الثالث من شهر آيار اليوم العالمي لحرية الصحافة

في 3 أيار/مايو من كل عام يجري الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث يُحتفل بأهمية حرية الصحافة بالنسبة للمجتمع المدني، ويجري تقييم أحوال حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم. ويكون هذا اليوم أيضاً بمثابة تذكير للحكومات بضرورة احترام ما تعهدت به عن دعم الحقوق الأساسية للصحفيين وحق شعوبهم في الحصول على معلومات عن أحوال بلادهم وأحوال العالم.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في العام 1993 أنه سيجري الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 أيار/مايو من كل عام تذكيراً للعالم بأن استقلالية وسائل الإعلام معرضة للتهديد في العديد من دول العالم بسبب رقابة الحكومة على الصحف وغيرها من وسائل الإعلام، وفي بعض الحالات تكون حياة الصحفيين أنفسهم مهددة وهم يعملون من أجل إلقاء الضوء على الموضوعات التي تهم الرأي العام.

وقرّرت الأمم المتحدة منح جائزة الصحافة السنوية لصحافية لبنانية شوهّت بفعل تفجير إرهابي استهدفها في العام 2005، وذلك بمناسبة الاحتفال بيوم حرية الصحافة العالمي في الثالث من الشهر القادم أيار/مايو.

وفي الولايات المتحدة، سيتلو صحافيون بصوت عال أسماء أكثر من 1600 شخص قضوا وهم في مهمات صحفية أو إخبارية خلال القرنين الماضيين كما سيكرّمون ذكرى 59 صحافيا من جميع أنحاء العالم ماتوا وهم يغطون الأخبار في العام الماضي.

وقد أسّست الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم حرية الصحافة العالمي في العام 1993. والغاية من هذا اليوم هو أن يكون مناسبة للاحتفال بحرية الصحافة وتقييم حرية الصحافة حول العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام ضد التهجم على استقلاليتها، وتكريم وتقدير الصحفيين الذين قضوا وهم يتقصّون الحقيقة.

وقد وقع الاختيار على ميّ شدياق، وهي مذيعة تلفزيونية ذات شعبية في لبنان، كي تتسلم ما يعرف بـ"جائزة يونيسكو/غوييرمو كانو لحرية الصحافة العالمية" للعام 2006. وطبقا لبيان صحفي صدر عن الأمم المتحدة، فقدت شدياق إحدى يديها وبترت ساقها اليسرى بفعل متفجرة وضعت في سيارتها في أيلول/سبتمبر، 2005. وسميت الجائزة نسبة لصحفي من كولومبيا اغتيل في العام 1987 بعد أن غطى نشاطات أباطرة المخدرات المتنفذّين في بلاده—استنادا لمنظمة اليونيسكو.

وفي الولايات المتحدة ينوي منتدى الحرية، وهو هيئة مستقلة غير ربحية، إضافة اسم 59 صحفيا قضوا وهم في مهمات تغطية الأخبار في 2005 الى النصب التذكاري للصحافيين في ولاية فيرجينيا المطل على العاصمة واشنطن، وذلك خلال يوم حرية الصحافة العالمي هذا العام. وعلى مدى ساعتين في ذلك اليوم، سيتلو صحافيون من وكالات أخبار عالمية، من ضمنها رويترز وأسوسييتد بريس والجزيرة، وبصوت عال، أسماء 1606 صحفيا لاقوا حتفهم وهم يقومون بمهمات صحفية منذ العام 1812. ويشار الى ان الموقع الالكتروني للمنتدى أدرج جميع أسماء الصحفيين هؤلاء.

وصون حرية الصحافة هو بمثابة مثل أعلى أميركي يعود عهده الى ما قبل تأسيس الولايات المتحدة نفسها.

فقد كانت قضية جون بيتر زينغر في 1735 سابقة لحرية الصحافة كرقيب ضد الحكومة القمعية. وفي تلك القضية اختلفت هيئة محلفين قضائية في العهد الاستعماري مع التقليد القانوني البريطاني ورأت ان زنغر، الذي كان ناشرا، لم يمكن اعتباره مذنبا بالتآمر لأن انتقاد صحيفته للحكومة البريطانية كان بالفعل مصيبا.

وما أطلق العنان لحرب الاستقلال الأميركية بدرجة لا يستهان بها قانون الطوابع للعام 1765.  ففي حقبة لم تكن الأخبار تنتقل فيها بوتيرة اسرع من سير الخيل او  السفن المبحرة، وحينما كان يمكن اذاعة الآراء فقط قياسا بمدى صوت المؤذن في القرية أو المدينة، كانت الصحف الوسيلة الوحيدة للثوار والموالين للنظام الملكي كي ينقلوا رسائلهم الى القراء على نطاق أوسع.

وجاء في التعديل الأول للدستور الأميركي الذي صدر في العام 1791: "لا يجوز للكونغرس أن يسن قانونا... ينتقص من حرية الرأي او الصحافة."  ويجسّد هذا التعديل رغم بساطته ورونقه أحد أهم المعتقدات للبلاد وهو أهمية الصحافة في تشجيع الحكم الديمقراطي من خلال السماح بقيام منبر لحرية الرأي.

