اشادة سياسية بقرار حزب الفضيلة.. اعتبر الحزب ان مبدأ العلاقات الشخصية والأنانية هي السائدة في توزيع الحقائب الوزارية

خرجت الخلافات في الغرف المغلقة على عدد من المناصب الاقتصادية الرئيسية في الحكومة العراقية الجديدة على الملأ يوم الجمعة عندما اعلن حزب الفضيلة انه سينسحب كلية من محادثات تشكيل الحكومة واتهم السفير الامريكي بالتدخل.

ورغم ان رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي مازال أمامه عشرة ايام من مهلة دستورية مدتها 30 يوما لعرض حكومته على البرلمان فهو يواجه مشكلات كبيرة من داخل معسكره حيث يدور صراع بين متنافسين شيعة على السيطرة على وزارة النفط ووزارات اخرى.

وأعلن حزب الفضيلة المشارك في كتلة الائتلاف العراقي الموحد التي لديها شبه اغلبية في البرلمان انه قرر الانسحاب من محادثات تشكيل الحكومة. لكن مسؤولا كبيرا بالحزب قال في وقت لاحق لرويترز ان القرار غير نهائي وان الحزب مازال يأمل في الحصول على مناصب مهمة. ويتولى الحزب حاليا ادارة وزارة النفط.

لكن خطوة حزب الفضيلة تشير رغم ذلك الى تزايد فرص حسين الشهرستاني الذي تفضله احزاب الائتلاف الاخرى في تولي منصب وزير النفط. والشهرستاني عالم نووي تعرض للتعذيب والسجن في عهد صدام حسين وهو سياسي اسلامي بارز.

وفي بغداد قال صباح الساعدي المتحدث باسم حزب الفضيلة للصحفيين "لن نعود" الى طاولة المحادثات وان الحزب اعلن عن موقفه النهائي وهو الانسحاب من تشكيل الحكومة على ان يظل في البرلمان ليعبر عن صوت الشعب.

وانتقد الساعدي احزابا اخرى تحاول فرض مرشحيها على المالكي لتولي مناصب وزارية كما انتقد ضغوط السفير الامريكي في العراق..

لكن مسؤولا اكبر من حزب الفضيلة قال لرويترز في وقت لاحق "اذا وافقوا على شروطنا فسوف نعود للمشاركة من جديد."

ومن بين الشروط التي يضعها الحزب الاحتفاظ بوزارة النفط التي تعد امرا حيويا في اي خطة لاستعادة الازدهار والاستقرار بالعراق نظرا لسيطرتها على ثالث اكبر احتياطات للنفط الخام في العالم ومن ثم التحكم في جميع عائدات العراق تقريبا.

ولعب السفير الامريكي خليل زاد دورا رئيسيا في التوسط في النزاعات السياسية بالعراق خلال العام الماضي. وشدد على أن واشنطن التي تشعر بخيبة أمل بسبب التأخر في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر كانون الاول تريد الان وزراء فنيين يتمتعون بالكفاءة لادارة العراق على مدى السنوات الاربع القادمة في الوقت الذي تحاول فيه تقليص الوجود الامريكي.

ولا يوجد أيضا اتفاق بخصوص شغل حقيبتي الداخلية والدفاع بشخصيتين ليست لهما علاقة بالميليشيات التي انتشرت بعد سقوط الرئيس صدام حسين.

ويطالب زعماء الاقلية السنية والولايات المتحدة باقالة وزير الداخلية بيان جبر المتهم بالسماح بتشكيل فرق اعدام شيعية تابعة للشرطة.

ويبدو ان المنافس الرئيسي للشهرستاني في الحصول على حقيبة النفط هو ثامر الغضبان الفني بالوزارة.

والشهرستاني عالم نووي تعرض للتعذيب والسجن على يد نظام صدام حسين ويقول ان ذلك جاء بسبب رفضه العمل في برنامج للاسلحة النووية. وكان ينظر اليه في بعض الاحيان على أنه مرشح محتمل لرئاسة الوزراء وأصبح نائبا لرئيس البرلمان.

وعبر مسؤولون بصناعة النفط عن بعض التحفظات بخصوص قدرة الشهرستاني على قيادة الوزارة حيث شككوا في خبرته الفنية في قطاع النفط كما يشتهر بانه لا يتقبل المشورة.

وفي مؤتمر صحفي اقامه يوم الجمعة قال الشيخ صباح الساعدي عضو مجلس النواب عن حزب الفضيلة:" إن انسحابنا من التشكيلة الحكومية الحالية لا يعني انسحابنا من الائتلاف".

وأضاف :"سنلعب دور معارضة داخل مجلس النواب، أساسه تقويم عمل الحكومة إذ لابد من وجود رقيب عليها".

وأوضح الساعدي :"لم نحدد فيما إذا كنا سنشكل مع كتل أخرى في البرلمان جبهة معارضة وإنما سنكون كتلة في البرلمان تمتلك 15مقعدا".

ووصف المفاوضات الجارية:" بأنها تتمثل في أن كل طرف يدفع باتجاه نفسه كما أن هناك ضغوطا خارجية وداخلية تدفع باتجاه تشكيل حكومة محاصصة"مؤكدا:"أن المحاصصة لم تقتصر على الحقيبة الوزارية وإنما حتى على الوزير.

وبين:"موقفنا ليس بالضرورة يحدث شرخا في الائتلاف الموحد وإنما من حق الشعب العراقي أن يعرف ما يجري خلف الكواليس".

وقال الساعدي:"سنعلم قيادات الائتلاف الموحد بقرارنا".

