تزايد عدد المراهقات المنتحرات في تركيا يثير قلق النشطاء

كانت باهار سوجوت في الرابعة عشرة من العمر عندما انتحرت باطلاق النار على رأسها من سلاح أبيها.

وقالت أمها وجدتها اللتان تعيشان في بيت من الطوب اللبن في قرية خارج بلدة باتمان في جنوب شرق تركيا الفقير ان هذا قدرها.

وقالت أمها نفيس سوجوت لرويترز "ماتت بقضاء الله." والقدر هو التفسير الوحيد لما حدث.

ويقول نشطاء ان باهار سوجوت كانت من بين 14 شخصا عشرة منهم فتيات تقل أعمارهن عن 23 عاما انتحروا هذا العام في باتمان وهي مدينة يقطنها 250 ألفا. وانتحرت فتاة أخرى عمرها 12 عاما ألقت بنفسها من فوق مبنى أمام مدرستها.

وتزايد حالات الانتحار بين النساء في جنوب شرق تركيا وهي منطقة تسكنها أغلبية كردية دفع ياكين ارتورك مقررة لجنة الامم المتحدة الخاصة بالعنف ضد النساء لزيارة المنطقة حيث يقول نشطاء حقوقيون ان العائلات تجبر الفتيات على الانتحار لان الحكومة تتخذ اجراءات صارمة ضد ما يسمى "بجرائم الشرف".

ويضيفون أن الشنق وتجرع السم واطلاق الرصاص هي الوسائل الاكثر شيوعا في الانتحار.

وغلظت تركيا التي بدأت محادثات الانضمام للاتحاد الاوروبي العام الماضي التشريع الخاص بجرائم القتل من أجل الشرف التي ترتكب ضد نساء ينظر الى أنهن لوثوا سمعة العائلة للحمل السفاح أو لمجرد أن لوثت سمعتهن الشائعات.

وفي الوقت الحالي يواجه الرجال الذين كان القضاة يعاملونهم بالرأفة لانهم يعتبرون "الشرف" عاملا مخففا في جريمة القتل عقوبة السجن مدى الحياة بموحب قانون جديد للعقوبات أقر في العام الماضي. ويقول نشطاء ان القانون الجديد جعل العائلات تضغط على المرأة موضع الشك لتقتل نفسها وتعفي قريبها الرجل من السجن.

قالت نيلجون ييلديريم من مركز كا مير لدعم المرأة لرويترز ان الضحايا اللاتي ينتحرن يقال لهن "لو كنت مكانك لقتلت نفسي... يعتقدون أنني فعلت شيئا سيئا وأن شقيقي سيسجن بسببي.. والنتيجة أن أقتل نفسي."

وفي مدينة فان في شرق تركيا قتلت 20 امرأة نفسها هذا العام مقارنة باجمالي 45 امرأة خلال عام 2005 كله. وتقول زوزان اوزجوكي من رابطة المرأة في فان ان بعض الوفيات حدثت نتيجة اجبار بينما الوفيات الاخرى هي جرائم قتل قدمت كانتحار.

وقالت اوزجوكي "زوج احدى السيدات كان جنديا. ووضعت مولودا وأجبرتها حماتها على أن تقتل نفسها... قالت لها اذا كان (زوجك) هنا لقتلك لذا يجب أن تقتلي نفسك."

وتقول ارتورك التي لا تزال في بداية مهمتها ان المزاعم بشأن الانتحار الاجباري يجب أن تؤخذ بحذر.

وقالت لرويترز "لكن هناك عوامل في بيئتهن تجبرهن وتجعل الانتحار خيارهن الوحيد." وتضيف أنه لا بد من النظر للقضية في سياق العنف ضد النساء ومكانة المرأة في المجتمع.

ورفضت نفيس سوجوت أم باهار وثلاثة ابناء التعليق على اجبار النساء على الانتحار. وقالت ان زوجها العاطل عن العمل كان خارج البيت عندما اطلقت ابنتها الرصاص على نفسها. وكانت تزيل الجليد من فوق سطح البيت.

وقالت بالكردية "سمعت عن اشياء كهذه لكنني لا أفعل ذلك مع ابنتي."

ولا تعرف نفيس سوى القليل من اللغة التركية ككثير من النساء في منطقة لا تزال تستخدم فيها الجياد وعربات تجرها الحيوانات وتزرع الحقول بأدوات تعتمد على العمل اليدوي.

ويطرح علماء الاجتماع وعلماء النفس أسبابا كثيرة لارتفاع معدل الانتحار بين النساء في باتمان وهي مدينة نمت بسرعة بسبب الهجرة من القرى في ذروة العنف بين المتمردين الاكراد والقوات التركية في التسعينات.

ومن المبررات التي قدمت العنف ضد النساء الضغوط كي يتصرفن كما تريد عائلاتهن والمشكلات الاقتصادية وتحدي التكيف مع الحياة في المدينة.

وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية الى أن ما بين ثلث ونصف النساء في تركيا يعانين من العنف المادي من قبل أسرهن. وتشير بيانات معهد الاحصاء التركي الى أن 80 في المئة من النساء على المستوى القومي متعلمات مقابل 95 من المئة بين الرجال.

والتفاوت أكبر في جنوب شرق تركيا الفقير ويقدر صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أنه في بعض الاقاليم فان أكثر من نصف الفتيات بين السادسة و14 عاما لا يذهبن للمدرسة.

وتركت باهار المدرسة بعد خمس سنوات وقالت أمها التي تزوجت وعمرها 15 عاما ان هذا كان قرارها.

وقالت توبا أصلان وهي أخصائية نفسية في مركز سيليس لاستشارات وارشاد المرأة في باتمان "هناك ضغوط اجتماعية... لا يستطعن أن يتخذن قرارات لانفسهن والقيود تفرض عليهن."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29/ايار/2006 -30/ربيع الثاني/1427