تركيا في معركة للقضاء على جرائم الشرف لارضاء اوروبا

  أرادت عائلة فاطمة قتلها بعد اتهامها بانها زنت بينما كان زوجها يؤدي الخدمة العسكرية. وفضل الزوج بعد عودته الى المنزل تصديق تأكيدات زوجته بأنها بريئة غير أن الاثنين واجها عزلة من سكان القرية الذين اعتقدوا أن المرأة لطخت شرف العائلة ويجب أن تدفع أغلى ثمن.

وتمكن الزوجان بمساعدة جماعة مدافعة عن حقوق المرأة كانت تخشى على حياة فاطمة (وهو اسم غير حقيقي) من الانتقال للعيش بهوية جديدة في مدينة ديار بكر التي تعد أكبر مدن منطقة جنوب شرق تركيا الفقيرة والتي تسكنها أغلبية كردية حيث يعيشان حاليا.

الا أن نساء غيرها كن أقل حظا. ويقول خبراء ان نحو 70 امرأة يسقطن سنويا ضحايا لما يسمى "قتل الشرف" في تركيا أغلبهن في منطقة جنوب شرق البلاد. وربما تكون الارقام الحقيقة أكبر بكثير.

وقال نعيم كارداس الذي ينتمي لجماعة كا-مير التي ساعدت فاطمة "لا توجد احصاءات دقيقة لعمليات قتل الشرف. عادة ما تؤيد القرى قرارا يتخذه شيوخ العائلة بقتل امرأة. أعمال القتل من هذا النوع يمكن أن تمر على أنها شيء اخر.. الانتحار مثلا."

ويمكن أن تقتل نساء بسبب الزنا أو بسبب الحمل خارج الزواج والذي عادة ما يكون نتيجة التعرض للاغتصاب على يد أحد الجيران أو أحد الاقارب أو بسبب طلب الطلاق أو حتى لمجرد مشاهدتهن خارج المنزل دون مرافقة قريب أو عارية الرأس.

وهناك مؤشرات على أن الحكومة التركية والشرطة والمنظمات غير الحكومية شرعت في العمل بشكل أكثر فاعلية لمحاربة تلك الجريمة التي تشوه صورة هذا البلد المرشح لعضوية الاتحاد الاوروبي ويكافح لتحسين سجله في حقوق الانسان.

وتساعد كا-مير في انشاء مراكز مماثلة لخدمة المرأة في جنوب شرق البلاد مزودة بخطوط هاتفية ساخنة.

وتشكل حاليا فرق "تدخل" خاصة تضم نشطاء مدافعين عن المرأة وممثلين عن الشرطة والحكومة المحلية والمساجد للمساعدة في انقاذ النساء واذا دعت الضرورة اعادة توطينهن بأوراق هوية جديدة في مناطق أخرى من تركيا.

وفي جنوب شرق البلاد المحافظ حيث لا يزال الدين قويا قال خطباء في صلاة الجمعة ان القران لا يجيز قتل الشرف.

وبموجب قانون العقوبات الجديد في تركيا الذي أقر العام الماضي يواجه الذين تتم ادانتهم في جرائم قتل شرف عقوبة السجن مدى الحياة. وفي الماضي عادة ما كان القضاة يبدون تساهلا تجاه الرجال الذين قتلوا زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم لأسباب تتعلق "بالشرف".

وقال أيتيكين سير الخبير في جرائم قتل الشرف بجامعة ديكل بديار بكر ان رجلا قتل زوجته وسائق سيارة أجرة لاتهامهما بالزنا عوقب قبل سنوات قليلة بالسجن عامين فقط. واليوم يمكن أن يواجه الرجل السجن 18 عاما.

ورغم الترحيب بها الا أن القوانين الأشد صرامة لم تبدأ في التعامل مع الجذور الاجتماعية والثقافية لعمليات قتل الشرف وهي سمة لمجتمع قائم على نظام أبوي صارم يسيطر فيه كبير العائلة وينظر الى المرأة باعتبارها سلعة يمكن استخدامها أو نبذها كما يرغب الرجل.

