حرية الصحافة في العراق إلى أين؟

 لا يوجد خلاف على أن الصحفيين فى العراق يواجهون من الصعاب والمخاطر فى سبيل إظهار الحقيقة ما قد لا يجده زملاؤهم ممن يعملون في أي مكان أخر، ولعل الدليل على ذلك ما أورده تقرير منظمة مرصد الحريات الصحفية في العراق الذي صدر مؤخرا والذي أكد مقتل 109 من الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي منذ نيسان ابريل 2003 أثناء تأديتهم عملهم.

ولقد أثار هذا الرقم الكثير من التساؤلات عن حقوق الصحفيين وحريتهم في العراق الذى استبشر فيه العاملون في القطاع الإعلامي خيرا بعد التاسع من نيسان ابريل، ولكنهم واجهوا بدلا من ذلك القتل والترهيب و الوعيد.

ولم يختلف رؤساء تحرير مجموعة من الصحف العراقية في وضع أيديهم على العوامل التي تلعب الدور الأكبر في تأثيرها على هامش الحريات في عراق اليوم، فإسماعيل زاير، رئيس تحرير صحيفة (الصباح الجديد) اليومية المستقلة قال لـ (أصوات العراق)  إنه "لا توجد حرية إعلامية حقيقة مكفولة ومحمية، الصحافة الحرة المستقلة في العراق في خطر بسبب الظروف الأمنية التي يمر بها البلد خاصة بعد انقلاب 22 شباط فبراير 2006 و الذي استولت فيه الميليشيات على الشارع ونحن بالكاد نكتب بالحد الأدنى من الحرية."

أما إسراء شاكر، رئيسة تحرير صحيفة (العراق اليوم) اليومية المستقلة، فأوضحت أن "الدور الذي يلعبه الصحفي العراقي يتم تحجيمه بسبب المخاطر الكثيرة التي تعترض الحقيقة وخاصة الأمنية منها، فهناك خطوط حمراء معلنة وغير معلنة، لذا تجد الصحفي حائرا فيمن يمكن أن يستهدفه في حال طرح أفكارا معينة أو انتقد أشخاصا بعينهم ، فقد تستهدفه تيارات سياسية أو تيارات دينية أو تيارات خارجة على القانون بسبب هذه الأفكار."

وقد أيد ويليام وردا رئيس تحرير صحيفة (بهرا) الناطقة باسم الحركة الآشورية الديمقراطية، هذا الرأى وقال "في زمن صدام حسين (الرئيس العراقى السابق) كنا نقع تحت نظام إرهاب السلطة، أما اليوم نحن نقع تحت نظام إرهاب الميليشيات و الجماعات المسلحة و المافيات التي تروج للفساد الإداري و التي لا تألوا جهدا في تصفية من يخالفها في الرأي."

ويقول حسين الجبوري ، رئيس تحرير صحيفة (السفير) اليومية "لقد دفعنا ثمن كتابة الحقيقة دما، فقد قتل من صحيفتنا اثنان وخطف اثنان اخران ولم يتحرك أحد لنجدتهما، ولكن الكل تحدث عن جيل كارول (الصحفية) الأمريكية وهب لمساعدتها، حرية الصحافة حبر على ورق في العراق إذ أن الصحافة الحرة مقلمة الأظافر وتعاني الأمرين."

وأضاف الجبوري "الكثير من الصحف صمتت و أغلقت لأنها لم تتبن وجهة نظر الاحتلال أو جهات معينة، فلكي تستمر الصحيفة في العمل عليها في بعض الأحيان أن تتبنى وجهة نظر معينة وتدافع عنها فلا أحد يحمي أو يدافع عن الصحفي المستقل، ولكن لدينا أمل في مجلس النواب في المرحلة القادمة."

وتحدث باسم الشيخ رئيس تحرير صحيفة (الدستور) اليومية المستقلة لـ (أصوات العراق) عن التهديدات التي يتعرض لها الصحفي بصورة يومية، وقال "لقد تعرضت أنا وزملائي في الصحيفة لتهديدات بالقتل عن طريق البريد الاليكتروني، تتهمنا هذه الرسائل مرة بالعمالة للأجنبي ومرة بالبعثية وتارة بمساندة ميليشيات، فقط لأننا نطرح الأفكار التي نؤمن بها."

ومن بين الاسباب الاخرى التي تعيق حرية العمل الصحفى في رأى إسماعيل زاير رئيس تحرير صحيفة (الصباح الجديد) مسألة تمويل الصحف ومن يقف وراء هذا التمويل، ويقول "الصحف المستقلة معرضة للاختفاء لأنها قد تجد نفسها غير قادرة على المنافسة بسبب أوضاعها المادية وهذا سيؤثر على هامش الحرية لأن بعض الصحف قد تضطر إلى البحث عن مصادر تمويل قد تكون خارجية وفق أجندات خاصة فتلجأ للسفارات، وقد تكون داخلية ليس لها علاقة بالإعلام بل برؤى سياسية فتلجأ للأحزاب."

وأضاف "كل هذا بسبب غياب مشروع إعلامي وطني يدعم الصحافة الحقيقة والمستقلة ويساندها."

وأوضح "لقد وصلنا إلى درجة نطلب فيها رعاية الأمم المتحدة لنا وحمايتنا من الأخطار التي تحيق بنا كصحفيين."

ويقول باسم الشيخ رئيس تحرير صحيفة (الدستور) إن "كل الصحف معرضة للضغط وخاصة من الجهة المعلنة ولذلك فإن الدعم المادي يشكل عائقا للصحف المستقلة، فهذه الصحف تعتمد في استمراريتها على الإعلانات وليس كما هو حال الصحف الحزبية التي تمولها أحزابها أو الصحف شبه الحكومية التي تمولها الدولة، لذا فالجهة المعلنة وسيلة ضغط على الصحيفة قد تدفعها إلى تبني رأيها."

و السبب في رأي الشيخ " هو عدم وجود استثمار حقيقي في الإعلام العراقي وكذلك عدم وجود مستثمرين في العراق يعلنون لأغراض تجارية بحتة وليس لأغراض أخرى كما هو حال بعض الجهات السياسية، مما وضع ضغوطات على الصحف العراقية وأثر على هامش الحريات في هذه الصحف."

وهناك حقيقة تقول أنه بعد التاسع من نيسان إبريل عام 2003 صدرت حوالي 160 صحيفة في كل أنحاء العراق، أما اليوم فلا يوجد سوى عدد محدود من الصحف التي تصدر بصورة يومية بعد أن أغلقت العديد من الصحف أبوابها بسبب نقص التمويل أو بسبب التهديد أو المضايقات التي تعرض لها صحفيو هذه الصحف.

وفى الوقت الذي لا يملك فيه الصحفي العراقي سوى القلم لاظهار الحقيقة وفي نفس الوقت للدفاع عن نفسه، هناك 15 مليون قطعة سلاح خلفها النظام السابق يستطيع أي فرد استعمالها سواء لقتل الصحفيين أو لتهديدهم من أجل طمس الحقيقة وتكميم الأفواه.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة  5/ايار/2006 -6/ربيع الثاني/1427