الذكريات الحلوة والمرة في ذكرى سقوط تمثال صدام

عندما تهاوى تمثال صدام حسين الضخم في ميدان الفردوس ببغداد بدا وكأن اسقاطه يأذن بنهاية عقود من القمع.

وبعد ثلاث سنوات من سقوط العاصمة العراقية في يد قوات الغزو الامريكي تجرى حاليا محاكمة الرئيس المخلوع في اتهامات بجرائم حرب. ولكن الخوف مازال يمسك بتلابيب العراقيين الذي يحاولون الان النجاة من فرق الموت الطائفي والتفجيرات الانتحارية ومجرمين لايعرفون الا العنف سبيلا.

ويقول شرطي المرور علي جبر الذي يبلغ من العمر 34 عاما "عندما سمعت أن الامريكيين أسقطوا تمثال صدام شعرت بالسعادة لانني ظننت أننا انتهينا من حروبه الغبية.

"ولكن لو كنت اعرف أنني سأفقد أخي الاصغر في انفجار سيارة ملغمة لفضلت البقاء تحت حكم صدام."

ولم تكن هذه القتامة أبدا جزءا من السيناريو الذي أعدته واشنطن للعراق عندما وعدت ادارة الرئيس جورج بوش بأن تستبدل بالدكتاتورية القاسية ديمقراطية ناجحة تستطيع من خلالها بث رياح التغيير في منطقة الشرق الاوسط.

والان يعد ميدان الفردوس مكمن خطر أمني كبير.. فلطالما شق الانتحاريون طريقهم عبر الحوائط الاسمنتية المحيطة بالميدان ساعين لتفجير الفنادق التي ينزل بها نفس الصحفيين الغربيين الذين صورت مؤسساتهم مشاهد اسقاط تمثال صدام.

وعندما حاول مصور عراقي التقاط صور للميدان في ذكرى اسقاط التمثال سرعان ما أحاط به ثلاثة رجال يحملون مسدسات وطلبوا اليه ألا يلتقط صورا كثيرة. واستهدف المسلحون الميدان مرات عديدة.

ولم يكن بعض العراقيين بأنحاء الميدان يدرون أن اليوم هو الذكرى الثالثة لسقوط بغداد.

وكان جبر الحلفي واحدا من بضعة اشخاص في الميدان يوم الأحد.

وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 67 عاما ويعمل بالبلدية وهو يقلم الحشائش انه لايكاد يملك القوة لمواصلة عمله ناهيك عن تذكر التماثيل التي أسقطت.

وتساءل الرجل "أي تمثال تقصدون" مضيفا انه لم ير سوى الخراب والموت منذ سقوط صدام. وأردف أن "هذا البلد كتب عليه ألا يرى سوى العذاب والحزن. انظروا الي.. انني لا أستطيع حتى اطعام أسرتي."

قبل ثلاث سنوات نقلت قنوات التلفزيون الفضائية مشاهد لرجل يضرب صورة كبيرة لصدام بحذائه صارخا فيها "أنت من دمر العراق."

لكن الدمار الذي خلفته ثلاث حروب خاضها الرجل خلال 25 عاما وعقوبات الامم المتحدة التي اصابت البلاد بالشلل حلت محلها فوضى دموية من العنف الطائفي وتمرد مسلح هائج ومتشددو القاعدة الذين يمزقون البلاد اربا.

وقد احتفل فؤاد خليل باسقاط التمثال لانه رأى في ذلك تذكرة للخروج من جيش صدام. ولكنه الان يشعر بالقلق من اضطراره لخوض حرب عشوائية لا جبهة لها..بل كراهية طائفية.

ويقول الطالب الجامعي البالغ من العمر 21 عاما "اننا نعيش في مأساة والامال تبددت لان الحرب الطائفية تلوح في الافق."

بيد أن اخرين ما زالوا يشعرون بالامتنان للتاسع من أبريل نيسان عام 2003.

ويقول زامل على وهو خريج جامعي في الخامسة والثلاثين من عمره يبحث عن وظيفة ثابتة "أعرف أن الوضع غير مستقر ولكن بالصبر يتحسن كل شيء. الحرية لها ثمن باهظ ونحن مستعدون لدفعه."

ولكن الصيدلي يوسف سمعان الذي يبلغ من العمر 42 عاما يقول انه يفتقد حتى الحريات القليلة التي كان يتمتع بها في عهد صدام.

وقال "بعد ثلاث سنوات من اسقاط صدام لا استطيع السهر ليلا أو السير في الشارع مع أسرتي."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  11/نيسان/2006 -12/ربيع الاول/1427