ازدهار ثراء أثرياء روسيا يخفي في باطنها عبودية الأيدي الرخيصة

يعتبر قربان كالامباروف نفسه "عبدا" في سوق مواد البناء في ميتيشتشينسكي شمال موسكو حيث يعمل كناسا.

ويقول قربان (40 عاما) وهو يفرك يديه المتسختين المليئتين بالشقوق والندوب "اولادي ايضا سيصحبون عبيدا".

ومثل الاف غيره جاء قربان السنة الماضية الى موسكو بحثا عن عمل يكسب منه بعض المال يرسله الى عائلته في طاجيكستان في اسيا الوسطى.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجه نداء لتشجيع المهاجرين على المجىء الى روسيا لسد النقص في اليد العاملة ودعم النمو الاقتصادي في بلد يتراجع عدد سكانه. لكن العمال المهاجرين سرعان ما يكتشفون مرارة الوضع.

فمستخدموهم يلجأون الى مصادرة اوراقهم وجوازات سفرهم ولا يدفعون لهم اجورهم. كما يقوم رجال الشرطة بتمزيق اوراق تسجيلهم ان رفضوا دفع رشوى وفق ما يرويه العديد من العمال المهاجرين في موسكو طالبين عدم الكشف عن اسمائهم.

ويفيد تقرير نشرته منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) الشهر الماضي ان نحو مليون من المهاجرين يشكلون في روسيا "مجموعة مهددة يشبه وضعها وضع الرق".

ويعيش الالاف من الاجانب في روسيا في اكواخ او مستوعبات معدنية في ورش العمل او الاسواق. ويخشى هؤلاء من الشكوى خوفا من فقدان عملهم وملجئهم.

ويفيد ممثلو النقابات ان الكثير من هؤلاء العمال يموتون دون ان يدري بهم احد ولا ان تعرف اسماؤهم في الورش او يصابون اصابات خطيرة لدى سقوطهم. ولا يمكن لاحد ان يقدر عدد من يتعرضون لذلك فهذه الاحداث لا يتم تسجيلها.

كما يشكل العمال الاجانب فريسة سهلة لرجال الشرطة الفاسدين. ويقول رجل شرطة في حي يقطنه عمال اجانب انه يرى مرة او مرتين في الاسبوع موظفين ياتون لتلفيق تهم ضد عمال اجانب لارغامهم على دفع المال لهم.

وتقول انا روبتسوفا الباحثة في مكتب الهجرات الدولية في موسكو ان نحو 500 الف مهاجر يدخلون الى روسيا سنويا للعمل كمشرفين على العمال او عمال او كناسين.

لكنها تقدر عدد من يقيمون في البلاد بدون تسجيل بنحو ثلاثة ملايين. ويبقى هؤلاء غالبا لبضعة اشهر لارسال المال الى اهلهم.

ولا يحتاج سكان طاجيكستان لتاشيرة دخول لكن عليهم ان يسجلوا مكان اقامتهم خلال ثلاثة ايام من وصولهم.

ولا يتمكن كثيرون منهم من ملء الطلب لانهم يعيشون في اماكن لا تعتبر صالحة للسكن. وهكذا يصبحون مهاجرين غير شرعيين.

واقر البرلمان الروسي الشهر الماضي في قراءة اولى قانونا يهدف الى تسهيل تسجيل اللاجئين.

لكن في غياب المساكن الملائمة لا تتوقع انا روبتسوفا ان يغير هذا القانون الوضع.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر شارك نحو الف شخص في شوارع موسكو في تظاهرة مناهضة للهجرة غير المشروعة. وفي كانون الاول/ديسمبر ركز حزب "الوطن" احد الاحزاب السياسية الرئيسية حملته للانتخابات المحلية في موسكو على برنامج ذات توجه عنصري واضح.

وتقول رايسا سافاراليفا (54 عاما) انها تعيش منذ وصولها بالقطار من طاجيكستان قبل اربعة اشهر في غرفة مع ثلاث نساء اخريات من بلادها في شقة في شمال شرق موسكو.

ولم تملأ رايسا بطاقة التسجيل وهي تبيع التبغ في مقهى اقيم في عربة قطار قديمة في ورشة بناء. وتتذكر الترحيب الذي لقيته خلال اول زيارة الى موسكو في شبابها.

اما الان فهي تتعرض يوميا للشتائم العنصرية. وتقول وهي تشير الى ثوبها المزهر النظيف وبلوزتها البيضاء "ينادوني +حيوانة+ عندما اصعد القطار. ويقولون اني وسخة".

ومع هذه العبودية هناك طبقة اخرى تزدهر وتنمو حيث تفيد الطبعة الروسية من مجلة فوربس في عددها الاخير ان مئة من اثرى اثرياء روسيا يملكون ارصدة قيمتها 248 مليار دولار اي اكثر من ربع اجمالي الانتاج المحلي لروسيا.

قالت المجلة ان رومان ابراموفيتش مالك نادي تشيلسي الانجليزي لكرة القدم ظل في المقدمة بثروة تبلغ 18.3 مليار دولار بزيادة 3.6 مليار دولار عن العام الماضي.

وزاد مجموع ثروات اثرى اثرياء روسيا الذين يطلق عليهم لقب "الاقلية الحاكمة" بنحو 107 مليار دولار في العام الماضي.

وقالت المجلة "الحصيلة الاساسية هذا العام هي ان الاثرياء ازدادوا ثراء."

وتقارن ثرواتهم الضخمة بمعدل للاجور لا يزيد عن 3600 دولارا في العام وفقا للاحصائيات الرسمية الروسية.

ويتطلع كثير من الروس العاديين الى هؤلاء الاثرياء بمزيج من الحسد والاستياء ويسارعون باتهامهم بانهم حصلوا على مزايا غير مشروعة.

وجمع اثرياء روسيا ثروات هائلة ونفوذ كبير خلال فترة الخصخصة الفوضوية التي اعقبت سقوط الاتحاد السوفييتي.

لكن الاقتصاد الروسي يظل مختلا ويقول خبراء الاقتصاد ان الاعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة تشكل جزءا من الاقتصاد اصغر مما يوجد في الدول الاسرع نموا.

وكان افضل مليارديرات روسيا اداء هذا العام هو فاجيت الكبروف الرئيس التنفيذي لشركة لوكاويل اكبر شركة روسية للنفط الذي زادت ثروته الى ثلاثة امثالها لتبلغ 12.7 مليار دولار لكنه لا يزال خلف ابراموفيتش بمسافة كبيرة.

وغاب عن القائمة بشكل بارز اسم ميخائيل خوردوكوفسكي مؤسس شركة يوكوس النفطية وكان يوما في مقدمة قائمة فوربس وخرج من قائمة المئة الكبار بعد ان كان رقم 21 بثروة تبلغ 2.1 مليار دولار في العام الماضي. وهو الان يقضي حكما بالسجن 8 سنوات في سجن بسيبيريا للاحتيال والتهرب من الضرائب وهي تهم يقول مؤيدوه انها لفقت لتحطيمه بوصفه منافس سياسي للرئيس فلاديمير بوتين. وتواجه شركة يوكوس الافلاس.

واصغر اعضاء القائمة سنا في الرابعة والثلاثين وهما اندريه ملنيشينكو وسيرجي بوبوف.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 23/نيسان/2006 -24/ربيع الاول/1427