ضحايا حملة الانفال بانتظارمحاكمة صدام بتهمة الابادة الجماعية

يؤكد حسن امين حسن الذي فقد 35 شخصا من اقاربه في حملة الانفال انه سيذهب الى بغداد اذا لزم الامر كي يدلي بشهادته لينال مسؤولي الحملة التي ذهب ضحيتها نحو مئة الف كردي عام 1988 عقابهم.

ويقول هذا الرجل الكردي البالغ من العمر 60 عاما والناجي من حملة الانفال "نريد محاكمة صدام حسين هنا في كردستان لكن ان كان هذا الامر غير ممكن فأنني على استعداد للذهاب الى بغداد لغرض الادلاء بشهادتي".

واعلن رئيس قضاة التحقيق رائد الجوحي في الرابع من الشهر الحالي احالة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من اعوانه الى المحكمة في قضية الانفال بتهمة ارتكاب "ابادة جماعية" و"جريمة ضد الانسانية".

اما بقية المتهمين في قضية الانفال فهم وزير الدفاع السابق سلطان هاشم احمد وعضو القيادة القطرية في حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل صابر عبد العزيز الدوري وعضو القيادة العامة للقوات المسلحة حسين رشيد التكريتي وعضو القيادة القطرية وزير الصناعة السابق طاهر توفيق العاني وفرحان مطلك الجبوري وهو احد كبار الضباط.

وبالنسبة لحسن امين حسن وللعديد من سكان مدينة السليمانية (330 كلم شمال بغداد) فانه يجب اجراء هذه المحاكمة باسرع وقت ممكن.

ويشاطره الرأي ابن عمه عبد الله حسن الذي يقول ان "الادلة موجودة وان القضية ليست كقضية الدجيل فالامر يتعلق هنا بجريمة ضد الانسانية".

ومنذ تشرين الاول/اكتوبر الماضي يحاكم صدام حسين مع سبعة من اعوانه السابقين امام المحكمة الجنائية العليا في اطار قضية مقتل 148 شيعيا في الدجيل بعد تعرض موكبه لهجوم في هذه البلدة الواقعة شمال بغداد عام 1982.

وبحسب التقديرات فان حملة الانفال ادت بين اواخر 1987 ومنتصف 1988 الى مقتل نحو مئة الف من الاكراد وتهجير مئات الالاف من مناطق سكنهم وتدمير اكثر من خمسة الاف قرية.

وقال مهدي حمزة الذي كان في الثامنة عشرة من العمر عندما هاجم الجيش العراقي قريته ما ادى الى مقتل 86 شخصا فيما هرب الاخرون باتجاه الحدود الايرانية ان "هذه المحاكمة لن تنهي معاناة شعبنا".

واضاف حمزة احد العناصر السابقين في البشمركة (القوات الكردية) "مهما كان الحكم الصادر فأنا لا ارى كيف يمكننا تخفيف معاناة الشعب الكردي".

وتابع حمزة الذي يقول انه لا يعرف حتى يومنا هذا مصير العديد من افراد عائلته الذين هربوا من القرية مع وصول الجيش العراقي ان "اثار حملة القمع تلك ما زالت ماثلة في اذهاننا الى يومنا هذا". ويقول "ما زال الناجون من تلك الحرب يستيقظون وهم يعتقدون ان احد افراد اسرتهم قد عاد بعد طول غياب".

ويشاطر حسن عبد الكريم هذا الرأي ويقول "على الرغم من الجرح الكبير الذي خلفته الحملة للشعب الكردي فان العديد من الناس ما زالوا يحتفظون بامل عودة اخوانهم واخواتهم بعد مرور سنوات طويلة على هذه المأساة". ويضيف ان "الشعب الكردي يريد ان يرى صدام واعوانه يشنقون وبسرعة".

من جانبه قال محمد سعيد عبد الكريم (50 عاما) الذي فقد اثنين من اشقائه في الحملة "على الرغم من ان الجميع يريد في داخله اعدام صدام حسين الا اننا نأخذ في الاعتبار القانون الدولي الذي نكن له كل الاحترام".

ويلجأ بعض الاكراد مثل كولشين علي من قرية سويزان الواقعة في شمال السليمانية الى الصلاة. وتقول كولشين التي فقدت زوجها وستة من اطفالها في الحملة "انا اصلي على قبور اهلي وعلى قبور اخرين من ضحايا صدام".

وتضيف في مقبرة القرية المتواضعة التي تضم نحو خمسين ضحية "الصلاة تريحني اما بالنسبة لصدام فان الرب هو الذي سيقتص منه".

وعثر على جثة الرضيع رزكار احمد الى جوار جثة امه زينب (39 عاما) وعلى مقربة جثة اخرى لشقيقه ساردار البالغ من العمر عامين.

دفن الثلاثة معا في مدفن اقيم فيه نصب تذكاري لما يصل الى 86 ضحية ماتوا في هجوم بالاسلحة الكيماوية خارج قريتهم سيوسنان في شمال العراق.

