امريكا: تهديد التطرف والارهاب يخرج من عباءة المتشددين الاسلاميين الاوروبيين

 قال مسؤولون امريكيون ان المتشددين الاسلاميين في أوروبا يشكلون تهديدا مباشرا على الامن القومي الامريكي بعد مرور أكثر من اربعة اعوام ونصف العام على تنفيذ هجمات 11 سبتمبر ايلول التي دبر معظمها متشددون مقيمون في أوروبا.

وقال دانييل فرايد مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون الاوروبية انه رغم قلة عددهم هناك جيوب للمتطرفين الاسلاميين في شتى انحاء اوروبا وخرج من تحت عباءتهم متشددون مثل ريتشارد ريد الذي حاول تفجير طائرة باخفاء متفجرات في حذائه وزكريا موسوي المتهم بالتورط في هجمات سبتمبر ومن وراء تفجيرات لندن ومدريد.

وقال هنري كرامبتون منسق شؤون مكافحة الارهاب بوزارة الخارجية خلال كلمة امام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "من المعروف الآن أن الخلية الارهابية التي نفذت هجمات 11 سبتمبر وضعت معظم خططها من قاعدة في أوروبا." وأضاف "بعد خمسة اعوام ورغم النجاحات العديدة التي تحققت على صعيد مكافحة الارهاب لا يزال التطرف الاسلامي العنيف في أوروبا يشكل خطرا على الامن القومي في الولايات المتحدة وحلفائنا." وذكر كرامبتون أن بعض المتشددين الاسلاميين المقيمين في اوروبا لهم صلات مباشرة بشبكة تنظيم القاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن والجماعات المرتبطة بها مثل تنظيم القاعدة في العراق الذي يقوده الاردني أبو مصعب الزرقاوي أو الجماعة السلفية للدعوة والقتال في شمال افريقيا. وقال فرايد إن واحدا أو اثنين بالمئة من المسلمين الذين يعيشون بغرب أوروبا ضالعون في انشطة متطرفة. وذكر ان من بين هؤلاء "قسما بسيطا يملك القدرة على أن يعبر الخط إلى الارهاب الفعلي... قلة من المتطرفين فقط بامكانها أن تنفذ هجوما ارهابيا مدمرا." ويعيش ما بين 15 و20 مليون مسلم في غرب أوروبا وهم أكثر الاقليات الدينية سرعة في النمو وأكبرها. واشار فرايد إلى أن كفاح المسلمين الاوروبيين ضد البطالة والتمييز ومن أجل الاندماج مع المجتمع اوجدت ارضا خصبة لاستغلالهم في التطرف. وتابع أن المتشددين استغلوا أيضا قوانين حرية التعبير في بعض الدول الاوروبية لنشر ايدولوجياتهم. واستطرد "اضف إلى ذلك المفهوم السلبي والمضلل عن السياسة الخارجية الامريكية السائد بين التجمعات الاسلامية في غرب أوروبا وحرية الحركة النسبية عبر المحيط الاطلسي لتجد مكونات خطرة.

 ولا يحتاج معظم المقيمين في غالبية الدول الاوروبية إلى تأشيرة دخول للسفر إلى الولايات المتحدة وان كانوا يضطرون للخضوع للكشف على بصماتهم والتقاط صورهم بكاميرات رقمية من قبل ضباط ادارة الهجرة قبل دخولهم البلاد. وصرح فرايد بان المعارضة الواسعة النطاق للسياسات الامريكية والغربية في الشرق الاوسط والتي تشمل دعم إسرائيل والحرب في أفغانستان والعراق ساعدت على زيادة الاقبال على التطرف بين المسلمين الاوروبيين الذين يشعرون بالعزلة. وتابع "نحن وحلفاؤنا الاوربيون نتوخى الحذر فيما يتعلق بالاثار المحتملة للانشطة المسلحة في العراق على التجمعات الاسلامية في أوروبا لكن حتى الآن فان قلة فقط من المسلمين المقيمين في أوروبا سافروا ليصبحوا مقاتلين أجانب."

 ومن أبرز الامثلة على ذلك البلجيكية موريل ديجوك (38 عاما) التي اعتنقت الاسلام وفجرت نفسها في نوفمبر تشرين الثاني الماضي في هجوم انتحاري على مشارف بغداد. وقال كل من كرامبتون وفرايد إن الدول الاوروبية تدرك مدى خطورة التهديد الذي يشكله المتشددون الاسلاميون المحليون لكنهما اضافا أن التعاون بوجه عام في مجال مكافحة الارهاب يتسم بالقوة.

 وقال كرامبتون "لكن رغم هذا الفهم المشترك للخطر فان هناك اختلافا بشأن اكثر السبل فعالية لمكافحة الارهاب. بعض الدول الاوروبية لا تزال تقول إن الارهاب هو مجرد أو انه بالاساس مشكلة اجرامية."

