المغرب عنق زجاجة للمهاجرين  الحالمين بجنة اوربا هروبا من الفقر والاستبداد

 

يقول المغرب ان الافا من المهاجرين الافارقة يختبئون في غاباته والاحياء الفقيرة بمدنه املا في دخول اوروبا عبر جيب اسباني بعد الهجوم الجماعي الاخير على الاسلاك الشائكة التي تفصل بين القارتين.

ولقي ثلاثة افارقة على الاقل حتفهم هذا الاسبوع حين اقتحم ما يصل الى 70 شخصا جيب مليلية في محاولة لاختراق الحدود البرية لاوروبا الثرية من قبل أفقر قارة في العالم.

كما عثرت السلطات المغربية على جثث 30 مهاجرا جرفت الى شاطيء الاطلسي بعد غرق زورق متداع يقل ما يصل إلى 70 مهاجرا من افريقيا جنوب الصحراء الى اسبانيا.

وقال خالد زروالي مدير ادارة الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية لدى سؤاله عن الافارقة من افريقيا جنوب الصحراء الذين يختبئون في البلاد ويأملون في العبور بطرق غير مشروعة الى اسبانيا "هناك الاف من المهاجرين غير الشرعيين المتناثرين في شتى أنحاء المغرب."

وأضاف في مقابلة مع رويترز "من الصعوبة بمكان الحصول على رقم دقيق اذ أن الهجرة ديناميكية ومتقلبة لكن ضغط المهاجرين غير الشرعيين ما زال موجودا هنا معنا."

احد هؤلاء المهاجرين ماندالي وهو نيجيري يبلغ من العمر 33 عاما يعيش في غرفة واحدة متكدسا مع زوجته وشقيقه وطفلته ويحلم بحياة جديدة في اسبانيا.

ويعمل مانديلا وهو صيدلي مدرب في وظائف غير معتادة في العاصمة المغربية من اجل تدبير احتياجاته.

وفي عام 2003 حاول تسلق سياج يفصل المغرب عن جيب مليلية الاسباني بشمال افريقيا ولكن النار أطلقت وفر هاربا.

وقال "الله يساعدني وناس المغرب الطيبيون يساعدونني.

"نأكل في بيوت الناس وهم يعطونني 60 درهما (سبعة دولارات) اذا لم يكن لدي مال."

ونتيجة لتشديد اجراءات الامن في الجناح الجنوبي لاوروبا تقطعت السبل بالاف المهاجرين الافارقة في المغرب وهو بلد يصارع بالفعل الفقر وخطر حدوث اضطرابات اجتماعية.

وبزيادة الدوريات على طول ساحله الوعر قلل المغرب من الهجرة المتجهة الى الشمال وساعد على تهدئة مخاوف الغرب من تعرضه لطوفان من المهاجرين.

ويقول المغرب ان من الضروري وضع استراتيجية جديدة لتضييق الفارق في الثراء والذي يجذب الاف الاشخاص تجاه الشمال بحثا عن العمل ويخطط لاستغلال مؤتمر للحكومات الاوروبية والافريقية يعقد في الرباط يومي العاشر والحادي عشر من يوليو تموز للدعوة الى ايجاد منهج مشترك.

وقال نبيل بن عبد الله المتحدث باسم الحكومة المغربية لرويترز "لا يتعين علينا ايجاد حلول أمنية فقط وانما حلولا تسمح لهؤلاء الناس بالبقاء في أوطانهم في اطار خطة تنمية حقيقية ..خطة مارشال حقيقية لافريقيا."

ولا يتكيف المغرب مع دوره الجديد كوطن مؤقت للمهاجرين واللاجئين الاقتصاديين من الاضطرابات السياسية في الكونجو وساحل العاج.

ويؤثر الفقر على أكثر من خمسة ملايين شخص من سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليون نسمة وترتفع نسبة البطالة في المناطق الحضرية حيث تبلغ 25 في المئة مما يؤدي الى توتر اجتماعي واشعال التطرف الديني.

وتقدر جماعات الاغاثة ان اكثر من عشرة الاف مهاجر ربما يعيشون وينتظرون في المغرب. وتفتقر الاغلبية الكبيرة لوثائق اقامة تتيح لهم الحصول على رعاية صحية وعمل منتظم وترفع عنهم التهديد المستمر بالترحيل.

وبعضهم أطباء ومدرسون مؤهلون أو موظفون حكوميون سابقون ولكنهم لا يستطيعون ان يأملوا في شيء أكثر من وظيفة لا تتطلب مهارة او مكان اقامة غير مريح.

وقال يوهانس فان دير كلاو رئيس الفرع المحلي لمكتب المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين ان الشقة الواحدة تتسع لاربعين رجلا يتناوبون على النوم.

واردف قائلا ان"المغرب أصبح بلد المقصد بشكل تلقائي.

"هذا اول جيل من المهاجرين الجدد ومازال يتعين على المجتمع المغربي ان يبدأ في التعامل معه."

وقال ان المفوضية في المغرب تلقت نحو ألفي طلب لجوء العام الماضي مقابل عشرات الطلبات فقط في العام السابق ولكن من المرجح الا يصبح مؤهلا لذلك سوى عدد قليل.

واضاف ان الحكومة المغربية أوقفت اعطاء بطاقات اقامة بشكل تلقائي للاجئين المعترف بهم.

ووقعت مأساة في اكتوبر تشرين الاول الماضي عندما قتل 11 مهاجرا على الاقل اثناء محاولتهم اقتحام أسيجة الاسلاك الشائكة التي تفصل مليلية وسبتة عن المغرب.

