أحداث لبنان.. بعيون عراقية

 محمد الوادي

 مايجري في لبنان من اعتداء صارخ وجرائم يومية ترتكب بحق اللبنانين من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي,

نحن كعراقيين يجب ان ناخذ منه العبر والدروس التاريخية والواقعية التي تساعدنا في رسم طريقنا السياسي وحتى الاجتماعي والاقتصادي المستقبلي في العراق الجديد،خاصة وان العراق كبلد والعراقيين كشعب تعرضوا الى اقسى انواع الدمار و التنكيل والتعذيب والحصار الداخلي والخارجي على حد سواء وايضآ الى الحروب الخاسرة في نتيجتها النهائية.

 وحتى لاتختلط الاوراق يجب مناقشة مايحدث في لبنان من مقاومة شريفة وشجاعة من خلال رد الفعل وطريقة التعامل المحلي والدولي والاسلامي والعربي الرسمي والشعبي معها، وعكس هذه القراءة على الواقع العراقي الحالي والمستقبلي، بغض النظر وبتجرد ولو بشكل مؤقت عن موقفنا مما يحدث في لبنان اليوم من بطولات المقاومة وجرائم الاحتلال والصمت الدولي وغدر الموقف العربي الرسمي.

 

مما لاشك فيه اثبتت تجربة الاوضاع في لبنان ان الدعم الدولي الاوربي والامريكي لاسرائيل لايمكن النظر اليه بحسن النية او بالحياد او حتى بالنظرة الانسانية المجردة. " أن اسرائيل هي الخط المتقدم للغرب في منطقتنا العربية، تمثل مصالحهم وتعنى بتريتب اجندتهم التي لاتختلف كثيرآ عن اجندة اسرائيل نفسها، وأن اختلفت طرق التعبير او تحقيق هذه الاجندة من زمان الى اخر ومن موقع الى اخر " هذه حقيقة تاريخية يجب التعامل معها على هذا الاساس وعدم دفن الرؤوس بالرمال وتصور غير ذلك من الاوهام لامن بعيد او قريب. اما شعارات مثل الانسانية وحقوق الانسان وغيرها من هذه العناوين البراقة، فاني اعتقد جازمأ ان ارواح مجموعة قطط او كلاب غربية ايضآ وليس عربية هي فعلا اكثر تاثير عند " بعض " الدوائر الغربية من ارواح اكثر من الف مواطن لبناني سقطوا شهداء لحد الان في لبنان. لذلك الذي يهمني في هذا الجانب هو العراق الجديد الذي يجب عليه ان يتعامل مع هذا الواقع الأممي والازلي، بواقعية شديدة تضمن وتحافظ على حقوق البلد والشعب بشكل لايتعارض مع الكرامة الانسانية للعراقيين ولايثلم استقلالهم الوطني ولايمس مكاسبهم السياسية والاقتصادية ولايفرط بثرواتهم الوطنية ولا يقوض ايضآ علاقتهم الدولية مع دول العالم خاصة المهيمنة والمتنفذة منها. هي معادلة صعبة في عالم اليوم لكنها ليس عصية او مستحيلة، خاصة اذاصدقت النوايا والتوجهات لدى الواجهة السياسية الجديدة في عراق اليوم، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الشعب العراقي قد تعب حد الهلاك الذي لايسمح له ان يعيد تلك الاشواط المتهورة خلال ثمانية عقود و التي اوصلته الى الوضع المأساوي الحالي.

