![](image/142.jpg)
في شارع صويفية، أحدث شوارع العاصمة الأردنية عمان من
الناحية العمرانية، طلبنا من مجموعة شابات يرتدين الملابس الحديثة أن
يبدين رأيهن بمقتل الزرقاوي، فضحكن وقلن قبل أن يدلفن إلى محلات (زازا)
الكبرى "لا نعرف عن الموضوع أي شيء!".. ولكن كان لغيرهن من سكان عمان
آراء متباينة بمقتل زعيم ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
وكان راديو وتلفزيون عمان أعلن صباح الخميس مقتل الزرقاوي، أحمد
فضيل الخلايلة، في العراق اثر إعلان الحكومة العراقية والقوات المتعددة
الجنسيات النبأ، وذكرت مصادر أردنية رسمية أن للأردن دورا في تعقب
الزرقاوي ولكن لا دور لها في قتله. وشاهد قادمون من الزرقاء، أمس، قوات
الأمن الأردنية وهي تطوق مدينة الزرقاء ظهرا، وما زالت تطوقها حتى يوم
الجمعة.
بينما قامت عائلة الزرقاوي بإقامة مراسيم عزاء واستقبال الناس،
ووزعت الحلوى لأنه " نال
الشهادة أخيرا" على حد قولها. وفي الساعة الثانية من ظهر أمس،
اعتقلت قوات الأمن الأردنية زوج شقيقته إثر تصريحات له إلى قناة
الجزيرة الفضائية القطرية.
ويقع منزل الزرقاوي في مدينة الزرقاء على أطراف حي الكسارات المكتظ
بالسكان، وهو منزل متواضع بثلاث غرف مبني من الطوب، وهو أب لأربعة
أطفال أكبرهم آمنة ( 14 سنة) ثم روضة ( 11 سنة) ومحمد ( 9 سنوات)
وأصغرهم مصعب ( 7 سنوات).
والزرقاوي متزوج من امرأتين الأولى (أم محمد) المقيمة في حي
الكسارات في الزرقاء، والثانية فلسطينية لحقت به إلى أفغانستان ولا
يعرف عنها شيء.
درس الزرقاوي في مدرسة الملك طلال بن عبد الله الابتدائية، والتحق
بثانوية الزرقاء، ولم يكمل دراسته، وعمل لمدة قصيرة في بلدية الزرقاء-
قسم الصيانة، لكنه ترك العمل بعد أن طلب منه والده ذلك.
حكم على الزرقاوي بالأشغال الشاقة مدة 15 سنة، وبعد خروجه من السجن
في عفو ملكي العام 1999 حيث قضى 8 سنوات، من أصل 15 سنة، غادر إلى
أفغانستان، ثم أصبح أمير تنظيم (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) فرع
تنظيم القاعدة في العراق، بعد أن بايعت تنظيمه (جماعة التوحيد والجهاد)
بن لادن في العام 2004.
وينسب للزرقاوي ضلوعه بعدد من العمليات العسكرية على الأراضي
الأردنية، منها محاولة تفجير مبنى المخابرات الأردنية في عمان. وكان
آخرها قيام مجموعة من تنظيمه بتنفيذ ثلاثة تفجيرات مروعة في عدد من
فنادق عمان يوم 9 تشرين الثاني نوفمبر 2005 أدت إلى مقتل 57 شخصا كان
من بينهم المخرج العربي المعروف مصطفى العقاد وابنته، وحوكم الزرقاوي
غيابيا من القضاء الأردني وصدر عنه حكم بالإعدام أكثر من مرة.
تجولت وكالة أنباء ( أصوات العراق) في ثلاث مناطق مختلفة من الناحية
الاجتماعية والثقافية بعمان، لمعرفة ردود أفعال المواطنين الأردنيين
على نبأ مقتل الزرقاوي .
شملت الجولة شارع صويفية في عمان الغربية، مركز الطبقات الثرية
الارستقراطية الأردنية، ومخيم الوحدات وهو حي للاجئين فلسطينيين تقطنه
الطبقات الفقيرة، ومدينة صويلح التي تقع شمالي عمان، التي نشأ بها عبد
الله عزام الأب الروحي لتنظيم القاعدة في أفغانستان، فكانت آراء الناس
ووجهات نظرهم متباينة من منطقة إلى أخرى.
