استمرار معضلة تشكيل حكومة في الائتلاف العراقي الموحد مع استمرار الضغوط الامريكية والبريطانية

يواجه الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق أزمة داخلية اذا تخلى عن ترشيحه لابراهيم الجعفري للبقاء في منصبه رئيسا للوزراء لكنه قد يتسبب في إطالة أمد المأزق المتعلق بتشكيل الحكومة اذا اصر على الاحتفاظ به في معضلة لا يستطيع تحملها بلد في موقف العراق.

وفي ظل رفض السياسيين السنة والاكراد العمل مع الجعفري فان الضغوط على الائتلاف العراقي الموحد تزداد لتحقيق انفراج.

واخبر مصدر كبير مشارك في المفاوضات لتشكيل الحكومة رويترز انه من المؤسف ان الائتلاف وضع نفسه في موقف سيخسر فيه في كلتا الحالتين.

وأضاف "لن يتضرر الائتلاف العراقي الموحد فحسب بل ان البلد يخسر والعملية السياسية تخسر."

وسلطت الاضواء على الانقسامات داخل الائتلاف عندما فاز الجعفري بالترشيح لرئاسة الوزراء بفارق صوت واحد على عادل عبد المهدي مرشح المجلس الاعلى للثورة الاسلامية. ومنذ ذلك الوقت اكتسبت الاصوات المطالبة بتنحي الجعفري قوة دفع وطغت حتى على التناحرات التي ادت الى اضعاف الائتلاف.

ويساور المسؤولون في الائتلاف قلق بالغ بشأن حالة الشلل السياسي التي يعانون منها ولا يلوح في الافق أي حل لها.

ويقر المسؤولون بأنهم في حيرة من امرهم بشأن كيفية التحرك ويخشون التعرض لضغوط من انصارهم اذا استبدلوا الجعفري.

وقال مصدر كبير في التحالف "سيظنون اننا نتخلى عن حقوق الشيعة تحت الضغط."

وتابع "اذا لم نفعل ذلك (تغيير الجعفري) فلن تمضي العملية السياسية قدما. لا تزال جماعات اخرى ترفضه. لذا نحن في مأزق لكن في كلتا الحالتين نحن الخاسرون."

والائتلاف منقسم الان بين قوتين. واحدة يقودها حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري وحليفه الرئيسي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي اكتسب نفوذا سياسيا مفاجئا.

اما القوة الاخرى فيقودها المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بزعامة عبد العزيم الحكيم وثلاث جماعات أخرى.

وبسبب هذا الانقسام فان وحدة الائتلاف ليست فقط على المحك بل ايضا العملية السياسية التي يعتقد مسؤولون امريكيون وعراقيون انها السبيل الامثل للحد من الانشطة المسلحة التي ينفذها السنة واعمال العنف الطائفي التي تمزق البلاد.

وينسب الى المرجع الشيعي اية الله العظمى السيد علي السيستاني الفضل في الحفاظ على الائتلاف ومنعه من الانهيار وايضا تهدئة الجماهير الشيعية رغم التفجيرات الانتحارية التي ينفذها السنة والتي قتل فيها الالاف.

لكن حتى السيستاني لا يستطيع منع تفاقم الانقسامات اذا استمرت الازمة. وفي حال حدوث ذلك سيخسر الائتلاف قوته في المفاوضات وقد تصبح العملية السياسية اكثر صعوبة فيما يستمر العنف في زعزعة استقرار البلاد.

وقال عباس البياتي المسؤول بالائتلاف ان التكتل قدم تنازلات في كثير من القضايا لصالح القوائم الاخرى لمجرد الحفاظ على ترشيح الجعفري وانه لن يقبل مسألة تغييره.

وسيثير هذا الموقف مزيدا من الهجوم من الاكراد والسنة الذين اوضحوا ان صبرهم قارب على النفاد.

وقال مصدر سني إن الائتلاف تجاهل دعوات السنة قبل اختيار الجعفري مضيفا "نحن لا نتدخل في قرارهم لكن رئيس الوزراء يجب أن يكون لكل العراقيين وليس لمجموعة واحدة فقط."