وقال مسؤولون وخبراء اميركيون، ان الحكومات الاوروبية تدرك تماما ان بلدانها اصبحت «مسرحا مركزيا للجهاد» إلا انها تواجه تحديا كبيرا في معالجة هذه المشكلة. وقال مدير برنامج أوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية روبن نيبليت امام اللجنة «ان ازدياد التطرف الاسلامي أثار مخاوف شديدة في اوروبا»، وأضاف «ان الدول الاوروبية تدرك الآن انها تضم داخل حدودها مهاجرين ومواطنين من الجيل الاول والثاني والثالث يعتبرون حكوماتهم وبلدانهم ومواطنيهم أعداء». وأوضح أنه منذ هجمات 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة، احبطت اجهزة الاستخبارات الاوروبية اكثر من 30 هجوما مماثلا في اوروبا، معظمها خلال الـ18 شهرا الماضية. وأضاف ان العديد من تلك المخططات كانت تشتمل على استخدام اسلحة كيميائية وبيولوجية. وأشار تقرير المركز حول التطرف الاسلامي، الى ان واحدا من اسباب تصاعد التهديد الارهابي في الدول الاوروبية الغربية، هو ان معظم تلك الدول لم تبذل الجهد الكافي في السنوات الماضية لدمج الاقليات المسلمة في المجتمع. ونتيجة لذلك فان الاقليات المسلمة تشعر بالعزلة والاغتراب وتمثل تربة خصبة للجماعات المتطرفة التي تسعى الى الحصول على مجندين للعمل معها. وذكر دانييل بنجامين من المركز والمشارك في اعداد التقرير، انه من الجدير بالملاحظة ان العديد من المسلمين في اوروبا يجدون هويتهم في دينهم وليس في جنسيتهم. وقال انه في فرنسا على سبيل المثال «زادت نسبة الذين يفضلون تحديد هويتهم بالإسلام، بنسبة 25 في المائة بين الأعوام من 1994 و2001». وأضاف انه رغم ان مشاعر الاستياء من الامور كانت تنتشر بين مسلمي اوروبا قبل الاطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، إلا ان غزو العراق في مارس (آذار) 2003 «كان له دور كبير في تصاعد مشاعر الاستياء». وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون اوروبا دانييل فرايد امام لجنة مجلس الشيوخ، انه رغم ان واحدا او اثنين في المائة فقط من مسلمي اوروبا الغربية البالغ عددهم ما بين 15 و20 مليون مسلم شاركوا في نشاطات متطرفة، إلا ان تلك النسبة كافية لإثارة المخاوف. وأوضح أن «نسبة قليلة جدا من هؤلاء يمكن ان تتخطى العتبة الحساسة لتدخل دائرة الارهاب». وأشار فرايد وغيره ممن قدموا افاداتهم امام اللجنة الى ان خطة هجمات 11 سبتمبر وضعت في اوروبا، وان المواطن البريطاني ريتشارد ريد الملقب بـ«مفجر الحذاء» اعتنق الاسلام بينما كان يقضي حكما بالسجن. وأضافوا ان زكريا موساوي الذي يواجه حكم الاعدام في الولايات المتحدة لعلاقته بهجمات 11 سبتمبر، هو فرنسي من اصل مغربي.

وحث هنري كرومبتون منسق وزارة الخارجية لمكافحة الارهاب، الحكومات الاوروبية على بذل المزيد من الجهود لمواجهة خطر تزايد التطرف الاسلامي عن طريق انشاء شبكات لتبادل المعلومات في انحاء اوروبا. كما شدد العديد من الخبراء على ضرورة دمج المسلمين في المجتمع الاوروبي بشكل افضل بعد ان تضاعف عددهم ثلاث مرات خلال السنوات الثلاثين الماضية، ويتوقع ان يتضاعف مرة رابعة بحلول عام 2025. وشددوا على ضرورة ان تعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع حلفائها لأن التطرف الاسلامي في اوروبا يشكل تهديدا مباشرا على الأمن القومي الاميركي، نظرا لأن المتشددين الاسلاميين الذين يحملون جوازات سفر اوروبية يمكنهم دخول الولايات المتحدة دون الحاجة للحصول على تأشيرة.

وأوضحوا ان هؤلاء المسلحين يمكن ان يعملوا على زعزعة استقرار الحكومات العربية المعتدلة او الدول الحليفة الاخرى للولايات المتحدة مثل باكستان. وأشار فرايد الى ان احدى الطرق التي يمكن ان تعمل من خلالها واشنطن مع حلفائها في اوروبا على منع انتشار التطرف الاسلامي، هي تشجيع الحوار مع القيادات المسلمة وتشجيع برامج التبادل الثقافي باستخدام النموذج الاميركي للاندماج. وأضاف «ان هزيمة التطرف تتطلب منا العمل مع حلفائنا لتحقيق تواصل بين المسلمين وثقافات الدول التي يعيشون فيها لمنع نشاطات المتطرفين الذين يعملون على تجنيد المسلمين». وتابع «ويتطلب ذلك منا أيضا اظهار، ومن خلال تجربة شعبنا، ان المسلمين يمكن ان يكونوا وطنيين وديمقراطيين ومتدينين في الوقت نفسه».وأبلغ دبلوماسيون أميركيون رفيعو المستوى إحدى لجان مجلس الشيوخ في 5 نيسان/إبريل أن الإرهاب العالمي شبيه بحركة تمرد ضد حكومة قائمة ويقتضي اعتماد استراتيجية دولية لمكافحته تنطوي على تعاون وثيق بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية لغرض كسب ما وصفوه بـ"معركة الأفكار".

واخيرا قال فريد ان هذه العوامل، مقرونة "بنظرة سلبية جدا إلى السياسة الخارجية الاميركية في اوساط مسلمي غربي أوروبا وحرية الحركة نسبيا عبر المحيط الأطلسي" تستولد "خليطا خطرا بشكل خاص". ثم خلص مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الأوروبية وأوراسيا إلى القول: "لكي يقتنع مسلمو اوروبا بانهم أعضاء في المجتمع بكل معنى الكلمة، فإن على الأقلية والأكثرية من السكان على حد سواء ان تتفهم وان تحترم إحداهما الأخرى على نحو أفضل. وينبغي التصدي بحزم لظاهرة التحيّز والتمييز والإجحاف.". 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 10/نيسان/2006 -11/ربيع الاول/1427