تستكمل إسرائيل حملتها العدوانية بحق الشعب الفلسطيني، وتستخدم في
عدوانها مختلف أنواع الأسلحة وما ابتكرته التقنية العسكرية باستثناء
قنابلها الإستراتيجية، معلنة هدفها لتحرير أسيرها من أيدي المقاومة
الفلسطينية، وللتذكير فقط بان هذه الحملة تم الإعداد لها والحديث عنها
إسرائيلياً قبل العملية المسلحة في منطقة كرم أبو سالم، وهي تواصل
لعمليات الحصار والقتل العمد للمدنيين الفلسطينيين وللأطفال المستجمين
علي شاطئ البحر أو اللاعبين في شوارع الشيخ رضوان بمدينة غزة أو
للعائلات الآمنة في خانيونس.
الجندي الإسرائيلي الأسير لقي من الدلال ما لم يلقاه أي جندي في
التاريخ من حيث تدخل الكثير من الحكومات والوسطاء لإطلاق سراحه وانطلقت
مئات الدعوات للحفاظ علي حياته ولاقي من حيث الحيز الإعلامي ما لم
يلقاه أي جندي آخر.
الشعب الفلسطيني المحاصر منذ زمن بقياداته المختلفة برئيسه السابق
والحالي وحكومته السابقة والحالية ومشاهد القتل اليومية التي تجلت في
أبشع صورها عندما انفطرت قلوب الفلسطينيين لمشهد إبادة عائلة غالية
بأكملها أو مشاهد التطهير العرقي بحق شعب يومياً لم يشهد مثل هذا
التحرك الدبلوماسي النشط في الدفاع عن الجندي الإسرائيلي المدلل الذي
كان يلهوا بإطلاق القذائف علي سكان قطاع غزة من منطقة كرم أبو سالم،
ولم ينزعج الرئيس الإسرائيلي أيهود اولمرت من حجم الاتصالات العالمية
من اجل إطلاق سراح آلاف الأسري الفلسطينيين من الأطفال والنساء والمرضي
وبين كل هؤلاء قادة وزراء وبرلمانيين فلسطينيين أو من اجل وقف نيران
طائراته ودباباته عن الفلسطينيين والتي تكفي نيرانها لتدفئة مقر هيئة
الأمم المتحدة بل وإشعال الحرائق فيها.
النفاق الدولي يشهد اعلي درجاته، والعجز العربي المخجل أصبح يقتل من
شدة الخجل، والقانون الدولي الإنساني مع اتفاقيات جنيف يبدوا أنها كحال
الديمقراطية لا تنطبق علي الحالة الفلسطينية ولا يجوز تطبيقها علي
الأراضي المحتلة وليس مستبعداً أن يطلب المجتمع الدولي من الحكومة
الفلسطينية ورئاستها أن تعيد تزويد إسرائيل بالتيار الكهربائي وان
تتوقف عن ممارسة اضطهاد اليهود.
حركات التضامن العالمية والجماهير العربية وأحزابها التي قامت
بإسناد نضال الشعب الفلسطيني التحرري ضد الاحتلال لم تنشط كعادتها في
تظاهرات عالمية ضخمة وكأنها تعتقد أن الشعب الفلسطيني سوف يطحن
الاحتلال في غزة أو صدّقت مقولة أن غزة قد أصبحت محررة ويساعدها في هذا
الاعتقاد مظاهر الاستعراض الفلسطيني اليومي التي نشاهدها علي شاشات
التلفزة والفضائيات مع كاميرا المصور.
القيادة السياسية الفلسطينية أنهت بعد جهد جهيد انجاز الاتفاق علي
وثيقة الوفاق الوطني بعد أن تجنبت خطر الاختلاف القاتل، ولكنها لم تنته
حتى الآن من إعداد خطتها في مواجهة العدوان، وعندما أقول خطة فأعني
بذلك عدم الاكتفاء بان تكون القيادة بموقف رد الفعل أو المستجيب
للتحركات الدولية والعربية في قضية الجندي المدلل، بل أن تباشر بخطة
مدروسة تبحث في كيفية الخروج من الأزمة الخطيرة التي يواجهها الشعب
الفلسطيني وان تبدأ تحركاً مبادراً وقد يساعدها في ذلك شريطاً مصوراً
للطفلة هدي غالية أو تقريراً عالمياً عن الترسانة الإسرائيلية
المستخدمة بحق الأبرياء العزل المحاصرين، وإحصائية عن عدد الشهداء
والأسري الفلسطينيين، وتذكيراً للعالم بان الشعب الفلسطيني شعب يعاني
الاحتلال، وأعود بالتذكير لأهمية ودور الجاليات الفلسطينية والعربية
ودور السفارات الفلسطينية والعربية في الخارج.
طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والإغاثة الإنسانية لشعب مدني
اعزل معظم سكانه من اللاجئين الفلسطينيين، والتوجه إلي مجلس الأمن
الدولي حتى وان كان الفيتو الأمريكي بالمرصاد مع طباعة نسخة بكل اللغات
من ميثاق الأمم المتحدة ووثيقة جنيف وتوزيعها علي مندوبي الدول قد
يشعرهم بقليل من الخجل أو يفك العقدة التي تربط لسان الحكومات
ويساعدها للتحرك المتضامن من جديد!.
شكراً لجامعة الدول العربية علي تفكيرها بعقد اجتماع لمجلس الجامعة
العربية، ونذكرهم بان الشعب الفلسطيني هم من الناطقين باللغة العربية
ومعظمهم مسلمين يامؤتمر الدول الإسلامية، ولكن ما أتمناه أن لا تكون
محصلة تحركاتكم هي المطالبة بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المدلل دون
قيد أو شرط ومعاقبة الآسرين.
السؤال الذي يدور في خاطري وفي خاطر الكثير من الناس، إذا ما كان
احد أنواع الموت هو "الموت خجلاً"؟ وإذا ما كان هناك إمكانية لان يموت
القادة العرب خجلاً ؟ وهل مازالت هناك من الطاقات الشعبية العربية طاقة
لوقف العدوان وحرب التصفية التي تنفذ بحق الشعب الفلسطيني؟.
mahadyma@hotmail.com |