وفي ظل تمسك الجعفري بمنصبه وتفاقم الانقسامات داخل الائتلاف وزيادة الضغوط من السنة والاكراد فان العملية السياسية فيما يبدو ستظل متعثرة حتى رغم الضغوط المكثفة من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وبموجب الدستور يحق لاكبر كتلة برلمانية اختيار مرشح لتولي رئاسة الوزراء لكن احزابا اخرى هددت بتشكيل تكتل اكبر من الائتلاف العراقي الموحد والتقدم بمرشح.

وقال المصدر الكبير المشارك في المفاوضات "هناك تفكير جدي الان في تشكيل تكتل برلماني كبير حتى لا يحتكر الائتلاف العراقي الموحد الحق الدستوري لترشيح رئيس الوزراء."

واضاف "لن نترك البلد رهينة لهم. عليهم أن يتقدموا بمرشح معقول أو سيطرح الاعضاء الاخرون في البرلمان مرشحا آخر."

ويريد العرب السنة أن يتولى واحد منهم منصب رئيس البرلمان فيما يسعى الاكراد لنيل رئاسة الجمهورية. ولم تحصل اي من المجموعتين على اغلبية مطلقة وتحتاج كل واحدة لدعم الاخرين لضمان فوز مرشحها.

ولذا فان مثل هذا التهديد قد لا يكون له ثقله لكنه قد يتسبب في تأجيل عملية تشكيل الحكومة لفترة اطول.

وقد زادت الولايات المتحدة وبريطانيا الضغوط على الزعماء العراقيين لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع اعلان جون ريد وزير الدفاع البريطاني ان التأخير لا يؤدي الا الى مساعدة الارهابيين.

وقال ريد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد "هناك قدر كبير من الالحاح بشأن هذا.

"اعتقد ان اهم شيء على جدول الاعمال في العراق وهو الرد على محاولات الارهابيين لتقسيم البلاد من خلال الارهاب بتوحيدها من خلال الديمقراطية."

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش الذي كان يتحدث بعد زيارة قامت بها كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية وجاك سترو وزير الخارجية البريطاني لبغداد في مطلع الاسبوع ان رسالة رايس للزعماء العراقيين هي ان يتحركوا من اجل حل خلافاتهم.

وقال بوش في شارلوت بولاية نورث كارولاينا ان الشعب العراقي"يريد ان تكون هناك حكومة وحدة.وذلك يتطلب قيادة وان ينهض الشعب ويأخذ زمام المبادرة. ولذلك فنحن نعمل معهم من اجل تحقيق حكومة الوحدة تلك وجعلها تعمل.

وحث المسؤولون الامريكيون على تشكيل"حكومة وحدة" توزع السلطات فيما بين الشيعة والسنة والاكراد بالعراق.

وقال ريد ان"الارهابيين يحبون ان يكون هناك فراغ . اعرف ذلك من تجربتي الخاصة في ايرلندا الشمالية. وهي نفس الفكرة في كل انحاء العالم.

"ومن ثم فكلما طال أمد ذلك كلما أسعد ذلك الارهابيين لانه يعطيهم الفرصة للتدخل بأعمال عنف وثانيا لانهم سيدعون ان ذلك تجسيدا لعجز الساسة في العراق على العمل معا."

وقال ريد للصحافيين ان "الفراغ يناسب الارهابيين".

واضاف "كلما تأخرت الامور ناسب الامر الارهابيين لانه يتيح لهم اثارة اعمال عنف والتأكيد على ان هذا الوضع يصور عجز الطبقة السياسية عن توحيد صفوفها".

من جهته بدا رامسفلد اكثر اعتدالا فدعا الى التريث والصبر فيما يسعى العراقيون الى تسوية خلافاتهم.

وقال رامسفلد "لست ادرى متى سيحصل هذا وكيف ستسوى الامور لكن الحل سيكون عراقيا. لن يكون حلا اميركيا او بريطانيا وسيكون الامر جيدا على هذا النحو". واشار الى ان القادة السياسيين العراقيين يواجهون مهمة معقدة لكنه اضاف "انهم على الاقل يتحاورون بدل اطلاق النار على بعضهم البعض".

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/نيسان/2006 -9/ربيع الاول/1427