العراقيون مستاءون من حماس بشأن الزرقاوي ويستغربون من الموقف العربي السلبي

 

 عبرت الحكومة العراقية يوم الاحد عن "استيائها واستغرابها" لموقف حركة حماس من مقتل ابو مصعب الزرقاوي وطالبت الحكومة الفلسطينية التي تهيمن عليها حماس توضيحا لموقفها.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية العراقية يوم الاحد انها استدعت القائم بالاعمال الفلسطيني في بغداد دليل القسوس وابلغته "استياء الحكومة العراقية واستغرابها من التصريح الذي اصدرته منظمة حماس الفلسطينية التي دافعت عن الزرقاوي واعتبرته شهيد الامة."

واضاف البيان انه وفي الوقت الذي "كنا نتوقع موقفا واضحا من الاشقاء العرب بتهنئة الشعب العراقي وقواته الامنية على هذا الانجاز الكبير في حربه على الارهاب فوجئنا بالصمت العربي وبالموقف الذي اصدرته حماس الذي لا يمكن تفسيره الا دعما لقتلة الشعب العراقي."

وقال البيان ان السيد لبيد عباوي وكيل وزير الخارجية طالب القائم بالاعمال الفلسطيني في بغداد "ان تقدم الحكومة الفلسطينية التي تترأسها حماس توضيحا لموقفها من هذا التصريح."

واضاف البيان "وبخلاف ذلك فان الحكومة العراقية ستدرس بدقة ما يترتب على ذلك من مواقف تجاه الحكومة الفلسطينية."

وقال البيان ان وزارة الخارجية العراقية ستتابع "وبدقة تطورات الموقف."

وكانت رويترز قد تلقت بيانا يوم الخميس يقول ان حماس تنعي الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق والذي قتل في ضربة جوية شنتها طائرات أمريكية شمالي بغداد في اليوم السابق.

لكن سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس نفى يوم الجمعة أن الحركة أصدرت بيانا بهذا الشأن غير أنه قال ان حماس تؤكد موقفها الداعم لكل حركات التحرر وفي مقدمتها حركة تحرير العراق التي كان الزرقاوي أحد رموزها.

واضاف البيان  العراقي ان "العالم بأسره يعلم مستوى الجرائم التي اقترفها هذا الارهابي بحق الشعب العراقي وشعوب المنطقة عموما ومن ضمنها الفلسطينيون واخرون من الذين سقطوا في تفجير عمان".

واشار البيان الى ان "العراق كان يتوقع ان يصدر موقف واضح من الاشقاء العرب بتهنئة الشعب العراقي وقواته الامنية بهذا الانجاز الكبير في حربه ضد الارهاب".

واعربت الحكومة العراقية عن استغرابها "الصمت العربي وموقف حماس الذي لا يمكن تفسيره الا دعما لقتلة الشعب العراقي".

وطالبت الخارجية العراقية السلطة الفلسطينية "بتوضيح موقفها من هذا التصريح وبخلاف ذلك فان الحكومة العراقية ستدرس بدقة ما يترتب على ذلك من مواقف تجاه الحكومة الفلسطينية".

واكدت الخارجية ان الحكومة "لا تقبل اي اساءة الى مشاعر الشعب العراقي كون احد اهم اسباب تدهور الوضع الامني في العراق الارهاب من خارج الحدود".

وكان بيان وزع بالفاكس تضمن باسم حركة حماس "نعيا الى جماهير شعبنا الفلسطيني وجماهير امتنا العربية والاسلامية للمجاهد البطل احمد فاضل النزال الخلايلة الذي استشهد على ايدي عناصر الحملة الصليبية الشرسة".

الا ان المتحدث باسم الحركة سامي ابو زهري اكد لوكالة فرانس برس ان حماس لا علاقة لها بالبيان.

