حبس 260 متظاهرا مصريا بعد اتهامهم بـ اهانة الرئيس

قررت النيابة المصرية الجمعة حبس 260 متظاهرا القي القبض عليهم الخميس خلال تظاهرات سلمية تضامنا مع القضاة احتياطيا لمدة 15 يوما بعد ان وجهت اليهم تهما عدة ابرزها "اهانة رئيس الجمهورية" حسبما افادت مصادر قضائية ومحامون.

واكد المحامي من جماعة الاخوان المسلمين مصطفى الدميري لوكالة فرانس برس ان 50 متظاهرا احيلوا الى نيابية أمن الدولة (منشاة بموجب قانون الطوارئ) فيما احيل 210 الى نيابة الجلاء (وسط القاهرة) وحبسوا 15 يوما بعد ان وجهت اليهم "تهم اهانة رئيس الجمهورية وتكدير الامن العام واثارة الشغب".

واعرب المتحدث باسم جماعة الاخوان عصام العريان عن استغرابه لتوجية تهمة اهانة رئيس الجمهورية للمتظاهرين مؤكدا "ان الجماعة لا تردد اي هتافات ضد رئيس الجمهورية عندما تشارك في التظاهرات".

وقالت محامية حركة كفاية المعارضة وفاء المصري لوكالة فرانس برس ان من بين الذين القي القبض عليهم خمسة من الحركة وان الاخرين من جماعة الاخوان.

واكدت ان ثلاثة ناشطين من حركة كفاية هم عبد العزيز الحسيني واحمد حسين ومحمد رؤوف وجهت اليهم تهمة اضافية هي "اثارة الفتنة الطائفية". واضافت ان الناشطين الثلاثة "القي القبض عليهم أمام مسجد الفتح في وسط القاهرة وان رجال الامن كانوا يشيعون في المنطقة اثناء تفريقهم للتظاهرات بالقوة ان المتظاهرين متطرفون يحملون اسلحة بيضاء ويريدون القيام باعمال ضد الاقباط".

وكان 49 ناشطا من حركة كفاية ومجموعات احتجاجية اخرى صغيرة القي القبض عليهم في تظاهرات تضامن مع القضاة منذ ان بدا هؤلاء اعتصاما في مقر ناديهم بوسط القاهرة في 18 نيسان/ابريل الماضي واحيلوا الى النيابة التي قررت حبسهم احتياطيا بعد ان وجهت اليهم تهما مماثلة.

وكان نادي القضاة قرر هذا الاعتصام احتجاجا على احالة نائبي رئيس محكمة النقض هشام البسطويسي ومحمود مكي الى محاكمة تاديبية بتهمة الاساءة للقضاة بعد ادلائهما بتصريحات صحفية اكدا فيها ضرورة التحقيق مع القضاة الذين يثبت تورطهم في تزوير الانتخابات التشريعية التي جرت الخريف الماضي.

وفرقت قوات الشرطة المصرية بالقوة الخميس تظاهرات سلمية للتضامن مع القضاة جرت بالتزامن مع جلسة المحاكمة الثانية للمستشارين مكي والبسطويسي. وارجأت محاكمة القاضيين الى 18 نيسان/ابريل الجاري.

واتسعت خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة تظاهرات التضامن مع القضاة الذين يطالب ناديهم بتعديل تشريعي يحد من تدخل السلطة التنفيذية في شؤون العدالة وبضمانات تكفل اشرافا حقيقيا للقضاة على الانتخابات لمنع تزويرها.

كما تعرض عدة صحافيين الخميس للاحتجاز والضرب مبرح من قبل قوات الامن المصرية اثناء تغطيتهم تظاهرات التضامن مع القضاة الذين يحاكم اثنان منهم امام مجلس تاديب لمطالبتهما بالتحقيق في وقائع تزوير الانتخابات التشريعية الاخيرة.

وقال شهود لوكالة فرانس برس ان مصور التلفزيون التركي في القاهرة ضرب وكسرت يده وتمت مصادرة الكاميرا التي كانت بحوزته.

واكد مصدر في مكتب تلفزيون قطر في القاهرة انه تم القاء القبض على مصور ومهندس صوت يعملان في المكتب هما احمد صلاح ويحي فهيم وانه لم يتسن معرفة مكان احتجازهما.