وبين:" أن انسحاب حزب الفضيلة من التشكيلة الوزارية ليس تأخيرا لإعلان تشكيلة الحكومة الحالية إذ أن بإمكان السيد نوري المالكي المكلف بتشكيل الحكومة إعلانها في موعدها المحدد".

.وبشأن حسم وزارة النفط قال:"لم تحسم وزارة النفط بين المستقلين وبين الفضيلة إلى الجلسة الأخيرة للائتلاف الموحد بالأمس بل إن حزب الفضيلة ارتفعت حظوظه جدا في الحصول على الوزارة"

وأضاف:"حاولنا قدر الإمكان في المشاورات سواء كانت داخل الائتلاف أو مع الكتل الأخرى التي جرت لتشكيل الحكومة، الدفع باتجاه تشكيل حكومة قوية قائمة على الاستحقاقات الانتخابية لكننا لم نستطع تحقيق ذلك".

وعلل الساعدي انسحاب الحزب من التشكيلة الوزارية قائلا:"إننا وجدنا أن الذهنية المتحكمة في تشكيلها هي المصالح الأنانية الضيقة والمكاسب الشخصية والفئوية ونسيان الهدف الأساسي وهو خدمة المواطن وتوفير الحقوق الأساسية من الأمن والسيادة والخدمات ".

واكد:"سيبقى دورنا ايجابيا في تقويم عمل الحكومة ونقل صوت الشعب العراقي .

واكدت مصادر مطلعة ان هذا القرار جاء من القيادة الروحية للحزب والمرجعية التي ترعاه والمتمثلة بالمرجع الديني اية الله الشيخ اليعقوبي بعد خلفية اسلوب التعاطي الخاطيء في تشكيل الحكومة .

واشاد الكثير من الساسة في العراق بالقرار الشجاع الذي تبناه حزب الفضيلة الاسلامي بالانسحاب من مفاوضات تشكيل الحكومة ، حيث اشاد السياسي والاعلامي العراقي ازهر الخفاجي بقرار حزب الفضيلة هذا بالانسحاب من تشكيلة الحكومة الجديدة ، مؤكدا بان مثل هذا القرار يمثل تعبيرا دقيقا عن الشعور بالمسؤولية لدى هذا الحزب ورفض دخول الحكومة الجديدة معصوب العين وفي ظل التهافت لدى البعض على تحقيق المصالح الحزبية الضيقة "، واضاف الخفاجي قائلا في تصريح صحفي له بهذا الشان :" ولعل اهم مايثير الانتباه في قرار حزب الفضيلة بالانسحاب من تشكيلة الوزارة الجديدة ، هو الاشارة الواضحة والاتهام العلني الصريح بتورط السفير الاميركي خليل زلماي زاد في تدخله في تشكيلة الحكومة الجديدة ، وهذا الاتهام هو ابلغ موقف شجاع يقفه حزب سياسي عراقي مشارك في العملية السياسية منذ سقوط نظام الديكتاتور صدام ، حيث تعود المواطن ان يستمع لمثل هذه الاتهامات للسفير الاميركي يوجهها السياسيون العراقيون في لقاءاتهم بالمواطنين ويتحدثون عنها سرا ولايفصحون عنها علنا، اما ما ورد على لسان اعضاء قياديين في حزب الفضيلة في اتهام السفير الاميركي علانية بالتدخل في تشكيل الحكومة الجديدة ، فهو يشكل تصريحا سياسيا شجاعا يعلن فيه للعراقيين صراحة بان القرار السياسي العراقي ليس مستقلا كما يعلن عنه السياسيون العراقيون وخاصة ما يعلنه قادة العملية السياسيةالعراقية في مؤتمراتهم الصحفية .

بدوره قال الدكتور باسم شريف عضو مجلس النواب عن حزب الفضيلة يوم السبت أن انسحاب حزبه من تشكيلة الحكومة جاء بسبب المنهج التفاوضي للكتل وليس بسبب عدم حصوله على حقيبة وزارة النفط .

وأضاف السيد شريف لـ (أصوات العراق ) " لاحظنا أن مبدأ العلاقات الشخصية والأنانية التي تحدث خارج الاجتماعات هي السائدة في توزيع الحقائب الوزارية ".

وكان حزب الفضيلة الإسلامي وهو احد مكونات الائتلاف العراقي الموحد قد أعلن انسحابه من التشكيلة الحكومية يوم أمس الجمعة احتجاجا على ما أسماه " الذهنية المتحكمة في تشكيل الحكومة."

ونفى الدكتور شريف ان يكون انسحابهم جاء لعدم منحهم حقيبة وزارة النفط قائلا " انا ضد وسائل الاعلام التي نقلت ان انسحابنا بسبب عدم منحنا وزارة النفط لان وزارة النفط ووفقا للمفاوضات كنا سنحصل عليها ".

وعما اذا كان رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي قد أجرى وساطات من أجل عودتهم للمفاوضات الحكومية قال "نعم أجريت معنا الكثير من الاتصالات والوساطات من اجل عودتنا للمفاوضات ". لكنه اكد أن تغيير المنهج التفاوضي شرط لعودتهم للمفاوضات .

وكان رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي قد اكد في بيان اعلنه اليوم حرصه على مشاركة حزب الفضيلة في الحكومة العراقية الجديدة وقال "ثقتنا بهم أنهم جزء مهم في حكومة الوحدة الوطنية كما هي ثقتنا بحكمتهم السياسية في معالجة المشاكل التي تعترض عملية تشكيل الحكومة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 13/ايار/2006 -14/ربيع الثاني/1427