وكان الثلاثة من بين أكثر من 100 الف كردي ماتوا او اختفوا خلال حملة الانفال التي جرت عام 1988 وهي حملة على غرار الحملات النازية استمرت سبعة أشهر وما زالت ذكراها تروع وتطارد سكان المنطقة الى اليوم.

نكأت خطط محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتهمة الابادة الجماعية في حملة الانفال الجراح القديمة لحملة يقول زعماء الاكراد انها تسببت في موت وفقد أكثر من 180 الفا لكنها ايضا احيت امال القصاص.

وقال عمر فتاح نائب رئيس حكومة كردستان ان الامر يشبه من يشعر بالعطش لان الاكراد متعطشون لرؤية صدام يعاقب لما فعله بهم ويريدون ان يأخذوا الثأر بايديهم لكن يجب ان يتم ذلك في اطار القانون وقال انه سيسعدهم كثيرا ان يصدر على صدام حكم بالاعدام.

وقع الهجوم بالغازات وقت العشاء تقريبا يوم 22 مارس اذار عام 1988 بعد يوم من احتفال الاكراد بالعام الجديد.

ومع تساقط القذائف جرى السكان الذين اعتادوا الغارات والقصف المدفعي الى المخابيء المبنية على جانبي وديان تقطع حقولهم.

قالت الجدة غازنا محمد امام (76 عاما) وهي تمسك في يدها مسبحة حباتها سوداء وقد وضح أثر الغازات على عينيها الدامعة دوما "كان كالجحيم. وكأنه يوم الحساب.

"حين خرجنا من المخابيء كان الناس راقدين على الارض في كل مكان حتى الحيوانات نفقت. وجرينا."

أصيبت الجدة بعمى مؤقت نتيجة للغازات واصيبت في رأسها من القصف المدفعي المصاحب لكنها لم تجرؤ على طلب العلاج خشية ان يمسكها الجيش.

أخذ الهجوم الذي استخدم فيه غاز الخردل وغاز الاعصاب سيوسنان على حين غرة.

والمخابيء التي انقذتهم من قبل لم تسعفهم هذه المرة وحوصروا داخلها مع نزول الغازات وهي أثقل من الهواء عليهم. وكان غالبية الناجين هم الذين فروا الى التلال القريبة شرقا او الى الجبال الشاهقة جنوبا.

وقال غديان مجدي (44 عاما) وهو مزارع قوي البنية فقد ما بين 30 و40 من اقاربه من بينهم شقيقته وحماته "لم تكن عندهم ادنى فكرة لم تكن عندهم اي تجربة عن الاسلحة الكيماوية.

"رائحة الاسلحة الكيماوية ذكية تشبه رائحة التفاح."

كان مجدي وقت الهجوم بعيدا يسعى للحصول على الطعام وامدادات اخرى لتهريبها الى سيوسنان التي تقع في منطقة محظورة كان على سكانها ان يغادروها في اطار برنامج لاعادة توطين الاكراد.

وروعت حملة الانفال المنطقة الكردية في العراق ولم تستعد منطقة الجبال الخصبة المتاخمة لتركيا وايران عافيتها لا اقتصاديا ولا نفسيا. ومازالت البنية التحتية بحاجة الى اعادة بناء ومازالت معدلات الاجهاض والمشاكل النفسية مرتفعة.

ويواجه صدام وابن عمه علي حسن المجيد الذي يعرف باسم علي الكيماوي بسبب استخدامه الاسلحة الكيماوية تهمة القتل الجماعي فيما يتعلق بهذه الحملة. كما يحاكم خمسة اخرون بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

ويبدو ان غالبية الاكراد يريدون حكم الاعدام لصدام ويعرض كثيرون ان ينفذوا فيه الحكم بانفسهم.

وقال راشد كريم (80 عاما) الذي اصيب في هجوم كيماوي وهو يفر الى الجبال الى ايران "هذا يعني اننا سنأخذ بالثأر. الثأر لكل من لا يعرف مصيرهم حتى الان. اشعر بسعادة غامرة حين ارى صدام جالسا في قفص الاتهام وامل ان يسكبوا عليه البنزين ويحرقوه.. لقد فعل بنا الكثير."

واعلن الرئيس العراقي جلال طالباني مطلع الشهر الحالي ان صدام حسين سيحاكم على "كل الجرائم" قبل تنفيذ اي احكام تصدر في حقه. واضاف "اعتقد ان المحكمة تسير على خطة ان كل الجرائم الاخرى يحاكم عليها وفي النهاية يتم تنفيذ القرار".

وكان المدعي العام جعفر الموسوي اكد في الاول من الشهر الحالي ان التحقيقات حول دور الرئيس المخلوع في قضية حملة الانفال "استكملت".

واواخر آب/اغسطس الماضي زار رئيس قضاة التحقيق في المحكمة الخاصة اقليم كردستان لجمع الادلة ضد صدام حسين من ضحايا حملة الانفال.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 14/نيسان/2006 -15/ربيع الاول/1427