العراقيون يستعينون بالنكات للتغلب على الحر والعنف

 

نشرت صحيفة عراقية يومية هذا الاسبوع رسما كاريكاتيريا يظهر فيه شاب وفتاة وهما يجلسان على طاولة يحتسيان المشروبات. تسأل الفتاة الشاب "متى سنتزوج؟" فيجيبها الخطيب المتردد "عندما يكون لدينا كهرباء."

والمزحة ليست جديدة فقد كانت تنتهي في السابق بأن يقول الخطيب "عندما تنتهي الحرب" لكن العراقيين أدخلوا تغييرا قليلا عليها في محاولة للحفاظ على خفة ظلهم وسط القيظ ونقص امدادات الكهرباء.

ومع اقتراب شهري يوليو تموز واغسطس آب وهما اكثر الشهور حرا ستصل درجات الحرارة في بغداد قريبا إلى 50 درجة مئوية لتصبح العاصمة العراقية من اكثر الاماكن قيظا على سطح الكرة الارضية. ووصلت درجات الحرارة يوم الجمعة إلى 43 درجة مئوية.

وعادة ما يأخذ العراقيون اجازاتهم السنوية في الصيف وستلجأ القلة المحظوظة الميسورة منهم للهرب من الحر والعنف الذي لا يهدأ إلى دول مجاورة مناخها معتدل نسبيا مثل سوريا والأردن.

وقبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للاطاحة بنظام صدام حسين كانت الصفوة فقط هي التي تسافر إلى الخارج. اما معظم العراقيين فكانوا يمضون اجازاتهم في البلاد مكتفين بالذهاب إلى النوادي الاجتماعية أو القيام بنزهات أو زيارة الاصدقاء والاقارب.

ولازال بالإمكان القيام بهذه الانشطة في شمال العراق الكردي الاكثر استقرارا وفي مناطق من الجنوب الشيعي لكن في بغداد حيث يفرض حظر تجول من الغروب حتى الفجر وحيث تسود الفوضى ولا يتمتع السكان بالكهرباء سوى ساعات معدودة فلا توجد سوى مصادر محدودة للتسلية لتشتيت الناس عن التفكير في الحر.

وفي عهد صدام كانت احياء بغداد الاكثر رقيا تتمتع بالكهرباء على مدى ساعات اليوم الاربع والعشرين تقريبا. لكن منذ الحرب انخفضت هذه المدة إلى ست ساعات فحسب يوميا بسبب عمليات التخريب التي ينفذها المسلحون وفي ظل محاولة توزيع الكهرباء بشكل منصف في جميع انحاء البلاد.

ويقول محمد يوسف وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 34 عاما ويعتزم قضاء عطلته في سوريا "ادخر كل قرش لاسافر الى الخارج. لا استطيع البقاء طيلة الصيف في العراق. لا يوجد اي مصدر للتسلية."

ويضيف يوسف وهو احد سكان بغداد لرويترز "لكنني سأمضي باقي الصيف في المنزل بانتظار ان تعود الكهرباء حتى استطيع تشغيل جهاز التكييف."

ومن المصادر التي ساعدت على هرب الناس من الحر والعنف بطولة كأس العالم التي ابقتهم جالسين امام شاشات التلفزيون في الفترة التي يحصلون فيها على امدادات الكهرباء.

وتقول هدى (34 عاما) وهي تضحك بمرارة "ماذا تقصد باجازات الصيف؟ مع هذا الحر ومسألة الامن ونقص الكهرباء فإن السبيل الوحيد للتسلية هو مشاهدة كأس العالم عندما تكون هناك كهرباء."

وتضيف المرأة التي تعمل موظفة في الحكومة وتعيش في بغداد "عندما اذهب إلى العمل فاننا نتحدث فقط عمن خطف وعمن قتل."

اما دينا وهي طالبة جامعية وزوجها فانهما من القلة المحظوظة التي سيتاح لها الهرب من العراق معظم فترة الصيف لان حماها يملك شقة في العاصمة الأردنية عمان.

وتقول "نقضي كل صيف شهري يوليو واغسطس هناك"

لكن بالنسبة لمن يسافرون بسياراتهم فإن رحلة العودة من سوريا أو الأردن قد تصبح من المنغصات التي تنسيهم بهجة العطلة. وربما يكون الخروج من العراق امرا صعبا لكن العودة قد تكون اكثر مشقة.

فقد اضطر زوجان مسنان كانا عائدين من سوريا في يونيو حزيران الجاري إلى الانتظار عدة ساعات في صف طويل من السيارات على الحدود. واستغرقت رحلة العودة نحو 18 ساعة وعندما وصلا إلى مشارف العاصمة اكتشفا ان حظر التجول الليلي قد بدأ بالفعل.

وتقول ام رياض (74 عاما) "كلما تذكرت المعاناة التي عانيناها في طريق عودتنا لبغداد انسى كم استمتعنا بعطلتنا." 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   1/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427