طلاب جامعيون عراقيون يشككون في جدوى النظام التعليمي

يشهد شهر نيسان إبريل من كل عام حفلات تخرج طلاب المراحل النهائية في كافة الكليات الجامعية، حيث يلتقي الطلاب بمناسبة إنتهاء سنوات الدراسة، ربما للمرة الأخيرة قبل الإنخراط في الحياة العملية وظروفها الصعبة.. لكن ليس كل الطلاب يشاركون في تلك الحفلات، فبعضهم يجدها مضيعة للوقت والمال.. ويذهب آخرون الى حد القول إنه ليس هناك ما يستحق أن يتذكروه من سنوات دراسة يرونها غير مجدية.

وبقدر ما تختلف نظرة الطلاب حول المشاركة في إحتفالات التخرج، فإنهم يكادوا يجمعون على أن إستفادتهم من سنوات الدراسة "شبه معدومة".. بسبب المناهج المملة والأسلوب التدريسى غير المفيد.

يقول سركول فتاح، الطالب بالسنة النهائية في كلية الصيدلة بالجامعة الطبية فى اربيل، لـ(أصوات العراق) "هذه الحفلات تعد خاتمة جميلة نتبادل فيها الذكريات مع زملائنا وأساتذتنا، وتجعلنا نلتقي للمرة الأخيرة قبل ترك الدراسة، فمن المحتمل أن ننسى بعضنا البعض.. أو تشغلنا ظروف الحياة العملية، فتبقى هذه الذكرى الجميلة."

أما هيمن عمر، من قسم علم الإجتماع بجامعة صلاح الدين،فتقول أنها حضرت حفل التخرج "فقط لكي لا أكون مختلفة عن الآخرين"، وتضيف " الحضور جميل.. وهي آخر أيام الدراسة نقضيها مع زملائنا بدون المحاضرات المملة."

كذلك يرى الطالب محمد علي أن " الحضور واجب في هذا اليوم تجاه الزملاء.. لأننا كنا معا أربع سنوات أو أكثر، ويجب أن نودع بعضنا في يوم جميل."

ويقول إنه " لا يجب أن يكون هناك ربط بين عدم حضور تلك الإحتفالات والمناهج السيئة والأسلوب التدريسي غير المفيد في أغلب الكليات والمعاهد."

لكن الطلاب الذين يعزفون عن حضور حفلات التخرج لهم أسبابهم المختلفة، وتشرح طالبة الهندسة سروة فتاح أسبابها قائلة " أنا لم أشارك في حفل التخرج.. لأن

المشاركة تحتاج إلى مصروفات كثيرة، وكلها ساعات قليلة ثم نعود إلى البيت دون أن أستفيد شيئا من الحفل."

وتضيف " كما أن إلتقاط وتبادل الصور التذكارية غير مهم بالنسبة لي.. لأنه لا توجد لدي علاقات جيدة تربطني بالزملاء والزميلات،  بحيث أكون حريصة لأخذ مثل هذه الصور."

وتلفت ( ميران) طالبة الحقوق إلى أن " المشاركة في هذه الحفلات تحتاج إلى أن ألبس زيا

لايقل سعره عن ( 200 ) دولار.. وهذا مصروف زائد."

لكن طالب الكيمياء دارا رؤوف لديه سبب مختلف عن بقية زملائه " لا أشارك بسبب تديني.. فهذه الحفلات يكون بها أناس ملابسهم خارجة عن المألوف، وأنا اعتبر أن التبرج والنظر إلى تلك المناظر حرام.. كذلك فأنني لا آخذ صورة التخرج."

طلاب آخرون لا يرون المشكلة هي المشاركة أو عدم المشاركة في حفلات التخرج، لكنهم

يعتبرون أن النظام التعليمي الجامعي نفسه أصبح غير مجد أو مفيد، وهو ما تعود فتوضحه

طالبة الحقوق (ميران) " أود أن أقول إن هدفنا من التعليم لم يتحقق.. بعد هذه السنوات التي قضيناها في الجامعة."

