفيذية لتشكيل
لأقاليم، وهو فقرة من القوانين التي لابد من إصدارها تنفيذا لمتطلبات
الدستور الدائم الذي حدد مدة ستة أشهر لا صداره منذ الجلسة الاولى،
وفيما جرت توافقات على هذا المنوال بين الكتل الرئيسية، الا ان الكتل
المعارضة قد نكصت على أعقابها وفرت مذعورة من مقاعده اعتقادا منها
بأنها سوف تعصف بالنصاب القانوني، لكن ذلك لم ياتي بما يشتهي (سفنهم)
فانتصرت إرادة الأكثرية البرلمانية المكونه من الكتل الفاعلة في
العملية السياسية التي يمكنها ان تكون خير امين على مصالح هذا الشعب
المبتلى بايتام صدام وتراث الحكومات الاستبدادية.
القراءه النهائية للقانون قد جرت بكل أمانة وقد التزم الحاضرون
بكافة الاتفاقات التي وقعت خارج البرلمان مع جبهة التوافق كون ذلك لا
يعني سوى الشعب العراقي وليس رغبة كتلة او حزب، فيما قال زعيم
الائتلاف العراقي الموحد الأربعاء لا يجب أن يكون قانون الاقاليم سببا
للتباعد، انما عاملا من عوامل التوحد والتقارب في مواجهة أعداء العراق.
وأوضح الحكيم في المؤتمر الصحفي عقده نائب رئيس البرلمان عقب رفع جلسة
مجلس النواب أن " الأصوات التي تعارض قانون الأقاليم يجب أن ننظر اليها
بدقة" وهي إما عدوة للشعب العراقي ولا تريد الخير له أو مخالفة لرغبات
الشعب العراقي او جاهلة له."
وأشار إلى أن " الشعب العراقي هو من أقر تشكيل الاقاليم ومن خلال
الاستفتاء على الدستور العام الماضي وهو من سيقرر تشكيل الاقاليم من
خلال الاستفتاء على ذلك."
وعن انسحاب جبهة التوافق العراقية والتيار الصدري وحزب الفضيلة قال
الحكيم "بالنسبة لجبهة التوافق فإنهم وللأسف جلسوا واتفقوا ووافقوا،
وفي اللحظة الأخيرة تركوا البرلمان."وأضاف " التيار الصدري وحزب
الفضيلة كان لهما رأي مختلف وليس لديهما موقف من أصل
الفيدرالية.".وأشار إلى أن " تشكيل الاقاليم مسألة دستورية ونحن ملزمون
خلال 6 أشهر وحسب الدستور بإقرار قانون الإجراءات التنفيذية لتشكيل
الاقاليم."وعن المخاوف من إقامة إقليم شيعي في الوسط والجنوب بجوار
دولة شيعية قال الحكيم " التخوفات طعن في ولاء أبناء الوسط والجنوب وفي
وطنية هؤلاء الذين دافعوا عن عزة العراق وهي اتهامات من أعداء آل البيت."
أما عن تزامن تمرير قانون الاقاليم مع نشر مقتطفات من تقرير لجنة
الكونجرس والتي ترأسها جيمس بيكر والتي توصي بتقسيم العراق الى ثلاث
مناطق وبالتالي تحقيقا لرغبة أمريكية قال الحكيم "هذه أفكار عاجزين أو
مغرضين."وأضاف "بالنسبة لنا ومنذ أيام كتابة الدستور لم يكن لدينا مانع
من أي نوع من أنواع الحكم نحن الأكثرية في هذا البلد وبالتالي لا نخاف
من أي نوع من أنواع الحكم نحن ندافع عن مصلحة العراقيين و القضية لا
علاقة لها بالتقارير المتأخرة المنسوبة الى بيكر في مراكز الدراسات."
وأشار إلى أن "الشيء الوحيد الذي كنا نرفضه هو حالة التمايز في
إدارة مناطق العراق أي أن تدار كل منطقة من مناطق الاقاليم بطريقة
مختلفة من الحكم."وقال " نريد أن يدار العراق بطريقة واحدة وإلا سوف
تحصل حالة من التصادم." |