الارهاب يعجز عن القضاء على جامعي الطوابع في العراق

 

انهم يجتمعون كل سبت في حجرة صغيرة بها قليل من الاثاث فوق مركز للاتصالات الهاتفية في واحدة من أخطر المناطق بالعاصمة العراقية بغداد التي ينعدم فيها القانون.

المجموعة المؤلفة من نحو 12 رجلا معظمهم في منتصف العمر دخلت الحجرة الاسبوع الماضي بعد أن مرت من تحت لافتة بسيطة فوق الباب كتب عليها باللغتين العربية والانجليزية (جمعية جمع الطوابع والعملات العراقية... تأسست عام 1951).

وواصلت المجموعة الوحيدة المنظمة لجامعي الطوابع في بغداد باصرار شديد على الاجتماع بالرغم من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين وأعمال عنف وحرب أهلية على مستوى محدود بالعاصمة.

لكن الجمعية ليست بمنأى عن أعمال العنف فقد اضطرت لنقل مكتبها مرتين وانخفض عدد أعضائها الى نحو 30 بعد أن فر بعض الاعضاء من العراق او بسبب الخوف من حضور الاجتماعات وهي الحقيقة التي أشار اليها محاسب الجمعية الذي يتحسر على الانخفاض في رسوم الاشتراك.

ويجتمع الاعضاء لعقد مزادهم الاسبوعي في مقر الجمعية المستأجر بالطابق الاول من مبنى متهالك من طابقين في ساحة الميدان بوسط المدينة في بغداد وهي المنطقة التي تشتهر بعمليات الخطف واطلاق الرصاص والسلب.

وقال سلام صبيح (29 عاما) وهو محاسب سابق لا ينطفيء شغفه بجمع الطوابع بالرغم من الصعوبات التي يواجهها لممارسة هوايته في أحد أخطر المناطق على وجه الارض "انني لا أجلب كل طوابعي الى المزاد قط بحيث اذا تعرضت للسرقة لا أفقدها كلها."

انه يخشى من التفجيرات التي تهز العاصمة يوميا لكنها لم تثنه عن حضور اجتماعات الجمعية.

وأضاف صبيح "أنظر الى هذا على أنه نوع من الترفيه يساعد في ابعاد ذهني عن التفكير في أعمال العنف اليومية."

وتابع قائلا "كنت في التاسعة من عمري حين أعطاني عمي أول البوم للطوابع" متذكرا كيف كان ينفق كل مصروفه الشخصي على الطوابع الجديد منها والمستعمل.

وكانت مجموعته الاولى مكونة من أربعة طوابع صدرت في اواخر الثمانينات في ذكرى وفاة اللواء عدنان خير الله صهر صدام وصديق طفولته الذي لقي حتفه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر. ويعتقد كثير من العراقيين أن صدام قتله بسبب تزايد شعبيته.

وقال صبيح "لم أدفع سوى 600 فلس مقابلها" مشيرا الى الطوابع ذات الالوان المتعددة المحفوظة داخل البوم مجلد بالجلد. والدينار العراقي يساوي الف فلس وفي عراق ما بعد الحرب يساوي الدولار الامريكي 1480 دينارا.

ومن بين أقدام الطوابع التي يمتلكها تلك المجموعة التي صدرت احتفالا بتتويج الملك فيصل الثاني عام 1953 اخر ملوك العراق الذي كان يحظى بدعم بريطاني وقتل عام 1958 خلال ثورة قام بها ضباط الجيش.

الطوابع الاكثر مبيعا في المزاد الاسبوعي هي التي تحمل صور صدام اما في وضع الرجل الخير الكريم او الرجل العسكري وهي طوابع يسعى ايضا جامعو الطوابع في منطقة الشرق الاوسط الى امتلاكها.

وكان اخر طوابع عهد صدام طابع أصدرته جامعة صدام في الخامس من فبراير شباط عام 2003. ودمرت المطابع خلال عمليات السلب والنهب التي أعقبت الغزو الامريكي.

وقال صبيح انه لم تصدر الا طبعتان جديدتان من الطوابع العراقية منذ الحرب واحدة عام 2003 والاخرى في العام الحالي 2006 احتفالا بعيد النوروز في الربيع. وتعتمد الجمعية في الاساس على طوابع ترسل من الخارج.

وفي مزاد يوم السبت الماضي خفت المزايدة تحت وطأة حرارة الصيف الشديدة التي حولت حجرة الاجتماعات الى حمام بخاري. وتعطل مكيف الهواء وفتحت الشبابيك علها تدخل نسمة خفيفة.

وقال محمد طه (42 عاما) وهو مهندس كان يرفع الطوابع ويتصبب عرقا "87 طابعا عراقيا. فرخان. بحالة جيدة."

وتساءل قائلا "هل من راغب" بعد أن وضع الطوابع على صينية خشبية مستطيلة ودفعها على الطاولة حتى يستطيع المزايدون المحتملون القاء نظرة عن كثب.

وقال طه صاحب الشعر الاشعث والشاربين "نبدأ المزاد بثلاثة الاف دينار" وصاح مزايد "3500 دينار" ثم قال اخر "اربعة الاف دينار". وكان اخر رقم وصل اليه المزاد 7500 دينار اي نحو خمسة دولارات.

وقال طه لمن رسا عليه المزاد "انها لك" قبل أن ينتقل الى المجموعة الثانية وهي مجموعة من ستة طوابع لصدام. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 6/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427