واليوم رغم ان المسؤولين الأميركيين يسعون أحيانا لمنع الصحافة من اكتشاف معلومات حساسة فان الصحافيين والمحررين الأميركيين يلجأون لإرشادات أخلاقية خاصة بهم في أغلب الأحيان للإجتهاد في ماذا كان تقرير صحفي سيلحق أذى بالأمن القومي. وكثيرا ما يفاجأ الزوار الأجانب بأن يكتشفوا أن أكثر من 1000 صحفي معتمد يجوبون بحرية اروقة البنتاغون بحثا عن الأخبار، ولا يرافقهم أحد حتى في فترات الحرب.

إن حرية الصحافة ومدى ازدهار وسائل الإعلام المستقلة يتفاوت إلى حد كبير من دولة إلى أخرى في العالم، حسبما تقول المنظمات المهتمة بدعم الصحافة الحرة مثل منظمة فريدم هاوس أو بيت الحرية، ولجنة حماية الصحفيين. وفي بعض الدول لا توجد حرية الصحافة على الإطلاق، بينما تزدهر في دول أخرى. وفي أغلب الأحيان يكون هناك مزيج يتضمن درجة من درجات حرية الصحافة وفي الوقت نفسه توجد أيضا قيود خطيرة مفروضة عليها. وبناء على ذلك فإن مهمة تأييد أو دعم وسائل الإعلام المستقلة تكون معقدة وتعتمد إلى حد كبير على الواقع الموجود في بعض المناطق.

إن أكبر عائق أمام وسائل الإعلام المستقلة في دول "تخلو من وجود مؤسسات مدنية تتميز بالنضج – مثل وجود نظام قضائي فعال، ووجود إطار عمل حكومي خال من الفساد،" حسبما قال البروفيسور الراحل ويليام وو الذي كان يعمل أستاذا محاضرا بجامعة ستانفورد، كما كان خبيرا في أخلاقيات مهنة الصحافة.

وفي مقابلة أجريت معه في العام 2005 قال البروفيسور (وو) إنه "من الصعب وجود وسائل إعلام مستقلة دون وجود مؤسسات تكميلية لمهمتها." ثم أضاف أنه "لهذا السبب، فإن دعم وسائل الإعلام المستقلة لا بد أن يكون مرتبطا بجهود أوسع نطاقا لدعم الديمقراطية ودور القانون وحقوق الإنسان. والعديد من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم تعمل على مدار العام من أجل دعم القيم التي يجري الاحتفال بها في اليوم العالمي لحرية الصحافة.

إن لجنة حماية الصحفيين تعتبر واحدة من عدة منظمات في الولايات المتحدة تكرس جهودها لتأييد ودعم حرية الصحافة وحماية الصحفيين في جميع أنحاء العالم. وقد أسس تلك اللجنة المراسلون الصحفيون الأجانب العاملون في الولايات المتحدة لمواجهة ما يتعرض له زملاؤهم الصحفيون خارج الولايات المتحدة على يد نظم الحكم الاستبدادية وغيرها من النظم التي تسعى لكبت حرية الصحافة. وتعمل اللجنة الآن في أكثر من 120 دولة حول العالم.

وحسبما تقول آبي رايت مديرة الاتصالات في لجنة حماية الصحفيين، فإن أحوال حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم قد تأثرت إلى حد كبير بعاملين هما: ظهور نوعيات جديدة من وسائل الإعلام مثل شبكة الإنترنت، وبالأحداث التي جرت في الآونة الأخيرة مثل الحرب في العراق.

وقالت رايت "إن لجنة حماية الصحفيين ينصب تركيزها بدرجة كبيرة على الإترنت وتأثيرها على حرية التعبير، وعلى الكتاب والصحفيين في العالم كله في دول مثل الصين وفيتنام وكوبا."

وعلى سبيل المثال تصدر لجنة حماية الصحفيين بيانات صحفية تدعو فيها إلى إطلاق سراح المسجونين من أصحاب المواقع الالكترونية على الإنترنت، كما يدلي العاملون فيها بإفاداتهم المناهضة لمختلف أشكال رقابة الدولة على الإنترنت أمام الكونغرس الأميركي. وفي العام 2005 سجلت لجنة حماية الصحفيين وجود رقابة على الإنترنت في 22 دولة.

وطبقاً لما تقوله لجنة حماية الصحفيين، فإن النزاعات المسلحة الجارية في الوقت الراهن لها تأثير على سلامة الصحفيين في جميع أنحاء العالم. وحول هذه النقطة قالت رايت "إن أحوال حرية الصحافة مرتبطة بالأحداث الجارية. فحينما يحدث قمع في دولة مثل نيبال (حيث سجن أكثر من 200 صحفي مؤخرا)، وحينما تكون هناك حرب في دولة مثل العراق، فإن الصحفيين الموجودين هناك يدفعون الثمن."

غير أن رايت أشارت إلى أن الاعتداءات على الصحفيين أصبحت توثق على نطاق واسع حاليا نظرا لوجود منظمات مثل لجنة حماية الصحفيين التي تحتفل بالذكرى السنوية الـ25 لإنشائها.

وقالت "إن مهمتنا كان لها وقع وتأثير، بمعنى أنها سلطت الضوء على ما يتعرض له الصحفيون من اعتداءات، ولفتت أنظار الحكومات والمسؤولين إليها، ودعت إلى تحقيق العدالة.إن هناك الكثير من أنشطة الدعوة إلى حقوق الصحفيين وحمايتهم تجري حاليا، وهو ماكان له تأثيره ووقعه."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 30/نيسان/2006 -1/ربيع الثاني/1427