الأمر نفسه ينطبق على طالبة الرياضيات ( شايان)، التي تقول " أنا شاركت في حفل التخرج.. وأخذت الصورة، إلا أن الحفل بالنسبة لي غير مهم.. لأنني سأتخرج من الجامعة بعد أربع سنوات من الدراسة، دون أن أتعلم شيئا."

وتتابع "دعونا نتكلم بصراحة.. ليس هناك برامج جيدة لتعليم الطلبة، كما أن الطلاب يهتمون

بالتعليم والدروس.. فقط لأنهم يريدون الشهادة والتخرج من الجامعة."

سامان فاروق في المرحلة الأخيرة بكلية الآداب.. ولم يشارك في حفل تخرجه، وله أسبابه الموضوعية.. التي يسوقها شارحا " إن جامعاتنا مفلسة من حيث البنية

العلمية والمعرفية.. ونحن نتخرج ولم نتعلم شيئا خلال سنوات الدراسة، فكيف نحتفل؟."

ويضيف " ليس هناك إهتمام بالعلم والتعليم.. والجامعات باتت تشبه المتنزهات، حيث يأتي إليها الطلاب ويقضون فيها الساعات الطوال.. ثم يرجعون إلى البيت دون تعلم، وهكذا

نتخرج دون أن نتعلم شيئا."

ويطالب سامان الجهات المسؤولة في الدولة " بإعادة النظر في نظام العمل في الجامعات،

باعتبارها مؤسسة علمية وإجتماعية مهمة."

الأمر نفسه تقوله طالبة اللغة الكردية ديلان كمال "سيكون لحفل التخرج معنى إذا أصبحت الشهادة دليلا على أنني تعلمت جيدا."

وتزيد " للأسف الكليات أصبحت مكانا للواسطة والحصول على الشهادة مقابل مبلغ من المال، وإذا استمرت هذه الحالة.. فكيف نتقدم ونتغير،  بل وكيف نبني الوطن..؟.. للأسف الطلاب لا يهتمون بتلك الأمور."

لكن الأساتذة لهم رأي آخر في قضيتي حفلات التخرج والمستوي العلمي للجامعات حاليا،

ويقول الدكتور محمد مصطفى، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة صلاح الدين، لـ ( أصوات العراق) " نحن كأساتدة جامعة نترك كل مشاغلنا ومسؤولياتنا لأخذ الصور مع أبنائنا الطلبة."

ويتابع " لذلك أرى أن حضور الطلاب لإحتفالات التخرج في نهاية العام هو الخيار الأفضل.. لتوديع الهيئة التدريسية وزملاء الدراسة."

ويتعجب أستاذ العلوم من شكوى الطلاب مما وصل إليه حال الجامعات، ويتساءل " كيف لا

يتعلم الطلبة من الجامعة ؟.. الذين يعملون في دوائر الحكومة وغير الحكومة والمؤسسات

الآخرى، أليسوا من خريجي هذه الجامعة ؟ "

ويذهب الدكتور مصطفى إلى أن السبب الرئيسي في ضعف التعلم أو الإستفادة "هو عدم مواظبة الطلبة في الدوام والسعي للتعليم.. فأكثرية الطلاب يأتون للجامعة فقط للسوالف والقعدات في الحدائق وإقامة الحفلات كل أسبوع.. ولا يحرصون على التواجد في قاعات الدرس، لهذا لا يتعلمون."

ويضيف " نحن عندما كنا طلابا.. كنا نزعج الأساتذة حتى يأتون إلى المحاضرات، وكنا نسأل أساتذتنا دوما حتى نتعلم.. لكن المشكلة هي أن أبناء الجيل الجديد لا يهتمون بالدراسة ولا يتعلمون، وهم يعلمون أنهم لا يتعلمون.. لكن يجهلون السبب الرئيسي مع الأسف."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 3/ايار/2006 -4/ربيع الثاني/1427