اشار تقرير صادر عن مؤسسة حكومية كردية الى تزايد ظاهرة اطفال
الشوارع الذين يمارسون اعمالا شاقة مثل البناء والحمالة والحدادة في
شمال العراق بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية.
وقد شملت الدراسة التي اجراها مركز البحوث في مؤسسة "موكرياني"
الكردية الحكومية ونشرها في تقريره السنوي الخميس في مدينة اربيل (350
كم شمال بغداد) 450 فتى في مدينة اربيل والاقضية والنواحي التابعة لها
تتراوح اعمارهم بين 12 و 14 عاما.
واوضح التقرير ان هؤلاء الاطفال يعيشون اوضاعا صعبة ويمارسون اعمالا
شاقة مثل العمل في البناء والحمالة والحدادة وان 86% منهم يعملون طوال
النهار وان 60% منهم يعملون بصورة مستمرة على مدار السنة وان 10% منهم
غير متعلمين وان 90% منهم اباؤهم لازالوا على قيد الحياة.
ويقول محمد حسين مدير ثقافة الاطفال في وزارة الثقافة في حكومة
اقليم كردستان العراق ان "ظاهرة اطفال الشوارع تزداد مع بداية كل صيف
ومع أنتهاء الموسم الدراسي".
ويوضح "مع انتهاء الموسم الدراسي تضطر بعض العوائل الى دفع اطفالها
للعمل في بيع المناديل الورقية او الحلويات عند التقاطعات المرورية او
في داخل السوق بسبب اوضاعهم الاقتصادية الصعبة".
ويضيف "اعتقد ان السبب الرئيسي لهذه الظاهرة ارتفاع الاسعار وخاصة
اسعار المواد الغذائية والخضروات والالبسة وارتفاع بدل الايجارات ما
يدفع بالعوائل الى تشجيع اطفالهم للعمل لمساعدتهم في رفع بعض معاناتهم
الاقتصادية".
ويقول الطفل كابان (12 عاما) الذي يبيع المناديل الورقية على تقاطع
طرق وسط اربيل "قبل حوالي اسبوعين انهيت المدرسة وجئت اشتغل هنا كي
اساعد عائلتي وايضا لاشتري لي بعض الملابس للسنة الدراسية القادمة".
ويضيف زميله محمد (10 اعوام) "والدي يشتغل ولكنه يعجز ان يوفر
متطلباتنا جميعا فنحن ثمانية اطفال لذلك نضطر في العطل الصيفية الى
العمل كي نساعده في توفير حاجياتنا".
بينما يقول كريم (15 عاما) الذي ترك الدراسة "عندما كنت في المدرسة
كنت اشاهد اغلب اصدقائي ياتون وفي جيوبهم مبالغ من المال ويشترون كل ما
يريدون من حلويات".
ويتابع "عندما طلبت من عائلتي المال قالوا لي ان اترك المدرسة
واشتغل لاحصل على ما اريد".
ويرى يوسف محمد عزيز وزير حقوق الانسان في حكومة اقليم كردستان
العراق ان "هناك اسبابا عديدة تقف وراء انخراط الاطفال في الاعمال
الشاقة وترك الدراسة والتوجه الى الشارع لكسب لقمة العيش".
ويضيف ان "هذه الظاهرة ليست جديدة وسابقا كان الوضع الاقتصادي هو
السبب الرئيسي ولكن الان المشاكل الاجتماعية وعدم تطوير العائلة
وتشتتها وعدم معرفتهم بالاهتمام بالاطفال كل هذه الاسباب باتت تؤدي الى
ازدياد هذه الظاهرة".
ويوضح الوزير الكردي ان لدى وزارته قسما خاصا للاهتمام بالاطفال
وتحسين اوضاعهم ومراقبة حقوقهم الا انهم الان في مرحلة توحيد الوزارتين
لحقوق الانسان في الادارتين الكرديتين السابقتين واعداد هيكل الوزارة
الجديدة والقانون الجديد للوزارة.
