مع وضد ... الفيدرالية

محمد الوادي  

 رغم سقوط الصنم منذ اكثر من ثلاث سنوت لكن الواقع على الارض يقول ان الاقلية مازات هي التي تحكم الاكثرية في العراق , وهذه الاقلية هي واقعية على الارض من خلال النسب السكانية وهي واضحة في البرلمان من خلال عدد الكراسي التي تمثلهم ,ورغم ان الكثير يردد بقصد او بدون قصد ان الاكثرية تحكم في عراق اليوم , الاان الواقع على الارض هو عكس ذلك تماما ومن اصغر التفاصيل حتى اكبرها , وقد يكون موضوع الفيدرالية هو شاهد عيان على تلك المهزلة التاريخية التي سادت العراق منذ عقود طويلة , فهذه الاقلية الواقعية والبرلمانية تتعامل مع موضوع الفيدرالية وغيره من المواضيع التي لاتتطابق مع توجهاتها الغريبة بطريقة صبيانية تقول " لو العب لو أخرب الملعب " مع العلم ان الملعب من الاساس " خربان " والفضل يعود بذلك الى نفس تلك الاقلية التي اوصلت العراق خلال عقود حكمها الطويل للبلد الى حافة الهاوية وارجعته الى عصور الظلام والتخلف والعوز والجوع واصبح العراق من عزيزآ قوي مقتدر الى ضعيف مجهول المصير وبيد قوات اجنبية تتحكم به .وهذه سيئة اخرى تضاف الى سيئات حكم الاقلية البائس , حتى وصلنا الى حد ان يكون مصير الناس والعباد والبلاد على حافة هاوية لااحد يجزم او يعرف مدى نهاياتها المحتومة.

ان الذين يقفون ضد تطبيق الفيدرالية في جنوب ووسط العراق وبغداد هم اولئك الذين تراودهم احلام مريضة بالرجوع بعقارب الساعة الى الوراء حيث الحكم المركزي والدكتاتوري المقيت, وحيث يحكم ابناء القرى النائية وعشائرهم وابناء عمومتهم الذين لايفقهون شيء من الحياة والدولة سوى البندقية والمسدس واحترام وتمجيد الكاولية " الغجر " على حساب الوطنية الحقيقية وعلى حساب تهميش اصحاب الكفاءات واستهداف المفكرين والشعراء والادباء والمبدعين والتمادي الى حد سحب جنسيتهم العراقية اضافة الى نهب مقدرات البلد . ان الذين يرفضون ويحاربون الفيدرالية في الجنوب هم انفسهم يباركون فيدرالية الشمال , وهذا اولا يسحب منهم الدافع الوطني الزائف الذي يدعوه في رفضهم لفيدارلية الجنوب والوسط وبغداد . وان الذين يرفضون الفيدرالية هم انفسهم وليس غيرهم اولئك الذين خرجوا قبل ايام بمظاهرة حاشدة في تكريت ترفع صور الصنم الساقط وتطالب " باطلاق سراح السيد الرئيس وارجاعه الى السلطة " كما كتب نصآ في لافتات تلك المظاهرة الفنطازية . !! وان رموز الذين يرفضون الفيدرالية هو ذلك الشخص الذي صرح قبل اشهر على قناة العربية الفضائية بقوله " اننا نحب اهل الجنوب والوسط والدليل كانوا طول عمرهم يعملون فلح في الارض التي أملكها في مناطقهم !!" ولم يخبرنا هذا الفطحل من اين جاءت له ملكية هذه الارض التي يملكها في مناطق اولئك " الفلح " , ام هي بقايا ارض ساجدة بنت طلفاح التي كان هو نفسه وليس غيره يعمل مديرآ لاعمالها . ان الذين يرفضون الفيدرالية هم اولئك الذين ينظرون لاهل الجنوب والوسط وصلة رحمهم في بغداد العاصمة على انهم مجرد " شروكية " قد جاء بهم القائد محمد القاسم مع الجاموس من الهند , وان نسائهم لاتستر عورتهن في الاهوار . وفات عليه ان مملكة ميسان وحضارة سومر وحضارة الناصرية والبصرة وجدت قبل ان توجد تلك القرى النائية التي جاءوا منها والتي لاتحمل معها ولو قدر بسيط من عبق التاريخ ومجده الكبير . وان الذين يحاربون الفيدرالية هم نفسهم والذين بمناسبة وبغيرها يتهمون اهل العراق الاصيلين في الجنوب والوسط بانهم مجرد " فرس مجوس صفويين وشعوبين " وفات عليهم ايضآ ان لولاء النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية الشريفة وعاصمة العلم والفقه الكوفة لاصبح كل العراق ولاية عثمانية خالصة . ان الذين يحاربون الفيدرالية هم احفاد معاوية والحجاج ومراد الرابع والسلطان سليم وبقايا الجيش الانكشاري وفضلات العثمانين  وأيتام الصنم الساقط .

اما الفئة الاخرى التي ترفض الفيدرالية فهي اما تتصور خطاء ان هذا تقسيم للبلد . او انها لاتعرف المعنى اوالتعريف الحقيقي للفيدرالية . وفي الحالتين هذه فان التقصير يقع على عاتق الذين يطروحون الفيدرالية دون تثقيف جماهيري وشعبي واسع لشرح ابعاد وصورة وفوائد الفيدرالية الحقيقية .  اما الذين يروجون لفكرة  ان الفيدرالية ستعطي مدن الجنوب الى ايران , فهذه استهانة كبيرة بحق اهالي وعشائر الجنوب وبحق وطنيتهم العراقية والعربية الاصيلة , الااذا كان المطلوب خوض الحروب مع الجيران وهدر الدماء والثروات والطاقات  للحصول على صك " الغفران " العربي , فمثل هذا التصور سيكون غباء اخر مزمن يضاف الى الغباء التاريخي الذي يتصف به البعض من ادعياء " العروبة الصدامية " التي تجعل تحرير القدس مرة من خلال الحرب مع ايران ومرة اخرى من خلال احتلال الكويت !!

ان الفيدرالية هي مطلب الفقراء والمظلومين والمذبوحين اولئك الذين يتطلعون الى غدآ افضل يعوضهم عن عقود وسنيين الظلم الطويل الذ ي تعرضوا له تحت عناوين شتى , كان مضمونها الحقيقي مئات المقابر الجماعية والاقصاء والاستهداف و الذي لم ينتهي حتى يومنا هذا. فهل يعقل ان البصرة الفيحاء وثغر العراق الباسم التي تستوطنها الخيرات والنفط والميناء الوحيد في العراق ويلتقي فيها دجلة والفرات ليكون شط العرب بصرة الادب والتاريخ والشعر والفقه والمربد بصرة النخيل والحناء . هل يعقل بعد كل هذا ان يتم فيها قبل حوالي شهر فتح مركز لمعالجة اطفالها المصابين " بفقر الدم "!! اي وطن واي حق واي دين وانسانية ترتضي هذا الظلم وهذا الجور . هذا بذات الوقت التي بنيت في ذاك الواقت مدينة صحراوية صغيرة مئات الجوامع ليطلق عليها مدينة المساجد وهي لاتملك من مقومات الاقتصاد والثروات شيئآ يذكر .

الفيدرالية هي الطريق السليم لتوزيع الثروات والسلطات بشكل سليم ومتساوي حسب النسب السكانية . وهي بذلك تقطع الطريق على اصحاب عقول العصافير القلقة التي تحلم بوهم اعادة عقارب الساعة الى الوراء .

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثلاثاء  3/تشرين الاول  /2006 -9/رمضان /1427