رحيل رئيس الـ CIA يثير تساؤلات وجماعات حقوق الإنسان تتهمها بممارسة التعذيب

تثير الاستقالة المفاجئة لبورتر جوس مدير المخابرات المركزية الامريكية تساؤلات مقلقة بشأن سلامة وكالة المخابرات الرئيسية وسط مخاوف متنامية بخصوص البرنامج النووي لايران والاضطرابات في العراق وتهديدات تنظيم القاعدة.

وبعد أكثر من اربع سنوات على هجمات 11 سبتمبر ايلول حذر منتقدو ادارة الرئيس جورج بوش ومن بينهم أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس من أن المشكلات التي تواجه وكالة المخابرات المركزية الامريكية لها نظائر في مجتمع المخابرات الامريكي الذي يضم 16 وكالة بما فيها مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الامن الداخلي.

وقال محللون ومسؤولو مخابرات سابقون ان رحيل جوس جاء في أعقاب شهور من عدم الرضا عن قيادته لوكالة المخابرات المركزية وجهود إعادة بناء العمليات السرية والتحليلية الخاصة بالحرب على الارهاب.

وقالت ميليسا بويلي ماهلي الضابطة السابقة بوكالة المخابرات المركزية "المشكلة الحقيقية هي أن جوس قد أرسى رؤيته غير أن ما عجز عن فعله.. بسبب طريقته في الادارة وضعف قيادته.. هو تشكيل حلفاء داخل الصفوف يمكن أن يكونوا عناصر للتغيير."

وأضاف مسؤول اخر بالمخابرات تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه "لقد أخذت الوكالة في التراجع منذ وصوله. كان هناك رحيلا لأشخاص كبار.. كما اثبت الرجل الذي عينه لرئاسة الخدمة السرية أنه قليل الكفاءة."

وجوس عضو سابق بالكونجرس عن فلوريدا ورأس اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات بمجلس النواب. وتكفل جوس بتدعيم صفوف العملاء التابعين لوكالة المخابرات المركزية والتي اكتشف أنها قاصرة بشدة عقب هجمات 11 سبتمبر ايلول.

غير أن محللين قالوا ان مواجهة حدثت في البداية بين طاقم العمل القادم مع جوس والضباط السريين دفعت عددا من كبار الضباط الى الاستقالة حيث تركوا الوكالة مخلفين عددا قليلا من القيادات الكبيرة في وقت كانت تستقبل فيه جيشا من المجندين الجدد وتحاول التعافي من الفشل الذريع بخصوص العراق وهجمات 11 سبتمبر ايلول.

وقالت جين هارمان العضوة الديمقراطية البارزة باللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات بمجلس النواب "خلال فترة العام ونصف العام الماضية.. دفعت أكثر من 300 عام من الخبرة للمغادرة أو غادرت بسبب الاحباط. لقد ادى ذلك الى تدهور الوكالة بشكل سريع."

وشدد أعضاء جمهوريون بالكونجرس على أن جوس أحرز تقدما في ادخال اصلاحات على وكالة المخابرات المركزية في وقت ازمة عصيبة.

غير أن السناتور جون روكفلر عضو اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات في مجلس الشيوخ قال ان مشكلات الادارة في المخابرات أكثر انتشارا ولا تقتصر فقط على وكالة المخابرات المركزية.

وقال روكفلر نائب رئيس اللجنة "هناك مواطن خطر منتشرة في أنحاء مجتمع المخابرات."

وأضاف "لقد عجزت وزارة الامن الداخلي بشدة عن مهمتها الخاصة بحماية حدودنا. ويواصل مكتب التحقيقات الاتحادي جهوده الدائبة من أجل الوفاء بمسؤولياته الخاصة بالامن الداخلي ومكافحة الارهاب."

هذا وتواجه الولايات المتحدة استجوابا رسميا من قبل الأمم المتحدة بشأن التزامها بحظر دولي للتعذيب وذلك للمرة الأولى منذ إعلانها الحرب على الإرهاب.

