أفراحنا المؤجلة هل ابتدأت حقا؟!!

المحامي طالب الوحيلي

عصر السبت المصادف 22 نيسان كان موعدا عراقيا التف فيه الكثير من أبناء شعبنا وتحلقوا حول شاشات التلفزة، وهم يتابعون حدثا مهما ساهم الكثير منهم في صناعته، وضحى الكثير في سبيله بالدم والدمع والصبر على كل المصائب التي عاصرت أيام واشهر وسنوات ما بعد سقوط الطاغية.

انه موعد مع الفرح الذي تاخر كثيرا في وقت بدى عسيرا على أي منا ان يتجنب نكبات القهر والعدوان التي سعت الى تسعيرها قوى الارهاب الصدامي، بما فيها طابور الفساد الاداري الذي ساد كل مظاهر التخلف التي ابتلي بها العراق ابان حكم الطاغية البائد.

فرح كان مفروض ان يتبع العرس الانتخابي واريج عيد كان مستحيلا عبر عصور الدكتاتورية والتهميش،حين تبارى العراقيون جميعا على الالتحاق بالمراكز الانتخابية وتأكيد إمضائهم على سند ملكيتهم لوادي الرافدين، بعد ان رسموا خارطته وراياته بالدماء الطاهرة، فالجميع افرغ ما في جعبته من واجب وترك الأمر إلى نتائج الانتخابات وبالتالي لمن سوف يتشرف بتمثيلهم في مجلس النواب، او يتحمل ثقل الأمانة فيتبوء منصب مشّرع، يقع على رقبته عبء إصدار القوانين الجديدة وتعديل واصلاح نظام قانوني اكل الدهر وشرب عليه فصار موضع عدم رضى الجميع،فضلا عن استكمال كافة الآليات الدستورية المتعلقة بأول اجتماع لمجلس النواب كانتخاب رئاسته وانتخاب أول رئيس جمهورية دائمي للعراق في تاريخه المعاصر،ليعلن فيما بعد عن تعيين رئيس الوزراء.

التلكوء في حسم أتمر مرشح رئاسة الوزراء الذي حصل، فحرم الشعب العراقي من زمن مهم في تقويم وأحداث تشهد كل لحظة منها كوارث لا يسعها دهرا بكامله،هو طبيعي في سياق الأحداث التي شهدتها أمم أخرى غير العراق مرت بمثل تجربته كألمانيا او اليابان او غيرها ممن كانت تعيش كوارث الحرب العالمية الثانية، وهي في قواميس الساسة تقترن بأزمنة متراخية كون تلك الدول قد أعلنت عن هزيمة الأحزاب الفاشية وقد اعترفت تلك الأحزاب بفشلها الذريع وإنها كانت تشكل خلالا على الإنسانية، ولذلك توحد الجميع من اجل بناء مجتمعاتهم بعيدا عن التطرف والغرور وتصفية الحسابات، فالكل قد عرف مسؤولياته وحدوده بين دائن او مدان، لكن الواقع العراقي قد ابتعد عن ذلك كثيرا لاسباب تدخلت بها الحسابات الدولية تدخلا مريعا فأذكت نيران حرب طاحنة كان طرفها بقايا النظام المهزوم وحزبه الذي لم يذعن لتلك الهزيمة المتجذرة بين فشل ذريع في ادارة البلاد عبر العقود الدموية التي حكمها بها، فوضعها في قلب الكارثة، وبين سقوط أيدلوجي يحاول من خلاله لملمة بقايا تنين خرافي نمى وترعرع على دماء الأبرياء.

ولانه عاش في سياق ثقافة المؤامرة والصفحات الخاسرة، فانه راح يسعر نيران الحقد السياسي عبر خطاب طائفي تكفيري أسس له قبيل المراحل الأولى من انحداره نحو الهاوية،لذا وضع الشعب العراقي بين مطرقة بقايا النظام ومؤسستهم الإرهابية وامتداداتها في قلب الإدارة على هيأة بؤر للفساد الإداري المزمن، وسندان الاحتلال الذي لم يكن صادقا تماما في مد يد العون لهذا الشعب المظلوم أصلا من تبعات السياسات الدولية التي أسست على استلاب حقوق الشعوب ومقدراتها.

إذن لابد للمتصدين للعملية السياسية من الالتفات الى عامل الزمن بصورة لا تترك فيها أي لحظة لان تذهب هباء، لانها سوف تأخذ معها الكثير من الثقة والأمل والاجتهاد.

أخير التأم شمل مجلس النواب عبر ظهيرة دافئة ظهرت ملامحها عبر الكثير من الإشارات واللمحات الطريفة، ولعلها..لعلها تذكرهم بالمعاناة اليومية لفقراء العراق ولهاثهم على لقمة العيش بعد ان عاش كل انواع الحسرة بسبب انعدام مسببات الحياة التي حلم بها، وتنفسنا الصعداء حين انتخب أخيرا السيد محمود المشهداني لرئاسة المجلس، الذي أعلن انه من نسب يرجع الى أهل البيت (ع) وانتخب نائبا له السيد عارف طيفور البرزنجي الذي يرجع نسبه الى الإمام موسى الكاظم (ع) وليبتدئ رئيس مجلس النواب حديثه بالصلاة الإبراهيمية، فما بال من أشعلوا الحرب على اتباع أهل البيت واستباحوا دمائهم، مادمنا كلنا ما بين من نسب اليهم او من والاهم، ولم لا يكون اجتماعنا على مبادئهم السامية ؟!

جو يدعو الى التفاؤل في ان يشهد الشعب العراقي على بداية عهد دستوري يحكمه مجلس النواب بمشرعيه المائتان وخمسة وسبعين، وهم مشرعون وليسوا مشرعنين كما وصفهم الدكتور الجعفري بخطابه الرائع الذي تأخر عنا كثيرا لكي يبارك لرفيقه في حزبه نوري المالكي تسنم تلك المسؤولية الكبيرة في خدمة شعبه الذي يستحق الكثير من الخير، فالمشرعن هو الذي يضفي الشرعية على فعل او امر او قانون واقع فعلا، لكن المشرع هو الذي يكتب القانون وهو الذي يصنع الامر، مهما صغر او كبر، ومهما كان جنسه، لان التصويت على اكبر مشروع قانون او اصغره قد يحسم بصوت ناخب واحد كائن من يكون هذا الناخب.وويل من الله على من يفرط بصوته او لا يحترم اعتباره التشريعي..

 ولنا مع اعلان تسمية اعضاء الحقيبة الوزارية حديث طويل..ٍ

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 24/نيسان/2006 -25/ربيع الاول/1427