في شارع صويفية حيث المحلات الكبرى بأبوابها الزجاجية وواجهاتها
المغلفة بالقرميد، التي تحتكر معظمها وكالات الشركات الأوربية
والأميركية الكبيرة للملابس، مثل: (زازا، نيومان، بنيتون، إيف سان
لوران، مافي...) تلتقي النخب الاجتماعية عصر كل يوم في مطاعمه الكبيرة
ومقاهيه.
عند ناصية الشارع التقينا مجموعة من الشباب يقفون قرب سيارتهم، أياد
الرواشدة وهو طالب في جامعة الإسراء (23 عاما)، ورفيق جاسم(عراقي عمره
22 عاما) ومجد الكركي (23 عاما) قالوا: نحن ضد الإرهاب، وضد من يروج
له، والزرقاوي إرهابي متورط في أعمال إرهابية بالأردن والعراق.
لكنهم كانوا يتمنون أن يكون مصيره على أيد أردنية أو عراقية وليس
على أيد أمريكية، وحينما سألناهم عن الفرق، قالوا: كي لا يبدو الإرهاب
مضادا للاحتلال.. وبالتالي يكتسب شرعيته كمقاومة .
وخالفهم المواطن العراقي رفيق جاسم الرأي وقال "الأمر سيان، ما هو
مهم أن يقتل الزرقاوي ويعم السلام في العراق." واتفق الثلاثة على أن
أكثر الذين يتعاطفون مع الزرقاوي في الأردن يظنون أن الزرقاوي يقاوم
الاحتلال الأميركي.
أما السيدة سها صفدي وهي صاحبة غاليري في عمان الغربية فقالت "أنا
سعيدة لأن الزرقاوي قد قتل." وتمنت أن يأتي اليوم الذي يقتل فيه بن
لادن أيضا، وأضافت أن " تنظيم القاعدة ألحق الأذى بالأمة العربية
والإسلامية."
وأضافت أنها شهدت تفجيرات فندق ( رادسون ساس) ورأت بعينيها ما تعرض
له الناس الأبرياء على يد الزرقاوي. ونفت أن يكون هنالك من المجتمع
الأردني من يؤيد الزرقاوي أو أفكاره "ولكن الناس تجهل أعمال الزرقاوي
وبشاعة جرائمه في العراق، وبعد تفجيرات عمان أدرك الناس خطورة تفشي
أفكاره بين الشباب."
وتمنت الصفدي أن يعيش العراق بعد نهاية الزرقاوي في وضع أفضل.
وفي نهاية شارع صويفية، التقينا صاحب مكتبة وقرطاسية (53 عاما) قال
إن "الإرهاب لن ينتهي بعد مقتل الزرقاوي، لأن الأوضاع العربية تتفاقم
يوما بعد يوم." ونفى أن تكون للزرقاوي أية صلة بالإسلام، كما نفى أيضا
أن تكون للزرقاوي صلة بالعمليات التي تستهدف المدنيين، وقال "الأمر لا
يعدو أن يكون تفجيرات من صنع الموساد والمخابرات الأمريكية."
وفي الطريق إلى حي الوحدات الواقع في مركز مدينة عمان، فوق جبل عال
يشرف على مركز المدينة، ويقطنه اللاجئون الفلسطينيون الذين رحلوا في
العام 1948، كما يعد مركزا لتجمع الطبقات الفقيرة، قال أحمد عقرباوي،
وهو سائق تاكسي (41عاما) " الزرقاوي لا وجود له، وهو كذبة اصطنعها
الاحتلال الأمريكي ليضحك على الناس."
وأضاف لـ (أصوات العراق) أن " أحمد فضيل الخلايلة والملقب بأبي مصعب
الزرقاوي مات في أفغانستان في العام 1999، وكل المجاهدين –حسب قوله-
العائدين من أفغانستان يؤكدون مقتله في معسكر هرات بعد الهجوم الأميركي
على حكومة طالبان."
