صديق عدوّي.. عدوّي!

المحامي طالب الوحيلي

تعد الامثال خلاصات موجزة لقضايا قد يطول فيها الحديث ويسهب بوصفها المتكلم، ولاشك بان الكثير منها قد اشتهر وقد وجد له ما يقاربه في الصياغة والمعنى في بلدان العالم المختلفة، لذا اجد من الطريف ان استهل فكرتي بمثل(صديق صديقي هو صديقي) ولهذا المثل ما يعاكسه في المعنى، وما يمكن ان يشتق من امثال كلها تعني معاني متقاربة مثل(صديق عدوي،عدوي).

 ولواننا لا نرغب في البحث عن مفردة العداوة والعياذ بالله لأن(الف صديق ولا عدو واحد). غير ان مصير بلدنا وشعبنا لا ينبغي المجاملة والمساومة ازاءه، ونحن قد عرفنا وميزنا وخبرنا عدونا بمكوناته وخلفياته واهدافه ومراميه، وكلها لا تخرج عن دائرة النظام المقبور ومواليه وحلفائه في الداخل او في الخارج، اضافة الى دوائر الثقافات المختلفة التي تختبي تحت عباءة الانظمة العربية وانماطها السلوكية والعقائدية..

 والصديق ليس بالضرورة من يرتبط مع غيره بتلك العلاقة الاجتماعية التقليدية  المعروفة، وانما تتعدى ذلك الى مفهوم المصادقة على الراي او القول او الفعل وهي بالمفهوم القانوني الاقرار بما يدعي المدعي والاتفاق معه على ذلك  الادعاء جملة وتفصيلاً ،إذ لا يجوز تجزئة الاقرار ولسنا بصدد بحث قانوني عن هذا المبدا، ونما الامر يتعلق بعالم  اخر هو الاعلام غير المسؤول الذي وجد له منافذ كثيرة تقليدية او عبر الانترنت، حيث الوفرة الهائله من وسائل الاعلام المقروءة والمرئية فضلاً عن عالم الانترنت ومواقعه الاخبارية والثقافية الاخرى، بل واكاد اجزم بان متصفحي هذه المواقع يومياً هم اكثر من متداولي الصحف، وقد امتازت معظم تلك المواقع بالتنوع في الرأي وعدم التحزب إلا بحدود القضية الجوهرية وهي قضية العراق، ونحن لا نحتاج الى جهد في تمييز من هو لنا ومن هو علينا، فالحديث ينحصر بالواقع العراقي وبالقوى التي اخلصت القول في عدائها لمن ظلم شعبنا وفتحت صدرها رحباً لكل من يسعى لبناء عراقنا الجديد على وفق منظومة الديمقراطية الراقية التي لا بد لها ان تجد من يناصرها بكل ما يمتلك من قدرة ومثابرة.

مواقع  رائعة كالحوار المتمدن وارض السواد وصوت العراق والنبأ وموقع كتابات وغيرها ،كلها اصوات رائعة تهيم بحب  العراق وعبقه وبتقاليد جديدة نأت عن ثقافة الماضي وتحزبها الاعمى، وقد تداولت اسماء كثيرة حتى صارت مصادر لعدد كبير من صحفنا الملتزمة بخط الشعب العراقي، ولكن للاسف نجد ان بعض تلك الاسماء سرعان ما تقع في مطب ضيق الافق السياسي والتعصب الشخصي ومحاولة تقييم  الشخصيات العراقية على اساس الولاء الحزبي الصرف ،مستحضر بعض بقايا المنازعات التي كانت تقع بين قوى المعارضة العراقية زمن ماقبل سقوط الطاغية ،ماسورا بخطاب تلك المعارضة الذي ينبغي استبداله بخطاب اخر مادام اصبح في دائرة الحكم الفعلي، لا سيما في اوقات الازمات السياسية التي لا بد ان تقع مادمنا جادين في تطوير العملية الديمقراطية وبنائها بالشكل الذي نريده نحن وليس ما يريده الاخرون.

 من ذلك سيل المقالات المغرضة التي تعمدت الاساءة الى اسماء شخصيات عراقية لها عمقها الشعبي وجذورها التأريخية الراسخة في ضمائر ابناء العراق خصوصاً بعض اعضاء كتلة الائتلاف العراقي الموحد وقيادييها بالذات، ولا اريد ان ادرج اسماء الكتاب الذين تطاولوا كثيراً على تلك الشخصيات ،فما زالت مقالاتهم لم تبارح اماكنها في الصفحات الرئيسية لتلك المواقع، الأمر الذي حدى بالمحرر السياسي لموقع ارض السواد الى اعلان احتجاجه على مثل هذا الاسفاف والتجني، والذي لا يعكس مفهوم حرية الراي اصلاً ما دام ينطوي على افتراءات وتهم تضع كاتبها امام حكم الشرع والقانون.

 والأظلم من ذلك كله هو تبني هؤلاء الكتاب لطروحات صدام ونظامه المقبور ومصادقة اعداء العراق من قوى الارهاب وحاضنيه فيما يقولون ويفعلون بشعبنا والطعن بالقيادات الاسلامية والوطنية المتصدية، وبذلك وجدوا انفسهم من حيث يشعرون او لا يشعرون بانهم في احضان اعداء شعبنا وقد صدق عليهم المثل(صديق عدوي عدوي) وتلك طامة كبرى لا يغفر لصاحبها مواقفه وتشدقه بالمثل العليا او تنصيب نفسه وكيل دفاع عن شخصيات عراقية هي ارفع واطهر من تفاهات الذين يختبؤون خلف الاسماء الوهمية او الذين نسوا ان الشعب لا يرحم من يظلمه او يتحالف مع عدوه.  

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة  5/ايار/2006 -6/ربيع الثاني/1427