وستدير الاستجواب لجنة الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب، ومقرها جنيف، والتي تعتبر الهيئة الرقابية الدولية على تنفيذ المعاهدة الدولية لحظر التعذيب .

ومن المقرر أن يمثل وفد امريكي مكون من 25 عضوا برئاسة جون بيلينغر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الامريكية في جلسات الاستماع التي تعقدها اللجنة الاممية في جنيف الجمعة والاثنين.

والولايات المتحدة،  مثل بقية الدول الموقعة على المعاهدة الدولية المناهضة للتعذيب وعددها 140 دولة، مطالبة بتقديم تقارير للجنة توضح التزامها ببنود المعاهدة المذكورة.

وفي ظل تصاعد الاتهامات ضد الولايات المتحدة بارتكاب العديد من الانتهاكات ضد المعتقلين خصوصاً، يتسع نطاق استجواب المسؤولين الامريكيين ليتناول المزاعم بوجود سجون سرية تابعة للمخابرات الامريكية، وتنظيم رحلات طيران تضم مشتبها بهم لتعذيبهم في بلدان أخرى.

وستنال اساليب الاستجواب في  السجون التي تديرها الولايات المتحدة، مثل سجن ابو غريب في العراق ومعتقل غوانتنامو في خليج كوبا، حيزاً مهماً من أسئلة اللجنة للمسؤولين الامريكيين.  

 جون بيلينغر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الامريكية قال" بشكل واضح هذا وقت عصيب لنا بسبب وجود مزاعم كثيرة تطال الولايات المتحدة، ولكننا لا نبتعد من الاجابة على الاسئلة." 

واضاف بيلينغر " إننا ناخذ المسألة بمنتهى الجدية."

وقد اصرت واشنطن، في تقرير قدمته في يناير/ كانون الثاني، متأخرا 4 سنوات عن موعده الطبيعي، على أنها " تعارض التعذيب بشكل مطلق" وأن التزامها بالمعاهدة " لم يتغير" وذلك منذ أقرار مجلس الشيوخ المعاهدة عام 1994.

لكن اللجنة المناهضة للتعذيب والمكونة من مجلس من 10 خبراء، يجتمعون مرتين سنويا، قالت إن تفسير الولايات المتحدة القانوني للتعذيب في مذكرات وزارة العدل في عام 2002 و 2004 يبدو أنه أكثر تقييداً من المعايير السابقة للامم المتحدة. 

وكانت جماعتان لحقوق الانسان قد اتهمتا، وفقاً لرويترز الخميس، واشنطن بالسماح بتعذيب أجانب مشتبه بهم بالارهاب.

وقالت منظمتا هيومان رايتس ووتش واتحاد الحريات المدنية الامريكي إن الوفد الامريكي الذي سيمثل امام لجنة الامم المتحدة لمناهضة التعذيب الجمعة ينبغي أن يرد على مزاعم حول اساليب الاستجواب والسجون السرية في الخارج.

وقدمت المنظمتان ومقرهما في الولايات المتحدة تقارير للجنة الامم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وكانت منظمة العفو الدولية قد قدمت تقريرا مماثلا في أوائل هذا الاسبوع يزعم أن التعذيب والمعاملة غير الانسانية "منتشرة" في مراكز الاعتقال التي تديرها الولايات المتحدة في افغانستان والعراق وكوبا واماكن اخرى.

وبموازاة ذلك أكد تقرير بحثي في اواخر شهر إبريل/ نيسان أن مزاعم الإساءة للسجناء في المعتقلات الأمريكية لم تخضع لتحقيقات وافية.

وقال التقرير، وهو نتاج مشروع بحثي نفذه مركز حقوق الإنسان في جامعة نيويورك بالتعاون مع منظمة حقوق الإنسان، "إن السلطات الأمريكية أخفقت في تحقيق العديد من المزاعم بشأن الإساءة للسجناء في منشآت أمريكية في العراق وأفغانستان، وخليج غوانتانامو الذي يتبع الجيش الأمريكي."

