الباعة المتجولون يواجهون الفقر والحرب في غزة

 

لم يكن بيع البيض من مؤخرة سيارة صغيرة أسهل وسيلة لكسب العيش في أكثر الاوقات رخاء لكن الايام الاخيرة كانت قاسية على وجه الخصوص بالنسبة للباعة الجائلين الذين يستخدمون عربات تجرها الحمير في غزة.

فهم يذرعون الشوارع في جو قائظ تصل درجة الحرارة فيه الى 37 درجة مئوية املين في بيع أي شيء من بضاعتهم وفي النهاية قد لا يسعفهم الحظ لجمع ما يكفي لاطعام حميرهم دع جانبا عائلاتهم. ولا يقتصر السبب في هذا الحال على انقطاع التيار الكهربي والمياه النقية والغارات التي تشنها اسرائيل كل ليلة ردا على خطف جندي اسرائيلي قبل عشرة أيام بل يرجع الى الضائقة المالية التي يشعر بها الجميع في غزة منذ شهور.

وعندما سئل محمود الدرع عما يكسبه يوميا من بيع البطاطا والطماطم على عربة يجرها حمار فقال "ربما 20 او 30 شيقل" أي ما يعادل اربعة او ستة دولارات.

وقال الدرع (36 عاما) وهو أب لثمانية "الامر يزداد صعوبة كل يوم" موضحا انه كان قبل عشرة ايام فقط يكسب ما بين 60 و70 شيقل وقبل اربعة اشهر من ذلك مبلغا اكبر.

وخلفه على الطريق جلس محمد نصر (17 عاما) الذي يبيع البيض امام مسجد على امل ان يأتيه زبائن بعد خروج المصلين من صلاة الظهر.

وهو يذرع الشوارع من السابعة صباحا إلى الثالثة بعد الظهر محاولا بيع البيض قبل ان تفسده الشمس ويكون من حسن طالعه لو تمكن من بيع 60 كرتونة بيض في اليوم بينما كان يوما يبيع 200 كرتونة.

ويربح نصر حوالي ثمانية دولارات يوميا ينفق منها على حماره التعس وقال "الناس لا تقوى حتى على شراء البيض... الحال لم يعد كما كان من قبل."

والتحركات التي أقدمت عليها إسرائيل في الاسبوع الماضي في محاولة لتأمين اطلاق سراح الجندي المخطوف هي ذروة أشهر من الضغوط على الحكومة الفلسطينية التي تشكلت في مارس اذار الماضي بقيادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

وتعتبر اسرائيل حماس التي شارك بعض نشطائها في خطف الجندي منظمة ارهابية وتحاول بثبات أن تحد من قدرتها على الحكم بما في ذلك العمل مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لقطع التمويل. ولم يكن لهذه القيود تأثير على الاشد فقرا في غزة فقط وانما أثرت أيضا على كثير من السكان والشركات الاكثر ثراء.

ويدير حربي الشرفا المكتب الوحيد في غزة التابع لشركة دولية تقدم خدمات البريد السريع لانحاء العالم والذي افتتح قبل 16 عاما.

لكن بينما كان المكتب ينقل 60 رسالة في اليوم فان حجم معاملاته ينخفض بشكل مستمر وأصبح ينقل الان ما بين خمس أو ست رسائل في اليوم.

وقال الشرفا (56 عاما) "نعمل بجد لكننا لا نربح مالا يناسب ذلك الجهد وذلك أمر غير جيد."

ومعظم نشاط المكتب مع الحكومة بما في ذلك وزارة الخارجية الفلسطينية ولكن منذ أن جاءت حماس التي حرمت من السيولة للسلطة فان الفواتير لا تسدد بانتظام.

ولكن رغم كل المشاكل في غزة فان هناك شيئا جديرا بالملاحظة في غزة حيث يعيش 1.4 مليون شخص في ظروف شديدة البؤس أحيانا ألا وهو قدرة الناس الملحوظة على التكيف مع ظروفهم الصعبة. ويقترب معدل البطالة من 40 في المئة لكن الناس يستطيعون أن يوفقوا بين احتياجاتهم وقدراتهم على نحو ما حتى لو كان نصف السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية التي تقدمها الامم المتحدة. وبينما اخذت انفجارات القذائف التي تطلقها اسرائيل على المناطق الخالية تدوي يوم الثلاثاء في ارجاء القطاع كان من الممكن سماع نداءات باعة المرطبات تعلو على الضجيج ورؤية أناس يتجمعون على الطريق للشراء.   

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت  15/تموز /2006 -17  /جمادي الاخرى/1427