وكانت لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية التي يعتبر رئيس الحكومة نوري المالكي احد اعضائها اعربت السبت في بيان عن استغرابها "عدم اكتراث" بعض الدول العربية باعلان مقتل الزرقاوي.

وجاء في البيان ان "الائتلاف العراقي الموحد يأسف لموقف بعض الدول العربية المتمثل باللامبالاة وعدم الاكتراث للدماء العراقية التي تسفك يوميا على ايدي ارهابيين قتلة جاؤوا الى العراق من وراء الحدود".

واضاف ان "الائتلاف ينظر بعين الاستغراب لموقف حركة حماس التي اطلقت على الارهابي الزرقاوي اوصاف الشهادة والجهاد من دون الاكتراث لمشاعر الشعب العراقي والضحايا الذين سقطوا بسبب جرائمه".

بدورها اعلنت الجالية الفلسطينية في العراق يوم الاثنين "استنكارها الشديد" لموقف حركة حماس من حادثة مقتل ابو مصعب الزرقاوي.

وقال بيان صادر عن الجالية الفلسطينية قُدم الى القائم بالاعمال الفلسطيني في بغداد دليل القسوس حصلت وكالة أنباء(اصوات العراق) المستقلة على نسخة منه اليوم ان الجالية " تعلن استنكارها الشديد لموقف حركة حماس من اعتبارها الارهابي ابو مصعب الزرقاوي شهيد الامة."

واضاف البيان"ان الامة التي تتحدث عنها حماس هي بريئة من الارهابي المجرم ابو مصعب الزرقاوي،وان ابناء الشعبين الفلسطيني والعراقي وابناء حركة حماس ايضا براء من هذا التصريح الذي ينم عن عقلية محدودة التفكير."

وقال البيان ان ابناء الشعب الفلسطيني "المقيمين في العراق منذ العام 1948 يستنكرون ويشجبون بشدة كل الاعمال الارهابية التي نفذها المجرم ابو مصعب الزرقاوي ويؤكدون تمسكهم بالاخوة التاريخية بين الشعبين العراقي والفلسطيني."

واضاف ان ابناء الجالية "يطالبون حكومة حماس باصدار بيان رسمي توضح فيه موقفها من الارهابي ابو مصعب وتقدم اعتذارها للشعب العراقي."

من جهتهم قال محللون ومصادر سياسية يوم الاثنين ان الزعماء العرب لا يعلقون امالا كبيرة على رئيس الوزراء العراقي الجديد نوري المالكي بعد أن شاهدوا الاداء المربك لعدد من السياسيين العراقيين في الحكومة.

وأضاف المحللون ان الحكومات العربية أيضا تواجه مجموعة من الخيارات المتناقضة في التعامل مع العراق بشكل يجعلها تبدو عاجزة عن التحرك عندما يتعلق الامر بوضع سياسات متسقة.

وعلى سبيل المثال .. هل تضغط الحكومات من أجل انسحاب أمريكي سريع أم يتعين أن تنتظر على أمل أن تتمكن الولايات المتحدة والحكومة العراقية الجديدة من الحيلولة دون انزلاق هذا البلد الى فوضى كاملة..

وهل يتعين عليها أن تقاوم اغراء دعم فصائل المسلمين السنة كي تكون ثقلا موازيا للنفوذ الايراني أم تقبل حقيقة أن السنة فقدوا الهيمنة السياسية التي تمتعوا بها على مدى القرون القليلة الماضية..

وقال محمد السيد سعيد أستاذ العلوم السياسية المصري "هناك غموض حقيقي في السياسات العربية تجاه العراق فيما يتعلق بهذه النقطة. هم يتعاملون مع كثير من العناصر المتناقضة الى درجة تجعلهم يلتزمون الصمت عندما يتعلق الامر باتخاذ سياسات فعلية."

وأضاف "الحكومات العربية تتصرف بطريقة مزدوجة تجعلك في الحقيقة لا تعرف على وجه اليقين ماذا تريد. قد يتحدثون بطريقة ويتصرفون على نحو اخر."