وقام المغرب بترحيل الاف المهاجرين . واتهمتها جماعات الاغاثة بالقاء المئات ومن بينهم نساء وأطفال في الصحراء بلا طعام او ماء.

وتصر الحكومة المغربية على انهم يعاملون بطريقة حسنة ويمنحون الطعام والماء والرعاية الصحية قبل اعادتهم الى اوطانهم.

وقال خليل جماح من الجماعة المغربية لدعم عائلات المهاجرين ان المتاجرين بالبشر مازالوا يعملون دون عقاب على طول الحدود الجزائرية المغربية ويقومون بتجريد المهاجرين من متعلقاتهم واوراقهم بالاضافة الى اغتصابهم وخطفهم واضاف "يتعين على الجزائر ان تتصدى لهذا الموقف . فهي تغمض عينيها عن هؤلاء المهربين."

ويتوقع أكاديميون استمرار الهجرة صوب الشمال مشيرين الى ان الهوة في الدخل الاقليمي أوسع مما كانت عليه خلال فترة الهجرة الجماعية من اوروبا في بداية القرن العشرين.

ويقولون انه حتى اذا اصبح الافارقة أكثر ثراء فان ذلك ربما يؤدي الى هجرة أكبر على المدى القصير لانه سيتوفر لدى الناس مالا اكثر من اجل السفر.

ومن المتوقع ان يطلب المغرب ودول افريقية اخرى مزيدا من مساعدات التنمية من اوروبا خلال المؤتمر الذي يعقد هذا الشهر في الوقت الذي تقبل فيه طلبات الاتحاد الاوروبي بتعاون أمني قوي برا وبحرا وجوا.

ويقول مهاجرون كثيرون ان الحلول الحقيقية الوحيدة تكمن لدى الساسة الافارقة.

وغادر ماندالي نيجيريا قبل ست سنوات لان عمله في احدى الصيدليات انتهى وأصبح عاملا في احدى مزارع الكاسافا. وكان ما يكسبه أقل بكثير مما يكفي لعلاج أمه المريضة ورسوم الدراسة لعائلته.

واضاف ان نيجيريا غنية بالنفط والكاكاو والمعادن ولكنها تعاني من فساد على مستويات عالية. ويركب المسؤولون الحكوميون سيارات جيب وسيارات ايطالية فخمة جديدة في القري التي تفتقد الى الكهرباء والماء والصرف الصحي.

وقال انه كي تحصل على وظيفة متواضعة تحتاج الى"نفوذ" او 20 ألف نايرا (150 دولارا) لرشوة احد المقاولين .

واردف قائلا "المال موجود في نيجيريا ولكنه لا يستغل لتوفير وظائف .

"زعماؤنا سيقولون للاوروبيين ان بلادنا على ما يرام ولكنهم يقولون أكاذيب."

ويريد الاوروبيون مساعدة في التعامل مع مسألة الهجرة عن طريق القضاء على تهريب البشر وحراسة السواحل بشكل أفضل بحيث يصل عدد ملائم من الناس الذين يتمتعون باكثر المهارات نفعا الى اوروبا.

ويقول الافارقة إن الحل الوحيد الطويل المدى هو تضييق الهوة الكبيرة في الثروة من خلال خلق مزيد من فرص العمل في البلاد الاصلية ويطالبون اوروبا بتقديم مزيد من المساعدات في مجال التنمية.

وقال زروالي إن المغرب نشر قوات قوامها نحو 11000 لاغلاق البوابات والمعابر إلى سواحل المحيط الاطلسي والبحر المتوسط فضلا عن الحدود البرية ومن بينها الحدود مع جيبي سبتة ومليلية على مدار العامين المنصرمين.

وأضاف أن الاجراءات الصارمة التي اتخذها المغرب حدت من تدفق المهاجرين غير الشرعيين بنسبة 65 في المئة في العامين الماضيين مقارنة بعام 2003 حين شهدت المملكة زيادة في توافد المهاجرين وتعرضت لضغوط من اسبانيا لوقف تدفقهم.

وزاد المغرب من دورياته ومراقبته للاراضي والحدود الساحلية لمحاولة احباط اكثر من خمسة الاف محاولة من قبل مهاجرين غير شرعيين للوصول الى اسبانيا في الاشهر الخمسة عشر الماضية.

وتابع زروالي قائلا "من المتعذر الحديث عن العدد الدقيق للمهاجرين غير الشرعيين من خلال هذا الرقم وهو خمسة الاف لان كثيرين يعاودون الكرة" مضيفا أن الشرطة حلت 484 شبكة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين في عام 2005 و160 شبكة في الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي.

وفضلا عن هذا رحل المغرب اكثر من الفي مهاجر الى ديارهم في السنغال ونيجيريا ومالي ودول أخرى في الاشهر الاحد عشر الماضية.

وذكر زروالي أن التعاون مع اسبانيا وفرنسا جيد لكن هناك حاجة إلى اليقظة "لان مهربي المهاجرين يغيرون تكتيكاتهم."

وقال زروالي ومسؤولون مغاربة اخرون يريدون أن يخرج مؤتمر اوروبا وافريقيا باستراتيجية واسعة النطاق ان الاجراءات الامنية الصارمة وحدها لن تحل مشكلة الهجرة غير المشروعة.

وقال الدبلوماسي المغربي يوسف العمراني المسؤول عن تنظيم المؤتمر "مؤتمر اوروبا وافريقيا عن الهجرة هو رد على الضرورة والحاجة الملحة للتصرف حيال الهجرة غير المشروعة. نتطلع الى تصرفات ملموسة وعملية من المؤتمر الذي سيتجاوز مسألة اتخاذ مزيد من الاجراءات الامنية في مواجهة الهجرة." 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/تموز /2006 -10  /جمادي الاخرى/1427