ويقول عبد الامير عبدالكريم مدير مركز للاطفال العاملين في الشوارع
"ليست لدينا احصائيات رسمية حول ازدياد هذه الظاهرة ولكن في السابق كان
الوضع الاقتصادي هو السبب والان سوء المنهج التربوي التعليمي في
المدارس كان دافعا اخر كي ينفر الاطفال من المدارس والتوجه الى ساحات
العمل لكسب لقمة العيش".
ويشير الى انه بصدد اعداد مجموعة من البحوث والدراسات حول هذه
الظاهرة وتقديمها الى السلطات المعنية في حكومة اقليم كردستان العراق
لاتخاذ الاجراءات اللازمة للحد منها.
فيما ترى ميديا جلال زنكابادي المدرسة والمشرفة الفنية في مدرسة
الاصلاح والتاهيل في اربيل ان "هناك اختلافا جذريا بين اطفال العراق
واطفال الدول الاخرى كالدول الاوروبية بسبب الحروب التي شهدها العراق
واثر ذلك على وضع العائلة العراقية".
وتقول "مدرستنا تعتبر سجنا للاطفال ونحن نقوم باصلاحهم ونمهد لهم
الطريق للانخراط في عمل مفيد مثل الرسم والموسيقى والرياضة الا ان
مركزنا لا يستطيع ان يتسع لجميع اطفال الشوارع" مشيرة الى انه "كان
هناك مراكز اخرى ولكن بسبب المسائل المادية اغلقت من قبل الحكومة".
وتؤكد زنكابادي على ضرورة زيادة هذه المراكز للقضاء على هذه الظاهرة
الخطيرة وتقول "نطالب بفتح اصلاحيات اخرى لان اصلاحية واحدة لا تكفي
للاطفال لابعادهم عن الشوارع هذا من جانب ومن جانب اخر يجب علينا تثقيف
العائلة وتحسين اوضاعها الاقتصادية لكي لاتجبر اطفالها على العمل في
الشوارع".
اما أطفال سوق العمل فى السليمانية فانهم لايعرفون شيئاً عن اليوم
العالمي للطفولة، فعلى الرغم من المهرجانات والإحتفالات التى تشهدها
السليمانية اليوم والأيام القادمة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى
للطفولة ،فان هناك فئة من الأطفال الذين دفع بهم إلى سوق العمل فى سن
مبكرة لا يعلمون شيئاً عن هذا اليوم ، بل إن أكثرهم ليست لديهم أية
معرفة عن وجود يوم خاص بهم.
الأخوان هونر (14 سنة) وهريم (11 سنة) يحملان على كتفيهما صندوقين
مصنوعين من الفلين بهما مثلجات متنوعة لبيعها في الحديقة العامة لمدينة
السليمانية، لم يكن لديهما أية معلومة عن اليوم العالمي للطفولة، بل
وحتى تأريخ يوم عملهم هذا.
عند إبلاغهم بخوصية هذا اليوم و اعتباره يوماً عالمياً للطفل صاح
هونر قائلاً "اشعر بفرح كبير."
هونر، طالب في الصف الخامس الإبتدائي، ويقضي عطلته الصيفية في العمل.
قال لوكالة انباء(أصوات العراق) "هذه السنة رسبتت في سبع مواد وأخي
هريم رسب في مادتين."
وقدمت (دار اطفال كردستان)، وهي منظمة مستقلة وغير حكومية ومتخصصة
في حقوق الأطفال مذكرة الى الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان
تطالب فيها "ضمان حقوق الأطفال في فلسفة الدولة وعدم دفع الأطفال الى
الأعمال الشاقة وتحريم استعمال العنف ضدهم."
وعن هذه الظاهرة يقول الباحث النفسي في مجال الصحة النفسية للطفل
أنور عمر لوكالة أنباء )أصوات العراق)"هناك أسباب عديدة في جهل الاطفال
بيومهم هذا، منها التربية والتعليم والمستوى الثقافي لأولياء الأمور
والتقصير من قبل الجهات المسؤولة كالمنظمات والمؤسسات الإعلامية."