وقال سير وهو أخصائي نفسي لرويترز "من الصعب للغاية تغيير عقلية الناس. سيتطلب ذلك سنوات طويلة."

وأضاف "يجب أن نحاول حل المشكلة من خلال التعليم.. خاصة تعليم المرأة."

ويعاني أكثر من نصف نساء جنوب شرق تركيا من الامية. وكثير منهن أكراد يتحدثن اللغة التركية بصعوبة أو لا يتحدثنها على الاطلاق ويعتمدن بالكامل على رجال الاسرة في نفقاتهن.

وقال سير ان قانون العقوبات الأشد صرامة ربما يجيء بنتائج غير مرجوة حيث يتزايد عدد النساء اللاتي تجبرهن العائلات على الانتحار لتجنيب أقاربهن الرجال عقوبة السجن مدى الحياة.

وأضاف "قد تجبر النساء على تناول سم الفئران. أو قد يتم حبسهن في غرفة أو تعريضهن لضغوط نفسية شديدة لدفعهن الى انهاء حياتهن."

وهناك أيضا مخاوف من تزايد استغلال الاطفال في قتل النساء لانهم يواجهون عقوبات أخف.

وتخشى جماعة كا-مير من أن النظام القضائي وأغلبية أعضائه من الرجال وتسيطر عليه التوجهات المحافظة قد يعيق جهود محاربة قتل الشرف.

وقال كارداس "القانون عدل.. لكنك لا تراه حتى الان في المحاكم مع صدور الاحكام. القضاة عادة لا يتبعون القوانين الجديدة.. فهم يتبعون مشاعرهم الخاصة أيضا."

وقال كارداس انه ينبغي على كل هيئة تابعة للدولة أن تمارس تمييزا ايجابيا لصالح المرأة وأشار الى أن رجال الشرطة يكتفون أحيانا بنصح النساء اللاتي يعانين من الاساءة بأن يتحملن ويرضين بنصيبهن.

وتظهر نتائج مسح أجراه سير في قرى ومدن جنوب شرق تركيا العام الماضي قراءة قاتمة للوضع.

وردا على سؤال حول مصير المرأة الزانية قال نحو 40 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع انها يجب أن تقتل وهي العقوبة التي حصلت على تزكية بفارق كبير متقدمة على تطليقها أو عقوبات أخرى مثل قطع أنفها أو قص شعرها.

وقال سير "لم يكن هناك فارق بين اجابات الرجال واجابات النساء غير المتعلمات في الاستطلاع. المتعلمات فقط كن يعتقدن أن المرأة ينبغي ألا تعاقب."

ويقول خبراء ان جرائم قتل الشرف أصبحت مشكلة كبرى خلال السنوات الاخيرة بسبب نزوح واسع النطاق الى الحضر والذي زاد من وتيرته الصراع بين المتمردين الاكراد وقوات الامن التركية في جنوب شرق البلاد.

وقال سير "هؤلاء الاشخاص (النازحون) نقلوا معهم عقليات القرى الصغيرة الى المدن الكبيرة."

ولا تهاب كا-مير من حجم المهمة التي أمامها.

وجميع النساء البالغ عددهن 31 اللاتي قدمن طلبات الى المركز للحصول على المساعدة في عام 2005 لا زلن على قيد الحياة. ويظهر المزيد من المسرحيات والافلام والكتب حول المشكلة كما كثفت الصحف التركية تغطيتها.

وقال كارداس ان عددا متناميا من الاقارب الذكور ومن العامة يساعدون في جعل النساء اللاتي يواجهن مخاطر على اتصال بجماعة كا-مير.

وقال سير "هناك مؤشرات على أن الجيل الاصغر مختلف.. مؤشرات على أنهم لن يقتلوا بناتهم بسبب ما يعتبر انتهاكات لشرف العائلة." 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/نيسان/2006 -9/ربيع الاول/1427