السياسة في العراق تتجاوز في تعقيداتها الصراع الطائفي

يُنظر الى السياسة العراقية بصفة رئيسية من منظور الانتماءات العرقية والطائفية ولكن اذا أُمعن النظر فيها أكثر بدت الصورة أكثر تعقيدا.

ورغم ان غالبية العراقيين أدلوا بأصواتهم في انتخابات ديسمبر كانون الاول على أساس طائفي وعرقي الا ان الخلافات الايديولوجية حول دور الاسلام في الحياة العامة والاحتلال الامريكي والمخاوف الاقتصادية والمحلية والعملية التي تستهدف تطهير الوظائف الحكومية من اعضاء حزب البعث التابع للرئيس السابق صدام حسين تضيف مزيدا من التعقيد الى السياسة العراقية.

ومثل تلك الخلافات في وجهات النظر بين الكتل السياسية بل وفي داخلها غالبا ما تتخطى حدود المذاهب أو الأعراق التي ينتمي لها المشرعون مما أسهم في حالة الجمود بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال الاشهر القليلة الماضية.

وفي بعض الحالات فان رجال السياسة ولا سيما العلمانيين يظهرون اتفاقا أكبر مع سياسيين آخرين من طائفة مغايرة.

ويتمتع إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق وهو شيعي علماني وبعثي سابق ومثال الالوسي وهو سني معادي للبعث بشعبية نسبية لدى الجانب الاخر من الفصيل الطائفي المغاير.

وعارض علاوي الشيعي مثل غالبية السنة العملية المعروفة باسم تطهير مؤسسات الحكومة من البعثيين كما عارض حل الجيش العراقي السابق الذي يعتقد الآن انه في طليعة المقاومة العنيفة التي تهدد العملية السياسية بأكملها.

وهو ايضا منتقد شديد للميليشيات الشيعية التي يحملها السنة اللوم في عمليات قتل طائفية.

والالوسي من ناحية اخرى يعود بجذوره الى محافظة الانبار السنية المضطربة ولكنه واحد من أشد منتقدي المسلحين ورجال السياسة السنة.

ويوم الاربعاء خرج الالوسي غاضبا اثناء مشاجرة بين رئيس البرلمان السني ونائبة من الائتلاف الشيعي الموحد زعمت ان حراس رئيس البرلمان هاجموا حارسها لان هاتفها المحمول كان يرن.

ووقف الالوسي الى جانب غفران الساعدي التي عطلت جلسة البرلمان وانضم بسرعة الى الهجوم.

وقال في غضب واضح انه يجب ألا يُسمح للمسلحين بدخول البرلمان. وأثار تساؤلات حول إمكانية ان يكون حملة السلاح في البرلمان من الارهابيين.

وحتى الائتلاف العراقي الموحد الذي يحتفظ بما يقارب الاغلبية في البرلمان يشهد تصادما ايديولوجيا بين العناصر القومية نسبيا وأولئك الذين يطالبون باقامة فيدرالية اسلامية في الجنوب الغني بالنفط.

وقال ضياء الشكرجي وهو اسلامي تحول الى العلمانية انه يتوقع ان تتحالف الاحزاب حول ايديولوجيات مشتركة في المستقبل بدلا من الخلفيات العرقية او الطائفية.

وقال الشكرجي لرويترز ان غالبية الجماعات السياسية الان منقسمة على أساس عرقي وطائفي ولكن ذلك لا يعكس الايديولوجيات الحقيقية لهذه الجماعات.

واضاف انه كان من السهل الفوز باصوات بمجرد الانضمام الى قائمة تزعم انها تمثل قطاعا بأكمله من المجتمع. وأعرب عن اعتقاده بأن الكثير من الاحزاب الاسلامية لديها وجهات نظر أقرب الى العلمانيين.

وتجلت الانقسامات بين الاسلاميين الشيعة في وقت سابق من العام الحالي عندما اضطرت ضغوط هائلة ابراهيم الجعفري الى سحب ترشيحه لرئاسة الوزراء. ولم يقف المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وهو حزب رئيسي ومنافس للجعفري خلفه في الوقت الذي زادت عليه ضغوط السنة والاكراد.

وضايق الخلاف أتباع مقتدى الصدر حليف حزب الدعوة الذي ينتمي له الجعفري. ولكل من المجلس الأعلى للثورة الاسلامية والصدر ميليشيات قوية تتنافس على النفوذ في المدن الشيعية العراقية. واشتبكت الميليشيتان لفترة قصيرة في عام 2005 والان يلقي السنة عليهما باللوم في عمليات القتل الطائفي وهو اتهام ينفيه كليهما.

ويعود حزب الدعوة وحركة الصدر بجذورهما الى آية الله محمد باقر الصدر وهو فقيه شيعي كان يحظى باحترام كبير قتله صدام في عام 1980.

وكان ينظر الى الصدر الراحل وهو من اسرة مقتدى الصدر على انه قومي ومدافع عن التعليم الديني.

ويختلف الاسلاميون السنة والشيعة في الرأي عندما يتعلق الامر بدور الاسلام في الدولة وفي درجة العداء للغرب.

وعلى سبيل المثال انضمت ميليشيات مقتدى الصدر الى المسلحين السنة في الماضي لقتال القوات الامريكية كما وقف الحزب الاسلامي العراقي اكبر حزب سني الى جانب الاحزاب الشيعية في قبول العملية السياسية المدعومة من الولايات المتحدة منذ البداية.

وحث الحزب الاسلامي اتباعه من السنة على الاشتراك في الاستفتاء الذي رفضه غالبية السنة ولكن وافق عليه الشيعة والاكراد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/ايار/2006 -16/ربيع الثاني/1427