اما في الجانب العربي والاسلامي الرسمي في احداث لبنان. فالعينة هنا واضحة وصارخة وهي تنقسم الى صفين، الاول يمثله الموقف السعودي والمصري والاردني، وهذا الموقف كان وباختصار شديد وبدون مقدمات، طائفيآ مقيتأ حد الجزع والاشمئزاز بالضد من التطورات السياسية التي تحدث في المنطقة بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة وهو تكملة طبيعية لمواقف سابقة صدرت من حكومات هذه البلدان بحق الشعب العراقي ابتدءا من الملك الاردني و " التحذير من الهلال الشيعي " ومرورآ بتصريحات وزير الخارجية السعودي " عن تسليم العراق الى الشيعة حلفاء ايران في العراق " واخرها وليس اخيرها تصريحات مبارك المشبوهه " عن ولاء الشيعة لغير اوطانهم " اجتمعت مواقف كل هولاء اتجاه مقاومة حزب الله وبطائفية وارتجاف وخوف من " الهلال والتسليم والولاء الشيعي " فكان ان قدموا فقط شيعة لبنان في الجنوب والضاحية الجنوبية الى المخالب الصهيونية لتمزيقهم وتحطيم كل مفردات حياتهم الانسانية، لقد مدت هذه الدول الثلاثة اسرائيل بغطاء عربي مشين ومخجل وعميل وطائفي لذبح الشيعة في لبنان، كبداية لمشروع ذبح من نوع اخر للشيعة في مكان اخر سيكون العراق موطنه القادم. حتى وصلت المفارقة ان " مشايخ البلاط  والسوء" يصدرون الفتاوى الخسيسة التي تدعوا الى عدم نصرة ابطال المقاومة في لبنان وعدم تقديم الدعم المالي لهم بل وتحريم حتى الدعاء لهم لانهم فقط " روافض "  وكان ليس غريب ان يتم في نفس هذه الفتوى الساقطة الاشارة الى الاوضاع في العراق وتحويل الذباح الى مذبوح والمجرم الى ضحية والادهى من ذلك ان يتم الاستشهاد بالارقام الفلكية التي استخدمها احد الاوباش في العراق والتي هي عبارة عن مجموعة اكاذيب لاتقل سقوطآ عن تلك الفتاوى العميلة.  اما الصف الثاني من العرب فهم اولئك الذين في المغرب العربي وكأنهم يعيشون في عالم اخر لايمت بصلة قريبة او بعيدة لهذا الدم المستباح في لبنان اما بالنسبة الى الجامعة العربية الهزيلة والمؤتمر الاسلامي الهرم فالايام والاحداث اثبتت جهة صناعة هذه التجمعات المشبوهة وهي ليس عربية او اسلامية خالصة بل هي الطرف الاساسي في معادلة ذبح لبنان اليوم، ولم تستطيع كل الجهود لعقد قمة عربية بسبب رفض محور الطائفية الثلاثي ومن يتبعه في تأخير مثل هكذا اجرءات ولو بحدها الادنى والشكلي. اما الموقف الشعبي العربي فهو مسكين ومضطرب يعيش حالة الادمان المفرط بماض بعيد ويعاني أزمات نفسية ومعنوية عند البعض لم يعد يميز معها طريق الصواب وخاصة الثلاث السنوات الاخيرة في العراق وماافرزت من واقع واقعي على الارض أدى الى تكون بؤر طائفية مقيته لاتريد ان ترى الحجوم الواقعية بل تريد ان ترى ماتتمنى هي حتى وان كان ذلك على حساب دماء تسفك ومقابر جماعية زادت على الاربعمائة مقبرة جماعية لحد الان. لذلك ترى حتى الجماهير العربية المتحمسة لدعم حزب الله في مقاومته الشريفة، كانت تستغل وقت مابعد صلاة الجمعة للخروج في مظاهرات ومسيرات يتعجل الجميع ان ينهي دوره فيها ويتحول بعد ذلك الى مشاهدة الاخبار على التلفاز ليس الا....

الذي يهمني الاشارة له في كل الموضوع، أن هناك توجه واضح من رموز الطائفية العربية لاستغلال اوضاع لبنان كخطوة اولية لرسم ترتيبات جديدة الى المنطقة تعيد عقارب الساعة الى الوراء حيث الذبح والاقصاء والحرمان للشيعة العرب بصورة خاصة ومركزهم القوي في العراق الجديد. لان اهل العراق عندما كانوا وقود الحرب مع ايران كان الملك السعودي الراحل يتبرع بالمليارات للصنم الساقط و يقول نصا " ان تضحياتهم ستكتب بماء الذهب " اما اليوم والشيعة في العراق يذبحون على ايدي الارهابين الاوباش  فان مشايخ البلاط والسوء يصدرون الفتاوي الصهيونية بعزلهم بل وبتحريض وتوفير الغطاء للصهاينة لذبح المقاومة الشريفة في لبنان، ليس لسبب يذكر سوى مذهبهم الشيعي. وهذا يذكرنا بايام الحصار الظالم على شعب العراق عندما كان أمام الحرم المكي يصرخ ويبكي وهو يدعوا لاطفال البوسنة والهرسك والصومال ويتجاهل الاقرب اليه بالمسافة على الاقل اطفال العراق الذين كانوا يقدمون كل يوم قرابين وضحايا لحصار داخلي من نظام الصنم الساقط وخارجي دولي وعربي ظالم، فقط لانه كان يعرف ويعي جيدآ من اي فئة كانوا هولاء الاطفال المذبوحين يوميآ طيلة ثلاث عشر عام من الحصار. على شيعة العراق الانتباه والتيقظ جيدآ لما هو أت، والتصرف بحكمة وذكاء وتحضير كل عوامل التواصل مع الواقع الفعلي الموجود على الارض وليس الاعتماد على الامنيات والتمنيات، فالمؤامرة كبيرة وراس الشيعة مطلوب مرة اخرى، مع توفر اصرار كبير على ان يكون الشيعة وقود هذه النار الطائفية المقيتة في المنطقة حتى ولو فشل الزرقاوي وقبر، فان هذه الانظمة الطائفية الناطقة باللغة العربية مستعدة للاستعانة بمخالب الشياطين والصهاينة لتخليصهم من الشيعة العرب، و لو كان ثمن ذلك فتح بيوت هذه الانظمة " لفحول " الصهاينة. مطلوب ان تاخذ الحكمة موقعها ومداها الصحيح في تفكير وافعال الشيعة وان يتجاوزون كل الخلافات الجانبية وان يدعمون بعضهم, وان يتصرفون كرجال دولة لا كزعماء عشائر وقبائل.وا ن يتم رصد وتحليل كل الاحداث في الساحة الاقليمية والدولية بعقلية واعية ومنفتحة غير متوترة ومنفعلة، مما سيؤدي بالتالي الى سحب البساط من تحت اقدام رموز الطائفية العربية التي تحيط بالعراقيين وكل العرب الشرفاء، وحتى نكون بحكمتنا هذه السد الذي يمنع رجوع عقارب الساعة الى الوراء، وتذكروا جيدآ انها الفرصة التاريخية التي لم تتكرر مرتين منذ الف واربعمائة عام.

[email protected]  

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 8/تموز /2006 -13/رجب/1427