مختبر عالي التقنية يكشف عن فظائع في القبور الجماعية بالعراق

كان عمر الحالة رقم 19 لا يتجاوز ستة اشهر عندما أجبر جنود عراقيون 300 امرأة وطفل احداهن كانت تحمل الرضيع على النزول الى قبر جماعي في الصحراء قبل ان يقتلوا كل واحدة منهن برصاصة في مؤخرة رأسها.

اما الحالة رقم عشرين فكانت المرأة التي تحمل الرضيع والتي رقدت جثتها بين اكوام اخرى من الجثث..كانت في الثلاثينيات من عمرها وترتدي فستانا كرديا يمزج بين اللونين القرنفلي والاخضر. وقتلت بنفس المسدس من عيار تسعة مليمترات.

وبفضل التقنية الحديثة يستخرج خبراء في الطب الشرعي ادلة من القبور الجماعية التي تحوي رفات من يزعم انهم ضحايا صدام حسين والتي يأمل المدعون العراقيون أن تصبح ادلة قاطعة في محاكمة الرئيس السابق بتهمة الابادة الجماعية ضد الاكراد. واستخرجت بعد مشقة الجثث التي يعتقد انها من حملة الانفال التي سيوجه لصدام الاتهامات فيها الشهر المقبل وجرى تحليلها في مختبر قرب بغداد ورسمت خرائط لمواقع القبور بواسطة الكاميرات الرقمية وتقنية الليزر. والنتيجة هي خرائط رقمية ثلاثة الابعاد تتيح للخبراء اعادة تنظيم أي شيء بدءا من الخنادق التي القي فيها الضحايا قبل اطلاق النار عليهم والاذى الذي عانوا منه الى مسار الرصاص والموقع المحدد للقتلة. ومع اقتراب محاكمة صدام بتهمة قتل 148 شيعيا عام 1982 من نهايتها حيث من المتوقع ان يدلي فريق الدفاع بمرافعاته النهائية فان الخبراء يقولون ان الادلة الجنائية ستلعب دورا مهما في قضية الانفال.

وقال مايكل تريمبل وهو خبير في الادلة الجنائية من ولاية ميزوري الامريكية ويقود فريق البحث عن قبور جماعية في العراق "تقريبا كل شيء نفعله بالمعدات الالكترونية." واضاف تريمبل الذي عمل فريقه من قبل في كوسوفو والبوسنة ورواندا "لم نكن نملك هذه التقنية قبل عشرة اعوام."

واعتمدت قضية الدجيل وهي الاولى من سلسلة محاكمات يرجح ان يواجهها صدام بسبب الجرائم التي ارتكبت خلال حكمه بشكل كامل تقريبا على إفادات الشهود ووثائق. وستكون قضية الانفال هي الاولى التي يواجه فيها صدام بأدلة من القبور الجماعية. وتشير بعض التقديرات الى ان 4500 قرية أبيدت وقتل مئات الالاف خلال حملة 1988 التي لا تزال ذكراها حية في شمال كردستان. واكتشف الفريق ستة مواقع لقبور جماعية بينها موقع في محافظة نينوى الشمالية حيث استخرج خبراء جثث 123 امرأة وطفلا اطلق عليهم جميعا الرصاص من مسافات قريبة. وفي قبر اخر في الجنوب استخرج الخبراء 114 جثة بينها 79 رضيعا وطفلا من الضحايا الذين القوا في خندق قبل ان يمطروا بوابل من الرصاص من بنادق الية من طراز ايه كي-47.

وقال كريستوفر كينج وهو اخصائي امراض مختص بعمل ملفات عن الجروح التي اصيبت بها كل ضحية "يمكنك ان ترى انهم امطروا بالرصاص من اليسار لليمين ومن الاسفل للاعلى." واضاف وهو يشير الى ثقب في عظم فخذ ملقي على طاولة ومغطى بقماش ابيض في خيمته المكيفة "انها رصاصة من بندقية طراز ايه كي-47." وتنقل الجثث بعد استخراجها من القبور الى المختبر في طائرات هليكوبتر. وتخضع العظام لفحص بالاشعة الرقمية ثم تغطى. وكان الكثير من الضحايا يخبئون بطاقاتهم الشخصية في جيوب سرية ويلجأون لخياطتها داخل ملابسهم. ويعتقد خبراء ان الضحايا ساورتهم الشكوك عندما اخبروا بأنه سيعاد توطينهم من قراهم الكردية لذا أحضروا بطاقاتهم الشخصية معهم.

وقالت اريانا فرناندز وهي عالمة في اصل الانسان "أحضرت النساء معهن ادوات مطبخ وملابس لأطفالهن. اعتقدن انهن سيذهبن في رحلة." وألبست فرناندز دمى فساتين الضحايا لتبين الثقوب التي احدثها الرصاص. وألبست احدى الدمى فستانا انيقا اخضر لامرأة كانت حاملا في الشهر السابع. وتقول "عندما البسها (الدمى) اشعر وكأنني انتشل الضحايا من القبر. ما يثير الصدمة هو ان الكثير من النسوة كن يرتدين فساتين زاهية عليها نقوش وردية عندما قتلن في القبور."

وعثر مع الحالة رقم 20 التي كانت تحمل الرضيع على بكرة خيط ومشط وادوات زينة.

اما الحالة رقم 19 التي يعتقد كينج ان عمرها يتراوح بين ستة اشهر وعام فكانت ترتدي قميصا ابيض عليه كلمة "صيف". وسيحدد اختبار الحمض النووي الصلة بين الحالتين. وتقول فرناندز "احيانا اتساءل من لقي حتفه اولا. هل كانت امها ام اختها؟ هل كن (النساء) يعرفن اين سيذهبن؟ لن نعرف ابدا تفاصيل قصتهن."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12/تموز /2006 -14  /جمادي الاخرى/1427