وتعرض مصور ومحرر في قناة الجزيرة هما ياسر المليجي ومحمد الضبع للضرب وصادرت الشرطة الكاميرا التي كانت بحوزتهما قبل ان تعيدها اليهما في وقت لاحق حسب ما ذكر مصدر في مكتب القناة في القاهرة.

واكدت عبير العسكري الصحفية في جريدة الدستور الاسبوعية المعارضة انها تعلاضت لضرب مبرح ولتحرش جنسي من قبل جنود الشرطة.

وقالت العسكري لوكالة فرانس برس "حاصرني ستة من ضباط وجنود الشرطة واخذوا يوجهون لي الركلات والصفعات ثم وضعوني في سيارة للشرطة ونقلوني الى قسم السيدة زينب (على بعد بضعة كيلومترات من موقع التظاهرات)".

واضافت "واصل الجنود ضربي في قسم السيدة زينب ثم ادخلوني في غرفة واغلقوها وصاح احد الضباط في جنوده: هل ساعلمكم ما ينبغي عليكم عمله (..) فاخذ الجنود على الفور يضربونني ويمزقون ملابسي ويتحرشون بي جنسيا ثم القوا بي خارج القسم بعد قرابة ساعتين وهددوني بما هو اسوا اذا عدت الى منطقة وسط المدينة".

وتابعت العسكري "اقرضني صاحب احد المحلات سجادة للصلاة لكي اغطي ملابسي الممزقة وظل اثنين من الجنود يتابعونني الى ان تاكدوا انني وصلت الى مكان بعيد عن قلب القاهرة".

والقت اجهزة الامن صباح اليوم القبض على عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد عبد القدوس اثناء جلوسه في مقهى مجاور لدار القضاء العالي (المحكمة العليا) حيث عقدت جلسة المحاكمة التاديبية الثانية لنائبي رئيس محكمة النقض محمود مكي وهشام البسطويسي.

والقي القبض على عشرات من الناشطين الخميس في الشوارع اثناء تظاهرات تضامن مع القضاة قمعتها الشرطة بعنف.

من جهتها احتجت واشنطن على قمع قوات الشرطة المصرية بعنف الخميس تظاهرات سلمية للتضامن مع القضاة محذرة من انه قد ينعكس سلبا على حجم المساعدات المالية المقدمة الى مصر.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك ان الولايات المتحدة "قلقة" من توقيف عشرات المتظاهرين الذين كانوا يعربون عن تضامنهم مع قاضيين يحاكمان امام مجلس تاديب لادلائهما بتصريحات طالبا فيها بالتحقيق في شكاوى حول تزوير الانتخابات.

واضاف ماكورماك "تثير الطريقة التي واجهت بها الشرطة المتظاهرين والصحافيين خلال التظاهرات التي اوقعت عددا من الجرحى القلق". وقال ان "ما يثير قلقنا كذلك تمديد اعتقال العديد من الاشخاص واتهامهم بالاخلال بالامن".

واعتبر ان "مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع التزام الحكومة المصرية المزعوم ازاء الانفتاح السياسي والحوار داخل المجتمع المصري". وقال "نعرب للحكومة المصرية عن قلقنا وسنواصل الضغط لصالح الاصلاحات السياسية وحرية التعبير والصحافة".

ودعا المتحدث السلطات المصرية الى السماح بتنظيم تظاهرات سلمية تؤيد الاصلاحات والحريات المدنية مشيرا الى "قلق الولايات المتحدة الكبير ازاء مسيرة الاصلاحات السياسية والديموقراطية في مصر".

واوضح ان "مصر بلد صديق. مصر حليفة. لدينا العديد من الملفات التي نعمل عليها معا وخصوصا مكافحة الارهاب والسلام في الشرق الاوسط. وعندما تطرح مشكلات نتحدث بها صراحة. هذا ما يفعله الاصدقاء".

وتضغط واشنطن على مبارك لتسريع الاصلاحات السياسية حيث ترى في ذلك وسيلة لاحتواء الحركات الارهابية. ومصر هي الدولة الثانية في حجم المساعدات الاميركية التي تتلقاها بعد اسرائيل.