وقال عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية بالامارات العربية المتحدة ان نهج عدم الالتزام بموقف وهو ما تسلكه الحكومات العربية تجاه العراق انما نتج عن حالة عدم اليقين لديها.

وأبلغ عبد الله رويترز ان رد الفعل الغامض لهذه الحكومات تجاه الحكومة العراقية الجديدة يمثل انعكاسا للوضع الرمادي الذي تراه هناك. وقال ان هذه الحكومات تتعمد عدم اتخاذ موقف محدد لانها تدرك ان المالكي لا يجلس في حقيقة الامر على مقعد القيادة.

ونادرا ما تعلق الحكومات العربية على التطورات السياسية المحلية في العراق ماعدا التنديد بالعنف والتعبير بشكل عام عن رغبتها في التناغم العرقي والطائفي.

وتعلم زعماء مثل الرئيس المصري حسني مبارك بثمن غال أنه من غير الحكمة أن تقول أي شيء يغضب أيا من الاحزاب الرئيسية في العراق.

وقدمت الحكومة العراقية شكوى رسمية عندما شكك مبارك في مقابلة مع قناة تلفزيون العربية في الولاء الوطني للشيعة العراقيين.

كما أن الحكومات العربية تعلمت من خبرة السنوات الثلاث الماضية أن تتشكك في المزاعم الامريكية والعراقية بوجود ضوء في نهاية النفق أو ان التغيير القادم للحكومة سيمثل مرحلة مهمة تجاه السلام والاستقرار هناك.

وقال مصدر دبلوماسي مصري ان الامال التي انتعشت بعد الانتخابات العراقية في ديسمبر كانون الاول الماضي تبددت في الشهور التالية بسبب التأخير في تشكيل الحكومة والخلافات بشأن الحقائب الوزارية الخاصة بالامن. وعين المالكي في نهاية المطاف وزيرين للداخلية والدفاع الاسبوع الماضي.

وتابع المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "الناس فقدت الثقة في العملية ... ولكن يبقى الامل في أن تكون أمام الحكومة الجديدة فرصة في اشاعة الاستقرار المطلوب. في حقيقة الامر الوضع مزعج."

وقال محمد السيد سعيد ان الحكومة الجديدة اقرت على الاقل بالمشكلات التي تواجهها بما في ذلك الطائفية والفساد ووحشية الشرطة وأبدت رغبة جيدة في الاقتراب من المجتمع العراقي.

وقال مصدر في مكتب المالكي يوم الاثنين ان الحكومة تبحث دعوة أعضاء بعينهم من جماعات المسلحين للمشاركة في محادثات المصالحة الوطنية.

ولكن سياسيين اخرين ومحللين قالوا انهم لا يرون أملا يذكر بأن العراق سينعم بالسلام والاستقرار قريبا.

وقال سليم الحص رئيس الوزراء اللبناني الاسبق انه حتى بعد تشكيل الحكومة مازالت الانقسامات بين الاطراف المختلفة كبيرة ولم يتغير شيء بشكل حقيقي.

وقال داود الشريان الكاتب السعودي والمحلل السياسي ان المالكي هو الوجه الاخر لرئيس الوزراء العراقي السابق ابراهيم الجعفري. واضاف ان كل ما يحدث هو تغيير أسماء ووجوه ولكن لا شيء يتغير فعليا على أرض الواقع.

وفي الجزائر ربط المحلل السياسي محمد لاقب بين جميع التطورات لإنهاء الوجود العسكري الامريكي.

وقال "مادامت الحكومة العراقية الجديدة مرتبطة بالامريكيين فلن يكون أمامها فرصة لاستعادة الامن والامل بين مواطنيها."

واضاف "ادرك ان الانسحاب الان مثير للمشاكل. ولكن البقاء هناك سيؤدي الى تفاقم الوضع."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء   13/حزيران /2006 -15 /جمادي الاول/1427