
تقول منظمة "احموا الأطفال" إن الفتيات الصغيرات في ليبريا مازلن
يتعرضن للاستغلال الجنسي من قبل بعض العاملين في منظمات الإغاثة
الدولية وقوات حفظ السلام بالرغم من تعهدات الأمم المتحدة بالوقوف أمام
هذا الاستغلال. ووفقا لتقرير المنظمة فإن فتيات لا تتعدى أعمارهن
الثامنة تجبرن على ممارسة الجنس في مقابل الطعام وذلك من قبل بعض
العاملين في الوكالات المحلية والدولية. وتضيف المنظمة في تقريرها أنه
مع عودة من شردتهم الحرب الأهلية إلى قراهم فإن هذا الاستغلال الجنسي
أصبح أكثر شيوعا.
من جهتها قالت الأمم المتحدة إنها ستحقق في هذه المزاعم. وكانت
المنظمة الدولية قد وعدت باتخاذ تدابير لمنع هذا السلوك وذلك بعد أن
عرف لأول مرة بالاستغلال الجنسي الذي كان يمارس في معسكرات اللاجئين في
غرب أفريقيا قبل أربع سنوات.
لكن دراسة أعدتها منظمة "احموا الأطفال" وتضمنت مقابلات مع أكثر من
300 شخص في معسكرات للأشخاص الذين شردتهم الحرب، وجدت إن الاستغلال
الجنسي مازال يمارس على نطاق واسع. وقال تقرير المنظمة إن جميع من
تحدثوا لها أوضحوا أن أكثر من نصف الفتيات اللواتي في معسكراتهم تعرضوا
لهذا الاستغلال. ينبغي فعل الكثير لمساعدة الأطفال وعائلاتهم كي
يستمروا في حياتهم دون التعرض لهذا الاستغلال والتحول إلى مثل هذا
النوع من اليأس المسئولة التنفيذية لمنظمة "احموا الأطفال" في المملكة
المتحدة وأشار التقرير إلى أن الفتيات ما بين الثامنة والثامنة عشر تم
بيعهن مقابل الجنس.
وقالت فتاة تبلغ من العمر 20 عاما للبي بي سي إنها أجبرت على ممارسة
الجنس مع أحد العاملين في برنامج الغذاء العالمي.
وقالت كونا براون: "لقد مارس هذا الشاب الاستغلال الجنسي مع معظم
صديقاتي. كما فعل ذلك مع الفتيات الصغيرات اللواتي لا يستطعن التمييز
واللواتي مارسن الجنس معه من أجل الطعام". وتقول منظمة "احموا الأطفال"
إن المسئولين الحكوميين والمدرسين ساهموا أيضا في هذا الاستغلال، حيث
يطلب المدرسون ممارسة الجنس بدلا من المصاريف المدرسية أو مقابل منح
درجات جيدة.
وقد تضررت صورة قوات حفظ السلام في غرب أفريقيا من جراء تلك
الاتهامات
وتقول مسئولة المنظمة التنفيذية في المملكة المتحدة ياسمين وايتبريد
إن "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه. يجب أن يعالج. فالرجال
الذين يستغلون مواقع السلطة لممارسة الحنس مع الأطفال ينبغي أن يتم
الابلاغ عنهم وطردهم". وتضيف ياسمين أنه "ينبغي فعل الكثير لمساعدة
الأطفال وعائلاتهم كي يستمروا في حياتهم دون التعرض لهذا الاستغلال
والتحول إلى مثل هذا النوع من اليأس".
من جهته قال جريج بارو من برنامج الغذاء العالمي إن منظمته ستتعامل
مع الاتهامات الأخيرة "بأقصى درجة ممكنة من الجدية" وأنها اتخذت بالفعل
خطوات للتحقق من هذه المزاعم. وقال بارو للبي بي سي إن "المفتاح هنا هو
إيجاد الشخص الذي يعمل في سلسلة إيصال الطعام إلى من يحتاجها ويستغل
منصبه".
وقال منسق عمليات الإغاثة في ليبريا، جوردان ريان، إن هذه المزاعم
سيجري التحقيق فيها من قبل منظمة الأمم المتحدة. لكنه أضاف "إنه للأسف
لم تأخذ كل المنظمات غير الحكومية الدولية هذه الاتهامات على محمل
الجد. لكن من الواضح أن التحقق من هذه الاتهامات أصبح أولوية".
وقالت منظمة "أنقذوا الأطفال" الاثنين إنها أجرت مسحاً لنحو 160
طفلاً و170 راشداً، ممن يقيمون في المخيم أو عادوا مؤخراً إلى منازلهم،
وأنهم كرروا مقولة ممارسة الفتيات الجنس مع رجال كبار في السن مقابل
المال والغذاء ومنتجات أخرى. وضم هؤلاء الرجال عناصر في قوات حفظ
السلام الدولية في ليبيريا وآخرون يعملون في مجال الإغاثة والمساعدات،
وغير هم من الرجال المتنفذين في المجتمع.
ولم يذكر التقرير جنسيات العاملين في منظمات الإغاثة والمساعدة أو
في قوات حفظ السلام الدولية المتورطين في هذا الأمر. يذكر أن هناك 17
ألف جندي تابعون لقوات حفظ السلام الدولية في ليبيريا، نقلاً عن
الأسوشيتد برس. ورغم ظهور بعض المبادرات للتقليل من حالات الاستغلال
الجنسي، فإن التقرير أشار إلى أنه لم يحدث تغير يذكر في حياة الأطفال
المعرضين للإساءة منذ عام 2002. وقال المنسق الدولي الشؤون الإنسانية
في ليبيريا، جوردان ريان، إن المسح الذي أصدرته منظمة "أنقذوا الأطفال"
لم يعد صالحاً لأنه أجري قبل تسعة شهور مضت، وأن كثيراً من الأمور
تحسنت منذ ذلك الحين، وأن المخيمات المذكورة في التقرير أغلقت الآن
بعودة القاطنين فيها إلى بيوتهم. وقال ريان "هناك أمور جيدة تحدث في
ليبيريا الآن" متعهداً بطرد من يقوم بأي سلوك غير مقبول. وقال وكيل
وزارة الصحة في ليبيريا، محمد الشريف "مع مجيء الحكومة الجديدة، بدأ
وضع آليات الحد من مثل هذه الأمور موضع التنفيذ." غير أن الشريف نبه
لصعوبة منع الصفقات القائمة على الجنس بالنسبة لدولة فقيرة بدأت تستعيد
عافيتها بع سنوات من العنف. وأضاف الشريف قائلاً "ثمة آباء هنا لديهم
العديد من الأطفال، ربما 8 أو 10 أطفال، غير قادرين على التعايش على
الأموال القليلة التي بقيت لديهم، وهم يعيشون على مبلغ يقل عن 25 سنتاً
في اليوم، لذلك لكم أن تتخيلوا الأسباب التي تقف وراء حدوث مثل هذه
الأمور."
يذكر أن ليبيريا بدأت تلتقط أنفاسها مؤخراً من سنوات من الحرب
الأهلية، فيما ما زال العديد من مواطنيها يعيشون في مخيمات بعد أن
أجبروا على الرحيل عن قراهم وأماكن سكنهم. كذلك تسلمت رئيسة ليبيريا،
إلين جونسون-سيرليف، منصبها في يناير/كانون الثاني الماضي بعد أن وعدت
بإعادة إعمار البلاد وتحقيق السلام. |