خرجت الطفلة جيا سعيد (10 سنوات) وهي طالبة في الصف الثالث
الإبتدائي مع والدتها للتسوق.
جيا لا تعرف شيئا عن عمرها ولا عن اليوم العالمي للطفولة، و لاتعرف
اليوم يوافق أى يوم من أيام الشهر.
قالت جيا ان السبب في عدم معرفتها بتاريخ هذا اليوم هو عدم اعلامها،
وأضافت"المعلمون في المدرسة وأبي وأمي لم يخبروني شيئا عن ماهية اليوم
العالمي للطفولة."
مليحة، ام جيا، قالت مبتسمة "انا أمية وليست لدي أية معلومة عن هذه
الاشياء حتى اخبر جيا بها."
في إحدى اسواق السليمانية، طفل في الخامسة من عمره يسير مع والده
ممسكاً بيده لعبة، لم تكن هدية له بمناسبة اليوم العالمي للطفولة بل
اشتراها له الاب مصادفة.
قال سركوت مصطفى والد الطفل "اعلم بوجود يوم عالمي للأطفال، لكنني
لم أكن اعلم بأنه يصادف اليوم، وذلك لكثرة انشغالي بأعمالي اليومية."
وقالت أمل جلال، مديرة دار أطفال كردستان "هذا شيء مؤسف، أكثرية
الآباء دفعوا اطفالهم للعمل، مما جعلهم منشغلين عن هذه الأمور."
هناك من قاموا بتوعية أطفالهم بوجود يوم عالمي خاص بهم يصادف الأول
من حزيران من كل عام.
ساسان محمد (14 سنة)، كان جالسا امام محل عمل والده، قال انه يعلم
ان اليوم هو اليوم العالمي للاطفال وقال "أبلغتنى أمي بذلك."
ولكن لم يكن لدى ساسان علما بإقامة نشاطات و احتفالات بمناسبة اليوم
العالمي للطفولة.
أما على المستوى الرسمى ، فمن المقرر أن تنظم دار أطفال كردستان في
10-11 من حزيران الحالي مهرجانا شعريا وقصصيا خاصا بنتاجات الأطفال.
وكان قد اعلن اليوم عن تأسيس برلمان الاطفال يتكون من 25 طفلا من
اطفال السليمانية.
ونظمت منظمة حماية الطفولة، وهي منظمة غير حكومية مستقلة، امس،
تجمعا ومسيرة للاطفال عبروا فيها عن رأيهم حول اليوم العالمي الخاص
بهم.
وفي هذا السياق أعلن في السليمانية عن تأسيس برلمان أطفال كردستان
ايوم الخميس ،ويضم 25 طفلا وطفلة تتراوح أعمارهم بين (13-15 سنة) .
وقالت روزا ماكوان عضو برلمان أطفال كردستان لوكالة أنباء ( أصوات
العراق) " تم انتخاب 25 عضواً من بين 100 طفل وطفلة كي يشكلوا برلمان
الأطفال".
و اضافت أنه "سيتم انتخاب رئيس البرلمان يوم السبت المقبل ليمثل
اطفال اقليم كردستان في برلمان اطفال العالم (مقره في فنلندا)"
و أوضحت "سيهتم البرلمان بحقوق الأطفال و انهاء العنف ضد هم في
البيت والمدرسة والأهتمام بثقافة الطفل وإبعاد الأطفال عن سوق العمل
واعادتهم الى المدارس وتهيئة اجواء صحية للأطفال الذين يعانون من امراض
مزمنة والمعوقين."
وعن اطفال المحافظات الأخرى التي لم تشارك في هذا البرلمان قالت
روزا:" سنبذل كل الجهود لأشراك اطفال المحافظات الأخرى في هذا
البرلمان".
يذكر ان روزا ماكوان كانت قد مثلت اطفال العراق في اجتماع برلمان
اطفال العالم سنة 2003 الذي أنعقد في فنلندا وشاركت في اجتماع برلمان
اطفال العالم 2005 الذي أنعقد في تونس. |