رجال الدين احدث سلاح لمكافحة الايدز في مصر

الاعتقاد السائد في مصر ان الاصابة بفيروس (اتش.اي.في) يمكن ان يحدث لآخرين فقط مثل الاجانب ومدمني المخدرات والجنس او الفاسدين اخلاقيا بصفة عامة ومن ثم ينبغي تجنبهم حتى لاينتقل المرض عن طريق المصافحة او السعال أو كوب غير نظيف.

ولهذا السبب لم تكن خطبة الجمعة التي القاها الشيخ احمد تركي في مسجد صغير في القاهرة غير عادية. ففي بلد مسلم يسجن فيه المثليون ولا يسمح بعلاقات جنسية خارج اطار الزواج او قبله يثير حديث تركي عن التعاطف الدهشة.

ويقول تركي ان الخطبة تتناول ثلاث نقاط اولا ماهو فيروس (اتش.اي.في) وثانيا كيفية انتقاله وثالثا ضرورة عدم نبذ اي شخص في حالة اصابته بالفيروس.

وكشفت دراسة اجريت في عام 2004 أن أغلبية العاملين في مجال الصحة يعتقدون انه ينبغي عزل من يحملون الفيروس عن المجتمع بينما يعتقد طلبة الجامعة ان الايدز يصيب على الارجح "الفاسقين" او" ما لا قيم ولامبادئ لهم".

وبدأ تركي حديثه عن الايدز وفيروس (اتش.اي.في) في خطبه عقب حضوره ورشة عمل نظمها برنامج الامم المتحدة الانمائي وهي مبادرة جديدة تهدف لنشر الوعي بشان المرض وتدريب رجال دين على المستوى المحلي.

وساند رجال دين عرب بارزون جهود مكافحة انتشار الفيروس والتمييز ضد حامليه علنا في اعلان صدر في عام 2004 غير انه اتضح صعوبة نقل الرسالة لرجال الدين على المستوى المحلي.

وتقول مها عون من برنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز انه من الممكن دائما كسب درجة كبيرة من المساندة على مستوى القمة وان الوصول الى القاعدة امر مختلف تماما.

وتبين كتيبات المعلومات الخاصة بورشة العمل ان الاسلام يقر مناقشة القضايا الجنسية ويدعو للالتزام بالايات القرانية والاحاديث التي تدعو للتعاطف مع المرضى ورعايتهم في التعامل مع من يصابون بفيروس (اتش.اي.في).

وتشير ارقام صادرة في عام2003 الى ان اقل من 0.1 بالمئة من البالغين في مصر يحملون الفيروس ولكن هناك ظروفا تساعد على انتشار المرض بسرعة.

ويبلغ تعداد سكان مصر 73 مليون نسمة وحوالي 56 بالمئة من سكانها دون الخامسة والعشرين ويقول خبراء ان الشبان معرضين بصفة خاصة للاصابة بالفيروس على الرغم من القيود الثقافية على ممارسة الجنس من دون زواج.

واضافة الى ذلك فان مشكلة البطالة المزمنة تعني ان عددا أقل من الشبان يمكنهم تحمل نفقات الزواج مما يزيد من خطر انتشار الفيروس مع لجوء الرجال للزواج العرفي والعاهرات وممارسة الجنس مع رجال اخرين.

وترتفع نسبة الامية وبصفة خاصة بين النساء مما يجعل التوعية صعبة كما ان ضعف مستواهن الاجتماعي يمنعهن من التحكم في امور حياتهن لينتقل الفيروس لكثيرات عن طريق ازواجهن.

ويخشى نشطاء ان يكون المرض اكثر تفشيا مما هو معتقد وينتشر بسرعة اكبر في ظل تفشي الفقر وقلة عدد مستخدمي العوازل الطبية وعدم ارتياح العامة لمناقشة القضايا الجنسية والمخاوف من الجهل بالمعلومات الخاصة بمرض الايدز.

وتقول عون ان امرين يثيران قلقها هما الزيادة الحادة في عدد الحالات التي يتم ابلاغ وزارة الصحة بها والثاني الوضع بين المجموعات الاكثر عرضة للاصابة بالمرض.

وبصفة عامة فان الفئات الاكثر عرضة للاصابة بالمرض هم المثليون ومستخدمو حقن المخدرات والعاهرات. وتدين المجتمعات الاسلامية بشدة مثل هذه المجموعات ومن ثم يصعب على النشطاء الوصول اليها.

ولا يوجه تركي كلامه لمثل هذه المجموعات مباشرة ويكتفي بسرد رواية عن الرسول حين اتاه شخص يدمن ممارسة الجنس المحرم مما اغضب الصحابة ولكنه اضاف ان النبي استمع للرجل واقنعه بالامتناع عن المعصية مخاطبا عقله وقلبه دون ان يبدى غضبا.

ويخشى اجراء اختبارات لمعرفة مااذا كانوا يحملون الفيروس خوفا من اطلاع الشرطة على سجلاتهم الطبية للتعرف والقبض عليهم ويشكون في ان تغير الخطب الدينية موقف الدولة او المواطنين تجاههم.

ويقول رجل "لن يتغير شيئا. تريد الحكومة تصوير انه ليس هناك مثليين ولا تساعدهم. يريد الناس تصديق انه مجتمع اسلامي لايوجد به مثليون."

ومثل كثير من الشبان يقول انه يمارس الجنس مع الرجال والنساء وانه سيتزوج في نهاية الامر. ويقول ان يجري اختبارات بانتظام للتأكد من عدم اصابته بالفيروس ولكنه اضاف ان معظم اصدقائه لا يفعلون وتحدث عن الجهل والشائعات التي تمنع استخدام العوازل الطبية.

وقال "البعض يعتقد انه اذا مارس الجنس مع مصريين فقط لن يصاب بالايدز وان صفاء بياض العين يعني ان الشخص غير مصاب بالايدز" واضاف ان عاهرات يعرفهن يعتقدن ان الزبائن من الدول الاسلامية المتشددة لا يحملون المرض.

ورغم ذلك تقول عون ان مصر احرزت بعض التقدم في مكافحة الفيروس منذ عام 2004 وتجري اختبارات على المواطنين في سرية وفي عام 2005 وفرت وزارة الصحة ادوية الايدز باهظة الثمن مجانا.

وتضيف ان المرض ليس ظاهرا او متفشيا اللى درجة كبيرة ولكنه مرض صامت وان الوقت المناسب للتحرك الان قبل ان تصبح السيطرة على المرض صعبة جدا ومكلفة للغاية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4/نيسان/2006 -5/ربيع الاول/1427