رحلة البحث عن الموتى في معهد الطب العدلي في بغداد

 

 

شعر المواطن أبو زهراء بالذهول مما شاهده في معهد الطب العدلي ببغداد عندما ذهب إلى هناك بحثا عن جثة أخيه الذي اختطف في إحدى المناطق الساخنة في المدينة ، فأبو زهراء صدم من هول ما رأى وتحدث عن أمور هي أقرب للخيال عن الواقع وقد يكون الواقع الأمني المتردي الذي يعيشه العراقيون عاملا مساعدا لتصديق رواية (أبو زهراء).

وقال أبو زهراء (35) عاما لوكالة أنباء ( أصوات العراق) " خرج أخي من داره بسيارته متوجها إلى دائرة الجوازات لاستصدار جواز السفر حيث كان يستعد لحج بيت الله الحرام هذا العام غير أنه لم يعد."

وأضاف " بعد خمسة أيام من المراجعات والبحث المضني في مراكز الشرطة بدأنا نبحث عن جثة أخي في معهد الطب العدلي ببغداد وهناك وجدنا أمورا بالغة الصعوبة."

وأوضح " في معهد الطب العدلى وجدنا الجثث وقد وضعت واحدة فوق الاخرى وقد غيرت الشمس الحارقة ملامحها تماما حيث يصعب على أي شخص التعرف على ذويه بسبب التفسخ الهائل الذي حدث على الجثة."

وأضاف " كما كانت هناك أعداد هائلة من الديدان والحشرات القاتلة بدأت تتجمع على الجثث الأمر الذي جعلها عرضة للدمار."

وقال " بعد بحث مضن وجدت جثة أخي وقد عمد قاتلوه إلى اقتلاع عينيه بواسطة الحراب لكنهم وضعوا في أطراف قدمة رسالة مفادها بان هذا جزاء الذين يختلفون معنا في الرأي."

يذكر أنه وفقا للتقرير الخاص بحقوق الإنسان الذي أعدته بعثة الأمم المتحدة في العراق ، وصل عدد ضحايا العنف من المدنيين في مختلف أنحاء البلاد في شهر تموز يوليو الماضي ثلاثة ألاف وخمسمائة وتسعين قتيلا فيما وصل عدد القتلى في شهر آب أغسطس ثلاثة آلاف وتسعة قتلى.

وأشارت إحصائيات وزارة الصحة العراقية التي ذكرها التقرير أن عدد الجثث التي وصلت إلى معهد الطب العدلى ببغداد بلغت 1855 جثة في شهر تموز/ يوليو و 1536 جثة في شهر آب/ أغسطس.

وحول الوضع في الطب العدلى قال المواطن طالب مجيد الخالدي ، الذي ذهب إلى المعهد ، للبحث عن جثة ابن عمه الذي قتل جراء إحدى التفجيرات في بغداد، " وجدت كل إرجاء معهد الطب العدلي وقد امتلأت بجثث الموتى بما في ذلك غرفة الاستعلامات ومرأب السيارات والغرف الصغيرة."

وأوضح لـ ( أصوات العراق) قائلا " من خلال مراجعتي للطب العدلي علمت أن على أي شخص يبحث عن جثه له أن يشخصها من خلال الصور التي عادة ماتلتقط للجثث فور وصولها الى المعهد لكن المشكلة لدى ذوي الضحايا تكمن في صعوبة التعرف على موتاهم على أرض الواقع بسبب التفسخ الهائل الذي لحق بتلك الجثث."

من جانبه، قال أحد حراس معهد الطب العدلي ببغداد ، طلب عدم ذكر اسمه ، " نحن كجهة أمنية لا تتوفر لدينا إحصائيات دقيقة فيما يختص بحالات الاختطاف والقتل التي تصل إلينا ، حيث لا يطلب ذوو الضحايا مساعدة الشرطة أو القضاء بل يتجهون إلى زعماء العشائر الذين قد يتمتعون بقدر من التأثير والسلطة في هذه المناطق للتدخل لحل المشكلة."

وأضاف " أفاد العديد من السكان بأنهم استلموا رسائل تتضمن تهديدات بضرورة تركهم لمنازلهم وألا يقوموا ببيع أو إيجار ما يتركونه من أملاك إثر رحيلهم وإلا تعرضوا للتصفية الجسدية."

ويؤكد التقرير الخاص بحقوق الإنسان الذي أعدته بعثة الأمم المتحدة في العراق أن عمليات التخويف والتهديد والاختطاف من أجل الفدية تؤثر على حياة العراقيين العاديين وأن مثل هذه الحوادث لها دلالات طائفية.

ومن الناحية الطبية قال أحد الاطباء في المعهد ، طلب عدم ذكر اسمه ، إن " معهد الطب العدلي يفتقر إلى ابسط الأدوية التي يجب أن تتوفر فيه وهي في الغالب تستخدم لمنع تعفن أو تفسخ الجثث."

وأضاف " تحتاج بعض الجثث التي يتأخر استلامها إلى زرقها بمضادات خاصة تمنع التفسخ الذي من الممكن أن يحدث عليها لكن حتى هذه المضادات لا تتوفر لدى معهد الطب العدلي ولا يمكن الاعتماد علي ما يمكن توفيره نظرا للأعداد الكبيرة من الجثث التي تصل يوميا. "

وأشار إلى قيام بعض ميسوري الحال بالتبرع بدفن عدد من الجثث في مقابر خاصة أغلبها في مدينة كربلاء للتقرب إلى الله، وهو بلا شك سيعني إبقاء أهالي هؤلاء الضحايا الى درج اسماء أبناءهم في سجلات المفقودين للابد. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 15/تشرين الاول  /2006 -21/رمضان /1427