وفي ناصية الشارع الذي يقود إلى المخيم، يقع دكان (أبو محمد) وصاحبه
معروف في المدينة، إذ كان مقاتلا في جبهة التحرير الفلسطينية سابقا،
ويبلغ من العمر (65 عاما) قال "الجهاد حق، و الزرقاوي مجاهد ضد
الاحتلال."، ونفى أن تكون للزرقاوي أية صلة بالتفجيرات الأخيرة في
عمان، أو في بغداد، متهما الموساد بتدبيرها باسم الزرقاوي.
وعلى مقربة من الدكان كان هنالك مجموعة من الشبان، قال أحدهم " أنا
مستعد للذهاب إلى العراق والتطوع مع جماعات الزرقاوي لقتال الأميركان."
مضيفا أنه لا ينظر للأميركان " كمنتصرين على الزرقاوي بعد مقتله
بطائرات حديثة ومتطورة، إنما هم جبناء ولم يستطيعوا مقاتلته وجها
لوجه."
وأضاف "الزرقاوي لم يقتل المدنيين إنما كل الذين قتلهم هم من
المتعاونين مع الاحتلال." على حد تعبيره.
أما جميل النابلسي (33 عاما) ويعمل موظفا في بنك، فقال "الزرقاوي
كان مناضلا وتحول إلى مجرم، وقاتل مأجور."
وأوضح النابلسي أنه سعيد جدا بالخلاص من الزرقاوي، متمنيا أن يعود
السلام للعراق ويتمكن من الذهاب للعمل في بغداد التي درس في جامعتها و
يحن إليها دائما، وله أصدقاء فيها لم ينقطع عنهم، وهو على اطلاع بما
يحدث هناك.
في حي صويلح الذي يقع شمالي عمان، وهو مركز القوى الدينية السلفية،
كانت الآراء واحدة تقريبا، التقينا الحاج عبد الرحمن الخليلي صاحب أكبر
مكتبة لبيع الكتب الدينية قرب جامع صويلح، وهو الجامع الذي كان عبد
الله عزام، الأب الروحي للقاعدة، يؤم المصلين فيه، فقال " الجهاد حق، و
الزرقاوي نال ما طلب ولن ينتهي القتال أو المقاومة بمقتله." وتابع
"ستجدد القاعدة أميرها في بلاد الرافدين وستعاود القتال مرة أخرى،
وبصورة أكثر شراسة" على حد تعبيره .
أما سعيد الجاوري (40 عاما)، ويعمل خياطا في السوق (طرزي) وهو بلحية
طويلة ودشداشة قصيرة، فاستغرب الحديث عن جرائم الزرقاوي وعدم الحديث عن
جرائم الأميركان، وقال "بوش يقتل الشعبين العراقي والفلسطيني كل يوم
ولا يعترض أحد عليه."
وحينما سألناه عن مقتل العراقيين المدنيين على يد الزرقاوي، قال "إن
كان الجهاد يتطلب ذلك فلا بأس، وسيعرف الله من منهم المجرم ليرميه
بالنار، أما البريء منهم فطريقه الجنة."
أما طارق البدليسي ( 45 عاما) وهو من أتباع الشيخ عبد الله عزام،
فرفض أن يكون للشيخ عزام أية صلة بفتاوى الزرقاوي في قتل الشيعة، وقال"
كان دليل الشيخ عزام في قندهار بأفغانستان شيعيا، وأنه لم يكن يفرق بين
شيعي وغيره."
وأضاف "أما فتاوى الزرقاوي في (تحليل) قتل الشيعة، فهي فتاوى باطلة.
والله أعلم."
وأردنا أن نأخذ آراء أخرى لمصلين كانوا يخرجون من الجامع.. لكنهم
رفضوا الإدلاء بأي حديث عن الأمر، وأبدى البعض منهم تشككه بصحة أخبار
مقتل الزرقاوي وقالوا إنه " افتراء أميركي"، ورفض بعضهم أن يكون
الزرقاوي موجودا في العراق أصلا! |