ومع تاكيده ان الولايات المتحدة لا تعتزم مراجعة مساعدتها السنوية البالغة قرابة ملياري دولار الى مصر حذر المتحدث من ان الكونغرس الاميركي الذي وافق على المساعدات الخارجية قد يبدي انزعاجا من طريقة حكم الرئيس حسني مبارك.

وقال "جرت مناقشات عدة في الكابيتول خلال السنوات الماضية حول المساعدة الاميركية الى الحكومة المصرية". واضاف "عندما بحثت المسالة خلال السنوات الاخيرة دافعنا عن مواصلة المساعدة بالمستوى نفسه والمجالات نفسها. يبقى هذا موقفنا". وتابع "مع ذلك تبدي الحكومة والسلطة التنفيذية مخاوف واضحة".

وقال شون مكورماك المتحدث باسم البيت الابيض ان الولايات المتحدة منزعجة بشدة بشأن مسار الاصلاح السياسي والديمقراطية في مصر.

ومصر هي أكبر متلقي المساعدات الخارجية الامريكية بعد اسرائيل والعراق حيث تحصل على حوالي ملياري دولار سنويا في صورة مساعدات عسكرية ومساعدات اخرى.

وقال مكورماك ان ادارة بوش لا تعتزم خفض المساعدات لمصر بسبب قضايا حقوق الانسان غير أنه حذر من أن هناك "مناقشات كثيرة" داخل الكونجرس بخصوص حجم أموال دافعي الضرائب التي تذهب الى مصر سنويا.

وأضاف قائلا "الحكومات الاجنبية أيضا بحاجة الى فهم العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ودور السلطة التشريعية في توزيع الاموال على مثل تلك الانواع من البرامج."

وتهدف تلك الاموال الى المساعدة في دعم الاستقرار والديمقراطية في مصر غير أن بعض المشرعين الامريكيين شككوا في فاعلية المساعدات في دعم الديمقراطية في مصر أكبر البلدان العربية سكانا.

ودعا توم لانتوس العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الامريكي الى مراجعة عاجلة للمساعدات العسكرية لمصر.

واشار لانتوس الى تقرير لهيئة تابعة للكونجرس ذكر أن وزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين لم تجريا تقييما مناسبا لكيفية مساهمة عشرات المليارات من الدولارات التي ذهبت الى مصر في خدمة الاهداف الامنية للولايات المتحدة.

وقال "هذا برنامج عسكري ضخم يقدم كحق ممنوح دون مراجعة."

وكانت وزارة الخارجية الامريكية وجهت الاسبوع الماضي انتقادات قوية الى مصر بسبب تمديد العمل بقانون الطواريء الذي يمنح الحكومة سلطات واسعة للحد من الحريات المدنية وذلك رغم تعهد الرئيس حسني مبارك بسن قانون لمكافحة الارهاب كبديل لقانون الطواريء.

وفي الوقت الذي انتقد فيه مصر أوضح مكورماك بجلاء أن الولايات المتحدة تعتبر القاهرة صديقا مقربا وحليفا خصوصا فيما يتعلق بمكافحة الارهاب.

وقال "وبعد ما ذكرناه فانه عندما تظهر قضايا مثل تلك التي شهدناها اليوم فسنتحدث بشأنها بوضوح وبصراحة شديدة. وهذا ما يفعله الاصدقاء."

وقال نيد ووكر وهو سفير أمريكي سابق في القاهرة انه ينبغي للولايات المتحدة أن تجعل المساعدات لمصر مشروطة بدلا من كونها حقا ممنوحا.

واضاف قائلا "ما يحدث اليوم في مصر هو خطوة حقيقية الى الوراء."

وتوقع ووكر صراعا قويا في الكونجرس بخصوص المساعدات الى مصر خاصة في ضوء العجز المتنامي في الميزانية الامريكية والمطالب الكثيرة من أجل تخصيص أموال لبرامج داخلية.

وشدد ووكر على أنه في الوقت الذي تحتاج فيه واشنطن أن تكون أكثر حزما فانه يتعين عليها أيضا أن تظل على علاقة جيدة للغاية مع مصر مشيرا الى ان الولايات المتحدة بحاجة الى السماح لها بالمرور في قناة السويس بجانب الحاجة الى حقوق استخدام المجال الجوي خصوصا أثناء فترة وجود القوات الأمريكية في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427