تقرير حول صناعة النفط في العراق يتهم الحكومة بالتواطؤ في عمليات التهريب

أصدر المفتش العام لوزارة النفط العراقية تقريرا قاتما عن تهريب النفط يوم الثلاثاء وقال انه يمثل أكبر تهديد للاقتصاد ودعا الى اتخاذ اجراءات حكومية عاجلة لتضييق الخناق على المهربين.

وقال التقرير ان تهريب النفط أحد الاسباب الرئيسية وراء خسائر تصديرية بمليارات الدولارات وانه أصبح أهم وأبرز خطر على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد بالكامل تقريبا على مبيعات النفط.

ودعا التقرير الى موقف حكومي جاد لمعالجة هذه المشاكل التي قال انها تضر بميزانية الدولة وتضعف قدرات البلاد التي تبحث عن سبل لتحسين مستوى المعيشة.

كما اتهم الحكومة بالتواطؤ مع شبكة التهريب الواسعة وانتقد فشل السلطات في تنفيذ اجراءات قانونية لمكافحة التجارة غير القانونية.

وجاء التقرير في وقت توقفت فيه صادرات النفط من شمال البلاد عن طريق تركيا بسبب هجمات تخريبية وتأثر الصادرات من الجنوب سلبا بتقلبات الطقس.

والنفط شريان الحياة بالنسبة للعراقيين وقد يسقط فريسة النزاعات الطائفية التى مازالت تؤجل تشكيل حكومة بعد أكثر من أربعة أشهر من اجراء الانتخابات البرلمانية.

ويحاول رئيس الوزراء المكلف جواد المالكي تشكيل حكومة يتقاسم فيها الشيعة والسنة والاكراد السلطة ويتوقع أن تكون المفاوضات بين هذه الاطراف حامية فيما يتعلق بوزارة النفط الاستراتيجية.

ودفعت المخاوف من ان تؤجل عقبات طائفية تعيين رجل جديد يدير دفه صناعة الطاقة معتصم حسن نائب وزير النفط ليصرح يوم الاحد أن المنصب يجب أن يتولاه متخصص ليس له انتماءات طائفية أو سياسية.

وألمح التقرير المطول الذي أعده المفتش العام بالوزارة الى أن أي شخص جاد في رغبته بالقضاء على الفساد والتهريب لن يكون لديه وقت لمعارك طائفية تستنفد طاقة البلاد التي تمتلك احتياطيات ضخمة فيما لا تلوح دلائل استقرار في الافق.

وعزت الوثيقة التهريب لعوامل مثل الفقر وضعف السيطرة على شبكة توزيع المنتجات وعدم اتخاذ اجراء قانوني ضد المهربين.

وتابع التقرير أن غياب التعاون بين العراق والدول المجاورة والحماية غير الفعالة للحدود والساحل يسهمان في استمرار التجارة غير القانونية بلا مشاكل.

وأبعدت أعمال العنف والصراع الدموي الطائفي المستثمرين الاجانب عن قطاع النفط المتهالك في العراق.

ويهدد الفساد المتفشى حاليا باعادة المستثمرين النظر في ضخ ملايين الدولارات في حقول النفط حتى وان توقفت عمليات تخريب خطوط الانابيب والتفجيرات الانتحارية.

وتابع التقرير أن الحكومة وأفراد في المجتمع يسهلون عمليات التهريب بشكل كبير.

وقال علي العلاق المفتش العام لوزارة النفط العراقية قال لرويترز ان العنف الذي يحيق بالبلاد والفساد وتهريب النفط تكلف البلاد مليارات الدولارات كل عام.

وقال المفتش العام في حديث لرويترز "انها مستمرة منذ عامين أو ثلاثة أعوام دون توقف. في الواقع تصاعدت (حملة المتمردين). لقد نجحوا دائما في مهاجمة مواقع حساسة جدا."

وتابع "في كل مرة نصلح المشكلات الناجمة عن تلك الهجمات وفي اليوم التالي أو بعد بضعة أيام يتمكنون من مهاجمة نفس الموقع."

وقال "أخذنا هذه المشكلات إلى أعلى السلطات ولم يتخذ أي اجراء. ربما كانوا مشغولين بمشكلات أخرى." وأضاف "أرسلت إليهم تقارير ثلاث أو أربع مرات. ولم يتغير أي شيء."

وبسؤاله هل نجح المتمردون في اصابة صناعة النفط العراقية بالشلل أجاب "نعم".

ومتحدثا بعد ما أصدر تقريرا كئيبا عن قطاع النفط العراقي أعرب العلاق عن خيبة أمله مما قال انه تجاهل الحكومة لمشكلات تكرر رفعها الى مكتب رئيس الوزراء.

وقال "أخذنا هذه المشكلات الى أعلى السلطات ولم يتخذ أي اجراء. ربما كانوا مشغولين بمشكلات أخرى." وأضاف "أرسلت اليهم تقارير ثلاث أو أربع مرات. ولم يتغير أي شيء."

وباحتياطياته النفطية الهائلة يقف العراق على قدم المساواة مع قوى نفطية أخرى مثل السعودية وايران.

لكن العلاق قال ان سوء الادارة في مواجهة تفجيرات خطوط الانابيب والفساد تهدد بتدهور أكبر لقطاع النفط بعد سنوات من الحروب وعقوبات الامم المتحدة تحت حكم الرئيس المخلوع صدام حسين.

وصناعة النفط العراقية عالقة في دائرة مفرغة حيث تجبر تفجيرات المتمردين لخطوط الانابيب والمصافي الحكومة على استيراد المنتجات النفطية التي يتم تهريبها في الطريق وتباع في سوق سوداء ضخمة.

وقال العلاق "نخسر المليارات حقا." وعين وزير النفط على العلاق في منصب المفتش العام في 2004 لمدة خمس سنوات وهو يقول انه ليس مرتبطا بأي حزب سياسي.

وتحدث العلاق عن خط أنابيب للتصدير في الجنوب تعرض للقصف في حروب سابقة ويحتاج الى اصلاحات كبيرة.

وقال "يتعين علينا اصلاح ذلك الخط. أعتقد أن هذا المشروع كان مقررا اتمامه في 2004 لكن حتى الان لم يحدث أي شيء لاستبدال ذلك الانبوب."

وأَضاف "عندما نزيد انتاجنا في الجنوب لن يمكننا ضخ المزيد عبر ذلك الانبوب لانه لن يحتمل الضغط."

وقال العلاق من مكتبه المتواضع ان العراق لا يمكنه تحمل ترك السياسات الطائفية تتحكم في وزارة النفط العصب الاقتصادي للبلاد.

وقال "هذه هي الوزارة التي تغذي البلاد. يتعين الضغط على الساسة لكي يعاملونها بشكل مختلف."

ومتأملا فيما ينتظر العراق في المستقبل اذا فشلت الحكومة الجديدة في معالجة المشكلات المتفشية في قطاع الطاقة لاسيما هجمات المتمردين والفساد قال العلاق "سيكون ظلاما دامسا على العراق."

وقدّر المفتش العام قيمة المنتجات النفطية التي تم تهريبها من العراق العام الماضي بـ4.2 مليار دولار أمريكي، بينما تمت سرقة نفط خام بشكل مباشر من أنابيب النفط ومن التسريبات.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 27/نيسان/2006 -28/ربيع الاول/1427