وذكر التقرير أن السلطات الأمريكية لم تستجب للسخط العام الذي رافق الكشف عن وقائع الإساءة للمعتقلين، ولاسيما في معتقل أبو غريب بالعراق.

قالت جنيفر داسكال مديرة الحملات بمنظمة هيومان رايتس ووتش الامريكية في ايجاز صحفي "ستكون هذه هي المرة الاولى بالفعل التي ستحمل فيها الولايات المتحدة المسؤولية دوليا عن سجلها بشأن التعذيب منذ بدء القتال ضد الارهاب في عام 2001."

وقال جميل داكوار من اتحاد الحريات المدنية الامريكي في بيان "هناك أدلة ساحقة على تعذيب وإساءة معاملة المسجونين المحتجزين تحت اشراف الولايات المتحدة في الخارج. ومسجونون داخل الولايات المتحدة تعرضوا لاساءات مماثلة."

ووفقا لتقرير اصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش في الشهر الماضي فان نحو 600 فرد من العسكريين والمدنيين الامريكيين تورطوا في 330 قضية اساءة معاملة او وفاة مسجونين اجانب.

وقال انه مع ذلك فان 54 فردا عسكريا فقط ادينوا امام محاكم عسكرية وصدرت ضد 40 منهم احكام سجن لفترات قصيرة غالبا تقل عن عام.

ورفضت الولايات المتحدة الجمعة الاتهامات بممارسة التعذيب والتي اثارتها وسائلها في مكافحة الارهاب وذلك اثناء حضورها الاجتماع الاول للجنة الامم المتحدة لمكافحة التعذيب منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001.

وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل باري لوينكرون في افتتاح الاجتماع ان "التشريعات الجزائية الاميركية والمعاهدات الدولية التي التزمت الولايات المتحدة باحترامها تحظر التعذيب" مؤكدا ان "الولايات المتحدة لا تمارس (التعذيب) ولا تقبل به".

واوضح لوينكرون ان الحكومة الاميركية تسعى على العكس الى استئصال التعذيب والمعاملات الاخرى الفظيعة او غير الانسانية. واضاف "الامر لا يتعلق فقط بواجب قانوني وانما ايضا بضرورة معنوية تبنتها امتنا منذ ايامها الاولى".

وقال جون بيلينجر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الامريكية ان ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش "ملتزمة تماما بالتزاماتها على المستوى الداخلي والدولي للقضاء على التعذيب."

واضاف "لا توجد استثناءات على هذا الحظر."

واثارت فضائح شملت انتهاكات جنسية وبدنية لمعتقلين تحتجزهم القوات الامريكية في معتقلات منها سجن ابو غريب سيء السمعة قرب بغداد موجة من الغضب على مستوى العالم.

وقال بيلينجر ان اي حالة وفاة مشتبه فيها لمعتقل في السجون الامريكية يتم التحقيق فيها.

وقال تشارلز ستيمسون نائب مساعد وزير الدفاع الامريكي ان اجمالي عدد حالات الوفيات لمعتقلين في سجون تخضع لسيطرة وزارة الدفاع الامريكية في افغانستان والعراق 120 حالة.

وتابع "الغالبية الكبيرة من هذه الحالات وقعت نتيجة اسباب طبيعية او اصابات تعرضوا لها في ميدان القتال او بسبب العنف بين المعتقلين."

وقال انه تم اجراء تحقيق في 29 حالة من حالات الانتهاكات المشتبه فيها في وفاة محتجزين بالعراق وافغانستان واتخاذ اجراء بشأنها دون ان يذكر اي تفاصيل اخرى. واضاف انه لم تقع اي حالات وفيات في جوانتانامو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  7/ايار/2006 -8/ربيع الثاني/1427